تسعة
الرئيسية » تعليم وتربية » تقنيات التعلم » الذكاء اللغوي : كيف يمكنك اكتساب الذكاء في اللغة والحديث ؟

الذكاء اللغوي : كيف يمكنك اكتساب الذكاء في اللغة والحديث ؟

الذكاء اللغوي أو اللباقة في الحديث هي القدرة على فهم التعابير المنطوقة والمكتوبة بشكل أكبر، ومقالنا اليوم يتحدث عن أفضل أساليب اكتساب الذكاء اللغوي .

الذكاء اللغوي

الذكاء اللغوي من أنواع الذكاء التي نستخدمها في حياتنا بشكل يومي تقريبًا، فهو يرتبط ارتباطًا وثيقًا بعملية التواصل التي تحدث بين الأفراد، حيث أن وسيلة هذا التواصل وهي الكلمات، سواءً كانت منطوقة أو مكتوبة، هي جزء من الذكاء اللغوي في النهاية. ولذلك فإن اكتساب وتطوير الذكاء اللغوي يعد ضرورة في حياتنا. وفي هذا المقال سوف نتحدث عن الذكاء اللغوي وأهميته، ومن هم الأشخاص الذين يتمتعون به أكثر من غيرهم، كذلك سنتطرق إلى مسألة اكتساب وتطوير هذا النوع من الذكاء. هيا بنا نبدأ معًا في المقال.

تعرف على أساليب اكتساب الذكاء اللغوي

ما هو الذكاء اللغوي بالتحديد؟

الذكاء اللغوي كما ذكرنا في المقدمة يعتمد على القدرة على استخدام الكلمات بالشكل الصحيح. بدايةً من الكلام البسيط، مرورًا بأي حوارات معقدة يمكن للإنسان أن يخوضها. فالإنسان الذي يتمتع بهذا النوع من الذكاء، يكون قادرًا على التعامل مع الآخرين، والنقاش معهم في أغلب المواضيع، وكذلك يمكن أن يقنعهم بآرائه الشخصية. وأيضًا يجيد التعبير عن المشاعر الموجودة لديه بسهولة. فهو يملك القدرة على اختيار الكلمات الملائمة لأي موقف، ويكوّن الجمل المناسبة طبقًا لطبيعة الشخص الذي يتعامل معه.

كذلك فإن الشخص الذي يمتلك الذكاء اللغوي يمكنه أن يوظفه في الكتابة، حيث أنه سوف يقدر على تكوين جمل صحيحة لغويًا، ومن ثم يؤثر في الأشخاص من حوله بواسطة هذه الكتابة، وينال إعجابهم. أي أن الذكاء اللغوي يمكن توظيفه في جميع مجالات استخدام الكلمات في حياتنا، المنطوقة منها والمكتوبة.

أبرز الوظائف التي تعتمد على الذكاء اللغوي

طبقًا لتعريف الذكاء اللغوي الذي ذكرناه في الفقرة السابقة، فإنه يوجد العديد من الوظائف التي تعتمد بشكل مباشر على الذكاء اللغوي باختلاف الصورة التي يأخذها. وليس شرطًا أن يتمتع الشخص بالقدرة على الحديث، وكذلك القدرة على الكتابة. بل إن ذلك يعتمد على طبيعة الوظيفة، وصورة الذكاء اللغوي لديه. لكن إن وُجد شخص يملك القدرتين معًا فهذا شيء عظيم بالتأكيد.

الكاتب

من أبرز الوظائف التي تحتاج إلى الذكاء اللغوي دائمًا هي وظيفة الكاتب، فالكاتب هو المسئول عن تكوين النص الأدبي الخاص به، باختلاف نوع النص الذي يكتبه، سواءً كان شعر أو قصة أو رواية أو مسرحية أو خاطرة أو مقال.

وكل نوع من هذه الأنواع تكون له قواعد أثناء الكتابة يجب الالتزام بها بالشكل الصحيح، كذلك القواعد الخاصة باللغة يجب أن تكون مضبوطة. وهنا أهمية الذكاء اللغوي لدى الكاتب، حيث أنه يساعد الكاتب في تكوين النص الأدبي الخاص به من الألف إلى الياء. وليس معنى أن الكاتب يجيد شكل معين من الكتابة، أنه يجب أن يجيد كل الأنواع الأخرى، فكل نوع كتابة له قواعده وشكله الخاص به. وإن كان الكاتب يريد العمل به، فعليه أن يقوم بتطوير مستواه في هذا النوع حتى يجيده.

الصحفي

الوظيفة الثانية التي سوف نتحدث عنها هنا هي وظيفة الصحفي، والصحفي هو شخص دائم الاحتياج إلى الذكاء اللغوي بسبب طبيعة العمل الذي يؤديه. فهو غالبًا يكون مطالب بالعديد من المهام اليومية التي تخص الصحافة، وهذا يعني أن عمله مستمر طوال الوقت.

كذلك يحتاج الصحفي دائمًا إلى جذب انتباه القاريء للأخبار التي يقدمها، حتى يحقق النجاح لعمله، وهنا سيكون عليه اختيار عناوين جذّابة لأخباره، وهي قدرة أخرى يأخذها من الذكاء اللغوي بشكل أساسي.

المترجم

على الرغم من أن مهنة المترجم تعتمد في الأساس على إتقانه للغة التي يقوم بالترجمة منها، لكنه كذلك يحتاج إلى الذكاء اللغوي طوال الوقت. فالمترجم لا يقوم بعمل ترجمة حرفية، سواءً كان يُترجم على الورق، أو يترجم حديثًا بين أشخاص. بل يحتاج إلى أن يصيغ الكلمات بأسلوبه الخاص، وتحديدًا أثناء الترجمة على الورق مثل ترجمة الكتب. غالبًا ما يمنعنا عن قراءة الكتب المترجمة هو المستوى السيء للترجمة، على الرغم من أن المترجم يجيد اللغة التي يُترجم منها، لكن المشكلة تكمن في أسلوب الترجمة. ومن هنا فإن الذكاء اللغوي يساعد المترجم على تقديم المنتج الخاص به في أفضل شكل ممكن.

المذيع

المحور الأساسي لنجاح المذيع في عمله هو قدرته على جذب انتباه المشاهدين له. يحدث ذلك بناءً على شخصية المذيع، وتمتعه بالحضور والقبول لدى الجمهور. لكن هناك محور آخر، وهو الذي يجعل المشاهد يستمر في متابعة المذيع، هو قدرته على التحدث وجذبه إلى ما يقول. ويستخدم المذيع الذكاء اللغوي في اختيار الجمل المناسبة في برنامجه، وكذلك يركّز على اختيار الكلمات التي تترك أثرًا كبيرًا لدى الجمهور.

كذلك فإن المذيع غالبًا ما يستضيف في برامجه العديد من الأشخاص، وينظم العديد من النقاشات والحوارات معهم، وبعض هذه النقاشات تكون شائكة. لذلك فإنه يحتاج إلى القدرة على إدارة الحوار، وكذلك اختيار الألفاظ المناسبة للحديث معهم، وهذا جانب من الذكاء اللغوي واستخدامه في النقاش.

المحاضرون

المحاضر هنا نقصد به الأشخاص الذين يتحدثون إلى عدد من الأشخاص، سواءً كان ذلك المحاضر هو مدرب في أحد المجالات، أو دكتور الجامعة في أثناء المحاضرات، أو متحدث معين كالأشخاص الذين يلقون خطابات في برامج مثل Tedx. وفي الغالب فإن المحور الأساسي لنجاح المحاضر هو استخدامه الذكاء اللغوي بالشكل المطلوب، فما يجعل شخص يتميز عن آخر في هذا المجال، هو استخدام الكلمات المناسبة، وكذلك القدرة على إلقاء هذه الكلمات بالشكل المناسب.

أي أن المحاضر غالبًا يستخدم كل الجوانب الموجودة في الذكاء اللغوي من أجل النجاح في المهمة التي يؤديها. وبالتالي يجب أن يكون أكثر الأشخاص اكتسابًا لهذا النوع من الذكاء، وأن يكون حريص دائمًا على تطويره باستمرار.

العلاقات العامة

آخر شخص سوف نتحدث عنه هنا ممن يعتمدون على الذكاء اللغوي هم العاملون في مجال العلاقات العامة. مجال العلاقات العامة يعتمد بشكل أساسي على التعامل مع أشخاص من خارج الجهة التي يمثلها الشخص، وبالتالي فهو مطالب دائمًا بأن يعقد اتفاقيات مختلفة، يحاول الحصول على عروض لجهته. والشيء الأساسي الذي يساعده في فعل ذلك هو استخدام الكلمات بالشكل المطلوب. ودرجة الذكاء اللغوي لدى فرد العلاقات العامة، قد ينتج عنها توفير العديد من الأموال للجهة التي يعمل معها، أو الحصول على اتفاقيات مميزة، لذلك تعتبر من المتطلبات الأساسية في هذا الشخص.

كيف يمكنك اكتساب وتطوير الذكاء اللغوي بمفردك؟

بالطبع توجد العديد من الوظائف الأخرى التي تعتمد على الذكاء اللغوي في تنفيذها، والحق أن الذكاء اللغوي لا يقتصر الاحتياج له على الأعمال التي نؤديها، بل هو شيء نحتاج له باستمرار في حياتنا.

يمكن للإنسان أن يكتسب الذكاء اللغويّ في حياته، فلسنا جميعًا نولد به، لكن يمكن لنا المحاولة بجد لاكتساب هذا النوع من الذكاء. على الرغم من أن الذكاء يبدو شيئًا فطريًا، لكنه كذلك يتأثر بالظروف المحيطة بنا، لذلك توجد العديد من الأشياء التي يمكننا أن نفعلها لنكتسب بها الذكاء اللغوي في حياتنا.

أما الأشخاص الذين يتمتعون أساسًا بهذا النوع من الذكاء، فهم أيضًا في حاجة إلى تطويره حتى تزداد كفاءة استخدامهم له في حياتهم. في السطور القادمة سنتحدث عن أفضل الطرق التي يمكننا الاعتماد عليها من أجل تطوير الذكاء اللغوي لدينا بنجاح. ستكون هذه الطرق مقسّمة إلى نوعين حسب ما تحدثنا، فالبداية ستكون مع الجانب المكتوب، ثم سنتحدث عن الجانب المنطوق.

الجانب المكتوب

يمكننا العمل على تطوير الجانب المكتوب بالاعتماد على العديد من الوسائل. منها ما يخص اللغة بشكل عام، وهذا يعتمد على بحثنا الدائم حول كل شيء يخص اللغة وقواعدها وكيفية كتابتها، وهذا الأساس في اكتساب الذكاء اللغوي من الجانب المكتوب. بعد ذلك يعتمد الأمر على الشيء الذي سوف نستخدم اللغة فيه. فالكاتب مثلًا في مجال الشعر يحتاج إلى تطوير ذاته بشكل يختلف عن الصحفي.

لذلك بالنسبة للأشخاص الذين يمارسون الكتابة الأدبية، يمكنهم تطوير الذكاء اللغوي من خلال ممارسة الكتابة التجريبية لفترات أطول. كذلك من خلال البحث عن أشياء ترتبط بمجالهم، والبدء في التجربة عليها. مثلًا الكاتب في مجال القصة القصيرة، يختار قصة قصيرة ثم يعدل في نهايتها مرة، ويعدل في بدايتها مرة، وهكذا بالنسبة لباقي مجالات الكتابة الإبداعية.

أما بالنسبة للعاملين في مجال الصحافة، فالأفضل أن يحاول هؤلاء تجربة كتابة أخبار صحفية طوال الوقت، وكذلك العامل في مجال الترجمة، يبدأ في ممارسة الترجمة في حياته اليومية بشكل اعتيادي.

هذه الأشياء تساعد في تنمية الذكاء اللغوي بدرجة كبيرة، لأنه من الأشياء المهمة هي ممارسة الشيء باستمرار، والأهم من ذلك أن يقيّم الشخص تجربته ليحدد مقدار تطوره فيها. ثم يعود إلى العمل مرة أخرى حتى يتقن ما يفعل.

الجانب المنطوق

يمكننا كذلك العمل على تطوير الجانب المنطوق من الذكاء اللغويّ بالاعتماد على ممارسة الحديث باستمرار. وأيًا كان نوع الوظيفة التي نتحدث عنها مما ذكرناهم بالأعلى، فلا يوجد شيء يجعلنا قادرين على تنمية مهاراتنا في هذه الوظائف أكثر من التجربة. فالمحاضر على سبيل المثال، إذا سألته عن الفارق بين أول محاضرة ألقاها آخر محاضرة، سوف يجيبك أن هناك فارق كبير جدًا بين الاثنين، لا سيما الفارق في طريقة التحدث أمام الجمهور.

كذلك نجد أنفسنا بدأنا بواسطة الذكاء اللغوي في التغلب على مشكلة الربط بين الجمل في الحديث. لذلك فإن أفضل طريقة لتنمية الذكاء اللغوي في هذه الحالة هي ممارسة أكبر عدد ممكن من المحادثات، سواءً في مجال التدريب، أو في مجال الترجمة، أو حتى في مجال العلاقات العامة.

ويمكن الاعتماد في ذلك على تقنية المحاكاة، حيث يتم وضع الشخص في موقف افتراضي شبيه بما سوف يتعرض له في الواقع، ويُطلب منه أن ينفذ مهامه الأساسية بالضبط. هذا الأمر سوف يساعد كثيرًا في تنمية جانب الذكاء اللغوي لدى الأفراد.

كيف تجمع بين الجانبين؟

نسعى غالبًا إلى اكتساب الجانبين اللذين تحدثنا عنهما في الذكاء اللغوي في حياتنا، وذلك لما فيهما من فائدة كبيرة جدًا. وبالتالي من أجل الجمع بين الاثنين فإن أفضل طريقة لفعل ذلك، هي أن نجعل الممارسة تعتمد على تطبيق الاثنين معًا. فيقوم المحاضر على سبيل المثال بكتابة خطبته بنفسه على الأوراق، ويبدأ في تعديلها وتنسيقها وضبطها بنفسه دون مراجعة من أحد، ثم يمارسها في الحديث دون أي مساعدة من الأشخاص من حوله.

هذا الأمر في رأيي ضروري جدًا أن نحاول جميعًا تطبيقه في حياتنا، وذلك لأن الذكاء اللغوي لو توفر لدينا في حياتنا بكل جوانبه، فإن ذلك سوف يضيف لنا الكثير. الذكاء اللغوي من أكثر أنواع الذكاء التي نحتاج إليها في حياتنا، وضروري أن نحاول دائمًا اكتساب هذا النوع، ومن لديه هذا النوع يجب أن يحاول تطويره أيضًا. فهذا الأمر سوف يعود علينا بالنفع، وعلينا أن نتأكد من تطبيقنا له بشكل صحيح، وألا ندع أي شيء يمنعنا عن فعل ذلك.

معاذ يوسف

مؤسس ورئيس حالي لفريق ثقافي محلي، قمت بكتابة رواية لكنها لم تنشر بعد.

أضف تعليق

4 × 2 =