تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » الشخصية » الشخص النمام : كيف تتفادى مصائب الأشخاص كثيري النم والثرثرة ؟

الشخص النمام : كيف تتفادى مصائب الأشخاص كثيري النم والثرثرة ؟

نصادف في حياتنا أشخاصًا لا يتوقفون عن الخوض في أعراض الآخرين، ونجهل الطريقة المثلى للنجاة من أخطارهم، لذلك تابع أهم نصائح التعامل مع الشخص النمام .

الشخص النمام

الشخص النمام هو شخص كثير الكلام عن أخبار الناس وأسرارها. لا يجلس إلا ويتكلم مع شخص غير موجود بالجلسة، ولا يسمع قصة إلا ويرويها إلى الجميع. بل ومن أجل وضع حبكة متينة وتشويق جديد، يضيف إلى القصة الأصلية الكثير من التفاصيل الوهمية التي لم تحدث سوى في مخيلته. كيف تتعرف على الشخص النمام؟ وكيف تستفيد منه وتتفادى مصائبه؟ كلها أسئلة نجاوب عنها هنا في هذا المقال المشوق عن الشخص المنام.

أهم نصائح التعامل مع الشخص النمام

كيف تتعرف على الشخص النمام؟

في العادة، أغلب النمامين من النساء، وذلك بسبب الفراغ الكبير لديهن ومتسع في الوقت طويل. تلجأ السيدات إلى النميمة لمليء فراغ يومية، خاصة إن كانت غير عاملة وسيدة منزل ولديها الكثير من الصديقات. ورغم ذلك قد تجد بعض النمامين الرجال، وذلك بسبب التقدم في التواصل الاجتماعي وأصبح أكثر سرعة في نقل الأخبار والأحاديث، خاصة الأحاديث الجانبية في العمل. السمة الغالبة على النمامين هو فراغ الوقت، إن كان رجلاً أو امرأة، حتى يكون له متسع من الوقت ليسمع ويحكي. ولكن تلك الصفة الذميمة يمكن أن توجد في شخص عامل وليس لديه متسع من الوقت أبدًا، لمجرد أنها عادة سيئة لا يستطيع التخلص منها.

معرفة الشخص النمام ستأتي بالمراقبة وسماع أحاديث هذا الشخص في مواقف مختلفة. راقب أهم المواضيع التي يحب أن يفتحها هذا الشخص، فإن وجدتها غالبًا تتعلق بأشخاص غير حاضرين، فتأكد من كونه شخص نمام. أما إن كان الحديث بشكل عرضي فقط عن بعض الأشخاص ولا يتكرر الأمر كثيرًا، حينها تصبح غير متأكد من ظنك فيه. ثاني أهم ما قد تلاحظه على الشخص النمام، أن أخباره على الناس غالبًا تكون أخبار غير محببة ويتكلم عن الناس بسوء ويتكلم في أسرارهم. أما المتكلم عن الآخرين بالخير فقط ويذكر محاسنهم، ويتجنب الكلام في أسرار بيتهم وحياتهم، فهو بالتأكيد غير نمام.

من أين تأتي صفة النميمة؟

النميمة صفة وطابع مثل أي شيء صفة عادية في الإنسان. وتنمو عن طريق الاكتساب من المجتمع. ولذلك تكثر بين النساء من كثرة الجلوس في مجالس النساء الأخريات وكأنها عدوى. يشب الطفل أو الطفلة وسط مجتمع معتاد على النميمة والحديث في أسرار بيوت الآخرين، وبالأخير يقولون لهذا الطفل ألا يخرج ما يسمع خارج نطاق المجلس، ولكن الأوان قد فات على النصيحة. بعض المجتمعات تنتشر فيها هذه العادة أكثر من غيرها. وبالنسبة إلى مجتمعنا العربي فهو بالتأكيد بين أوائل المجتمعات التي تجد في النميمة مصدر جميل وساخر للأحاديث الجماعية والفردية. وذلك لأن مجتمعنا العربي يتميز باحتياج الفرد إلى العلاقات الاجتماعية أكثر من غيره، ومع الاجتماعية المفرطة وعدم الاهتمام باختيار الأصدقاء الجيد، تنتشر النميمة وتنمو وتصبح أمرًا طبيعيًا. كلما كان المجتمع جاهلاً أكثر ولا يمتلك المفاهيم الصحيحة عن إقامة علاقات اجتماعية جيدة وناضجة، كلما زادت النميمة كمصدر للمعلومات.

يمكن أن يصبح الشخص نمامًا في أي سن، ولكنها تزيد أثناء فترة المراهقة بسبب الفضول والعطش للمعرفة المتزايد. يزيد الأمر كلما تقرب الشخص من أخر يشجعه على اكتساب تلك العادة. بعض الأشخاص يمارسون النميمة وكأنها نوع من الفنون ولها مهارات، ويتفاخرون بقدرتهم على معرفة أسرار الجميع ولا يُخفى قصة عليهم. وبالفعل قد تجد شخصاً قادرًا على أن يحكي لك تاريخ شخص يعرفه بالكامل، بل ويحكي لك عن أبوه وأمه وميلاده وبلدته وما يريد من هذه الحياة وإن كان ينوي أن يتزوج، إلخ. لا يهدأ الشخص النمام إلا عندما يعرف أسرار وتفاصيل أي شخص يتعرف عليه لأول مرة. ولأن النمامين يعرفوا بعض فهم يمتلكون مخزنًا لا ينضب من المعلومات عن الجميع، وكأنها شبكة عنكبوتية من البشر.

فوائد التعامل مع الشخص النمام أو أن تكون واحدًا منهم

أود أن أقول أولاً إنني لا أشجع أبدًا على النميمة، وكل الفوائد القادمة هي في الحقيقة أضرار وأفعال خاطئة ضد المبادئ السليمة. من فوائد التعرف على شخص النمام هو قدرتك على معرفة تفاصيل وتاريخ أي شخص ترغب في التعرف عليه. فيوفر عليك عناء البحث عنه أصلف وفصله، وعناء التعرف على شخص رديء الشخصية وسيء الطباع. كما إن الشخص النمام مسلي جدًا في أوقات الفراغ بسبب قصصه التي لا تنتهي. وبالفعل مع الأسف، النميمة لديها جاذبية كبيرة، لأنها تشبع فضولك عن الآخرين.

جاذبية النميمة تكمن في إحساسك بالقوة. الاستخبارات الأمريكية من أقوى المؤسسات في أمريكا بل في العالم كله، بسبب قدرتها على معرفة أسرار الجميع وتفاصيل حياتهم. المعرفة قوة، وبها تستطيع إخضاع أي شخص إن وددت أن تبتزه. الشخص النمام هو أيضًا الوحيد القادر على تنبيهك إن كان هناك شخص يتمنى لك الشر وينصب لك مكيدة. في قصص النميمة تجد الحكم والعبر والخبرة، لأنك تعرف ما تعرض له الآخرين من مواقف سيئة أو جيدة وكيف تفاعلوا معها وما كانت النتيجة.

أضرار التعامل مع الشخص النمام

لك فائدة سابقة أضرار جسيمة قد لا تلاحظها إلا بعد فوات الأوان. فقد يعرفك النمام على من تود أن تعرفه، ولكنه قد يعطيك معلومات خاطئة جدًا. أن تعطي أذنك لشخص يأتي بمعلومات من فم أشخاص آخرين، وفي كثرة التنقل سيتم إضافة أو حذف معلومات قيمة بالتدريج، لتصلك في الأخير صورة مشوهة وغير حقيقة عن الشخص الأخر. هذا ليس عيبًا في البشر بل هي طبيعية وفطرة وذاكرة خداعة. قد تظن في الآخرين شرًا وهم لا يستحقون ذلك منك إذ يكنون لك الخير والمحبة فقط. وقد توقف تعاملك مع شخص كان ليكون صديق جيد ووفي، لمجرد أنك سمعت عنه كلامًا لا يليق وهو غير صحيح. تشويه السمعة من أهم مخاطر الشخص النمام، وفي مجتمعنا العربي، السمعة شرف للفرد فيه.

قد يكون الشخص النمام ممتع للجلوس والحديث معه، ولكنه في نفس الوقت سيجعل أذنك سلة قمامة. أنت تسمح له بأن يضع في رأسك أفكار وأحاديث كثيرة لا تليق بشخص راقي ومتحضر، أنت بذلك تنافي المبادئ السليمة للأخلاق. ليس عليك أنت تلعب تلك اللعبة القذرة التي تلعبها مؤسسات أمريكا في ابتزاز الآخرين، الأمر أبسط من أن يتسخ عقلك وتتسخ يداك. أما الضرر الأكبر من كل ذلك، هو أنك ستتحول بالتأكيد إلى شخص نمام مثله. بدون أن تشعر ستجد نفسك تنجذب لفكرة نقل الأقاويل، وقد تظن وأنت تفعل ذلك أنك تفعل خيرًا فمن أمامك. عادة النميمة عادة قوة وتتحكم في الإنسان بسرعة ولا يتخلص منها ببساطة، فحاول أن تبعد نفيك عن اكتسابها.

التقرب من الشخص النمام سيجعلك مثله بالتأكيد، لأن الصديق يتطبع بطباع صديقه، والطباع السيئة أسهل في التنقل والاكتساب. كما أن كثرة الجلوس والحديث معه ستجعل لسانك يذل بالتأكيد لتحكي له عن أسرار أُتُمنت عليها من قبل شخص أخر، وبذلك فأنت تخون من باح بسره لك ووثق فيك. كما ستحكي أنت بالتأكيد في يومًا ما عن أسرارك، لتصير قصة ضمن قصص الشخص النمام، تتناقل على كل لسان.
كيف تتجنب مصائب الشخص النمام؟

لا تحكي أبدًا أمامه عن أي سر يخصك أو يخص غيرك

الحفاظ على الأسرار نعمة كبيرة لا تتخلى عنها. فإن كنت لا تثق ولو قليلًا بمن أمامك فلا تخرج كلمة من فمك عن حياتك الشخصية أو حياة شخص عزيز عليك. أنا أعلم ذلة اللسان سهلة وقد تسهو وتتكلم بدافع الطيبة وبراءة قلبك. لكنهما لن يوصلوك إلى مكان جيد. الكلمة التي تخرج من فمك لم تعد سرًا من وقتها، السر هو ما تعرفه أنت فقط والقليل من أفراد عائلتك المشتركين معك في الأمر. علم نفسك ولاحظها جيدًا، فكر للحظة قبل أن تتكلم ما إذا كان الكلام مهمًا أم لا داعي لقوله. وإن شككت للحظة بأنه لا داعي من كلامك، فلا تتكلم أفضل لتحمي نفسك وسمعتك.

اقطع العلاقة السيئة

علاقتك مع الشخص النمام هي المشكلة من البداية. فحين تنهيها تتخلص من أصل المشكلة ومصائبها معًا. لا تنخدع بالمظاهر، فقد يكون من خلف ظهرك يتكلم عنك بالسوء ويروي قصصك في أحاديث السمر. أنا لا أشجعك أن تفقد حسن ظنك في الآخرين وتهاجر الكل من حولك. إنما اختار أصدقائك بعناية، لأنهم مرآة لك، وستشترك معهم في طباعهم وأفكارهم. اختر من تود أن تكون مثله في الطيبة والأخلاق الحميدة والمبادئ الجيدة.

لا تسمع ولا تنقل ما يُقال

احذر مما تسمعه من الشخص النمام، بل اعتبر أن كل ما يقوله خاطئ وغير صحيح. الإنسان لا يعرف غيره الإنسان إلا بعد أن يعاشره ويتعرف عليه من قرب وبنفسه. لا تعتمد على رأي أي شخص في شخص أخر. ولا تنخدع أيضًا بجمال سيرة الناس التي قد تخرج من فم الشخص النمام، لأنه في أغلب الوقت لا يعرف إلا أمثاله. وإياك أن تنقل ما تسمعه من النمامين فأنت بذلك تشارك بأذية إنسان قد يكون برئ. إن لم تكن متأكدًا تمامًا مما تقوله بنفسك فلا تقوله. ما تسمعه أخرجه من أذنك قدر المستطاع، فتنظف أذنك وعقلك من الكلام الباطل، وتحمي لسانك من قوله مجددًا وتشويه سمعة الآخرين.

اشغل نفسك فلا تدع مجالاً للنميمة

الوقت عامل مهم جدًا في اكتساب طابع النميمة السيئ. إن كنت تريد أن تحمي عقلك وذهنك من الأفكار والعادات السيئة، إذًا لا تدع لها مجالاً من البداية. الحياة بها الكثير من الجمال والاهتمامات المفيدة المغذية للروح والعقل، تستطيع أن تشغل بالك بها. استثمر وقتك الضائع في النميمة في تعلم شيء مفيد يفيد حياتك.

من أكثر المجالس التي تطول فيها النميمة هي مجالس الانتظار. سواء تنتظر دورك في البنك أو عند طبيب أو عند الحلاق، وخاصة الحلاق لأنه يقضي يومه بالكامل يسمع من هذا وينقل الكلام إلى ذاك. اجعل معك دائمًا في هاتفك أو حقيبتك كتاب ممتع ومفيد، أو حتى مجموعة من الفيديوهات الممتعة المضحكة التي تغنيك عن التكلم مع النمامين في الجلسة. سلي وقتك في أشياء ممتعة وغير مؤذية على الأقل إن لم تتحمل المفيد منها.

إن كنت شخصًا نمامًا

إن كنت من الأشخاص النمامين رغم أنك تريد التخلص من تلك العادة ولا تستطيع فكان الله في عونك. إن كنت حقًا صادق في رغبتك، فاطلب من شخص عزيز عليك أن يراقبك لينبهك كلما غلبتك العادة للتفوه بأسرار الآخرين. اطلب أيضًا المساعدة من طبيب نفسي متمرس لأن الأمر حقًا مدمر للعلاقات ولسمعتك وسمعة الآخرين، فالناس لا تحب النمامين وتتكلم عنهم بالسوء خلف ظهورهم لأنهم يعلمون مصائبهم. ولن تتمكن من امتلاك صديق عزيز بالحق إلا حين تنتهي من النميمة. حاول التفكير في كلامك قبل نطقه، وفكر في النصائح الماضية لتحاول تجنب الشخص النمام بداخلك أيضًا.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

خمسة × 2 =