التواصل مع الأجانب هي عملية مليئة بالتعارف على الثقافات المختلفة والأشخاص المختلفين تماما عما أنت معتاده. التواصل مع الأجانب أيضا يفتح لك بابا لمعرفة أساليب تفكير مختلفة لدي الآخر ورؤية أخرى للحياة التي يعيشها. هذه التجربة قد تود أن تخوضها من باب تجربة شيء جديد وقد تكون بحاجة إليها نظرا لطبيعة الحياة الآن والتي أصبح كل جنسيات العالم تتعامل سويا في الشركات العالمية أو البلدان المختلفة. ففي كل عائلة هذه الأيام ستجد ذلك الشخص الذي ذهب ليعمل في بلد أخرى أو يعمل في شركة عالمية حيث الموظف الذي بجانبه هو شخص من مكان آخر وهكذا. هذا العالم المتداخل جدا الآن أصبح يحتّم علينا معرفة الطريقة الأنسب من أجل التواصل مع الأجانب والحصول على تجربة جيدة وفريدة لنضيفها إلى قائمة تجاربنا الجيدة الأخرى. وهذا هو ما سنحاول تحقيقه في هذا المقال.
استكشف هذه المقالة
خطوات التواصل مع الأجانب
هناك العديد من الطرق التي يمكنك أن تتواصل بها مع الأشخاص ذوي الجنسيات المختلفة عنك، هناك لغتهم الأم إذا كنت تتقنها أو لغة عالمية تعرفونها أنتم الاثنين أو حتى لغات الإشارة التي يفهمها البشر بالفطرة. بإمكانك أن تتعرف كيف تتعامل من خلال كل هذه الطرق المختلفة وكيف تقوم بتطويرها. وأيضا كيف تتعامل مع الثقافات المختلفة بالطريقة الأنسب. ففي النهاية، الثقافات المختلفة هي وسيلة للتعلم والتعارف وقبول الآخر ورؤية الوجه الجميل المختلف من الحياة.
كن مرنا في علاقاتك
في بداية أية حوار، فإنك تحاول أن تكون ودودا ولطيفا وتبدأ في فتح مواضيع للنقاش من أجل تلطيف الأجواء وما إلى ذلك. في التواصل مع الأجانب يكون الأمر أصعب قليلا حيث أن المواضيع المشتركة بينكم للحديث فيها لا تكون سهلة الحصول عليها كتلك التي تقوم بفتحها مع شخص من نفس بلدتك. فمثلا نتيجة مباراة الأمس بين فريقين محليين لن تكون ذات صلة بشخص أجنبي لأنه لا يتابع الرياضة الخاصة ببلدك! من أجل الحصول على بعض المرونة في التواصل مع الأجانب ، حاول أن تقوم ببعض تلك الخطوات التالية:
تعلم عن الثقافة الأخرى قبل أن تبدأ المقابلة
خذ من وقتك بضعة دقائق، افتح حاسوبك، اسأل جوجل عن أهم الأشياء عن ثقافة الشخص الذي أنت على وشك مقابلته واقرأ قليلا. اقرأ عن الأحوال العامة في بلده وعن الأشياء التي يهتم بها شعبه، وربما يمكنك أيضا أن تبحث عن المواضيع اللائقة وغير اللائقة التي يمكنك أن تتحدث فيها. فهناك مثلا تلك الدولة التي يعتبر السؤال فيها عن أمور شخصية هو أمر في غاية الوقاحة بينما لا يعتبر كذلك في مكان آخر. إذا أردت أن تكون مستعدا كفاية حاول أن تجد تلك المعلومات واستفد بها في عملية التواصل مع الأجانب الآخرين.
تقبل الاختلاف
الميزة في فكرة التواصل مع الأجانب هي في التعرض إلى ثقافات مختلفة وأفكار وحياة مختلفة، ما سيترتب على كل تلك الاختلافات أن تجد أشياء مختلفة تماما وربما متناقضة مع أسلوبك وحياتك وثقافتك. لا تجعل تلك الاختلافات تقف عائقا في طريق بناء تلك العلاقة وكن قادرا على تقبل هذا الاختلاف والتعامل معه بكافة الأريحية. فمثلا، ذلك المكان الذي يعتبر السؤال فيه عن الأحوال الشخصية أمرا وقحا، لن يكون الشخص القادم منه شخصا متحدثا كثيرا أو سهل الحوار معه. لا تقم بالامتعاض من أمر كهذا وكن متقبلا لاختلاف كهذا ومستعدا للتعامل معه.
كن واعيا للطبقات المجتمعية المختلفة
في دولة ما يكون من الهام جدا أن تسبق كلمات الاحترام والتقدير ك “حضرتك” أو “سيدي” عند التحدث مع شخص كبير في السن، بينما في دولة أخرى لا يوجد مجال للألقاب وكل الأشخاص ينادون بعضهم بأسمائهم مجردة. في كل ثقافة ستجد طريقة مختلفة لسير الأمور فيها وأحيانا تصبح هذه الطريقة مقدسة ويصبح تجاهلها دلالة على إساءة الأدب أو قلة الاحترام. سيكون من الجيد جدا أن تكون على علم مسبقا بهذه الأفكار عند التواصل مع الأجانب المختلفين ومعرفة كيف وماذا تفعل في أحد المواقف المشابهة.
لا تدع سوء التفاهم يمر دون استفسار
أحد الأشياء التي قد يصبح من الصعب تفاديها في التواصل مع الأجانب هو أنه ستكون هناك تلك اللحظات حيث لا تستطيعون فهم بعضكم جيدا نظرا لعدم إجادة أحدكم للغة التي يتحدث بها الآخر. عندما تصلون إلى أحد هذه المواقف فلا تدعوا عدم الفهم هذا يمر دون توضيح لأنه قد يقود إلى تعقيدات قادمة في الحوار وخصوصا إذا كان النقاش حول أمر جاد أو محاولة فهم شيء ما. إذا لم تستطع فهم شيء مما قاله الطرف الآخر قم بطلب إعادة الحديث مرة أخرى منه، أو إذا شعرت أنه لم يفهم قصدك جديا قم بسؤاله حول ما إذا كان بحاجة إلى توضيح أكثر أو لا. هذه الطريقة ستضمن لكم تواصلا أكثر فعالية.
لست بحاجة لإطلاق الأحكام
كما أوضحنا أن الثقافات المختلفة ستحمل قيما مختلفة كثيرا عن قيمك ومعتقداتك التي تتحلى بها. كن واعيا وحريصا على أن لا تقوم بإطلاق أية أحكام أو انتقادات لتلك الثقافة لأنك لست مطالبا بهذا ولأن الشخص الآخر لم يطلب منك ذلك. تجنب فعل أمر كهذا تماما وحاول التحلي بالتسامح والتقبل ما دام الأمر ليس فيه ضررا على أحد وإنما هو مجرد اختلافات بين الناس. التحلي بالاحترام والتسامح في التواصل مع الأجانب هو حجر أساس في الحصول على التجربة المفيدة المثمرة من تلك العلاقة ومن أجمل ضمان مستقبل جيد وجميل لعلاقتك مع الشخص الأجنبي إذا أردت لها الاستمرار. كما أن التحلي بعقل منفتح ومتقبل للآخرين سيجعل تجربة التواصل مع الأجانب أكثر سهولة وغنية أيضا.
كن صبورا
أحيانا سيكون الأمر أصعب مما تظن وربما تكون لغة الحوار الأساسية بينكم غير متواجدة كأن تكونوا لا تتقنون لغة بعضكما البعض وأيضا لا تتقنون اللغة العالمية، في موقف كهذا سيكون الأمر مرهقا ومتعبا من أجل التفاهم والتواصل ولكنه لن يكون مستحيلا. أعطوا الأمر بعض الوقت وستتمكنون من إيجاد أشياء مشتركة لتتفاهموا بها سويا بعد القليل من الوقت.
كن لينا في حوارك
النقاط التالية هي بعض النصائح التي بإمكانها أن تساعدك في الحصول على حوار جيد ولطيف دون اللجوء إلى بعض الأخطاء الشائعة التي قد تقع فيها دون أن تلاحظ هذا الأمر. فنحن عندما نبدأ في التواصل مع الأجانب ، قد يقوم عقلنا بترجمة هذا الاختلاف بطريقة غريبة وليس لها أية علاقة بكون الشخص الآخر أجنبي أو مختلف. إليك هذه النصائح إذا لتساعدك في هذا.
الصعوبة في التواصل هي نتيجة الاختلاف وليس مشكلة لدى أحد منكم
إذا كنت تجد بعض المعاناة في التواصل مع الأجانب وإجراء حوار فعال مع أحدهم، فإن الأمر غالبا ما يتعلق باختلاف الثقافات واللغات أكثر من كونه مشكلة لدى أحدكم. حاول التحدث بهدوء وبطء حتى يتمكن الشخص المقابل من التقاط ما ترغب في قوله وفهمه جيدا وتجنب تماما رفع صوتك لأن هذا لن يجعل فهمك أسهل على الإطلاق. إذا كنت من الشخصيات العصبية فلا تجعل عدم التواصل شيئا يثير حفيظتك ولكن كن هادئا لأن هذا ما يتطلبه الموقف.
كن مهذبا في حوارك
ابدأ حوارك بطريقة رسيمة عند التواصل مع الأجانب واتبع الطريقة المهذبة المتعارف عليها حتى يتم السماح لك بالتعامل بطريقة أخرى. فمثلا في إحدى الثقافات سيكون محادثة الشخص الذي أمامك باسمه الأخير مسبوقا بكلمة سيد أو سيدة هو الأسلوب المهذب، وربما أن تقول “حضرتك” هو الأسلوب المهذب، وربما أن تنادي الشخص باسمه كاملا هو الأسلوب المهذب. حاول أن تعرف الطريقة التي يجب أن تتعامل بها ولا مانع من السؤال إذا لم تكن متأكدا من الأسلوب المهذب في تلك الثقافة ثم اتبعه حتى يأذن لك الشخص الآخر بمناداته بغير ذلك.
تعلم بعض الكلمات البسيطة من الثقافة المقابلة
إذا لم تكن قد تعلمت لغة الطرف الآخر في النقاش مسبقا، فلا بأس من تعلم بعض الكلمات البسيطة من لغته كـ “مرحبا” و “كيف حالك؟” وتلك الأسئلة البسيطة التي تبدأ بفتح حوار بها. بالطبع أن لن تستطيع التمكن من اللغة أو التحدث بطلاقة بها في تلك المدة القصيرة، ولكنها ستكون مبادرة لطيفة منك وربما تكون أمرا جيدا تتندرون حوله أو يصبح محاولة تعليم بعضكم البعض أساسيات لغتكم هو موضوع حواركم. ربما أيضا تقوم بإحضار قاموس ورقي أو الكتروني للاستعانة به إذا ما أردت ترجمة جملة معينة.
تجنب العبارات العامية
هناك دائما في أية لغة الفصحى منها وهناك اللغة العامية التي تختلف لهجتها من مكان إلى آخر. في الغالب ما نقوم بتعلم اللغة الفصحى لأنها الأعم، لذلك، إذا أردت استعمال اللغة العامية في حديثك فكن واثقا أولا من معنى الكلمة تماما ومن الموقف الذي تقال فيه لأن الاستعمال العامي للكلمات يختلف أحيانا كثيرة عن الاستخدام الفصيح لنفس تلك الكلمات. حاول إذا أن تلتزم باللغة الفصحى ولا تستعمل العامية إلا عند تأكدك من استعمالك الصحيح والمناسب لها.
تعلم كيف تستعمل التواصل الجسدي
كما أوضحنا أن هناك نوعان للتواصل وهما التواصل اللفظي عن طريق اللغة والتواصل غير اللفظي عن طريق الجسد والإشارة. النقطة السابقة تحدثنا عن آداب ونصائح الحوار اللفظي وفي هذه النقطة سنتحدث عن آداب ونصائح الحوار الجسدي من أجل ضمان جودة التواصل مع الأجانب بشكل جيد. هذه النصائح هي
قم بالإشارة إلى شيء ما بيدك كاملة
في بعض الثقافات قد يكون استعمال إشارة الإعجاب أو الإشارة بإصبع واحد بشكل معين يحمل إهانة أو أمرا غير محبب في تلك الثقافة. لذلك، حاول استعمال يدك بأكملها إذا أردت الإشارة إلى شيء ما أو توضيح أمر ما في نقاشك لأن هذا سيجنبك عناء ارتكاب أمر وقح دون أن تدري حتى ذلك. إذا كنت تعرف ثقافة الشخص المقابل وأن تلك العلامات لن تضايقه فلا بأس بفعلها، لكن إذا لم تكن واثقا فكن في الجانب الآمن واستعمل نظرية اليد المفتوحة حينها.
ابدأ بالرسمية أولا
في التواصل الجسدي، يتشابه الأمر كثيرا مع التواصل اللفظي عند الوصول إلى هذه النقطة. قم باتخاذ وضعية رسمية في جلستك أو حديثك حتى تتأكد أنك من المسموح لك أن تأخذ راحتك في الجلوس والتواصل. فمثلا، لا تقم بوضع قدم فوق الأخرى حتى تتأكد أن هذا الأمر لن يعد تقليلا لاحترام الشخص المقابل أو سيقوم بمضايقته. وأيضا لا تكثر من استعمال يديك والتشويح بهما أن هذا الأمر قد يجده البعض مزعجا وغير محبب. التزم بالوضع الرسمي في البداية ثم قم بالتحرر من هذا الوضع عندما تتأكد أنه لا داعي منه.
لا تقم بلمس الآخر دون داعي
هذا الأمر يعتبر احد المواضيع الشائكة نظرا لاختلاف الثقافات المختلفة وطريقة تعامل كل ثقافة مع مسألة اللمس هذه. فمثلا هناك ثقافة سكون التواصل من خلال مصافحة الأيدي وأخرى قد تعتمد على العناق أو المصافحة ولكن بطريقة مختلفة. المصافحة في حد ذاتها تحمل أشكالا مختلفة فهناك المصافحة الخفيفة السريعة وهناك المصافحة التي تشد فيها على يد الشخص الآخر وما إلى ذلك. كل تلك الأنواع المختلفة ستفيدك أن تعرف بوجودها أثناء التواصل مع الأجانب حتى تعرف ما الطريقة الأنسب من أجل استعمالها. بإمكانك مثلا أن تترك الشخص المقابل يبدأ بالسلام والمصافحة وقم بمتابعة ما يقوم به وفعل المثل وبهذا ستكون قد التزمت بقواعد ثقافته دون إزعاجه أو مضايقته.
تعرف كيف تقوم بالتواصل النظري الفعال
التواصل بالعين ومحادثة الآخر أثناء النظر إليه هي أحد أهم الطرق من أجل إيصال شعور الاهتمام والمتابعة لما يقوله الشخص المقابل، ولكن عليك أن تكون منتبها أثناء التواصل مع الأجانب بالعين لأن الكثير منه قد يجلب عدم الراحة والقليل منه قد يرسل رسالة بعدم الاهتمام. أيضا هناك ذلك التضاد حيث يصبح النظر في عين الشخص المقابل هو علامة احترام في ثقافة معينة بينما هو علامة عدم احترام في ثقافة أخرى، الأمر سيختلف من ثقافة لأخرى وعليك أن تكون منتبها أثناء التواصل مع الأجانب لتعرف أية طريقة هي التي يفضلونها.
توقع أن تجد تعبيرات وجه مختلفة
إذا قمت بمشاهدة أحد المسلسلات الكورية المنتشرة حاليا وتمعنت قليلا في تعبيرات وجه الممثلين في المواقف المختلفة ستتفاجأ كثيرا من التعابير الظاهرة عليهم في أثناء الفرح أو الحزن أو الغضب. رغم أن المشاعر تكون واحدة لدى الجميع إلا أن التعبير عنها قد يختلف لدى كل ثقافة وأخرى. عليك أن تكون واعيا لهذه الاختلافات ومتوقعا لحدوثه. فهناك ثقافة تعتمد على الابتسام الكثير أثناء الحديث بينما ثقافة أخرى تعتبر أن الابتسام المفرط دليلا على السطحية. هناك ثقافة تعطي التعبيرات الوجهية حقها عند الحديث وثقافة أخرى تلتزم الوجه الجامد في التعبير. كل هذه اختلافات عليك أن تكون مستعدا ومتقبلا لها عن بدء التواصل مع الأجانب إذا لم تكن على معرفة جيدة بالطريقة التي يتواصلون بها.
قم بالحفاظ على المساحة الشخصية التي يحتاجها الآخر
ليست كل الثقافات متشابهة عندما يأتي الأمر إلى المساحة الشخصية التي سيحتاجها الآخر منك، فهناك ثقافة ستتقبل القرب والتعامل بأريحية بين طرفي النقاش وربما تسمح بالتواصل الجسدي للهزار والضحك، وهناك ثقافة أخرى ستكون صارمة في ما يتعلق بالمسافة الشخصية التي يحتاجها كل فرد من أجل إجراء حوار ما. عليك أن تكون مدركا لوجود مثل هذه المسافات الشخصية وأن تحترمها جيدا ولا تحاول اختراقها أو فرض قناعاتك الشخصية على الشخص المقابل. المساحة الشخصية هي في نفس أهمية نقطة اللمس في مختلف الثقافات نظرا للاختلاف الكبير حولها بين الثقافات المختلفة والنزاعات الفلسفية المختلفة حولها أيضا. لذلك، ابتعد عن مواقف الشبهات تلك واحترم رغبة الآخر أيا كانت لأن هذا في النهاية هو ما تحاولون الحصول عليه، التواصل المفيد الذي يحتوي على الاحترام المتبادل.
أضف تعليق