الجهاز المناعي أحد أهم أجهزة الجسم، فلكل نظامٍ وسائله وخطوطه الدفاعية التي يحتمي بها من الموجود خارج محيطه وأسواره، لأنك ببساطةٍ لا تعلم قدر الخارج ذلك على إحداث الفوضى بك من عدمها، وإن تسبب في الفوضى فلست قادرًا على التنبؤ بحجم تلك الفوضى وإن كنت قادرًا على مقاومتها أم لا، لذلك وُجد جهاز المناعة، خط دفاعنا الأول، في الواقع هو ليس خطًا واحدًا وإنما العديد من الخطوط والدرجات المناعية المختلفة التي تساعد في الحفاظ على أجسامنا وتقويتها، لكن الحصول على جسدٍ سليمٍ وقويٍّ قد يبدو مستحيلًا مع مناعةٍ ضعيفةٍ ومستهلكة! إذًا كيف سنحافظ على صحة الجهاز المناعي؟
الجهاز المناعي : إرشادات للمحافظة عليه
أنواع المناعة
تنقسم المناعة التي تتوافر لأجسادنا ضد ما يهاجمها من فيروساتٍ وميكروباتٍ وأجسام غريبة إلى نوعين من المناعة، إحداهما مناعةٌ تحدث بطريقةٍ طبيعية وأخرى مناعة خارجية، ولكل من النوعين طرق الحصول عليه الخاصة. في الأولى فإن الجسم يعمل على تكوين مناعته الخاصة أي أن الجهاز المناعي يبدأ في تكوين البروتينات والأجسام المضادة بشكلٍ طبيعيٍّ وبالطبع سيكون هذا النوع ضعيفًا في حالة اختلال صحة الجهاز المناعي، كذلك فهو أفضل نوعي المناعة لأن تكوين الجسم للأجسام المضادة بنفسه يكفل له الفرصة لتخزين خبرته تلك والتعرف السريع بعد ذلك على نفس الجسم الغريب إن صادفه ثانيةً والتغلب عليه بدون أن تشعر أحيانًا، وتنشأ هذه المناعة من الإصابات الفعلية بالعدوى سابقًا أو تعاطي الأمصال واللقاحات.
المناعة الخارجية
المناعة الخارجية هي الفعالة في حالات الطوارئ أو اعتلال صحة الجهاز المناعي حيث يتم حقن المريض بأجسام مضادة جاهزة ومعدة مسبقًا أو في حالة الأطفال الأقل من 6 شهور نتيجة انتقال أجسام الأم المضادة إليهم بطريقةٍ طبيعيةٍ لتحميهم من الأمراض قبل أن يبدأ جهازهم المناعي في العمل، لكنها مناعةٌ قصيرة المدى ولا يحصل منها الجهاز المناعي على خبرةٍ لتسجيل ما تعرض له وبالتالي عند إعادة التعرض للجسم الغريب يُصاب الشخص بالمرض كأنه يصيبه أول مرة، ولذلك تم اختراع أنواعٍ من اللقاحات في حالات الطوارئ تحتوي على أجسام مضادة معدة مسبقًا مع لقاحٍ طويل الأمد لتكفل الحماية الفورية والمستقبلية للمريض.
درجات المناعة
تنقسم مناعة الجسد إلى قسمين أو درجتين، الخط الدفاعي الأول منها هو المناعة الطبيعية وتبدأ بالعمل فور دخول الجسم الغريب وقد تكون مناعة خارجية كالجلد وإفرازات الجلد وبعض سوائل الجسم المعقمة والبكتيريا النافعة المنتشرة على جميع أجزاء أجسامنا، أو قد تكون مناعة طبيعية داخلية كالإصابة بالحمى والإنترفيرونات والإصابة بالالتهابات ومجموعات من البروتينات المناعية والخلايا الملتهِمة وكلها ردود أفعال طبيعية وظهور أعراضها يدل على تعرض الجسم لغزوٍ خارجي ولكن الجسم قادرٌ على التعامل مع ذلك الغزو ومقاومته مما يدل على صحة جهاز المناعة بدوره.
المناعة المكتسبة
في بعض الأحيان يكون الغازي أكثر قوةً وعددًا وشراسةً من أن توقفه المناعة الطبيعية التي تعمل منذ أيامٍ على ردعه بلا جدوى فتظهر المناعة المكتسبة متأخرةً حيث يبدأ الجهاز المناعي في إنتاج الخلايا المناعية والأجسام المضادة بعددٍ أكبر من عددها الطبيعي في الجسم ليتناسب مع الجسم الغريب المعتدي وتتوقف نهاية تلك المعركة على قدرة وصحة جهاز المناعة، فجهاز المناعة الضعيف سيخسر حربه وستسوء حال المريض وستظهر المضاعفات بشكل سريع، وهذه هي المرحلة التي تنتج فيها خلايا الذاكرة المناعية حيث يتم تخزينها والاحتفاظ بها من قبل جهاز المناعة لتكون رد فعلٍ سريعٍ ضد مسببات المرض إن عادت للجسم مرةً أخرى.
نشأة الخلايا المناعية
تنشأ تلك الخلايا في الأعضاء المناعية المختلفة الموجودة عبر الجسم أكبرها وأبرزها الطحال ونخاع العظام والعقد الليمفاوية وبعض الأعضاء المناعية الأخرى كاللوزتين والزائدة الدودية، ولا يعني كونها أعضاء مناعةٍ أن المناعة لا تتواجد إلا بها وإنما هي تنتشر في الجسم كله ومن المعروف أن خلايا الدم البيضاء من مكونات الدم أي أنها تسير مع الدم لتصل إلى كل أنحاء الجسد وتكتشف مكان أي عدوى وجسمٍ غريب، كما سبق وأن ذكرنا أمثلةً لأشياء قاتلةٍ للميكروبات غير أعضاء المناعة وخلاياها كإفرازات الجسم الحمضية كعصارة المعدة أو القلوية أو الأحماض الدهنية على الجلد أو الأغشية المخاطية التي تبطن كل الأعضاء المتواصلة مع العالم الخارجي كجهاز التنفس والقناة الهضمية.
حين تعمل المناعة بالعكس
تبدو المناعة أمرًا رائعًا ومفيدًا بل قد يبدو في غاية المثالية عندما نتعامل مع تمام صحة الجهاز المناعي، لكن بعض الأجهزة المناعية تبدأ في العمل بشكلٍ عكسيٍّ لعدة أسباب مختلفة عندما تؤدي إلى رفض فصيلة دمٍ مختلفة وهو ما قد يؤدي إلى موت الشخص في الحال في حالة حقنه فعليًا بالدم المرفوض لأن جهاز المناعة يهاجم الدم ويدمره، أو في حالة زرع الأنسجة والأعضاء، أو ربما يتسبب في قتل الجنين الثاني بسبب عامل ريسس، أو في حالات الحساسية، أو ببساطة يبدأ الجهاز المناعي في مهاجمة الجسم نفسه وإصابته ببعض الأمراض كالحمى الروماتيزمية أو التهاب المفاصل الروماتيزمي أو الأورام، قد يتسبب في ذلك عوامل جينية أو إصابات بكتيرية أو ربما مشاكل في جهاز المناعة نفسه.
مثبطات المناعة
أشياء قد نفعلها في حياتنا العادية ربما كتناول المضادات الحيوية بكثرة وإسراف خلال حياتنا أو شيءٌ آخر نفعله كتناول نصف جرعة المضاد الحيوي ثم التوقف عنه أمثلةُ تسبب اعتلال صحة الجهاز المناعي مع الوقت وتؤدي إلى ضعفه وسقمه وعجزه بالتالي عن صد أضعف الميكروبات والإصابة بالأمراض بشكلٍ مزمن، بعض الأدوية كالكورتيزن يظهر من أعراضها الجانبية تثبيط المناعة وإضعافها وبعض الأدوية الأخرى تتخصص في خفض المناعة ويعطيها الطبيب لمريضه عن قصد بهدف تثبيط مناعته في حالة السرطان وعمليات زراعة الأعضاء أو أمراض مهاجمة المناعة للجسم، فترة النقاهة كذلك من فترات ضعف المناعة خاصةً في بعض الأمراض حيث تتسبب بعض الميكروبات في استنزاف قوى جهاز المناعة وخلاياه تمامًا أثناء مكافحتها والقضاء عليها حتى يصبح الجسد شبه عارٍ من الحماية في فترة نقاهته من ذلك المرض.
الحفاظ على صحة جهازك المناعي
- مثبطات الجهاز المناعي ليست كيميائيةً أو بعض الأدوية فحسب وإنما تختلف تلك المثبطات والمضعفات حسب عاداتنا اليومية وأساليب حياتنا التي اعتدنا عليها وطريقة ممارستنا للحياة وحفاظنا على أجسادنا ومراعاتنا لحقوقها، والمعرفة بتلك العادات وتصحيحها واتباع الطرق السليمة للحصول على جهازٍ مناعيٍّ قوي.
- الغذاء الصحي من أول وأهم خطوات الحصول على جسدٍ صحيٍّ بمناعةٍ قوية، فالجسد الضعيف الهزيل الذي لا يجد كفايته وحاجته من مكونات الطعام الأساسية والضرورية له كيف سيجد القوة لمقاومة الأمراض والميكروبات؟ يحتاج جهاز المناعة إلى التواجد في جسدٍ قويٍ ومكتفٍ غذائيًا وأن تتوافر له البروتينات والفيتامينات بكل أنواعها فنقص الفيتامينات يقلل من المناعة ويعرض الجسم للأمراض.الأمصال واللقاحات مهمةٌ وضروريةٌ لتنشيط جهاز المناعة وتقويته ومساعدته في مهمته الدفاعية، كما هو الابتعاد قدر الإمكان عن العدوى ومسببات المرض والحفاظ على النظافة الشخصية والوعي بالأساليب الوقائية فلا يعرض الشخص نفسه طوال الوقت للملوثات ومسببات المرض ويرهق جهازه المناعي في الدفاع أمام ملايين الميكروبات في نفس الوقت.
- تجنب التدخين والكحوليات والمخدرات والتوتر لأنها جميعًا من مثبطات المناعة وتؤثر عليها سلبًا مع مرور الزمن، المناعة هبةٌ من الله لنا وجيشٌ كاملٌ بداخلنا لا ندري عن شيئًا لكنه مسخرٌ لراحتنا ويعمل ليل نهار بلا انقطاعٍ لحمايتنا، لذلك فأقل ما قد نقدمه له هو مساعدةٌ صغيرةٌ كالغذاء والوقاية فعدم التعاون معه لن ينتج عنه إلا إرهاقه مع الزمن مما يؤدي إلى المرض المستمر.
أضف تعليق