تعد الصفراء من أكثر المشاكل شيوعاً والتي تصيب الأطفال عند ولادتهم مباشرة أو فيما بعد بفترة قصيرة. في السطور المقبلة نتعرف على أسلوب الوقاية من هذه المشكلة، وكذلك علاجها إذا ما حدثت لواحد من أطفالنا.
علاج مشكلة الصفراء لدى الأطفال
كيف تتكون الصفراء في الجسم
على عكس ما هو شائع، مادة الصفراء طبيعي وجودها داخل الدم؛ حيث تنتج من تكسير كريات الدم الحمراء– والتي تعد عملية طبيعية تماماً تحدث للجميع بعد إتمام كرة الدم الحمراء عمر الأربعة أشهر- ثم تنتقل مادة الصفراء عبر مجرى الدم إلى الكبد حيث يعمل على إدخالها في عدة تفاعلات كيميائية تخلصها من أثرها السام ثم تمر عبر الأمعاء وتخرج مع البراز خارج الجسم.
ولكن مع ولادة الطفل وبداية حياته في الأيام الأولى، يكون كبد الطفل غير كامل النمو بعد وبالتالي لا يصبح قادراً على تكسير الصفراء بالكفاءة المطلوبة وبالتالي ترتفع نسبتها في الدم خاصة مع تواجد حالة مرضية أخرى تسبب زيادة في معدل تكسير كريات الدم الحمراء وبالتالي زيادة نسبة الصفراء بشكل يفوق قدرة الكبد على التكسير أو حتى إصابة الطفل بمرض يضعف من جهازه المناعي.
وبالتالي ترتفع نسبة حدوث الصفراء في الأطفال حديثي الولادة لتصل إلى ما يفوق 60% منهم؛ لذلك يسعى الأطباء لعد كل عملية ولادة إلى فحص الطفل أولاً ثم قياس نسبة الصفراء بالدم للتأكد من سلامته وكذلك عمل فحص دوري لدم الطفل خلال الأيام الأولى من عمره لضمان التأكد من عدم إصابته بمرض الصفراء.
الحد الأدنى للصفراء بالدم
بالنسبة للأطفال، طالما كانت نسبة الصفراء أقل من 5 مللي جرام فلا يوجد خطر عليهم وهي نسبة تختلف عن المطلوبة للكبار أو البالغين، ولكن إذا ارتفعت نسبتها عن تلك القيمة فيحنها تعد مشكلة تستوجب تدخل الأطباء لحلها.
الآثار الضارة لارتفاع الصفراء في الجسم
مع وجود الكبد في الجسم من المفترض أن يعمل على طرد الصفراء خارج الجسم، ولكن قد يكون الكبد في حالة لا تسمح له بذلك أو أن معدل تكسير كريات الدم الحمراء يفوق قدرته أو أن المسار الذي تسير فيه الصفراء حتى تصل للكبد يعاني من انسداد يعيق وصولها.
على كل، ارتفاع نسبة الصفراء في الدم يمكنها من الوصول للمخ والعمل على تدمير الخلايا العصبية الموجودة به والتي تمثل مشكلة بالغة الخطورة حيث أن الجهاز العصبي إذا حدث تدمير له لا يمكن استرجاعه مرة أخرى حتى بعد علاج الطفل من الصفراء المرتفعة به؛ وبالتالي قد يصاب الطفل بتأخر في النمو وصعوبة في التعلم وضعف في الحواس قد يصل به لفقدانها تماماً وكذلك تعيق الصفراء النمو الطبيعي للأسنان.
أعراض الصفراء عند الأطفال
يبدأ ظهور الصفراء بالجسم من خلال ملتحمة العين (الجزء الشفاف المغطي للعين من الخارج) حيث يلاحظ تحول اللون إلى الأصفر، ومع استمرار ارتفاع نسبة الصفراء بالدم تبدأ في الظهور بالجلد كله من الوجه والكفين وباطن القدمين والجلد المغطي للبطن.
كما يصاب الطفل بحالة من اللامبالاة تظهر من خلال عدم البكاء أو ندرته أو الاستجابة للمؤثرات المحيطة والذي يحدث للأطفال في مثل ذلك العمر، كما يصدر الطفل بكاء غريب الصوت ذي تردد عال مع وجود لعثمة واضطراب به.
كما يلاحظ أيضاً إصابة الطفل بالخمول الدائم والرغبة في الخلود للنوم، وضعف عام في العضلات وارتفاع في درجة حرارته.
طرق الوقاية من حدوث الصفراء للأطفال
فحص فصائل الدم للأبوين
أثناء فترة الحمل يمكن إجراء تحليل دم للأب وللأم لمعرفة مدى توافق فصائلهما وكذلك إجراء نفس التحليل للأبناء السابقين- إن وجدوا- حيث أن بعض الفصائل رغم توافقها الظاهري إلا أنها تنتج بعض الأجسام المضادة عند وضعهما معاً مما يسبب حدوث تفاعلات بين تلك الأجسام وخلايا الدم فيؤدي ذلك إلى تكسر مزيد من خلايا الدم وزيادة نسبة مادة الصفراء به. كما أنه في بعض الحالات يتسبب الحمل السابق للأم في تكوين بعض الأجسام المضادة والتي تنتقل من الجنين لدم الأم ولكن لصغر نسبتها مقارنة بكمية الدم لا تشكل خطراً على صحة الأم أما في حالة حدوث حمل آخر تنتقل تلك الأجسام المضادة لدم الجنين الثاني وتسبب تكسره وارتفاع نسبة الصفراء بالدم.
الالتزام بالمتابعة الطبية
والمراد بها متابعة الأم أثناء فترة الحمل مع طبيب متخصص خلال عدة جلسات دورية يزيد عددها كلما اقترب موعد الولادة؛ فالمتابعة الطبية تضمن بكل الوسائل المتاحة صحة أفضل للأم خلال وبعد فترة الحمل وكذلك ولادة الطفل بحالة صحية جيدة حيث يتمكن الطبيب من خلال إجراء فحص دوري شامل للجنين لتحديد جنس المولود واكتشاف أي عيوب خلقية موجودة أو اضطرابات في نمو الجنين عن الطريق الأشعة التلفزيونية (السونار) وسماع أصوات دقات قلب الجنين وكذلك أخذ عينة من السائل الموجود بالرحم أو من المشيمة إن لزم الأمر.
موعد الولادة
يجب أخذ كافة الاحتياطات الطبية الممكنة لتجنب حدوث ولادة مبكرة للجنين؛ وذلك لعدم وصول الكبد لمرحلة كافية من النمو تمكنه من تنظيم والتحكم في نسبة الصفراء بالدم وتكسيرها وطردها خارج الجسم، وبالتالي فإن الأطفال الذين تتم ولادتهم قبل الموعد الطبيعي وهو 38 أسبوعاً يصبحون أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالصفراء. يتم التحكم بموعد الولادة أو بمعنى أدق ضمان عدم تبكيره بتجنب الضغط أو التوتر العصبي للأم وكذلك بالابتعاد تماماً عن الملوثات الكيميائية كدخان السجائر والمشروبات والكحولية وكذلك عدم تناول أي دواء خلال فترة الحمل إلا بعد مراجعة الطبيب أولاً حتى لا تؤثر بشكل سلبي على الجنين وحينها يضطر الطبيب للتبكير بعملية الولادة حرصاُ على صحة الجنين.
قطع الحبل السري
أحياناً بسبب تعجل الأطباء والممرضات أو بسبب عدم معرفتهم بذلك يلجأ الطبيب بعد إتمام عملية الولادة إلى قطع الحبل السري مباشرة بعد خروج الجنين من الرحم مما يسبب دخول الأجسام الضارة عبر مجرى الدم الموجود بالحبل السري إلى أوعية الجنين الدموية وبالتالي حدوث تكسير للدم وإنتاج المزيد من الصفراء، لذا إذا كنت مقبلة على الولادة اطلبي من الأطباء قبل الولادة أن ينتظروا بضع دقائق حتى يتوقف الشريان الموجود بالحبل السري عن النبض ثم حينها يمكن قطعه بأمان ودون أن يشكل خطراً على صحة الجنين ويتسبب بحدوث الصفراء.
الفحص
بعد ولادة الطفل مباشرة يقوم الطبيب بأخذ عينة من دم الطفل وإرسالها للمعمل على الفور ليتم فحص نسبة الصفراء به والتأكد من وجودها بالمعدل الطبيعي.
الرضاعة الطبيعية
أفضل طرق منع حدوث الصفراء هي إرضاع الطفل رضاعة طبيعية بكميات كافية لحاجته تبعاً لعمره، فالطفل حديث الولادة يحتاج يومياً ما يتراوح بين 8 إلى 12 رضعة كل يوم. أما إذا اضطرتك الظروف إلى إرضاع الطفل رضاعة صناعية فسوف يحتاج طفلك ما بين 30 إلى 60 ملم من اللبن كل ساعتين في الأسبوع الأول بعد الولادة مباشرة؛ حيث أن لبن الأم يحتوي على كافة الإنزيمات الهاضمة لمادة الصفراء وبالتالي تمنع تراكمها داخل الجسم كما تزود الجهاز المناعي بالأجسام المضادة اللازمة لتكسير الميكروبات الضارة والتي تعوض عدم اكتمال نمو وتطور الجهاز المناعي للطفل بعد.
ولكن بالرغم من ذلك يوجد نوع من أنواع الصفراء يحدث بسبب الرضاعة الطبيعية! ولكن الصفراء في تلك الحالة تتصف بقصر مدتها وسهولة علاجها بدرجة كبيرة جعلت الأطباء يعتبرونها طوراً طبيعياً من أطوار نمو الطفل بعد ولادته، حيث أن الجزء الأول من لبن الأم- في الأيام الأولى من الرضاعة- يكون سميك القوام بشكل يجعل بلعه أمراً صعباً بعض الشيء على الطفل مما يجعله يتغذى على كميات أقل مما يحتاج فيسبب ذلك تراكم مادة الصفراء بالجهاز الهضمي للطفل وظهور أعراضها، وعلاجها يعد سهلاً للغاية حيث فقط يوصف للأم بضع أنواع مكملات الألبان الغذائية ترضعها للجنين في الأيام الأولى فقط حتى يتكون لبن الأم الطبيعي بالشكل المعهود وبالتالي لا يشكل خطراً على صحة الطفل.
علاج الصفراء في الأطفال حديثي الولادة
البداية بإرضاع الطفل طبيعياً
من المعروف في كافة المستشفيات أن تتوجه الممرضات بالطفل بعد ولادته للأم لتحاول إرضاعه، وكلما كانت بداية الرضاعة مبكرة كلما زادت فرصة شفاء الطفل من الصفراء؛ حيث أن استفادة الطفل من كافة العناصر الغذائية الموجودة بلبن الأم يمكنه من اكتساب الوزن المثالي مما يفيد الكبد في النمو والتطور ويحسن قدرته على تكسير الصفراء وطردها خارج الجسم، وإذا لم تتمكن الأم من إرضاع الطفل يمكن تجربة بعض المحاولات البسيطة والناجحة كتدليك الثدي أو تحريك شفتي الطفل وكذلك ضم الطفل أكبر عدد ساعات ممكن لحضن الأم وتدليك جبهته برفق حيث يساعد ذلك على تكون علاقة حميمة بين الطفل وأمه مما يطمئنه ويجعله يقبل على الرضاعة.
الحفاظ على مواعيد رضاعة ثابتة
بقدر الإمكان حافظي على عدد رضعات ثابت للطفل كل يوم سواء أكانت الرضاعة طبيعية أم صناعية؛ حتى يزيد وزن الطفل بشكل منتظم وبالتالي تتحسن وظائف الكبد.
تعريض الطفل للضوء
حيث أن الأشعة فوق البنفسجية تتفاعل مع مادة الصفراء بالدم وتحولها إلى صورة أخرى يسهل خروجها من الجسم دون الحاجة للمرور بالكبد وحدوث التكسير بداخله. حيث يتم كشف جسد الطفل كليا أو جزئياً- تبعاً لإرشادات الطبيب وشدة الصفراء في جسم الطفل- ويوضع معرضاً بشكل مباشر لأشعة الشمس ولكن لمدة لا تزيد عن الخمس دقائق فقط مع القيام بتلك الخطوة مرة أو مرتين يومياً. واحرص تماماً على عدم تعرض الطفل للشمس فترة طويلة كي لا تتسبب بحدوث حروق لجلد الطفل وكذلك وازن بين درجة حرارة الغرفة ودرجة الحرارة في الخارج حتى لا يتسبب الفرق في درجات الحرارة عند تعرض الطفل للشمس بإصابته بالحمى، وإذا شعرت الأم بوجود رعشة في جسد الطفل عند تعريضه للشمس فلتقم على الفور بضمه لجسدها حتى تعمل على تدفئته، كما يمكن وضع سرير الطفل في مكان معرض للشمس ولكن مع وجود زجاج مغلق أو عوازل طبية والتي تنقي أشعة الشمس الداخلة للغرفة من الأشعة الضارة وتخفف من حدتها وبالتالي تحمي الطفل من التأثر السلبي بها.
استخدام الضوء الطبي
وهو عبارة عن سرير خاص بالأطفال مزود بمصباح يصدر أشعة مماثلة لأشعة الشمس والتي عند تسليطها على الطفل تعمل على تنقية دمه من الصفراء، ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار تغطية عين الطفل وأعضائه التناسلية حتى لا تتأثر بتلك الأشعة وكذلك وضع المصباح على مسافة 50 سم من الطفل.
تغيير الدم
إذا فشلت كل المحاولات السابقة وخاصة مع وصول الصفراء لنسبة مرتفعة جداً يقوم الأطباء باستغلال صغر كمية الدم الموجودة بالطفل ويعملون على تغيير دم الطفل كاملاً بآخر نفس الفصيلة ولكن خالي من مادة الصفراء.
أضف تعليق