منذ بداية صناعة الروبوتات وظهورها في العالم اعتقد كثير من الناس أنها ستكون بديلاً عن الإنسان في القيام بالكثير من الأعمال والمهام حتى أن الفكرة الأساسية لصناعة الروبوتات مستوحاة من خلقة الإنسان، فالإنسان الآلي يتكون من هيكل جسدي ومصدر للطاقة وأجهزة استشعار وحاسوب مسئول عن إصدار الأوامر لكافة الأجزاء في حسم الإنسان الآلي. هذا بالتأكيد يشبه إلى حد كبير المكونات الأساسية التي خلق منها الإنسان من عقل وهيكل عظمي ومستقبلات حسية واحتياجه لمصدر للطاقة. ومع مرور الوقت بدأت الروبوتات بالانتشار بشكل كبير حول العالم مما جعل البعض يتساءل هل من الممكن أن يسيطرالروبوت على العالم الذي نعيشه وهل يمكن لها أن تتحكم في البشر؟
سيطرة الروبوتات على البشر، هل يمكن فعلاً؟
الروبوت الصناعي
يعتبر هذا النوع من الروبوت هو الأكثر انتشاراً ويستخدم في كثير من الصناعات حيث تعتمد عليه المصانع بشكل أساسي في صناعة منتجاتها وتركيبها. يتكون هذا الروبوت الذراع أو الصناعي من سبعة أجزاء متصلة ببعضها البعض عن طريق ستة مفاضل. أما طريقة عملها فهي تعتمد على نظام ضغط الهواء أو ما يعرف بالنظام الهيدروليكي ويتضمن هذا الروبوت مستشعرات ليتمكن من التحرك بسهولة ودقة كبيرة، ويتحكم في الذراع حاسوب يتم عليه تحميل المهام المراد تنفيذها والبرمجة اللازمة لذلك لينطلق بعدها الذراع في تصنيع المنتج بدقة متناهية وسرعة غير مسبوقة. ويعتبر هذا الذراع خطوة كبيرة تمهد لأن تسيطر الروبوتات على وظائف البشر، ويتم بسببها تسريح الكثير من العمال في المصانع حيث أن هذا الروبوت يشبه بشكل كبير ذراع الإنسان الذي يعمل في المصنع إلا أنه أكثر دقة وقوة وسرعة من البشر كما أنه يعمل دون توقف، مما جعل كل المصانع تستبدل العمالة البشرية بهذه الآلات لتزيد من قدراتها الإنتاجية وبالتالي تحقق معدلات كبيرة من الربح. يستخدم هذا النوع من الروبوت بشكل أساسي في مصانع السيارات حيث أصبحت ذات شهرة كبيرة في هذا المجال. كما تستخدم أيضا في عمليات التغليف والتعليب إضافة إلى العمليات الدقيقة مثل تجميع الأجهزة الإلكترونية وذلك بسبب دقتها الكبيرة في تركيب الأجزاء في أماكنها المطلوبة.
الروبوتات المستقلة
ربما يكون الشكل السابق من الروبوتات الذراعية هو شكل بسيط من الروبوتات حيث أنها تتحرك في حيز محدود وتقوم بمهام محددة تقوم بتكرارها مرة تلو الأخرى كما أن البرمجة الخاصة بالروبوتات الذراعية هي برمجة بسيطة إلى حد ما وتتسم بالسهولة. ولكن بالتأكيد هناك أنواع أخرى من الروبوتات أكثر تعقيداً مثل الروبوتات المستقلة، حيث تسيطر الروبوتات من هذا النوع على حركتها وتتحكم فيها بنفسها دون الحاجة إلى تدخل الإنسان في ذلك. ربما يكون النوع البسيط من هذه الروبوتات هي التي تقوم بتغيير اتجاهها بناء على أوامر تصدر من المستشعرات التي تنبه الروبوت إلى وجود عائق في طريقه. أما النوع الأكثر ذكاء وتطوراً من هذه الروبوتات هي التي تستخدم أنظمة استشعار متطورة تعتمد على الأشعة تحت الحمراء أو الموجات فوق الصوتية حيث يصدر الروبوت هذه الأشعة ليستكشف الطريق أمامه ويحدد أماكن الأشياء من حوله، تماماً مثلما تقوم الخفافيش، وبناء على ذلك يتمكن من التحرك بسهولة تامة. أما النوع الأكثر تطورا هي الروبوتات المزودة بكاميرات تقوم بتحليل الصور بالإضافة إلى مستشعر روائح لتكون أكثر إدراكاً وذكاء.
وتستخدم هذه الروبوتات بشكل أساسي في عمليات التنظيف داخل المنازل والأماكن الأخرى حيث يتم تزويدها بخرائط عن المكان لتنطلق لتتجول في المجان وتنظيفه. وهناك بعض من هذه الروبوتات تقوم برسم خريطة عن المكان بنفسها سواء بواسطة الكاميرات أو الأشعة تحت الحمراء وبناء على ذلك تحدد المسارات التي يمكن أن تسلكها، وهذه الطريقة معتمدة في الروبوتات التي تقوم باستكشاف الكواكب في الفضاء الخارجي. حيث يقوم الروبوت بمجرد وصوله إلى الكوكب بتصوير المكان واستكشاف الطريق فإن وجد أن الطريق الذي أمامه وعر ويصعب السير فيه يقوم من تلقاء نفسه بالبحث عن طريق آخر ممهد ويسهل عليه سلوكه ويستمر في ذلك حتى ينتهي من المهمة التي تم تكليفه بها سواء جمع عينات من الأحجار المتواجدة على الكوكب أو التقاط بعض الصور لأماكن موجودة على سطح هذا الكوكب ثم يقوم الروبوت بعد ذلك بإيجاد طريقه إلى المركبة الفضائية التي تعيده إلى الأرض. هذا بالتالي يكشف كيف تسيطر الروبوتات على مجالات يصعب على الإنسان أن يقوم بها وخاصة مجال البحث في الفضاء الخارجي.
الذكاء الاصطناعي
ترتبط قدرة الروبوتات ومدى تطورها بشكل أساسي بالذكاء الاصطناعي وهو مدى قدرة هذه الروبوتات على الإدراك والتعلم وهل يمكن أن تسيطر الروبوتات على حركتها وأن تتفاعل مع الأشياء المحيطة بها. دائماً ما يتم مقارنة الذكاء الاصطناعي للروبوتات بذكاء الإنسان ويتساءل العلماء عن إمكانية الوصول بالذكاء الاصطناعي إلى مستوى ذكاء الإنسان البشري. ولكن يبدوا أن هذا الأمر بعيد المنال في الوقت الراهن، فبالرغم من الذكاء الذي وصلت إليه الحواسيب والروبوتات إلا أنها لا تقارن بذكاء الإنسان. فلكي تصل الروبوتات إلى مستوى ذكاء الإنسان لابد أن يكون لديها القدرة على الإدراك والوعي واستقبال المعلومات وتحليلها وإصدار رد الفعل المناسب والتفكير بمنطقية وعقلانية بالإضافة إلى القدرة على التعلم والتطور وبالطبع كل هذا لم يتوصل إليه العلماء حتى هذه اللحظة. ومع هذا لا يمكن إنكار ما وصل إليه الذكاء الاصطناعي من تطور وما تمتلكه الحواسيب من قدرة كبيرة على حل المسائل والمشاكل وتحليل البيانات وكمثال على ذلك قدرة الحاسوب على لعب الشطرنج وتغلبه على كثير من أبطال هذه اللعبة. ومع هذا يقول أحد الباحثين في هذا المجال أن كل ما يقوم به الحاسوب هو تجربة الاحتمالات الممكنة بناء على البيانات الموجودة لديه ففي حين أن الإنسان لا يستطيع أن يعاجل أكثر من مستويين من الاحتمالات فإن الحاسوب يمكنه أن يتعامل مع عدد كبير جدا من الاحتمالات حتى يتوصل إلى أفضل الحلول الممكنة ولكن يبقى كل ما يقوم به الحاسوب هو مجرد وضع احتمالات بينما يؤكد العلماء أن العقل البشري يمتاز بإمكانيات أخرى لم يتوصلوا إليها حتى الآن في تعامله مع المعلومات والاستفادة منها تجعله أكثر ذكاءً من الروبوتات. ومن هنا يتضح لنا أن تطور الذكاء الاصطناعي يعتمد بشكل كامل على مدى فهمنا للذكاء البشري وطريقة عمله والعملة التي يقوم بها العقل لتحيل المعلومات وإدراكها والتفاعل مع المعطيات من حوله، فمن المستحيل أن نصل بالذكاء الاصطناعي إلى مستوى من الذكاء لا نعمل ما هو أو كيف يعمل هذا يشبه الذهاب إلى مكان لا نعمل أي هو.
ربما لا تكون الروبوتات بهذا الذكاء الذي تصوره لنا الأفلام الخيالية من قدرتها على السيطرة على العالم والتحكم في البشر وتحويل العالم إلى مكان تحكمه الروبوتات وتستعبد فيه الإنسان وتسخره لخدمتها، بالتأكيد هذه صورة مبالغ فيها وغير حقيقة ولكن نحن لا نزال على أول الطريق وبالتأكيد ستحتل الروبوتات جزءاً كبيراً من حياتنا في المستقبل وسيعتمد عليها البشر اعتماداً كبيراً بحيث لن يتمكنوا بعد ذلك من الاستغناء عنها كما هو الحال في جميع الأجهزة التكنولوجية مثل الحاسب الآلي والهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية والسيارات والطائرات إلى آخر ذلك من الإلكترونيات التي أصبحت من ضروريات الحياة.
أضف تعليق