الثروة، المكانة الاجتماعية المرموقة، اللياقة البدنية، والعلاقات الطيبة مع الناس، كلها أشياء نريدها في رحلتنا من أجل الحصول على السعادة كما يعتقد معظم الناس، لكن السعادة لا تأتي هكذا بل تستطيع أن تكون سعيداً بأبسط الأشياء، على الرغم من أن هذه الأشياء الأربعة تبدو منطقية جداً، فمن منا لن يكون سعيداً عندما يحصل على المزيد من المال، ومكانة أكثر رفعة في المجتمع، وزواجاً سعيداً؟، ولكنك للأسف لن تكون سعيداً هكذا لمدة كبيرة، لأنك سرعان ما ستعتاد على هذه الأشياء الجديدة وتصبح جزءاً من الروتين اليومي وبالتالي تفقد تأثيرها عليك، فقد أظهرت الأبحاث أن التغيرات الإيجابية الكبيرة في ظروف الحياة ليس بالضرورة أن تترجم إلى نفس القدر من السعادة، لأن الإنسان يتكيف مع هذه الأحداث الإيجابية التي تحدث له، وبالتالي يعتاد الإنسان عليها، فتفقد تأثيرها، وهذا ما أثبتته الدراسات التي أجريت على الأزواج الجدد، وبعض الأشخاص الذين حصلوا لتوهم على وظائف راقية.
الحصول على السعادة : الخطوات والوسائل
إذا لم يكن تحسين ظروف الإنسان غير ضروري لسعادته، إذن ما هو الضروري لسعادة الإنسان؟، أم أن السعادة تأتي بالحظ؟ أو لعلها تورّث عن طريق الجينات؟. تعتقد الباحثة “Sonja Lyubomirsky”، بعد قضاء معظم فترة دراستها في علم السيكولوجي، أن السعادة تعتبر مهارة يتمتع بها الشخص بطريقة ما، ثم كتبت في جريدة جامعة أكسفورد “أكد البحث أن جزءاً كبيراً جداً من السعادة يتحكم به الناس عن طريق اختياراتهم وردود أفعالهم تجاه المواقف المختلفة في حياتهم”،أي بلغة أخرى ليس من الضروري أن تتغير حياتك لتكون شخصاً سعيداً، ولكن الأمر متعلق بطريقة تفكيرك، وردود أفعالك تجاه الأشياء التي تحدث لك في حياتك، إليك ثلاث استراتيجيات تقول الباحثة “Sonja Lyubomirsky” أنها ستزيد من سعادتك بلا شك.
تذكّر أن الحياة قصيرة
قد تظن أن من الرجعية أن نتفكّر في الفناء في الحصول على السعادة ، ولكن أجرت الباحثة “Sonja Lyubomirsky” دراسة مفادها أن هذه الطريقة فعالة جداً، حيث أحضرت مجموعة من المتطوعين، وقسّمتهم إلى مجموعتان، الأولى ستعيش على أنه آخر شهر لها في المدينة، والمجموعة الثانية ستعيش على الروتين اليومي المعتاد، وكل أسبوع تجري عليهم اختبار، وكانت النتائج أن المجموعة الأولى أظهرت مستوى عالي من السعادة خلال الأربع أسابيع، وامتدت هذه السعادة إلى أسبوعان بعد التجربة أيضاً، بل وازدادت أيضاً، على عكس المجموعة الثانية التي لم تتغير معنوياتها أثناء التجربة، والسر أن الإنسان يقدّر قيمة الأشياء الفانية، أو المنتهية، فكلما كان الشيء محدود كلما زادت قيمته، فعندما يضيق عليك الوقت تصبح أكثر جدية، لذلك عليك أن تتخيل دائماً أن حياتك قصيرة لتشعر بقيمتها ومن ثم تصبح أكثر سعادة، واعمل دائماً بمبدأ: “عِش كل يوم على أنه الأخير”.
أعد تنظيم هذه الحياة القصيرة باستمرار
كما ذكرت آنفاً، يتكيف الإنسان سريعاً مع الأحداث الإيجابية في حياته، كالزواج، أو فقدان الوزن والحصول على الشكل المناسب، أو ارتقاء منصبك الوظيفي، أي أنه يعتاد عليها سريعا فيزول تأثيرها بمرور الوقت نتيجة التكرار ودخولها حيز الروتين، لذلك عليك أن تجدد من أسلوب حياتك باستمرار، وتغير من روتينك المعتاد، حتى لا تملّ من حياتك، فلتمارس أنشطة جديدة وتتعرف على أشخاص جدد، وبالتالي ستقاوم مبدأ التكيف (الاعتياد)، وتخرج من دائرة النمطية المملة.
اندمج مع الآخرين ولا تجعل تركيزك منصب على نفسك فقط
إن الحصول على السعادة لا يقاس بالمجهود، فمهما بذلت من المجهود قد لا تنالها (للأسف)، لذلك لا تجعل تفكيرك منصب على نفسك، لا تشغلك ذاتك أكثر من اللازم، بل حاول أن تنشغل بالآخرين أيضاً، حاول أن تعتني بالأشخاص الذين تهتم لأمرهم، ستجد الشعور بالسعادة يتسلل لنفسك تدريجاً كلما جعلت أحد أحبائك سعيداً، ولعل هذه الصفة الموجودة في الذات البشرية هي التي كفلت وجود خصلة التعاون بين البشر حتى يومنا هذا، فعندما يحفل الإنسان بغيره لن يصبح أنانياً أبداً وبالتالي يسعى الإنسان على سعادة غيره كما يسعى على سعادته.
كانت هذه ثلاث نصائح سريعة لتعيد تفكيرك مرة أخرى عن الحصول على السعادة ، ولا تنسى أن الحياة قصيرة، وعليك أن تجدد منها، واحرص على سعادة غيرك.
كلش حلو
مقال رائع و جزاك الله خيرا. قد اضيف ان السعادة قد تنبع من الرضا علي نفس و بذلك لابد من وقفه صادقة مع نسك و تراضي معها. بان الامور و الحياة التي اثرت و تمر بك …