في كثير من الأحيان يكون بالعائلة أكثر من شاب وهناك شاب يكون طبيعي في نضوجه ووصوله إلى مرحلة الجامعة ومنها إلى مرحلة ما بعد ذلك، ولكن هناك أحياناً يكون نوع أخر من الشباب ويكون مختلف عن الطبيعي وهو الشاب المتوهم والذي يكون عادة شاب حالم زيادة عن اللزوم، بمعنى أخر شاب لا يعطي الواقع انتباهه ويركز دائماً على أشياء في عقله قد تبدوا للبعض أشياء طفولية وقد تبدوا للآخرين نوع من أنواع المرض النفسي أو الجنون. وعادة يكون الشاب المتوهم مصدر ضوضاء في عقل أبويه لسبب بسيط لأنه ابنهم ولا يمكن أن يتخلوا عنه وفي المقابل هم لا يعرفون كيف يتعاملون معه، حيث مثل هذا النوع من الشباب عادة يكون وحيداً أو إما لديه نفس النوع الذي يشبهه من أصدقائه وفي هذه الحالة يكون الحمل كبير على العائلة، إذا إنهم يعتبرون أن أصدقائه هم السبب وتبدأ المشاجرات في أن يبتعد عن أصدقائه الذين يسحبونه للأسفل. فمثلاً يكون فتى لديه من العمر خمسة عشر عاماً ويتفق مع فتاة أخرى أصغر منه في الصف الثاني الإعدادي على الزواج ويقول الفتى لأهله أنه يريد أن يتزوج هذه الفتاة ومن ثم يصدم الأهل ببساطة لأنهما ما زالا هما الاثنين صغار جداً على هذا القرار، فكيف سيتعامل الأهل مع مثل هذه المواقف ولا سيما أنه مازال صغيراً وغير مدرك إن الزواج معناه تحمل مسئولية، فكيف سيتحمل مسئولية فتاة في الصف الثاني الإعدادي وهو في الصف الأول الثانوي، ولازال يدرس ولا يمتلك مصدر دخل؟ كل هذا سيأتي لذهن أي شخص ولكن ما لا يعلمه الآخرين أن هذا الشاب وهذه الفتاة لا يهتمون بل هما حالمين لدرجة الوهم ولذلك تابعنا في هذا المقال حتى تفهم كيف تتعامل مع الموقف.
دليل التعامل مع الشاب المتوهم
لا تصدمه
الشاب المتوهم لا يجب أن تتعامل معه بفكرة الصدمة وكذلك لا يجب عليك أن تقسو عليه حتى يصحوا من الحلم الذي يحلمه، ببساطة لأنه واعي وكبير ومدرك والصدام مع أحلامه ستولد في الأخير عناد ولا سيما في سن المراهقة. ولذلك غالباً الصدمات أو الصراخ أو العناد مع هذا السن ليس له قيمة أو لزوم لأنه سيؤدي إلى مفعول عكسي، وأكبر دليل على ذلك وجود الكثير من كتب التعامل مع المراهقين تنصح بفكرة النقاش وليس الفرض. ولكن للأسف أحياناً كثيرة يكون رب المنزل سواء الأب أو الأم يعتقدون أنه لازال طفلاً ولا يدركون خطورة هذا السن في عدم النقاش معه ومعرفة أفكاره ومن ثم يفاجئون بشيء كبير حدث من وراء ظهرهم وهم لا يعلمون وبعد ذلك يلومون أنفسهم أنهم لم يلتفتون له من قبل وانهم قصروا في حقه. ولذلك عليكم كأب وأم أن لا تصدموهم ولا أن تتجاهلوهم بل أن تناقشوهم.
حاول إقناع الشاب المتوهم
فالشاب المتوهم ليس كما يعتقد البعض أنه أعمى بل الحقيقة أنه لم يعجب بالواقع ولم يقتنع بالحياة التي عاشها طوال هذا الوقت الذي عاشه، حتى لو كان بالنسبة لكم وقت صغير ولكنه بالنسبة له فهو حياته بالكامل وله الحق تماماً أن يقتنع أو لا يقتنع، وخصوصاً إن كانت الحياة الأسرية غير مستقرة وهناك مشاكل دائمة، فغالباً الفتى أو الفتاة لا تكبر بنفسية سوية بل بنفسية تريد الهروب من المشاكل إلى عالم جميل مثالي. ولذلك لديهم وجهة نظر وهنا نقطتنا حيث أنه يجب أن توضح له وجهة نظرك بصورة تناسبه فالشاب المتوهم ليس قطعة صخر بل هو إنسان عادي جداً لذلك النقاش والإقناع والكلام معه كثيراً بصيغة الصداقة هو شيء مفيد لكما أنتم الاثنان. وأعلم أنك تقول إنه لا يستمع ولكن الحقيقة أنك كأب أو أم لم تبذل مجهود كافي ولا سيما الشرقيين لأن كبرياء الأب والأم يمنعهم من التحدث مع الأبناء بصورة بسيطة، فالأب الشرقي يريد أن يظل في عيني ابنه طول الوقت أب وليس صديق، ولذلك غالباً هذا لا يؤتي بثماره مع المراهقين. في حين أنك كأب لو تخليت عن هذا الكبرياء وتحملت غباء هذا السن وحماقاته ستجد أن ابنك أو ابنتك تعلق بك جداً لأنك الوحيد الذي تحتمله ولا تلفظه مثل الباقين وهذا في حد ذاته لن يحدث سوى بالتحدث والكلام والنقاش والمشاركة في كل شيء حتى تصبحان نوعاً ما أصدقاء مع فارق السن والخبرات. وهنا ستجد نفسك أصبحت مثل سوبر مان بالنسبة لابنك وليس مجرد أب لأنك تحتمله وفي نفس الوقت تصادقه وفي نفس الوقت هو يرى فارق المعرفة والخبرة في أفعالك وعملك فيندهش أنك رائع وقوي ومتحكم في كل شيء، ليتحول الأمر من فتى مراهق معاند إلى فتى يرى أنك قدوة له ويريد أن يصبح مثلك لمجرد أنك تخليت عن كبريائك الأبوي وتنازلت لمستواه وتناقشت وتحاورت معه فيما يهتم هو به.
احترم مشاعره
الشاب المتوهم وأيضاً الشابة أو الفتاة المتوهمة عليك وأنت تتعامل معهم ألا تستعمل مبدأ السخرية بل أن تحترم مشاعرهم بشكل مرموق ومحترم حتى تصل إلى غايتك في تصحيح الوهم الذي يعانون منه. بالأخص الفتيات حيث أنهن في الغالب يقعن في مشاكل كبيرة بسبب عاطفتهن الساذجة وقلة خبرتهن في الحياة، ولكن على الرغم من ذلك لا تستعمل أبداً السخرية أو التقليل مما يشعرون به لأن ما يشعرون به كبير جداً ومهم جداً ويتملك ذهنهم وجسدهم بالفعل وليست مجرد مبالغات هم يفعلونها أو يقولوها. فمثلاً عندما تبكي الفتاة وهي تتكلم مع أمها في حديث ما لا يجب على الأم أن تصرخ بها وتقول لها كفي عن البكاء، في هذا التفصيل ستنكسر الجسور بين الأم والفتاة وبخطأ الأم وليس الفتاة لأنها لم تحتوي الفتاة، فالاحتواء هو القضية الأساسية والأهم في التعامل مع هذا السن ومع الأوهام عموماً، حيث أن هؤلاء الشباب جيدون وقادرون فعلاً على التعلم والاستفادة من أخطاءهم لذلك لا تكسروهم في سنهم الصغير ولا تتجبرون عليهم لأنهم لا زالوا لا يفهمون ولا حتى يعرفون كيف يسيطرون على أنفسهم. ولذلك لابد لكم كأولياء أمور أن تتعاملوا معهم بحكمة وليس بسخرية وشدة لأن هذا في الأخير سيتحول داخلهم إلى عناد وستصبح في نظرتهم عدو لأنك لا تفهمهم ولا تفهم ما يعانونه حتى. لو كان ما يعانونه بالنسبة لك تفاهة ولكنه بالنسبة لهم مهم يجب أن تدرك ذلك، يجب أن تفكر بعقليتهم هم لا بعقليتك وعمرك أنت حتى تفهم كيف تتعامل معهم.
دعهم يجربون في حدود الأمان
وهذه من ضمن الحلول أيضاً وهي أنك ترى الموقف من بعيد وتتعامل معه عن طريق النصح والإرشاد مع الشاب المتوهم ولو رأيت أن هذا سيؤذيه في حدود التعليم فدعه يجرب حتى يعرف في الأخير أنك كنت تريد مصلحته، مثلما تدع طفلك يقع وهو صغير ثم تبتعد عنه وتشجعه على أن يقوم بمفرده حتى يتعلم المشي ومن ثم الجري، افعل ذلك مع المواقف التي ترى أنها قابلة للإصلاح ودعهم يفعلون ما يريدون حتى تتكون لهم شخصية وحتى يثقون فيما بعد فيما تقول ويعرفون قيمة الخبرة التي تمتلكها كأب أو أم.
أضف تعليق