تسعة
الرئيسية » مميزة » التوقيت الصيفي : كيف يمكن أن يفيد في توفير الطاقة ؟

التوقيت الصيفي : كيف يمكن أن يفيد في توفير الطاقة ؟

تعتبر فكرة التوقيت الصيفي فكرة قديمة، حيث ظهرت للمرة الأولى في 1784، والهدف الرئيسي للتوقيت الصيفي هو توفير الطاقة، معًا نفهم فكرة التوقيت الصيفي .

التوقيت الصيفي

التوقيت الصيفي هو تغير الوقت الرسمي للبلاد أولمحافظة معينة مرتين في السنة، كل مرة لمدة عدة أشهر، حيث يتم تقديم أو تأخير الساعة ستين دقيقة حسب كل مرة، فتتقدم إذا كان الخريف (التوقيت الشتوي) وتتأخر إذا كان الربيع (التوقيت الصيفي). والهدف من ذلك بشكل أساسي هو تكبير عدد ساعات العمل أو الفعاليات المهمة في اليوم لتنعم الدولة بعدد ساعات أكثر من ساعات ضوء النهار وهمة العمل والإنتاج اليومي.

كل ما يخص التوقيت الصيفي

منطقية فهم التوقيت الصيفي

ظاهرة ازدياد أوتقلص ساعات النهار حسب الصيف أوالشتاء علي التوالي ترجع في فهمها علي مبدأ “ميل محور دوران الأرض بنسبة ثلاثة وعشرون درجة فاصل أربعة من عشرة بمستوى مساره حول الشمس”. سأبسط لك المعلومة عزيزي القارئ تخيل معي، كوكب الأرض بيضاوي الشكل لدية محور رئيسي يمر في منتصفه، وهو بالطبع محور تخيلي، هذا المحور ليس عمودي تماماً بالنسبة لمسار دوران الأرض حول الشمس فهو يتغير كلما أخذت الأرض موضعاً جديداً في طريق التفافها حول الشمس المعتاد، وهنا تحدث الظاهرة حيث يتغير ميل هذا المحور باختلاف دوران الأرض حول الشمس.

بذلك تزيد طلوع شمس النهار (في الصيف) أوتقل (في الشتاء) باختلاف هذا الميل، ويزيد الفرق بين طول النهار أوتقلصه كلما زاد الفرق بين موقع البلد وبعدها عن خط الاستواء، فمن البديهي أن البلاد الاستوائية التي يمر فيها خط الاستواء تكون الأقل تأثراَ بهذه الظاهرة الطبيعية بينما تزيد قوة الظاهرة في البلاد البعيدة مثل بلاد شمال أوروبا وشمال أسيا وشمال أمريكا وأيضاَ أقصى جنوب أفريقيا وأستراليا وأمريكا الجنوبية، فتزيد فائدة استخدام التوقيت الصيفي بهذه المواقع.

تاريخ فكرة التوقيت الصيفي

أول من دعا إلي التوقيت الصيفي ولكن بمفهومه البدائي هو “بنجامين فرانكلين” سنة 1784 ولكن الفكرة لم تلقى القبول والجدية حيث لم تكن الدول تعتمد علي جداول زمنية محددة ودقيقة مثل زمنا الحالي.

ثم جاء “جورج فيرمون” النيوزلندي وهو عالم حشرات في الأساس بفكرة التوقيت الصيفي بمفهومه الحديث سنة 1895 و1898. إلا أن علي يد “ويليم ويليت” البريطاني في بدايات القرن العشرين، والذي كان يفزع من النوم الكثير في النهار لسكان لندن، أخذت الفكرة طريقها إلي الجدية وأثمرت جهوده إلي نقاشها في البرلمان البريطاني سنة 1909 ولكن النقاش انتهي برفض الفكرة.

مع اضطرابات الحرب العالمية الأولى والظروف المتدنية للبلاد المحاربة، أصبح الحفاظ علي الطاقة (الفحم) مطلب أساسي في البلاد فكانت ألمانيا علي رأس البلاد المعلنة علي بدأ استخدام التوقيت الصيفي سنة 1916 بالتحديد في السادس عشر من أبريل ،ومن ثم تلتها بريطانيا بعد فترة قصيرة ثم بدأت باقي الدول تدخل هذا النظام إلي توقيتها الرسمي السنوي بالتدريج وتغير في تشريعاته ومواعيد بدء استخدامه في كل بلد.

فوائد استخدام التوقيت الصيفي

يستخدم هذا النظام لتوفير ساعات أكثر للبشر من ساعات النهار وضوء الشمس بالتالي يبكر الناس في الاستيقاظ باكراً للعمل والإنتاج ويتوفر أيضاً ساعات باقية في اليوم للراحة في المساء وقضاء وقت جميل. بالتالي يتم توفير في استخدام الطاقة بمختلف أشكالها حيث الجميع يعمل ومشغول في أموره، والنوم يكون ليلاً لا نهاراً حيث حر النهار يدفع الناس لاستهلاك طاقة أكبر. ولكن هذا النظام تكون نتائجه عملية أكثر كلما كانت الدولة تعمل بجدول مواعيد دقيق وثابت وموحد وهذا ما لا نراه كثيراً في أغلب الدول فالكل لديه توقيته الخاص ومواعيده الخاصة. ويرجع إلغاء التوقيت الصيفي بحلول الشتاء حيث تقل ساعات النهار بالتالي نرجع للتوقيت المعتاد للاستفادة بهذه الساعات القليلة.

الجدل حول فوائد نظام التوقيت الصيفي

دائماً ما يتحدث مؤيدو النظام عن مدى فاعليته في مساعدة الناس للاستيقاظ باكراً والحفاظ علي الطاقة وما إلي ذلك، ولكن المعارضون يتشبثون بفكرة أنه غير صالح في كثير من البلاد لاختلاف المناخ والجغرافيا فليست كل البلاد واحد. فعند بلاد المزارعين والأماكن التي لا تعتمد بشكل أساسي علي جدولة اليوم لن يفرق كثيراً معهم، بل يزيد النظام من مشاكل بعض القرى حيث نرى الطلاب مثلاً عليهم أن يقوموا مبكراً جداً حيث يكاد الظلام يغطي الأرض ليذهبوا لمدارسهم، فلكل فائدة يوفرها النظام، عقدة يربطها في بقعة أخري من العالم.

مثال من عالمنا العربي حيث يمكن أن تزيد فترة الصوم في شهر رمضان باستخدام التوقيت الصيفي . أيضاً ولسبب أن هذا النظام لا تعتمده دول العالم أجمع بشكل منظم وموحد، اختلاف المواعيد وتضاربها في شركات النقل والطيران مما يسبب أضرار علي الأعمال الدولية والسفر الدولي، مثلما حدث في مصر الأيام القليلة الماضية لتضارب أقوال وتنظيم الحواسيب مع التوقيتات العالمية، فالبعض بدأ يطبق النظام والبعض الأخر ما زال غير واعي أو غير فاهم لأحدث القرارات والتعديلات.

ولنكون أكثر تحديداً سنقسم الفوائد ونطرح أراء المعارضين.

الطاقة

أجريت دراسات في بادئ الأمر علي ما إذا كان النظام يوفر في استهلاك الكهرباء أم لا، فجاءت النتائج إجابية بقدر أنه يوفر واحد في المئة من إجمالية استهلاك الطاقة. ولكن كانت المشكلة فأنهم يجرون الدراسات علي تلك الساعة المبكرة التي يوفرها النظام ولا يفكرون في الكم الزائد من الضغط علي الطاقة في فترة الظهيرة أو وقت العمل الزائد ولذلك في كل مرة يوفر النظام الطاقة في المساء يستهلك البشر ضعفها في الظهيرة الحارة في المواصلات وفي المحاولة للتغلب علي الحر.

التأثير علي المجتمع البيئي

إذا نظرت علي البيئة من حولك ترى أنها لا تعرف ساعاتنا ولا وقتنا ولا تحدد عملها علي نظام وتوقيتات فهي تعرف طريقها بعيداً عن النظام والتخطيط البشري، فمثلاً في أمور الزراعة تعتمد عملية جمع المحصول علي توقيت معين وهو توقيت الندى الذي يراه المزارع فيسرع للعمل، أما إذا اختلطت المواعيد مع المزارع فسيفقد الجزء الأكبر من فوائد محصوله، بالتالي المزارعون هم أكبر معارضين أو بالأحرى غير مبالين بالتوقيت الصيفي. مثال أخر وهو الحيوانات فالبقر مثلاً حساسة لتوقيت حلبها إذا جاء العمال مبكراً قد يخسرون فوائد لبنها.

تضارب المصالح الدولية

بالرغم من الحوسبة وبرمجة الحواسيب علي العمل بالتوقيت الصيفي وتغيره ضمن قوانين كل بلد إلا أن تضارب توقيتات البلاد وتغيرها بالنسبة إلي بعض الدول يضر بالبورصة العالمية أحياناً ويتسبب في خسارة الكثير من الأموال (مع اختلاف الجدل حول مقدار هذه الخسارة).

البلدان النائية

كما قلنا سابقاً يزيد أهمية التوقيت الصيفي كلما بعدنا عن خط الاستواء، لكن هذا لا ينفي أن البلدان النائية جداً سواء أقصى شمالاً أو جنوباً عن هذا الخط لا تتأثر أبداً بالنظام، حيث أنها إما لديها نهار طويل جداً أو قصير جداً ولن يفرق كثيراً مبدأ تبكير الوقت ساعة واحدة في اليوم.

بعض البلدان العربية والتوقيت الصيفي لديها

  • المغرب: من أول أحد في شهر مايو إلى 27 من شهر أكتوبر.
  • سوريا وفلسطين: من آخر جمعة من شهر مارس وينتهي في الجمعة الأخيرة من شهر أكتوبر.
  • العراق: تم إلغاء العمل به منذ عام 2008.
  • مصر: تم إلغاءه في أبريل 2011 في حينِ كان يبدأ في آخر جمعة من شهر أبريل وينتهي في آخر جمعة من شهر سبتمبر، ثم قرر إعادة العمل بالتوقيت الصيفي مرة أخرى من قبيل انتخابات رئاسة الجمهورية 2014 اضطرارياً بسبب أزمة الطاقة وانقطاع التيار الكهربي، حيث أن القرار بدأ تنفيذه في 15 من مايو 2014 وانتهي بالخميس الأخير من سبتمبر باستثناء شهر رمضان لأنه يقع خلال فصل الصيف ولتقليل مدة الصوم.
  • الأردن: تم عودة استعماله في العشرين من شهر ديسمبر عام 2013.
  • لبنان: من أخر أحد في شهر مارس حتى أخر أحد في شهر أكتوبر .
  • تونس: تم العمل بالنظام بين أعوام 2005 و2008.
  • ليبيا: أعيد العمل بالنظام بدءاً من نوفمبر 2012 حتى أكتوبر 2013.

خلاصة القول أن التوقيت الصيفي له مؤيدوه ومعارضوه، ولكن الأكيد هو أن النظام الكوني لا يتأثر بتوقيتنا نحن البشر ولا بساعاتنا وجدولة يومنا فيسير في اتجاهه بنا أو بدوننا.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

17 − ستة عشر =