تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » الصحة النفسية » الصراع النفسي : كيف تتخلص من مشكلة تضارب العواطف في حياتك ؟

الصراع النفسي : كيف تتخلص من مشكلة تضارب العواطف في حياتك ؟

يعاني كل منا في بعض فترات حياته من الصراع النفسي ، وهو عبارة عن تضارب في العواطف يشعر معه الشخص بأن عدة قوى تتجاذبه في نفس الوقت، فما الحل؟

الصراع النفسي

يواجه إنسان العصر الحديث الكثير من أنماط الصراع النفسي وأشكاله المختلفة خاصة مع الإيقاع السريع للحياة، والتطور التكنولوجي السريع، وكثرة المشاغل والمغريات التي يتعرض لها الإنسان؛ مما يجعل الإنسان عرضة للإصابة بالكثير من الضغوط النفسية والصراعات الداخلية والتضارب بين العواطف المختلفة، وقد يفشل بعض الناس في التعامل مع تلك الصراعات، بل أحياناً يعجز عن الوصول إلى الخيار الأمثل من بين الخيارات المتاحة أمامه، وكأن المعادلة أصبحت أصعب أمام الإنسان المعاصر؛ فكلما زادت التكنولوجيا ازدهارا وزادت نسبة الخيارات المتاحة أمام الإنسان زادت معها الصراعات النفسية وتضاربت العواطف الداخلية، وقد أسهب الأطباء وعلماء النفس في البحث عن وسائل للحد من هذه الصراعات، بل ذكر بعضهم الكثير من الوصفات العلاجية وأنواع من الأطعمة التي تساعد على الاستقرار والهدوء النفسي والتخلص من الضغوط النفسية، وفيما يلي نتناول تعريف الصراع النفسي وأهم أنماطه والأسباب التي تؤدي إلى ظهوره، وكذلك كيفية التخلص من الصراع النفسي وتضارب العواطف.

دليلك إلى التخلص من الصراع النفسي

تعريف الصراع النفسي

يعتبر الصراع النفسي حالة نفسية مؤلمة يشعر بها الإنسان عند التناقض بين رغباته وعجزه عن الوصول إلى قرار ثابت أو اختيار محدد بسبب كثرة الدوافع المتناقضة والمتضاربة لديه، ويعرف علماء النفس الصراع النفسي بأنه حالة نفسية تنتج عن العمل المتزامن للدوافع والرغبات التي قد يكون بينها تبادل أو تعارض بسبب وجود حاجتين يستحيل إشباعهما في وقت واحد مما ينتج عنه التوتر والقلق الانفعالي واضطرابات في الشخصية، وقد تبين من هذا التعريف أن الصراع الداخلي ناتج عن تضارب الرغبات مع استحالة إشباعهما معا في آنٍ واحد، ويلاحظ أن هذا الصراع النفسي يصاحبه شعور بالتوتر الانفعالي والقلق، وتتعدد حالات الصراع النفسي التي يمر بها الإنسان عبر حياته الطفولية أو الدراسية أو العملية وغير ذلك، وتكون الحاجة ماسة إلى التوجيه أو العلاج إذا لزم الأمر.

أنماط الصراع النفسي

في كثير من الأحيان يواجه الإنسان في حياته حيرة كبيرة عند الاختيار بين هدفين أو أكثر خاصة عندما تحيط المخاطر بهذا الاختيار مما يضع الإنسان في موقف الحيرة والارتباك والتوتر الانفعالي الذي يؤدي إليه الصراع النفسي العنيف وعدم القدرة على الاختيار أو التوفيق بين الهدفين، وقد قسم علماء النفس أنماط الصراع النفسي إلى أربعة أنماط رئيسية وهي:

صراع (الإقدام- الإقدام)

ويحدث هذا النوع من الصراع النفسي نتيجة لوجود هدفين مرغوبين يجب الاختيار بينهما، كما أن اختيار أحدهما يترتب عليه خسارة الهدف الآخر، كالاختيار بين وظيفتين أو الاختيار بين أنواع السيارات، وكلما كانت الأهداف متكافئة كلما زاد الصراع النفسي الداخلي وتضاربت العواطف لدى الإنسان.

صراع (الإحجام- الإحجام)

وغالبا ما يحدث هذا الصراع بسبب مواجهة الشخص لموقفين أو أكثر غير مرغوبين، كما أن محاولة تجنب أحدهما تؤدي بالتبعية إلى الوقوع في الآخر، وذلك كأن يختار الجندي بين دخول المعركة والقتال وتعريض نفسه للخطر أو الهرب وتعريض نفسه للمحاكمة وقد يصل إلى الإعدام بتهمة الخيانة العظمى، وكما يحدث لبعض الطلاب الذين يريدون النجاح السهل فيحاول الاختيار بين الغش في الامتحان أو الرسوب، وكذلك أيضا الصراع النفسي الذي يعاني منه مرضى السمنة المفرطة عند الاختيار بين ممارسة الرياضة أو الامتناع عن بعض الأطعمة وممارسة الريجيم القاسي، ويتولد عن هذا الصراع كثير من الضغوط والاضطرابات النفسية.

صراع (الإقدام- الإحجام)

ويتولد هذا النوع من الصراعات النفسية نتيجة لوجود هدف متعادل من ناحية الجوانب السلبية والإيجابية، فإذا أقدم الإنسان على تحقيقه فسوف يواجه الجوانب غير المرغوب فيها (السلبية)، وعلى النقيض من ذلك فإذا أحجم الإنسان عن تحقيقه تعرض لخسارة الجوانب الإيجابية المرغوبة، وذلك كما يحدث مع شخص يحب الطعام كثيرا ولكنه يخشى من مخاطر السمنة، أو كالطالب الذي يرغب في دراسة الطب ولكنه لا يحب منظر الدم والجراح، وحسبما تتمخض عنه نتيجة الصراع النفسي والوصول إلى الاختيار الأنسب يحاول الإنسان القياس على باقي الصراعات المشابهة ليكون اختياره موافقا لهواه أو لما يتوقع أن يكون مرضيا لنفسه.

صراع (الإقدام- الإحجام) المزدوج

وهذا النوع من الصراع يشبه إلى حد كبير النوع السابق، حيث يواجه الفرد هدفين يحتوي كل منهما على جوانب سلبية وأخرى إيجابية؛ وهنا يجد الفرد نفسه في حيرة وصراع بين اختيار أحدهما لما ينطوي عليه كل واحد منهما من سلبيات وإيجابيات، وذلك مثلما يختار الطالب بين دراسة القانون ودراسة التربية؛ فدراسة القانون محببة إليه ولكنه لا يرغب في مهنة المحاماة، أما دراسة التربية والعمل بالتدريس فهو محبب إليه أيضاً ولكن راتب المعلم ضعيف جدا؛ فيترتب على ذلك الصراع النفسي مع تضارب العواطف بداخله خوفا من عدم التوفيق في الاختيار أو التمييز بين الهدفين.

أسباب الصراع النفسي

إن التطور التكنولوجي والتقدم الحضاري الهائل الذي نعيشه حاليا لابد له من ضريبة يدفعها الإنسان، فإذا كانت هذه الرفاهية التي يعيشها الإنسان تهتم بالجانب الجسدي فقد أغفلت الجانب الروحي والنفسي؛ لذلك أصيب هذا الإنسان بكثير من الصراعات النفسية التي تضاربت في ذاته وأدت إلى إصابته بكثير من الأمراض النفسية التي عجز الطب عن علاجها، وفيما يلي نحدد أهم أسباب هذا الصراع النفسي:

  • الخوف: قد يحدث الصراع النفسي بسبب الخوف على النفس أو أحد المقربين أو الخوف من الموت أو الفقر أو الخوف من مخاطر المستقبل ومشاكله.
  • التعرض لصدمة نفسية: قد يكون الصراع النفسي ناتجاً عن التعرض لإحدى الصدمات النفسية بسبب خسارة مالية أو الإصابة بأحد الأمراض المزمنة أو فقدان شخص عزيز أو غير ذلك.
  • الضغوط الخارجية: قد يحدث الصراع النفسي نتيجة للضغوط الخارجية على الشخص من قِبَل المحيطين به في محاولة منهم للتحكم في تصرفاته أو السيطرة على أفكاره.
  • الحيرة: أحيانا ينشأ الصراع النفسي داخل الإنسان بسبب الحيرة الشديدة والعجز عن اتخاذ قرار محدد خاصة إذا كان اتخاذ القرار يحتاج إلى عجلة وسرعة في الاختيار.
  • الكبت النفسي: إن كبت الرغبات والغرائز تجعل الإنسان عرضة للإصابة بمرض الصراع النفسي وتضارب العواطف؛ مما يجعله غير قادر على اتخاذ قرار بذاته مع الشعور بالقلق والحيرة والتوتر الانفعالي.
  • الوراثة: قد تكون بعض العوامل الوراثية سببا في إصابة الشخص بالصراع النفسي والتوتر الذي ينتج عن ذلك.
    ضعف الإيمان: قد يكون سبب الصراع النفسي الذي يتعرض له الفرد هو ضعف الإيمان الذي يعطي الإنسان ثقة كبيرة في الاعتماد على مشيئة الله لتقدير وتدبير مستقبله مع الرضا بقضاء الله المقدر له.

كيف نتخلص من الصراع النفسي وتضارب العواطف؟

لقد أصبحت الأمراض النفسية الناتجة عن كثرة الصراعات النفسية وتضارب العواطف التي يتعرض لها الإنسان في رحلة حياته خلال العصر الحديث هي أكثر الأمراض انتشارا، بل يعاني الأطباء صعوبة بالغة في علاج مثل تلك الأمراض بسبب التزايد المتسارع لضغوط العصر ومشاكله التي تتجدد كل يوم، ومن هنا نورد بعض الحلول التي يقترحها علماء النفس للتخلص من الصراع النفسي وتضارب العواطف داخل النفس ومن أهمها:

مواجهة الصراع

إن مواجهة الصراع النفسي والتغلب على أسبابه هو أفضل حل وعلاج للصراع النفسي؛ حيث لا يمكن إغفال المشكلة والبحث عن حلول مؤقتة دون القضاء على أسبابها الأساسية، ففي جميع أنماط الصراعات الداخلية السابقة التي تم تفصيل الحديث عنها يجب أولاً القضاء على مسبباتها من خلال الوصول إلى حل جذري للتناقضات التي يعاني منها المريض، وقد يكون ذلك من خلال مساعدته في الوصول إلى الاختيار الأمثل بتوضيح مميزات أو عيوب أكثر ليتم تقوية أحد الجوانب وتغليبه على الآخر؛ وبالتالي يسهل معالجة الصراع الداخلي وآثاره من التوتر والقلق.

مواجهة الأفكار السيئة

قد يكون الحل في التخلص من الصراع النفسي هو العرض على طبيب نفسي لتخليص المريض من الغرائز المكبوتة وآثارها الضارة على صحة الإنسان؛ حيث يتمكن الطبيب المعالج من إخراج تلك المشاعر والأفكار السلبية مع تفنيدها والقضاء عليها نهائيا حتى لا تعاود الظهور للمريض مرة أخرى.

تحديد الأهداف

لكي يتجنب الإنسان الصراع النفسي يجب عليه أن يحرص على وضع أهداف واضحة مناسبة لقدراته وإمكانياته سواء كانت مادية أو معنوية؛ وبالتالي تكون ممكنة التحقق، وكذلك الأطفال والشباب يجب أن تتم معاونتهم لفهم ذواتهم ووضع الأهداف المناسبة لقدراتهم حتى يمكنهم الوصول إليها.

التخلص من الماضي المظلم

قد يكون الماضي المظلم بما يحمل من كآبة أو صراعات نفسية أو موروثات مؤلمة سببا من أسباب الصراع النفسي؛ لذلك يجب نسيان الماضي بما يحمل من آلام وأحزان والتفكير في المستقبل حتى لا تطغى أحزان وكآبة الماضي على مستقبل الإنسان فتدمر ما يمتلك من أهداف أو أحلام مستقبلية.

الثقة بالنفس

تعتبر الثقة بالنفس وبما يمكن للإنسان أن يحققه في الحياة وبقدرته على تجاوز المحن والتغلب على الصعاب والوصول إلى الاختيار الأمثل من العلاجات الناجحة للتغلب على الصراع النفسي وأسبابه.

التفاعل مع الآخرين

يجب على الشخص أن يتفاعل ويندمج مع الآخرين خاصة الأصدقاء والمقربين الذين يثق فيهم وفي آرائهم والأخذ بمشورتهم ونصائحهم؛ لأن الشخص الانطوائي يعجز عن الوصول إلى قراره ويشعر بالوحدة والتردد في الوصول لأي قرار.

صدق العزيمة

لابد أن يتيقن الإنسان أن مساعدته لنفسه هي التي تصل به إلى بر الأمان وتخرجه من المحنة التي يعاني منها؛ لذلك يجب عليه أن يساعد نفسه بنفسه ليتخلص من القلق والاضطراب الانفعالي وآثار الصراع النفسي الذي يعاني منه مع الموازنة بين الخيارات المطروحة ولا بأس من تسجيل المزايا والعيوب في ورقة والمقارنة بينها واختيار الأنسب منها، وعليه أيضاً ألا يلقي باللوم على الآخرين أو يرجع بالسبب في الأخطاء إلى غيره بدلا من البحث عن علاج للخطأ.

علاج الصراع النفسي بالطعام

أحيانا تكون التغذية السليمة سببا من أسباب التخلص من القلق والصراع النفسي؛ لأنها تساعد العقل على التفكير بشكل سليم للوصول إلى الحل المناسب لما يعاني منه، ومن أهم الأغذية المناسبة التي تساعد على تهدئة الأعصاب وتنشيط الدورة الدموية الدماغية تناول الخضروات والفواكه الطازجة وكذلك العصائر الطازجة وخاصة الليمون بالنعناع وعصير الأناناس وعصير جوز الهند والتي تساعد على الشعور بالراحة وتهدئة الأعصاب، كما أن مغلي البابونج أو الحلبة من المشروبات المهدئة التي تساعد على ارتخاء الجسم أيضا والتخلص من الصراع النفسي .

يعد الصراع النفسي سببا رئيسيا في كثير من حالات الاكتئاب والتوتر الانفعالي وكثير من الأمراض النفسية؛ لذلك يقدم علماء النفس كثيرا من النصائح والعادات المفيدة لتخليص الإنسان من آثار الصراع النفسي ومنها المواظبة على ممارسة الهوايات وخاصة الرياضة البدنية وكذلك الضحك الذي يساعد على إفراز مادة السيروتونين أو ما يطلق عليه بهرمون السعادة الذي يعمل على تنظيم وضبط مزاج الإنسان وحالته النفسية، كما أن النوم الكافي يعطي الجسم حقه من الراحة ويخفف من التوتر والقلق؛ فإذا التزم الإنسان بتلك النصائح تمكن من التخلص من الصراع النفسي، وقد تناول هذا المقال تعريف الصراع النفسي وأنماطه والأسباب المؤدية إليه، وأخيرا أهم النصائح للتخلص من الصراع النفسي وتضارب العواطف.

محمد حسونة

معلم خبير لغة عربية بوزارة التربية والتعليم المصرية، كاتب قصة قصيرة ولدي خبرة في التحرير الصحفي.

أضف تعليق

أربعة عشر + تسعة عشر =