الذكاء البصري من أنواع الذكاء الشائعة في الحياة من حولنا، والتي يحتاج إليها العديد من الأشخاص في وظائف متعددة. يتيح الذكاء البصري لصاحبه القدرة على رؤية الأشياء بطريقة مختلفة، وكذلك تمييز الصور بشكل متميز عن الآخرين. كذلك فإن الذكاء البصري يمنح صاحبه خيالًا واسعًا في تصور الأشياء، ولذلك حتى مع تقدم الآلات، فإنه ستظل هناك نظرة مميزة لدى المصور الحقيقي عن غيره ممن يستعملون الكاميرات، لأن من يملك الذكاء البصري بالطبع سيكون متميزًا عن غيره. في هذا المقال سوف نتحدث عن الذكاء البصري وكيفية اكتساب هذا النوع من الذكاء، وكذلك أبرز الوظائف التي تعتمد عليه.
دليلك إلى اكتساب مهارات الذكاء البصري
ما هو الذكاء البصري بالتحديد؟
يعتبر الذكاء البصري من أنواع الذكاء التي نستخدمها في حياتنا بشكل دائم، سواءً في الحياة الشخصية أو في الحياة العملية. فمن يملك هذا النوع من الذكاء سوف تجد لديه قدرة عالية على التخيل وتصور الأشياء. كذلك فإنه يتمتع بقدرة كبيرة على ملاحظة الأشياء من حوله. يمكن استخدام الذكاء البصري في الحياة الشخصية في التعامل مع الأشخاص من حولنا، فهو سوف يمكننا من فهم مشاعر الآخرين بمجرد رؤيتنا لتعابير وجههم.
أما في الحياة العملية، فتوجد العديد من الوظائف التي تعتمد على الذكاء البصري بشكل أساسي، ولا يمكن النجاح فيها بدون هذا النوع من الذكاء. يساعدنا الذكاء البصري غالبًا في الشعور بالألوان، ويجعلنا نميز الرسوم المختلفة من حولنا. فمثلًا قد تجد أن هناك بعض الأشخاص يرون أن الألوان جميعها شيء واحد، لكن قد تجد شخصًا يوضح لك أن هناك العديد من الدرجات. والأمر هنا لا يعتمد على حفظ أسماء هذه الألوان، قدر اعتماده على شعور الشخص بأن هذا اللون يختلف عن غيره من الألوان التي يراها في حياته.
أبرز الوظائف التي تعتمد على الذكاء البصري
إذا نظرنا من حولنا سوف نجد أن هناك العديد من الوظائف التي تعتمد على الذكاء البصري كعامل أساسي للنجاح بها. حيث أن هذا النوع من الذكاء مطلوب بشدة في هذه الوظائف، ويعتمد عليه العديد من الأشخاص في حياتهم. أذكر مرة كنت أتحدث مع صديقي، وهو يعمل في مجال التصميم، فأخبرني أن النجاح في التصميم لا يعتمد فقط على إتقان الأدوات، لكنه يعتمد بشكل أساسي على قدرة صاحبه على ابتكار تصميمات جديدة، وهذا يحدث من خلال رؤيته للعديد من التصميمات، وكذلك وجود مساحة للخيال.
عندما أبدأ في التفكير في كلامه بناءً على الذكاء البصري وتعريفه، فإنني سوف أدرك أن الفارق بين شخص وآخر هو في درجة الذكاء لديه، وبالتالي فالنجاح يتوقف على ذلك. وفي الفقرات التالية سوف نذكر أبرز الوظائف التي تحتاج إلى الذكاء البصري من أجل تنفيذها.
المصور
تعتبر وظيفة المصور من أكثر الوظائف التي تعتمد على الذكاء البصري للنجاح بها، وهذا يمكننا أن نراه في الواقع بسهولة جدًا. فالعديد من الأشخاص يملكون كاميرات خاصة بهم، ويجيدون استخدامها بشكل ممتاز جدًا، لكن تظل هناك مشكلة في صورهم، وهي أنه ينقصهم جزء الإحساس في التصوير، أو اختيار اللقطات المناسبة. كذلك فإن الفارق بين شخص وآخر، هو خياله الذي يسمح له بتصوير لقطات لن يلمحها أحد غيره، والمناظر التي تلفت انتباهه ليقوم بتصويرها. كل ذلك يعتمد في أساسه على الذكاء البصري ودرجته لدى الشخص، مما يسمح له باختيار لقطات أكثر براعة من غيره، ولعل هذا ما يدفعنا إلى القول بأن التصوير موهبة في العديد من الأحيان.
كذلك فإن التصوير ليس فقط صور عادية، بل هناك تصوير الفيديوهات، وهي قدرة أخرى كذلك لدى المصور، حيث أن الأمر يتوقف على إمكانياته في اختيار اللقطات المناسبة في الفيديو.
ولذلك ليس ضروريًا أن تجد المصور الفوتوغرافي الخاص بالصور، يعمل في مجال تصوير الفيديوهات، بل قد يكتفي بمجال واحد فقط يمكنه أن يبرع فيه، والعكس صحيح. وقلة هم من يعملون في المجالين بنفس الكفاءة.
المهندس
يحتاج المهندس إلى الذكاء البصري في العمل طوال الوقت، لا سيما إن كان مجال التخصص يعتمد على الرسم أو التنسيق بين الأشياء كمهندس الديكور. وبالنسبة للمهندس فإن المسألة ليست رسمًا إبداعيًا والسلام، بل إن الأمر يحتاج إلى قدر كبير من الخيال من أجل تصور تفاصيل غير موجودة في الوقت الحاضر. فهو يتصورها مثلًا في إطار التصميم الهندسي لمنزل جديد، ويسعى إلى تخيل أدق تفاصيل المنزل داخل الرسم، وهذا يحتاج إلى وجود درجة عالية من الذكاء البصري من أجل النجاح في الأمر، ومن ثم يمكن الاعتماد على هذه الرسومات في العمل.
ونحن نجد في وقتنا الحالي كيف يسعى كل مهندس لاستخدام تقنيات مختلفة في العمل، وكذلك استخدام الخيال في ابتكار أشكال جديدة. مع الأخذ في الاعتبار أن المهندس يكون مطالب أحيانًا بأن يضع تصوراته لمنشآت كبيرة جدًا كالفنادق والكباري وناطحات السحاب، وبالتالي فالأمر ليس سهلًا على الإطلاق، لذلك لدي القناعة حول أهمية وجود الذكاء البصري لدى المهندس بدرجة كبيرة. كذلك لدينا مهندس الديكور والذي مهنته ليست تنسيق فقط كما يظنها البعض، بل هي موهبة أن يضع التصور المناسب للمكان. وهناك بعض الأماكن التي نحب الذهاب إليها فقط، لأن الديكور الموجود في المكان متميز جدًا، وبالتالي فالمسألة تحتاج إلى مهارة من مهندس الديكور حتى يضع التصور الممتاز الذي يجذب الناس إلى المكان.
الرسام
من الوظائف التي تحتاج إلى الذكاء البصري كذلك هي وظيفة الرسام، ولعل هذه الوظيفة أو الموهبة تحديدًا لا يمكن للشخص أن يصير بارعًا بها إلا بأن تكون درجة الذكاء البصري لديه عالية. والرسم توجد له أنواع مختلفة، وكل شخص يتخصص في نوع معين من الرسم. لكن أصعب أنواع الرسم في وجهة نظري هي التي تعتمد على استخدام الخيال في الرسم. فالشخص هنا سوف يحتاج إلى قدرات الرسم العالية، وكذلك قدرات التخيل ليتصور المشهد الذي يريده، ثم يحوله إلى الورق كما يتصوره في ذهنه، وهي عملية معقدة وصعبة جدًا.
وهذه الأشياء هي ما تظهر أهمية الذكاء البصري لدى الرسام، وضرورة أن يكون هذا النوع من الذكاء موجود لديه، حتى ينجح في تنفيذ العمل الذي يريده بالدرجة المطلوبة. وضع في ذهنك دائمًا ما تحدثنا عنه في بداية الفقرة عن أن الرسم له أنواع متعددة، وهناك أشخاص يجيدون نوع محدد من الرسم، لكنهم لا يجيدون النوع الآخر، فالأمر يعتمد في النهاية على القدرات الشخصية لكل فرد.
المخرج
وظيفة المخرج من الوظائف التي تحتاج إلى الذكاء البصري من أجل تصور المشاهد في الأفلام بأفضل شكل ممكن، وهذا الأمر قد يظنه البعض لا يرتبط بنوع الذكاء الذي نتحدث عنه، لكن على العكس، يرتبط به ارتباطًا وثيقًا في الواقع. المخرج يحتاج إلى أن يضع تصوره عن المشهد بطريقة مميزة، ولعل ما يؤكد أهمية الذكاء البصري بالنسبة للمخرج هو رؤيتنا أن هناك أفلام معينة متميزة، فقط بسبب تميز الإخراج الموجود بها. وأن المخرج أجاد انتقاء المشاهد، والأوضاع التي يجب أن تكون موجودة داخل المشهد.
المخرج غالبًا تقع على عاتقه مسئولية كبيرة أثناء تصوير المشاهد بسبب ذلك، لأنه دائمًا ما يكون مطالبًا بانتقاء أفضل مشهد من المشاهد التي يتم تصويرها، كذلك التعاون مع المصورين وطاقم العمل من أجل اختيار الكادر المناسب لكل المشاهد، وهذا ما يؤكد أهمية الذكاء البصري لدى المخرج كوسيلة أساسية للنجاح.
المصمم
آخر الوظائف التي سوف نتحدث عنها هنا هي وظيفة المصمم، وهي تأخذ أشكالًا متعددة. فهناك من يقوم بالتصميمات الاعتيادية كالأغلفة والمنشورات وغيرها، وهناك المصمم الذي يعمل في مجال صناعة الأفلام، وهناك المصمم في مجال الدعايات والإعلان، وأخيرًا مصمم في مجال صناعة الهوية داخل العمل. ويختلف الاحتياج إلى الذكاء البصري من نوع لآخر في مجال التصميم، لأن كل شخص يوظف الأمر لديه حسب وظيفته التي يؤديها، لا سيما وأن كل نوع من هذه المهام يحتاج إلى قدرات مختلفة عن الآخر في التفكير والتنفيذ. فالشخص الذي يعمل في مجال صناعة الأفلام يحتاج إلى مهارات مختلفة عن البقية، تحديدًا إن كان يعمل في مجال صناعة الأفلام ثلاثية الأبعاد.
أما مثلًا المصمم الذي يعمل في مجال صناعة الهوية، فهو يحتاج إلى قدر من المهارة يسمح له بتنفيذ تصميمات كلها مرتبطة ببعضها البعض، بحيث يجعل الهوية التي يصنعها قابلة للإدراك بسهولة من الجميع وتعلق بأذهانهم، وهذا يحتاج إلى درجة عالية من الذكاء البصري لفعل ذلك بالدرجة المناسبة. أما الشخص الذي يجيد العمل في جميع مجالات التصميم، فهو شخص يملك مهارات عالية جدًا، ويعمل على تطوير مستواه باستمرار، حتى يتمكن في النهاية من إتقان هذه المجالات، ويكون بارعًا فيها بالدرجة المطلوبة.
كيف يمكنك اكتساب وتطوير الذكاء البصري بمفردك؟
الذكاء البصري من الأشياء التي يمكنك أن تكتسبها إن لم تكن موجودة لديك، أو يمكنك أن تطورها إن كانت موجودة من الأساس. الأمر يعتمد على حسن اختيارك للوسائل التي يمكنها أن تساعدك في فعل ذلك.
توجد بعض الألعاب التي تركز أساسًا على تنمية الذكاء البصري سواءً لدى الأطفال أو حتى البالغين، فالأمر لا يعتمد على فئة بعينها، بل يمكن للجميع ممارسة هذه الألعاب. والشيء الذي يساعد كذلك في اكتساب الذكاء البصري أو تطويره هو مشاهدة صور مختلفة، على حسب وظيفة الشخص بالطبع، فهذا سوف يمنحه أفكارًا أفضل.
كما أن هناك طريقة تعتبر هي الشائعة لدى الكل، وهي محاولة تعلم الرسم وممارسته، فالرسم غالبًا يحتاج إليه أغلب الناس في الوظائف التي ترتبط مع الذكاء البصري نظرًا لطبيعة هذه الوظائف، وهي تحتاج إلى الرسم باستمرار، حتى وإن كان ذلك بمستوى غير احترافي. حتى إن عجز الشخص عن الرسم، فهناك العديد من الرسومات الجاهزة، التي تحتاج فقط إلى التلوين، وهذا ليس أمرًا سهلًا ولا تقليلًا منك مثلًا، بل إن نجاحك في التلوين واختيارك للألوان المناسبة سوف يمنحك مهارة التعامل مع الألوان في حياتك دون مشكلة.
الذكاء البصري من أنواع الذكاء التي نستخدمها في حياتنا اليومية بشكل دائم، وجودها ضروري بالنسبة لنا، ويساعدنا على التعايش مع من حولنا بسهولة، كذلك قد يرتبط بالمصدر الأساسي للربح بالنسبة لبعض الأشخاص كما تحدثنا في المقال، لأنه بواسطته يمكن لهم صناعة تقدم كبير في العمل، وتحقيق نجاح منقطع النظير. وبالتالي فاكتساب هذا النوع من الذكاء وتطويره في رأيي ضرورة لا بد منها في حياة الكل، سواءً لمن يحتاج إليه من أجل حياته الشخصية، أو لمن يحتاج إليه في العمل. وفعل ذلك لا يعتمد على بذل مجهود صعب، قدر احتياجه إلى المحاولة الدائمة، فإن كنت ترى أنك تحتاج إلى الذكاء البصري في حياتك، فابدأ من الآن في رحلة اكتسابه.