الشخص الحساس هو من أصعب الشخصيات التي قد تتعامل معها، وذلك لطيبته الزائدة وحساسيته تجاه أي كلمة قد تقولها بالخطأ أو عن مزاح. ومع ذلك فهو محبب جداً بين الجميع لأنه بسيط ولا يكن الأفكار السيئة لأحد لأنه في الحقيقة يتكلم بكل ما يفكر فيه. في مقالنا سنتكلم عن من هو الشخص الحساس، ولماذا يصبح الإنسان هكذا؟ وكيف يمكنك أن تتعامل معه حتى لا تكون سبباً في جرح قلبه وتخسره.
دليل التعامل مع الشخص الحساس بشكل صحيح
من هو الشخص الحساس؟
يتميز الشخص الحساس بعدة صفات وقد تكون جيدة أو لا حسب الموقف وطريقة التعامل معه.
أولاً: يجرح بسرعة من أقل كلمة
الشخص الحساس هو من لا يحتمل أي كلمة صغيرة تُقال في حقه، حتى ولو على سبيل المزاح. سواء كان قائل الكلمة مقرب إليه أو بعيد فهو يجرح منها. تلك هي مشكلته الأساسية، لأن التعامل معه صعب جداً وبالتأكيد سيأتي يوم وبمزاج غير معتدل تلقي كلمة أنت لا تعنيها وإنما فقط فاض بك الحال من تعبك، وحينها تجده قد نسى كل صداقتكما وتمسك بتلك الكلمة ولم ينساها وتغير في التعامل معك. هو لن يقبل كلمة عليه أو على فرداً من عائلته، فطيبته الزائدة تجعله يحاكم الناس وكأنهم ملائكة، وبالطبع لا يوجد ملاك على الأرض.
ثانياً: يتخذ موقفاً ولا يرجع فيه
كما قولنا فالشخص الحساس يجرح سريعاً، وعندما يفعل ينعزل عن من أذاه ويبتعد عن أي محاولة تعامل معه. حتى إن فعل فسيكون تعامل سطحي وليس كما الماضي. هو متطرف جداً في ردة فعله، وحين يشعر بأي إهانة تجده قام من المجلس وخرج وقرر ألا يعود أبداً لمجالسة تلك المجموعة. المشكلة أن في أغلب المواقف لا يستحق الأمر ردة الفعل العنيفة هذه، ولكن بالنسبة له فهي تستحق وأكثر. هو يضخم الأمور جداً فيشعر بالإهانة فينسحب أو يجاوب هذه الإهانة بشكل أكبر من اللازم. التفاهم معه في ذلك الموقف ليس ممكناً لأنه لا ينظر إلى الأمر بمنظورك أبداً.
ثالثاً: الشخص الحساس متحفظ جداً
كما يشعر هو بالإهانة بسرعة، يعتقد أن الجميع مثله. فيكون متحفظ جداً في كلامه مع الآخرين. ولذلك تجده لا يمتلك علاقات اجتماعية كثيرة في الغالب، فإما هو تركها أو أنه لا يمتلك القدرة والجرأة لإقامتها من الأساس. لا يمكنه اختراق من أمامه بسهولة ولذلك ينخدع سريعاً فمن حوله. الشخص الحساس غير ملم بالطرق الاجتماعية التقليدية للتعرف على الآخرين ومن الصعب جداً أن يبدأ حوار مع أحد لأنه يحترم الخصوصية ويبتعد فور إحساسه بأنها تخطاها ولو بشيء بسيط. قد تجد في ذلك التحفظ فائدة وراحة لو تعاملت معه.
على سبيل المثال ستجد المرأة لا تريد لأحد أن يرى أطفالها أو بيتها وزوجها لأنها تخاف من أن تسمع كلمة تضايقها، فلا تسمح لأحد بالاقتراب من الأول، وهذا يفقدها علاقات اجتماعية قوية لتكون كل العلاقات سطحية. لأن الشخص الحساس هو في الأساس شخص غير واثق من نفسه فيبتعد عن كل ما يتوقع أن يؤذيه. كثرة هذا التوقع يجعله متأهب ومتوقع حدوث إهانة من الجميع إلى ذاته، فيراها في أقل كلمة ويقدم لها رداً في غير محله.
رابعاً: ما في قلبه يقوله كالطفل
من نعم ومساوئ التعامل مع الشخص الحساس في ذات الوقت، هو بوحه بكل ما في قلبه بشكل صريح بدون تفكير مسبق. هذا هو الشخص الحساس دائماً ما بين متحفظ ولا يريد الكلام وما بين بساطة التفكير والبوح بأفكاره الناقمة على الآخرين أو الغاضبة من الواقع الذي يعيش فيه. هو لا يستطيع أن يسكت ودائماً يروي ما في قلبه تجاه الآخرين وتجاه ظروفه ومشاكله. أنت بذلك ستدرك أنه لا يكن لك الشر لأنه بالتأكيد سيقول ذلك أمام وجهك، ولكنك لن تسلم من كثرة تكراره لمشاكله وتعبه فهو دائم الشكوى والأنين.
الشخص الحساس سريع الغضب ويطلق غضبه في مسبب هذا الغضب بالأخص لو كان فرد من عائلته. سيعلو صوته ولا يخاف من أن يسمعه الجيران. لا يعطي للأمور نصابها الصحيح ولا يتعقل ويفكر قبل أن يتكلم. إن اضطررت يوماً لغلق الهاتف معه لأنك مشغول بعمل مهم سيعتبر هذا إهانة إلى ذاته وكرامته، فلا يفكر أبداً أنك بالحق مشغول ولديك سبب وجيه للاعتذار عن المكالمة، وغالباً لن يعاود الاتصال بك أبداً مرة أخرى.
خامساً: تربية الشخص الحساس لأطفاله
من أكثر الأشياء المتعبة في هذه الدنيا هي امتلاك والد أو والدة من الأشخاص الحساسين ومشاعرهم مرهفة. لأن في الوقت الذي تريد منهم أن يساندوك ويتحملوا غضبك وألمك، تجدك متهم بأنك ابن جاحد وغير مقدر لمشاعر أباك وأمك الذين ضحوا بسنين عمرهم في تربيتك. الشخص الحساس يريد لطفله أن يكون إنسان كامل بمعايره هو العالية جداً عن المعايير الطبيعية للبشر. لذلك تجده ومن منذ الصغر ينهر طفله من فعل الحركات الطفولية الساذجة، مصدقاً أن ذاك الطفل يفهم معايره الغريبة.
لا يسمح له بالأكل أمام أي شخص غريب، ولا يسمح له باللعب مع الأطفال إن كان بالمكان القليل من التراب. يريد من الطفل الصغير أن يجلس باحترام الكبار على المقعد ولا يتحرك طوال الجلسة، وإن حاول الطفل البكاء والأنين رافضاً لتلك الأوامر، تجده قد انتهر الطفل وبشدة ويقول إنه طفل عاص. هو لا يدرك إلا قوانينه ولا يمتلك القدرة على السماح للطفل بسهولة أن يخطئ. رغم أن المجتمع من حوله يرى من لعب الأطفال وتوسيخ ملابسهم ومليء الدنيا بضحكتهم، هو الأهم وهو ما يجعل من الطفل طفلاً بالحق.
لن تسلم يوماً من الأم الحساسة كلما كنت في حالة ضيق وتعب، لأنك لو تأخرت عنها في أصغر شيء تصبح ابناً سيئاً. والمشكلة تكبر حين تكرر أن تتزوج لأنه لن ترى أبداً في زوجتك الصلاح بل كل لحظة وكلمة خاطئة ولو عن سهو، ستكبر لتصير مشكلة كبيرة. سينقلب البيت إلى صراع بسبب شعور الأم بأنها مظلومة من أولادها، رغم أن الحياة وسنتها تسير في اتجاه ترك الفرد لعائلته والزواج إلا إن الأم لا تتقبل ذلك بسهولة.
ما سبب تلك الحساسية الزائدة؟
الشخص الحساس يتكون منذ الصغر بسبب مواقف واجها وتأثر بمن جروحه فيها باستمرار. ووجود أب أو أم حساسة سيسهل اكتساب تلك الصفة بالتأكيد. ذلك الشخص قد تعامل مع كثيرين وأمنهم على نفسيته وهو لا يعلم أن ليس هناك إنسان صالح بالكامل، وبعد أن آذوه فقد الثقة فيمن حوله. ورغم ذلك يظل يكرر نفس الخطأ فيبحث عن الكمال ولا يجده، ولا يتقبل العيوب بشكل طبيعي. فهو لا يتقبل عيوب نفسه من الأساس. جروح الماضي هي من تسبب تضخم منظوره نحو الأشياء المهينة من غيرها، فتجعل نفسيته هشة ولا تحتمل التلاعب بها أبداً، وهو غير مستقر نفسياً.
كيف يمكنك التعامل مع الشخص الحساس؟
الآن أنت تعرف صفات ومشكلات الشخص الحساس، وتعرف من أين تأتي كل مشكلة، وكيف لمشاعره أن تكون هشة ورقيقة جداً ويسهل كسرها. لذلك اتبع النصائح الآتية حتى لا تخسر الشخص الحساس.
لا تستخف بإحساسه
تذكر أن الشخص الحساس لا يفكر بالمنظور الذي تفكر به أنت، فمهما حاولت أن تبرر موقفك أمامه أو تشرح له أن الأمر لا يستحق وأن عليه أن يهدأ من روعه ومن صراخه، فلن يكون الأمر مجدياً. هو مقتنع بأشياء لا تقتنع بها أنت ولذلك ليس هناك جسر متصل بينكما، وكلما أصرت على موقفك وأن عليه ن يفهم، سيتخيل أنك لا تهتم بألمه ومشاعره وتستهين بها ويزيد الأمر سوءًا. أفضل ما يمكن فعله ألا تستخف وتستهين بمشاعره، بمعنى أن تظهر احترامك لغضبه وتقول بأنك تصدق بأنه مجروح لأن هذه حقيقة. لا توافقه على سبب غضبه بل وافقه على جرح مشاعره.
حين يهدأ ويطلق كل ما في داخله ستكون قد اكتسبت ثقة عنده لأنك احترمت مشاعره أولاً. فيكون الوقت قد حان لتفهمه وجهة نظرك بهدوء وأنت حذر جداً في عرض فكرتك. فلا تقول بأن غضبه لم يكن في محله، بل قول إنك لم تود أبداً أن تؤذي مشاعره وأنك لم تصدق ما فهمه أبداً. بتلك الطريقة والكلام الطيب الهادئ سيتقبل كلامك لأن قلبه طيب. اصبر حتى يهدئ تماماً ومهما تكرر الأمر لا تيأس منه، ويوماً ما قد يفهم ويغير ردة فعله في المواقف المشابهة التي ستمرون بها.
ابتعد إن لم تكن قادراً على تحمله
إن كنت ترى في نفسك شخصاً لا يستطيع التعامل مع الشخص الحساس، فوفر على نفسك وعليه العناء ولا تتقرب له وتوطد العلاقة به. بعض الأشخاص يحبون كثرة المزاح على تصرفات الآخرين، ويرون في ذلك أمراً عادياً ولا داعي للحساسية الزائدة، هذا الأمر لا يصلح أبداً مع الشخص الحساس. اختر أصدقائك حسب ما يناسبك في حدود حرية التعامل، لأن من يشبهك هو من سيريحك في طرق التعامل لأنه يتفهمك دون شرح.
كن صريحاً ومباشراً
تعامل مع الشخص الحساس كما يفعل هو، أي بطريقة مباشرة وصريحة، فهو يأخذ كلامك على محمل الجد. سأروي لك مثال للتوضيح: إن اتصل بك هذا الشخص ليطلب منك الإذن بالزيارة في بيتك، وأنت في الحقيقة مشغول ووقتك قصير. من باب الذوق ستقول له أن يتفضل وتأمل في ألا تطول الجلسة. ولكن الجلسة قد طالت بالفعل وأنت ستتأخر عن ميعادك. هنا تكون قد أوقعت نفسك في مشكلة بنفسك، فإن قلت له أنك مشغول ستجرح مشاعره ولا تداويها بسهولة، وإن لم تفعل تتأخر عن ميعادك، ومن حسن نيته هو فيك فهو لا يدرك الحقيقة.
هنا المشكلة بالأساس هو أنت، لأنك لم توضح حقيقة مشاغلك من الأول بطريقة مباشرة وصريحة، تحترم فيها مشاعره في نفس الوقت. فكان عليك من الأول أن تقول إنك تتمنى حضوره ولأنك تعتذر عن عدم قدرتك على استقباله، ومن باب الذوق ستحدد في نفس المكالمة ميعاد مناسب أخر لتظهر حسن نيتك. لا تضع نفسك من موقف حرج، وهو وقتها سيقدر صراحتك لأني كما قلت قبلاً هو لا يريد التعدي على خصوصية الآخرين ومتحفظ جداً.
إن كنت شخصاً حساساً
أنت تعرف حقيقة نفسك ولا تحب كثرة إحساسك بالإهانة بشكل يستغرب منه الجميع سواك. فأنت هنا في بداية الطريق نحو التطوير من نفسك. اطلب المساعدة من طبيب نفسي واقرأ كثيراً عن الثقة بالنفس. حاول ألا تجعل غضبك يثور لتترك المكان أو تصرخ في الجميع من أقل كلمة. فكر جيداً قبل أن تكرر ما إذا كان الأمر بالفعل إهانة إلى ذاتك أم أنه مزاح أصدقاء. إن كنتِ أم وتريدي لأطفالك المثالية فحاولي أن تراجعي نفسكِ، تقبلي طفلك وعامليه على حسب سنه. وثقي أن في يوماً ما سيترك هذا الطفل حضنكِ لأنها سنة الحياة ليس إلا.