ما هي الشكوى بالظبط وهل هناك حاجة اليها وما هو الأسلوب الأمثل لتقديمها ؟! كل هذه الاسئلة قد تخطر ببالك لاننا نواجه في حياتنا الكثير من التجارب والمصاعب ونتعامل مع أنواعٍ مختلفةٍ من البشر، منهم المنصف العادل ومنهم الظالم الجائر، كنا في طفولتنا نهرع إلى أبوينا إذا ما تعرضنا للظلم أو الاضطهاد فيقومان بحل المشكلة ورد الظلمة. أما في حياتنا العملية فلم نعد نملك هذه الرفاهية، ولم يعد بإمكان أبوينا الأخذ بحقنا ممن أساء إلينا، تصدم هذه الحقيقة البعض وتزلزلهم، جميعنا نذكر أول موقفٍ تعرضنا فيه للظلم والإساءة فلم نجد من يدفعه عنا ومن يرد إلينا حقوقنا.
الشكوى : الأسلوب الأمثل لتقديمها
الحاجة إلى الشكوى
جميعنا اصطدمنا بلحظة الحقيقة تلك، وعند هذه اللحظة الفارقة من الحياة انقسم الناس قسمين، قسمٌ ينهزم ويرضى بالواقع ويبتلع الإساءة كلما ألمت به يتجنبها هي والمسيء معًا. وقسمٌ آخر معاكس يختار الطريق الآخر فيي الحياة وأن ينتزع حقه بيده ويدافع عن نفسه ويقتص لذاته. ولكن أصحاب طريق انتزاع الحق قد يختلفون ويتباينون في نهج انتزاعه، فمنهم الشديد واللين والعنيف والحليم، وحتى لو كان الحق هو الغاية فالغاية لا تبرر الوسيلة أبدًا، فإن كنت من أصحاب الحق فلا تضِع حقك بطريقة استردادٍ خاطئة.
انتزاع الحق بالذراع
في المجتمع المتحضر والتعاملات الراقية الناضجة سيعتبر انتزاعك الحق بذراعك خطأً مستنكرًا، بل قد يصبح المسيء إليك ضحيةً وأنت المخطئ والجاني! كما الحال في مكان عملك فلا يمكنك رد الإساءة بأخرى ولا انتزاع الحق عنوةً فلمكان العمل آدابه.
الفصل بين علاقات العمل والعلاقات الخاصة
في البداية يجب دومًا الفصل بين علاقات العمل والعلاقات الخاصة، فالخلافات الشخصية يجب أن تبقى بمنأى عن العمل حتى لا تؤثر عليه وتسبب تراجعه وتأخره، أما خلافات العمل فهي لا تحل بالشجار أو الجدال الحاد فطالما أنها خلافات عمل فهي تدور حوله وتمس الجميع. تنقسم خلافات العمل بين خلافاتٍ مع الزملاء والمساوين لك في الرتبة، خلافاتٍ مع من هم أقل منك رتبة، وخلافاتٍ مع من يفوقونك رتبة.
الحوار بين الأطراف
في كل الحالات فإن حل الخلاف قد يكمن في الحوار العملي الجاد بين الطرفين يعملان فيه على تسوية الخلاف وإصلاح ما قد يكون فسد أو الوصول إلى حلٍ وسطيّ أو إيجاد الحلول واختيار أفضلها.
الاضطرار إلى رفع الشكوى
لكن في بعض الأحيان ينعدم أو يعجز الحوار ويصبح من مسؤوليتك لصالح العمل رفع الشكوى والخلاف إلى رئيس الطرف الآخر ليجد حلًا لتلك المشكلة أو يرد الحق إلى صاحبه ويعيد المياه إلى مجاريها.
الطريقة الصحيحة من أجل الشكوى
فكيف تشكو شخصًا إلى شخصٍ أعلى منه رتبة؟ أسلوب الحوار وطريقة عرض المشكلة من أهم نقاط قوتك، عليك إرسال رسالةٍ إلى من تتحدث إليه بأنك شخصٌ عمليّ بحت ولا يهمك إلا مصلحة العمل ولا مجال للخلافات الشخصية في شكواك.
عرض المشكلة
تعرض المشكلة باختصارٍ واحترافٍ متجنبًا التفاصيل الأميل إلى الصبيانية أو التفاهة ومركزًا على النقاط الأساسية والجوهرية، عرض المضمون بشكلٍ واضح وإظهار ميلك إلى الحياد أثناء عرضك رأيك ورأي أو تصرف الطرف الآخر والتركيز على أهمية شكواك لصالح العمل.
الأخلاق
الأخلاق عاملٌ مهمٌ وفعال فلا تلجأ إلى التعرض للطرف الذي تشكو منه أمام رئيسه بالألفاظ أو التلميحات ولا تقلل من شأنه فهذا يضعف موقفك، التزم الأدب وأظهر احترامك للآخر حتى مع معارضتك له.
عرض المشكلة بدون حلول
اعرض مشكلتك وخلافك بدون حلولٍ أو اقتراحاتٍ لصاحب الرتبة الأعلى، اكتفِ بانتظار رده ورأيه وإذا كنت غير متفقٍ معه أظهر موافقتك ثم اعرض نقاط اعتراضك بتواضع، لا تقترح حلولًا إلا حين يطلب منك.
لا تكن كثير الشكوى
وفي الأساس ومن البداية لا تكن كثير المشاكل أو الشكوى والتذمر، اهتم بعملك وتطويره وتحسينه ولا تلجأ للشكوى إلا في الحالات القصوى التي يستحيل معها المتابعة أو التي تمس العمل بشكلٍ مباشرٍ وتؤثر عليه.
وطالما قدمت الشكوى فكن على استعدادٍ لتقبل النتيجة وتحملها مهما كانت طالما ظلت في مصلحة العمل.
