من منا لم يجرب أن يعيش بجانب الجار سيئ فكلنا نعيش في بيوت بجانب بعض وفي زيادة مستمرة بسبب الازدحام السكاني، وحتى وإن كنت تعيش بمكان خالي فعاجلاً أم أجلاً سيمتلئ ذلك المكان بمن سيسكن بجارك وستحدث التعاملات فيما بينكم لا محالة، وقد يكون حظك في جار جيد ويراعي شعور الأخريين ولكن من الممكن أن يقع حظك في الجار السيئ الذي يستفزك كل يوم بتصرفاته المزعجة، حتى إن ذلك الأمر له لعبة إلكترونية شهيرة “الجار المزعج” بسبب كثرة الناس المتعرضين لتلك المواقف التي تقلب حياتك حرفياً. فكيف تتصرف معه إذاً؟ يمكنك أن تسمع بعض الاقتراحات الفعالة هنا في هذا المقال.
أساسيات التعامل مع الجار السيئ
العتاب مع الجار السيئ
أولى خطوات التفاهم عند الخلاف هو العتاب خاصة إذا ما كان هذا الجار السيئ قريب أو صديق منك، ومفهوم الجار لا ينطبق فقط على من سكن بالقرب منك بل كل من يتعامل معك في حياتك اليومية في العمل والسكن. يجب أن يكون العتاب مباشر وليس بواسطة شخصاً أخر، ويكون في وقت مناسب للطرفين أي لا تختار وقت عمل للجار لتقعد معه وتعاتبه، كذلك المكان المناسب ويفضل دائماً أن يكون خارج البيت، كما يجب أن يكون حوار هادئ وبصوت هادئ حتى لا يشعر الجار بأنك تهاجمه كما تسمح له أن يتكلم، فأنت لا تحاكمه الآن وإنما توضح وجهة نظرك في انزعاجك من التصرفات معينة. فلا تكون متعالي في كلامك أو متكبر لأن هذا الأمر سيجعله ينفر منك بل قل كلمة الحق وكن واضحاً في تحديد مطالبك ولا تزين الكلام أكثر من حده، وحدد جيداً حقوقاً ليعرفها هو إن كان لا يدرك الأمر.
تذكر دائماً أن من الممكن جداً أن يكون الطرف الأخر لا يعرف مدى انزعاجك، لا تتوقع السوء وتفكر بأنه يحاول تخريب عليك حياتك، وإنما ابدأ بالمعاتبة الهادئة حتى يتفهم الشخص خطأه، وإذا ظهرت عليه علامات الغضب فاخرج من الحوار لأن الغضب والشجار لن يفيد بل سيزيد الأمر سوءاً. إذا تكرر الأمر بعد ذلك حاول أن تنبهه مرة أخرى خاصة إذا كان الأمر المزعج يصدر من الأطفال الصغار.
الوساطة بينك وبين الجار السيئ
مع إنني لا أحبذ ذلك الأمر ولكنه في بعض الأحيان يأتي بفائدة، حيث وجود طرف ثالث يقدره ذلك الجار ويثق بكلامه سيجعل التفاهم وحل الخلاف أكثر سلاسة. ولكن عند اختيار الطرف الثالث يجب أن تتوافر به بعض الشروط حتى يأتي بالغرض المرجو، أولاً يجب أن كبيراً عاقلاً يحترم وسط الشيوخ الكبار وله هيبته، ثانياً يكون معروف ويعرف الطرفين جيداً، ويجب أن يكون حيادي فلا يأتي على طرف لحساب الأخر، والأهم بالطبع أن يكون الجار السيئ هذا يقدر ويحترم كلمة الطرف الثالث حتى يكون له معزة ويمكن أن يأتي بفائدة ويقرب الأطراف.
الكبار مع الكبار والصغار مع الصغار
هذه النقطة مهمة جداً عزيزي القارئ لأن أمور الإزعاج بين الجيران سببها ثلاثة فئات، الرجال مع بعض، الصغار مع بعض، النساء مع بعض، وهنا الأمر يتعقد إذا تدخل الرجال لحل أمور الطرفين الأخريين أو العكس، فيجب أن يبقى الحوار بقدر الإمكان بين الأطراف وبعضها ولا يتدخل طرف غريب لأن بطبيعة الحال لن يتفهم الرجال النساء أو العكس بل سيزيد الأمر سوءاً، وفرصة حل الخلاف بين الأطراف المتخاصمة أساساً أكبر من حل الخلاف بين التعقيدات والتداخلات بين الأطراف. كما لا يصح أبداً أن رجلاً كبيراً يتشاجر مع طفل صغير لأنه فعل أمر مزعج، ولكن من الأفضل أن يوجه كلامه مع الأب، والأب هو من يهذب ابنه.
احترم أنت أولاً الخصوصية ومن ثم تكلم
عليك أن تفكر أولاً متى تسمي الجار بالجار السيئ ومتى تكون أن الذي تفعل ما لا يليق أو تتعدى على منطقته وخصوصيته، على سبيل المثال: لو أنك ركنت سيارتك أمام منزل جارك وخرجت لتجد الزجاج مكسور، فمن هو المخطئ بالأول؟ وهكذا يجب عليك أن تكون محترم بالأول حتى تطلب من جارك أن يحترمك، لا تحاسب أحد على خطأك.
حاول أن تتجنب الجار السيئ
من الغريب أن ترى النار وتذهب لها برجلك، فلا تكن أنت فتيل الحريق بينك وبين جارك السيئ، حاول بقدر الإمكان تجنب الوضع وليس تنازلاً وإنما بحكمة. فأنت بذلك لا تخضع له ولا تفعل أكثر من اللازم وإنما فقط تحكم عقلك لعله يرى أنك رزين ومتفاهم وعاقل ويفهم بنفسه خطأه. مثلاً تجنب ركن السيارة بالطريق وحاول أن تركنها بجراج للسيارات، قلل التعاملات معه بقدر ما يمكنك وحتى بين الأطفال وبعض ونساء كذلك، ولكن ابقي على المودة والسؤال الطيب والمعايدة وصباح الخير كل يوم. إظهارك للطيبة سيبين مدى سوء معاملاته.
حذر الجار السيئ
إذا ظل ذلك الجار يزعجك فعليك إذا باللهجة القوية، ليس بأسلوب التهديد والتوعد بما لا يمكنك القيام به، بل بأسلوب أنك ستستعمل حقك القانوني معه. إذا كان هو لا يقدر الجيرة الطيبة والتعامل الحسن فيخاف على الأقل من القانون، ولا تجعل التحذير يأتي من طرف أخر فهذا سيظهرك ضعيفاً وغير مؤهل لتنفيذ كلامك، بل كن معه وجهاً لوجه ليفهم مدى جديتك من الموضوع واستعمل معه الحق ولا تزيد على ما تقدر على عمله حقاً، الأمر ليس لتهديد واهي لأنك لو وصلت لهذه النقطة قد تضطر أن تنفذ حقاً تحذيرك له. وإن لم تفعل بسبب أنك قلت ما لا تستطيع ستصير أقل في نظره وفي نظر من حولك، فاعرف حقوقك وقدر نفسك قبل أن تخرج كلمة من فمك أنت غير قادر على تنفيذها.
الاستعانة بالقضاء والتحكيم بالقانون
في الكثير من الأوقات يكون حظك مع جار سيئ لا يتعرف لا بالأخلاق ولا بالخصوصية ولا بالمعاملة الطبية، ويكون مصدر لا للإزعاج فقط بل أيضاً للتعدي والتطاول عليك وعلى أسرتك، وهنا دورك كأب لعائلتك أن تحميها وتستعين بالقانون، ولا تخف إن كنت حقاً تملك الحق فلك كبير أكبر منه. خذ خطوات عملية بطلب من الشرطة بمنطقتك حمايتك وتطلب منه تعهد بعدم التعدي وحينها تكون مشكلته وجنونه مع الحكومة قبل أن تكون معك، فلو خاف وتوقف عن أعماله تكون خلصت نفسك منه وإن لم يتوقف فارفع عليه القضايا حتى تأخذ حقك كاملاً منه.
الحل الأخير مع الجار السيئ
إن لم يفيد كل ما سبق ولا حتى القانون جلب لك حقك ويظل الإزعاج والتعدي يومياً، فلا حل سوى الابتعاد، قد يكون الأمر مكروهاً لك وبغيضاً أن تترك بيتك وتنتقل لغيره ولكن الجيران أهم من البيت وحين تختار بيتك القادم فكر في الجيران ومن يسكنون بالمنطقة قبل أن تختار البيت والأثاث. أن تحمي نفسك من جيران السوء وأنت تعيش ببيت متوسط الحال خير لك من أن تعيش بالبيت فخم وسط حياة من الخوف والقلق المستمر على حياتك وحياة أبنائك وعلى ممتلكاتك. أخيراً عزيزي القارئ الأمور مثل الجار السيئ تتطلب حكمة وتفكير في التصرف والاستعجال لن يأتي بنتيجة إيجابية أبداً، خاصة لو كنت أنت الجديد بالمنطقة.