الشوكولاتة والاكتئاب : كيف  يمكن للشوكولاتة أن تعالج الاكتئاب؟

لا شك أن العديد منا يعشقون الشوكولاتة، بل الغالبية العظمى من الناس، فهي من أكثر المأكولات شعبية في العالم بين الصغار، والكبار، النساء، والرجال، برأيي أنا هي من المتع الصغيرة العظيمة المتاحة، كما أنها تفي بالغرض في كثيرٍ من الأحيان، فهي تتصدر قائمة الهدايا، وأوقات الفراغ، والجوع، والوحدة، والتسلية، والفرح، وأيضًا الاكتئاب، لهذا قد يتسلل إلى أذهاننا هذا التساؤل: “هل توجد علاقة بين الشوكولاتة والاكتئاب ؟” لا أدري هل حقًا توجد علاقة بينهما؟ هل الأمر له علاقة بتكوينها؟ أو أن علاج الاكتئاب هنا فقط ناتج من مجرد الفرح عند أكل واحدة؟ فقد تكون العلاقة بين الشوكولاتة والاكتئاب نفسية في هذه الحالة!

الشوكولاتة والاكتئاب : كيف تعالج الشوكولاته المزاج السء؟

الشوكولاتة

الشوكولاتة من أكثر المأكولات اللذيذة والشعبية حول العالم، ويرتبط مصطلحي الشوكولاتة والاكتئاب ببعضهما عند أغلب الناس، فكما هو شائع أن الشوكولاتة تساعد في التغلب على الاكتئاب. وهي تتكون من مشتقات مادة الكاكاو، والتي قد يضاف إليها السكر، أو الحليب، وقد تكون الشوكولاتة مكوِّنًا لذاته يمكن الاستمتاع به، وقد تكون مادة خام أولية تستخدم في تحضير مأكولات أخرى، كما أنها النكهة المفضلة للعديد من الناس في كثير من المأكولات والمشروبات المختلفة، فمثلًا في المثلجات، والجاتوه، والمشروبات الباردة، والمشروبات الساخنة، فهي لا غنى عنها في كثيرٍ من الأحيان. وتم اكتشاف الشوكولاتة للمرة الأولى في أمريكا الجنوبية، نظرًا للتواجد الكبير لشجرة الكاكاو، التي تنتشر بكثرة في تلك القارة. وقد تمت زراعة الشوكولاتة منذ أكثر من حوالي ثلاثة آلاف عام في أمريكا الوسطى، والمكسيك.

سر تسمية الشوكولاتة بهذا الاسم

يرى الكثيرون أن تلك الكلمة دخلت إلى قاموس اللغات الأوروبية عن طريق اللغة الأسبانية، ولكن لا أحد يعرف كيف دخلت تلك إلى اللغة الأسبانية تمامًا، ولكن الكثير من الآراء تشير إلى أن كلمة شوكولاتة هي “شوكولاتل”، وهي اشتقاق من لغة “ناواتل”، والتي كانت شائعة في حضارة الأزتيك، ولكن يوجد من شكك في أصل هذه التسمية، لأنها لم تكن موجودة في حقبة الاستعمار في المصادر المكسيكية. وقد ظهرت آراء أخرى حول تواجد أصل كلمة الشوكولاتة في لغة المايا اليوكاتية، حيث أن تلك الكلمة مشتقة من كلمة “شوكول” والتي تعنى ساخن، وهذا بالتزامن مع شيوع شراب الشوكولاتة الساخنة الذي كان من عادات المايا. والعديد من الآراء الأخرى.

ثمار شجرة الكاكاو، والشوكولاتة

تعتبر بذور ثمار شجرة الكاكاو هي المادة الأصلية الأولى لصناعة الشوكولاتة، وهي عبارة عن شجيرة صغيرة الحجم، يتراوح طولها 4 أمتار إلى 8 أمتار، وتنمو في المناطق الاستوائية في أمريكا الجنوبية، والوسطي، وذلك لأنها تحتاج تربة خصبة، وماء وفير كي تنمو، وهي أيضًا لا تنمو في المناطق ذات درجات الحرارة العالية، كما أنها تحتاج إلى حوالي 2000 مليمتر من الأمطار. وثمار شجرة الكاكاو لا تمتلك لونًا محددًا، بل تختلف درجة لونها حسب نضج الثمرة، فهي تأخذ ألوان من الأصفر إلى البرتقالي، وعندما تنضج تزن حوالي 500 جم، وهي بيضاوية الشكل، وطولها يتراوح من 30- 15 سم، وعرضها 10- 8 سم.

أنواع الشوكولاتة

توجد العديد من الأنواع المختلفة للشوكولاتة، والتي يمكن أن تتكون عندما تختلف مقادير المكونات، كما يمكن الحصول على مكونات مختلفة عند تغيير الوقت، ودرجة الحرارة التي تلزم للتحميص عند صناعتها، فتوجد الشوكولاتة المرة، وتوجد الشوكولاتة الغامقة، وغيرها.

الشوكولاتة المرة، والشوكولاتة الداكنة

يطلق عليها أيضًا الشوكولاتة الغير محلاة، أو شوكولاتة الخبز أو الطبخ، وتلك تتكون من مستحلب يوجد به نوع معين من الدهون حتى تظهر بتلك الصلابة، فإن حبوب الكاكاو تنتج نكهتها القوية المميزة، وكلما ارتفعت نسبة الكاكاو في الشوكولاتة، فإن السكر بها يكون قليل، فإنه عند إضافة السكر إليها فإنها تستخدم كمادة لصناعة الحلويات، والشوكولاتة الغير محلاة، يضاف إليها نسبة ضئيلة من السكر، والذي يكون مع زبدة الكاكاو، والفانيليا، وقد يضاف إليهما الليسيثين. أما الشوكولاتة الداكنة، أو الشوكولاتة السوداء، فتحتوي تلك الشوكولاتة على مكونات الشوكولاتة العادية من زبدة الكاكاو، والسكر، والفانيليا، ولكنها لا تحتوي على حليب.

الشوكولاتة بالحليب، والشوكولاتة البيضاء

وهي تلك الشوكولاتة الصلبة التي يدخل في صناعتها الحليب كعنصر أساسي، فهي تصنع من مسحوق الحليب، والحليب المكثف. أما الشوكولاتة البيضاء، فهذا النوع من الشوكولاتة يحتوي على زبدة الكاكاو، والحليب، والسكر، ولكنها خالية من الكاكاو تمامًا، وهي تشبه الشوكولاتة العادية، ولكن عدم وجود كاكاو بها، جعلها في العديد من الدول لا يتم تصنيفها أو جعلها كأحد أنواع الشوكولاتة.

من أشهر أنواع الشوكولاتة التجارية

توجد العديد من أنواع الشوكولاتة المشهورة عالميًا، وتلك التي يعطى كل منها عناية خاصة، ودقة فائقة في الصنع، حتى تستطيع أن تحقق تلك الشهرة حول العالم، ومنها شوكولاتة “ليندت” والتي تتم صناعتها في سويتزرلاند، وشوكولاتة “غيرردلي” والتي تعد إحدى أنواع شوكولاتة “ليندت”، وتوجد شوكولاتة “روشيه” والتي تتم صناعتها في إيطاليا، وشوكولاتة “ثورن تونز” والتي تصنع في بريطانيا، وشوكولاتة “هيرشي” التي تصنع في هيرشي، حيث سميت على اسم مدينتها، وشوكولاتة “جوليان” وتتم صناعتها في بلجيكا، وشوكولاتة “جوديفا”، وغيرها من الأنواع الأخرى.

فوائد الشوكولاتة

الشوكولاتة لها فوائد كبيرة لما تحتوي عليه من الألياف والمعادن المفيدة، والتي تعتبر ضرورية جدًا لعملية الأيض في الجسم، وتجديد الخلايا، وتقوية الأعصاب، وهذه المعادن هي: الزنك، والمغنيسيومسيوم، والحديد، المنغنيز وغيرها، وتلك المعادن، وفي الشوكولاتة الداكنة فإن 100 جرام فقط يحتوي على كل هذه المعادن، وهذا يعادل حوالي 600 سعر حراري في المقابل، مما يعني أن الإكثار منها ليس شيئًا سارًا أيضًا، خاصةً لأولئك الذين يعانون من السمنة، وعلى الرغم من أنها تحتوي على نسبة سعرات حرارية أقل من أنواع الشوكولاتة الأخرى إلا أنها يعد الإكثار منها خطرًا أيضًا، وهذا ينطبق على كل أنواع الشوكولاتة بالطبع –من باب أولى-، لذا فإن تناول القليل منها سيساعد على اكتساب الفوائد دون الحاجة إلى زيادة، وأيضًا الشوكولاتة الداكنة مفيدة لعضلات القلب، حيث أكتشف أنها تحتوي على مادة “الثيوبرومين” والتي تساعد في ارتخاء جدران الشرايين، والأوعية الدموية، مما يساعد في اتساع جدران هذه الشرايين، وذلك يسهل عملية سريان الدم في تلك الأوعية بسهولة بالطبع، وبهذا فإن الضغط على عضلات القلب يقل، كما أن هذا يساعد على وصول الدم إلى المخ بسهولة، فيزيد من نشاطه، ويعمل على تقوية الذاكرة، وبسبب احتواء الشوكولاتة على نسبة معينة من الكافيين، فإنها تزيد قدرة العقل على التركيز أيضًا، لذا فإن تناول كبار السن للشوكولاتة الداكنة يسهم في تحسين وظائف المخ، ويقلل من فرصة الإصابة بالزهايمر. كما تحتوي الشوكولاتة على مادة البوليفينول والتي تساعد في الوقاية من مرض السرطان.

الشوكولاتة والاكتئاب

عندما نتحدث عن سر قدرة الشوكولاتة في التخلص من الاكتئاب، فإن هذا سيعرض العديد من النظريات، فمنها أن الشوكولاتة الداكنة لديها القدرة العالية على تحسين المزاج، وتقليل الاكتئاب، فهي تحتوي على قلويات مثل “الثيوبرومين” –كما ذكرنا- ومادة “الفينيثليمين” وهي مواد ترتبط بمادة “السيريتونين” أو هرمون السعادة في الجسم، والشوكولاتة تساعد على إفراز هرمون “الأندوموروفين” الذي يساعد على تهدئة الجسم، وتحسين المزاج، وتخفيف الاكتئاب، وأيضًا تحتوي على التربتوفان وهو يساعد على رفع مستويات هرمون السعادة، وهو يقلل نسبة الاكتئاب عن طريق التأثير على الناقلات العصبية التي ترتبط بالحالة المزاجية في الدماغ، وهناك أبحاث ترجع أن علاقة الشوكولاتة والاكتئاب هي بسبب نسبة السكر الموجودة في الشوكولاتة، وليست الشوكولاتة نفسها، فكلما زادت نسبة السكر، زادت قدرة الشوكولاتة على تحسين المزاج، وكلما قلت تقل قدرتها، وبهذا فإن الأمر لا يرجع إلى الشوكولاتة، ونظرية أخرى ترجع إلى أن ارتباط الشوكولاتة والاكتئاب ببعضهم بسبب السعادة الذي يرتبط بها مجرد الحصول على الشوكولاتة، فهي متعلقة بالعوامل النفسية أكثر من تكوينها، فمثلًا أحدهم يحب تناول الطعام ويساعده هذا على تخطي الاكتئاب، والآخر يتخطى الاكتئاب بطريقة أخرى، وهكذا، كما أن انتشار فكرة أن الشوكولاتة تساعد على تخطي الاكتئاب يجعل البعض يتهيؤون نفسيًا لذلك عند تناول الشوكولاتة. كما أن بعض طرق الحصول عليها مثلًا أن تأتيك كهدية سيساعد على التغلب على الاكتئاب بالتأكيد.

ولكن هل الشوكولاتة والاكتئاب مرتبطان في الواقع ببعضهما أو لا؟، فإن هذا ليس بالأمر الهام جدًا، فإن كانت الشوكولاتة بالفعل تساعدك على التخلص من الاكتئاب فهذا أمرٌ جيد، وإن لم تكن فلا بأس، فهي إن لم تكن مفيدة فليست ضارة، بشرط عدم الإسراف بالطبع. ولكن هذا لا يمنع أن تناول الشوكولاتة من أكثر الأشياء متعة على وجه الأرض.