نظرة وأحكام المجتمع تكون قاسية بعض الأحيان في التعامل مع المساجين سواء قبل الإفراج عنهم أو بعد الإفراج عنهم. مما يجعل مهمة هؤلاء المساجين في العودة إلى المجتمع الطبيعي أمر صعب. حيث يكون السجن بمثابة وسم على وجوه هؤلاء الناس. الجميع يكرههم أو ينبذهم أو يتعاملوا معهم بخوف وشك. في حين أن هناك بالفعل بعض المساجين الذين يتم الزج بهم في السجن لأسباب ظالمة وليس لهم يد فيها. أو بسبب ديون ما. لذلك يجب على المجتمع وكل شخص عاقل أن يغير نظرته إلى السجين. حتى يتثنى لهؤلاء الناس أن يختلطوا مرة أخرى مع المجتمع ويتعافون من أثار السجن وتقييد الحرية بشكل محصن. التعامل مع المفرج عنهم يحتاج لنوع من الحكمة وليس مجرد شفقة.
استكشف هذه المقالة
كيفية التعامل مع المساجين بعد الإفراج عنهم
التعامل مع المساجين يجب أن يكون عن طريق العقل وليس القلب بدافع العطف. ويحتاج إلى الكثير من التعاون مع جهات الأمن المختصة. حيث أن هناك برامج كبيرة جدًا في أمريكا لإعادة تأهيل المساجين بعد الخروج من السجن. وهذا نظرًا لأن أمريكا هي رقم واحد في العالم من حيث عدد المساجين. ولذلك يعتبرون أن هؤلاء السجناء هم خطر محدق لو خرجوا من السجن دون تأهيل أو إصلاح. والحقيقة هي أن عملية الإصلاح يجب أن تبدأ من داخل السجن نفسه. ولكن للأسف هذا ليس هو الواقع حيث أن نسبة العنف في السجن غالبًا تكون زائدة عن الطبيعي.
التأهيل الاجتماعي
أولًا التعامل مع المساجين بعد الإفراج عنهم يجب أن يكون من نواحي كثيرة، أكثرهم تأثيرًا هو الأثر الاجتماعي. يجب على أهل المسجون ألا يتعاملوا معه وكأنه مذنب. لأنه حتى لو كان مذنب فهو قد أخذ جزائه بالفعل في السجن. ولذلك ليس هناك لزوم لأن تتعامل الأسرة مع الخارجون من السجن بصورة سيئة. أيضًا يجب على الأبناء أن يسامحوا أهلهم سواء أب أو أم إن كان مسجون. لأن الغفران لهم سيدفعهم لأن يصيروا أشخاص أفضل من أجل أبنائهم. أما بالنسبة للأصدقاء فيجب أن يكونوا بجانب هذا الشخص. وإدخاله سريعًا في نشاطات اجتماعية سوية سواء رياضية أو ثقافية، لأن هذه النشاطات تجعل هذا الشخص يتناسى السجن وأسبابه ويدخل في حب الحياة والمجتمع سريعًا من خلال الأقارب والأصدقاء.
ثانيًا لا يجب على المجتمع أو الأسرة أن يتناسوا ما فعله هذا الشخص ويبدئون في تدليله، وكأنه لم يفعل شيء. يجب أن يفهم مثل هذا الشخص أنه أخطأ. وكون الجميع من حوله يتعاملون معه على أنه لم يخطئ سيجعله ربما يعيد أخطائه مرة أخرى. ولذلك يفضل جدًا أن يكون التعامل الاجتماعي تعامل حيادي ليس فيه تدليل واهتمام أكثر من العادي، وليس فيه ازدراء أو رفض لمثل هذا الشخص. بل يكون فرد عادي في المجتمع مقبول من الجميع.
التأهيل العملي
التأهيل العملي يحتاج إلى أكثر من جهة تهتم من أجل هذا الموضوع. التعامل مع المساجين بعد الخروج من السجن يقابله مشاكل كثيرة ولكن أهمهم هي عمل السجين. في ملف السجين سيكون مذكور أنه سُجِن، ولن يكون موضع ائتمان للمكان الذي سيعمل فيه. ثم بالنسبة لأصحاب الأعمال الصغيرة الذين يحتاجون إلى عمالة، يحاولون أن يتجنبوا المساجين لأنهم يشكون في دوافعهم، وقدرتهم على السرقة أو القتل أو الغدر بالمكان والعمل وصاحب العمل. ولذلك يواجه السجين بعدما يخرج من السجن مشكلة كبيرة جدًا تدعى البطالة. والتي هي شيء خطير على مثل هؤلاء الناس، لأنها تكون دافع لهم لأن يعودوا للجريمة أو السرقة كحل لتوفير القوت والمال اللازم للأكل والشرب.
التدريب المهني
يجب على المؤسسات الحكومية المختصة أن تقوم بتفعيل نظام التدريب المهني للمساجين. أثناء فترة السجن يجب أن تُستغل هذه الفترة في تدريب المساجين على حرف وصناعات مفيدة، مثل النجارة والسباكة والخراطة والميكانيكا والبناء. كلها مجالات تحتاج إلى يد عاملة كثيرة. وكون السجين يقضي معظم وقته يتعلم شيء يشعر أنه سينتفع منه بعدما يخرج من السجن، فهذا الأمر سيكون دافع له لأن يتعامل مع الأمر كأنه جامعة. ثانيًا يجب أن تكون هناك شهادة موقعة ومختومة بأن هذا الشخص قد حصل على تدريب عالي وقادر على العمل في السوق الحر والخاص بصورة جيدة جدًا. هذه الشهادة ستجعل التعامل مع المساجين يأتي من نظرة مختلفة. حيث حصوله أثناء فترة وجوده في السجن على شهادة مثل هذه، فهذا يعني أنه كان حسن السير والسلوك ولم يتعرض لإيذاء أي شخص.
توفير فرص عمل
يجب على الجهات الحكومية أن توفر فرص عمل حقيقية للأشخاص المفرج عنهم. وهذا سهل جدًا بالنسبة للحكومات. حيث يتم دراسة كل سجين ومعرفة أسباب دخوله السجن وترشيحهم للمصانع والقطاعات الإنتاجية التي تحتاج إلى عمالة بصورة مستمرة. هذه الوظائف ستغير من صورة الشخص عن نفسه، فإنه سيشعر بأنه شخص مهم وله مجال عمل. أيضًا لو كان السجين يحمل شهادة جامعية يفضل جدًا مساعدته وعدم إهماله في إيجاد وظيفة. فلن تستفيد الحكومة شيء من رجوع شخص جامعي للجريمة نتيجة لأنه لم يجد عمل بسبب أنه كان مسجون. إنها دائرة مغلقة من التلف الاجتماعي.
قبول المساجين في شتى الأعمال
يجب على الشركات والقطاعات الخاصة والحكومية، أن يقتنعوا بأن التعامل مع المساجين يجب أن يكون متساوي بينهم وبين الآخرين. شرط وجود شهادة بحسن السير والسلوك من قطاعات السجون، وأن يكون قضى فترة سجنه في شيء مفيد. في هذه الحالة سيكون السجن عبارة عن مكان للإصلاح وليس كما تعرض بعض الأفلام أن السجن هو كوكب المتوحشين والقتلة. وربما يكون هذا الأمر حقيقي، ولكنه ليس على السجناء البسطاء والتي أحكامهم لم تتخطى العشر سنوات. لأن معظم الإدانات التي تحت العشر سنوات هي إدانات تحتمل الغفران الاجتماعي.
متابعة هؤلاء الأشخاص
يجب على الجهات الرقابية أن تتابع المساجين الذي تم الإعفاء عنهم والتأكد من فكرة أنهم أصبحوا أفراد صالحين لأنفسهم وللمجتمع. والتأكد أنهم يعيشون في بيئة تعرف كيفية التعامل مع المساجين الذين خرجوا من السجن. ولو لم توجد هذه البيئة فعلى الحكومات توفير مثل هذه الأماكن. حتى يتثنى لهؤلاء الناس التعافي من الجريمة ووجود بيئة صالحة للحرية وللنضوج الشخصي. على السجين أن يفهم أن دخوله إلى السجن هو مرحلة انتقال للأفضل وليس للأسوأ.
المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء نفسيًا
أولًا يجب ألا تذكر أمامه فترة السجن، ولا تدعوه لأن يحكي لك عما حدث له من مغامرات في السجن. لأن الأمر لا يأتي في عقله على صورة حكاية طريفة، بل هو وقت صعب ويجب أن يتجنب تذكره حتى يستطيع المضي قدمًا للأمام. ثانيًا لا تحاول استفزازه بكونه سجين. التعامل مع المساجين يجب أن يكون إنساني وليس به أي نوع من أنواع العنصرية أو التميز. ثالثًا يجب أن يتم تخصيص جلسات نفسية للسجين مع طبيب نفسي حتى يطمئن الطبيب النفسي على طريقة تفكير ودوافع هذا الشخص، ويفضل أن تكون جلسات اختيارية.
ختام
التعامل مع المساجين يحتاج إلى رحمة ومحبة كبيرتان داخل الجميع من أجل هؤلاء الناس. حيث أن وجودهم وقبولهم نفسيًا داخل المجتمع والأسرة المحيطة والعمل، قد يغير من طريقة تفكيرهم ويفهمون أن السجن كان فترة انتقالية ليس إلا.
أضف تعليق