التشويش الذهني عَرض مؤثر جدًا على حياة البشر، ويأتي بسبب الضغوطات النفسية الزائدة عن الحد. ليصل العقل إلى مرحلة من اللا عودة من التشويش وعدم معرفة كيفية التعامل مع الأشياء. ويصل الأمر أحيانًا إلى عدم التمييز بين الأشياء والأسماء والأصوات واختلاط كل شيء بالآخر في ذهن الشخص. هي مرحلة صعبة جدًا يمر بها معظم الناس، لدرجة أن من حوله يقترحون عليه فورًا الراحة، حتى يخرج من هذا اللغط الذي هجم على عقله. والتشويش الذهني ليس مرض مزمن ولكنه يهجم بطريقة مفاجئة على العقل كنوع من رد الفعل. كأنه جهاز الكومبيوتر الخاص بك، وصار له أسبوع يعمل بطريقة متواصلة لدرجة أن المعالج وصل لمرحلة من الشلل عن العمل. فتجد جهاز الكومبيوتر توقف عن العمل أو يعاني من الخرف اللحظي. هكذا أيضًا عقل الإنسان يصاب بنوع من أنواع الخرف اللحظي الغير مقصود. ولذلك في هذا المقال سنقدم لك عزيزي القارئ العلاج العملي لهذه الحالة لو أصابتك.
كيف تتخلص من التشويش الذهني بطرق بسيطة؟
لا تفكر في شيء
أولًا عزيزي القارئ هذه القاعدة ستسري معنا في بقية المقال مع بقية الحلول. حتى تتخلص من التشويش الذهني فيجب عزيزي القارئ أن تقرر فورًا أن تفصل عقلك عن مشاعرك، لأن فكرة التشويش الذهني الأساسية هي زيادة الضغط النفسي بسبب كثرة التفكير. والضغط النفسي هذا عبارة عن مشاعر مختلطة ما بين خوف وحزن ورغبة في المساعدة وأمل وتمني وكل هذه المشاعر. لذلك في كل حل سنتطرق إليه يجب أن تفهم جيدًا أنك يجب أن تفصل عقلك كأنك تريحه بطريقة عملية جدًا. ولا تفكر في أي شيء ذو معنى بل تجعل عقلك يصل لمرحلة التفكير اللحظي، وهو إراحة الجزء المخطط من عقلك. فربما تكون حواسك فعالة وأنت مصمم ككائن بشري أن تعمل حواسك طوال العمر بكفاءة عادية، ولكن في عملية عدم التفكير أن فقط تتخلى عن التخطيط لأي شيء حتى يرتاح المعالج العقلي لديك من الإرهاق. ومن ثم تبدأ التعامل مع الحلول لأنك حينها ستكون قطعت نصف المسافة. أما النصف الباقي فهو تفريغ الشحنة العاطفية والعقلية السلبية لديك.
إجازة فورية
يجب عندما تتعرض للتشويش الذهني أن تقرر فورًا أن تأخذ إجازة من أي كان ما تفعله، وكان سبب لأن تصل إلى هذه المرحلة من العبء والضغط. لدرجة أن تصل لمرحلة من الخرف اللحظي وعدم الإدراك لكل ما حولك والتأثير على حواسك. والإجازة هنا ستكون طريقك الأول لفكرة تصفية ذهنك من كل ما كان يضغط عليه. ولكن لا تنسى عزيزي القارئ فإجازة دون أن تمنع عقلك من التفكير في أي شيء، ليس لها قيمة. لأن ببساطة المشكلة في عقلك، فأنت تريد أن تجعل عقلك صافي وذهنك المشوش نقي من كل ما كان سببًا في ضغطه، وإحالته إلى هذه المرحلة الصعبة من الإدراك. أما الأمر الثاني، لا تجعل إجازتك متقطعة وقليلة بل اجعلها طويلة ومتواصلة قدر الإمكان حتى تستطيع الاستفادة قدر الإمكان منها بطرق عدة.
النوم
يجب أن تنام فورًا، ابحث عن وقت للنوم وارمي كل شيء خلف ظهرك دون تفكير. يجب أن تقول لنفسك أنك أنت أهم شيء، لا فائدة للتفكير في شيء من الممكن أن يؤدي بعقلك إلى مرحلة سيئة من العصبية وعدم الإدراك. والنوم سيقدم لك عدم الوعي وعدم التفكير وعدم الإدراك. وليس هذا فقط، بل عقلك الباطن ربما يخرج ما فيه من ضغوطات في صورة أحلام قد تكون مزعجة. ولكن ما لا تعلمه أنها تخرج وتترك عقلك ويخف الضغط من عقلك تدريجيًا. ولذلك نبهنا في النقطة السابقة عن فكرة أن تجعل وقت إجازتك متواصلة، حتى تأخذ كفايتك من النوم لمدة طويلة بشكل يومي تجعل عقلك يتخلص من التشويش الذهني بصورة تدريجية بسيطة جدًا، بالنوم وعدم التفكير في أي شيء.
اخرج مع أصدقائك
حل أخر ليس به أي مشكلات وغير مكلف، وكفيل جدًا أن يجعل التشويش الذهني غير موجود من ذهنك تمامًا. وهو أن تخرج أنت وأصدقائك لتفعلوا أي شيء ليس له علاقة بالعمل، أو يسبب التشويش الذي تعاني أنت منه. أفضل شيء في الأصدقاء أنك معهم تشعر بالمتعة المتواصلة، جلسات الأصدقاء غالبًا تكون غنية بالضحك وبالحكايات الطريفة وباللعب، وبكل الأنواع الرائعة من المتعة الناتجة من العلاقات البشرية فتجدها في الأصدقاء. وأفضل شيء على الإطلاق بهم هو أن كل ما يفعلونه غالبًا يظهر على أنه غير مهم وأنه شيء تافه، ولكن في الحقيقة ما تفعله مع أصدقائك هو أهم شيء بالنسبة للإنسان. وهو المتعة الحقيقية حتى ولو بأشياء تافهة جدًا مثل المشي والكلام، أو مثل الجلوس في مطعم جديد تجربون بعض الأكلات وتقولون رأيكم، أو حتى الاستهزاء ببعضكم البعض. فهذه الأشياء ربما بسيطة ولكنها كفيلة أن تجعل عقل الإنسان لا يفكر بجدية في أي شيء. وكونك تتخلى عن جديتك فهذا يجعل التشويش الذهني قابل للخروج من عقلك. لأن التفكير الجدي هو أول أسباب التشويش الذهني على الإطلاق. والأصدقاء كفيلين أن يجعلوا أي شيء جاد، هزلي وقابل للمرح.
الابتعاد عن سبب التشويش لفترة
هو خطوة مهمة جدًا في التخلص من حالة التشويش الذهني. إن كنت ستجلس بجوار الشيء الذي يسبب لك تشويش ذهني بعدما تأخذ إجازتك وتجلس مع أصدقائك، فأنت لن تتخلص من التشويش الذهني أبدًا. بل كل الفكرة أنك ستعطل الموضوع لفترة وجيزة ليس إلا. ولذلك عليك عزيزي القارئ يجب تفهم أن أعصابك وعقلك هي أنت، هي إنسانيتك، ولا يجب أن تفرط فيهم أي كان الشيء الذي يسبب لك هذا التشويش. فلو استمررت ستجد نفسك في الأخير على حافة الجنون لدرجة كبيرة، ولن تستطيع الخروج من هذه الحالة لأنها ستكون قد تملكتك. ولذلك حاول جاهدًا أن تبتعد عن سبب التشويش الذهني لفترة طويلة. ولو كان عملك هو السبب فالحقيقة التي يجب أن تعرفها، هي أنك يجب أن تترك عملك. ولا أقصد التقليل من عملك، ولكن أقصد التعظيم من قيمتك كإنسان، لا يستحق أن يعاني من التشويش الذهني باستمرار لدرجة تجعلك تصاب بالجنون.
لا تقسوا على نفسك
يجب أن تفهم شيء عزيزي القارئ، وهي أنك لا يجب أن تعامل نفسك على أنك قوي ويجب أن تتحمل مهما كان الضغط عليك كبير، ومهما كان ذهنك مشوش. فأنت يجب أن تكمل طريقك ويجب أن تنجح مهما كانت التكاليف. الحقيقة أن التكاليف أحيانًا تكون حياتك الشخصية. الأمر قد يدمر أسرتك، التشويش الذهني يجعل العقل مجنونًا فعليًا ويبدأ العقل في التعامل بعدم انتظام وعدم تحكم، لتجد نفسك إنسان عصبي ولا تعرف كيف تميز مع من تتكلم. من الممكن أن يتطور الأمر وتلجأ للعنف مع أولادك أو زوجتك أو أبيك أو أمك. فقط لمجرد أن عقلك وصل لمرحلة من عدم التمييز بسبب شدة وقسوة الضغط. فيلجأ لأي طريقة لتفريغ هذا الضغط، ورأيي الشخصي، لا يجب أن تضحي بحياتك الشخصية وأهلك من أجل نجاحك. فالنجاح الحقيقي يأتي داخليًا ويأتي من الشعور بالأسرة والمحبة وهم يرون أنك ناجح، وليس عندما تكون الأول في أي شيء. ولذلك لو كان التشويش الذهني حائلًا بينك وبين أسرتك، تخلى عن السبب ولا تقسوا على نفسك ومن حولك، بأن تكمل حياتك في هذا الضغط النفسي المستمر.
اسمع موسيقى
الموسيقى شيء عظيم جدًا ومؤثر جدًا على عقل الإنسان. ومن السهل جدًا أن تجعل الموسيقى عقل الإنسان في حالة من الهدوء أو في حالة هيجان. وهناك تجربة تقول إنك لو كنت تقود سيارة وأنت تشغل أغاني صاخبة فإن سرعتك ستزيد، وسيجعل معدل قبولك للمجازفة أكبر من المعتاد في القيادة بسرعة كبيرة. على العكس تمامًا لو كنت تقود سيارة وأنت تستمع إلى موسيقى كلاسيكية هادئة، ستشعر بالصبر الكثير ولن تتأثر بأي شيء حولك. لأن الموسيقى الهادئة تريح الأعصاب وتجعل الإنسان قابل لأن يتعامل مع المواقف الصعبة بأعصاب متماسكة. ولذلك لو كنت تعاني من التشويش الذهني فلا يوجد مشكلة أن تستمع إلى الموسيقى كنوع من أنواع تهدئة ذهنك بطريقة جديدة. وهناك الكثير من البرامج والموسيقى تقدر بملايين الساعات من الموسيقى الهادئة، تقدر أن تستمع إليها بصورة مباشرة عن طريق شبكة الإنترنت.
مارس أنشطة جديدة
هناك الكثير من الأنشطة التي تستطيع أن تنتشلك من التشويش الذهني بشكل منتظم، وتجعلك تتعايش مع الضغوطات. ولكن ما يجعل هذا الأمر صعبًا أن بعض من هذه الأنشطة يحتاج إلى شخص نشيط مثل الرياضة مثلًا. فهناك نوع من الناس عندما يشعرون بالتشويش الذهني والتوتر العصبي والضغط النفسي، يذهبون فورًا إلى صالة ألعاب رياضية ويبدئون في أن يمارسوا الرياضة ولعب التمارين بطريقة جيدة. تجعلهم يخرجون الضغط النفسي والكبت الذي بداخلهم، لتجعلهم هذه الرياضة أفضل. هناك أشخاص آخرين يركضون ويرون في فكرة الركض نوع من الحرية، حيث أنهم بهذا الفعل يخيل لهم أنهم يهربون من المشاكل بحرية وسرعة هم الذين يختارونها. أيضًا من الممكن أن تمارس اليوجا وهي فعالة جدًا في حالات التشويش الذهني، بكل بساطة لأنها تجعل الإنسان يعرف كيف يتحكم في عقله وجسده لمدة زمنية محددة. ومن ثم يبدأ هذا الشخص في تطبيق هذه المدة البسيطة على تفاصيل حياته بالكامل. مما يجعل ممارسين اليوغا هم أفضل قادة على الإطلاق لأنهم دائمًا يعرفون كيف يتحكمون في عقولهم تحت أصعب الظروف.
سافر إلى مكان جديد
يجب أن تجعل السفر على أولويات الحلول التي تقاوم بها التشويش الذهني الذي تتعرض له. السفر هو أكثر شيء من الممكن أن يجعل الإنسان العادي يكتسب خبرة جديدة، وخصوصًا السفر منفردًا لأنك في خلال السفر منفردًا أنت لا تتحمل مسئولية أحد ولا تفكر في أحد من الأساس. بل أنت تذهب حيثما تريد وتتعرف على من تريد وتكتسب خبرات جديدة مع أشخاص جديدة، وأماكن جديدة، وحكايات جديدة. تكتشف مشاكل تتعرض لها أثناء سفرك ومن ثم تكتشف حلول، وبالتالي ستكتشف عن نفسك أشياء إيجابية داخلك. فترى ما كان يسبب لك التشويش الذهني هو مجرد شيء تافه. أيضًا أن تسافر هو من أرخص وأحلى الأمور، فلا يجب عليك أن تسافر إلى جذر المالديف حتى تتخلص من التشويش الذهني. بل الأمر كله يعتمد على مدى راحتك في المكان.
فهناك أماكن فقيرة جدًا ورخيصة جدًا. ولكنها مريحة جدًا من أجمل هذه المناطق تجد في مصر مثلًا سيناء التي تطل على البحر الأحمر وبها مدن مثل نويبع وذهب وطابا وسافاجا، كلها مدن رخيصة جدًا. أيضًا هناك السودان التي يوجد بها الكثير من الغابات والمحميات الطبيعية. أيضًا لبنان والأردن بهم الجبال وشجر الأرز الفاتن في القمم المغطاة بالثلوج. كلها أماكن في المجتمع العربي لا تحتاج فقط سوى أن تصل هناك بسعر عادي جدًا، ومن ثم تستمتع بنفسك بالطبيعة الخلابة التي تستطيع أن تعالجك من أي تشويش ذهني.
تعرف على أشخاص جدد
أن تكون شخص اجتماعي لهو شيء حقًا مفيد، وسيجعل لديك حائط دفاع جيد جدًا ضد التشويش الذهني. لسبب بسيط، لأن العلاقات البشرية مؤثرة جدًا وكونك قادر أن تتعرف على أصدقاء جدد دومًا فهذا يعني أنك تستطيع الهروب من الضغوط بالناس الذين حولك. ولا أقول صنع صداقات بل فقط التعارف على أشخاص جدد، فهذا يجعلك تستمع إلى قصص لأول مرة، تستمع لهموم، وتستمع لنكات، وتعرف عادات، وتعرف تقاليد وكل هذه الأشياء ستحتك بها مع أي شخص جديد. وكل هذه الأشياء في المقابل تستطيع أن تنسيك التشويش الذهني وتحول مسار تفكيرك من التفكير في الشيء الذي يسبب لك التشويش، إلى شيء أخر بسيط جدًا مع شخص جديد. أيضًا الأشخاص الجديدين معهم حلول جديدة، من الممكن أن يقترح عليك ما تفعله في مشكلتك التي تسبب لك تشويش ذهني. أيضًا هناك نوع غريب من تفريغ الكبت فيه يحدث رغبة ملحة للإنسان، أن يحكي ما بداخله لشخص لا يعرفه ومن ثم يفترقا هؤلاء الاثنين مدى الحياة.
العب مع الأطفال
ربما يكون هذا الحل غريب نوعًا ما ولكنه حقيقي جدًا لأن الأطفال الصغار مرحين على الدوام، ولا سيما لو كانوا أولادك. فهم سيعرفونك ويميزونك ويستحسنوك أيضًا لو كنت والدهم أو كنتِ والدتهم. ما يميز التعامل مع الأطفال أنك تتعامل مع النسخة البشرية النقية الغير مشوهة، التلقائية والفاتنة والمضحكة. لذلك عندما يتعامل أي كبير مع صغير، تجد الكبير يضحك والصغير لا يهتم، بل فقط يمارس حياته الطبيعية دون أن يفهم ما يجري حوله. وهذا نوعًا ما علاج جيد جدًا للتشويش الذهني، لأن الطفل ساحر صغير يستطيع ببراءته أن يأخذك من مشاكلك وكل ما تفكر فيه بضحكة أو صوت مرح أو رغبته في اللعب أو حضن منه. الأمر بسيط جدًا لكنه إنساني جدًا وهذا ما يجعله ذو تأثير كبير في حياة البشر.
اكتب ما بداخلك
تفريغ الضغط النفسي هو الأمر الأهم في التخلص من حالة التشويش الذهني التي تصيب أي شخص. الكتابة هي أفضل وأرخص وسيلة تفريغ للضغط، وما يميزها أنك يمكن أن تكتب ما تريد. فأنت لا تكتب كتاب ولا تكتب قصة بل تكتب ما بداخلك فقط لتخرجه لتتجسد أفكارك وتصير كلمات أمام عينك. فترى أنت بنفسك ما يدور في عقلك من خلال هذه الكلمات. فيتضح الأمر أمامك أكثر وتبدأ في فهم بعض التشويش. بل ويتحول التشويش إلى ترتيب بسبب ما كتبته وما أخرجته في صورة ورق. وما أن تقرأ ما كتبت ستفاجئ بأن كل هذا بداخلك، والأمر الجيد هو أن لديك كامل الصلاحية في التخلص من هذا الورق بسهولة جدًا ودون أدنى مجهود. وتستطيع أن تحتفظ به أيضًا حسب ما تريده أنت أو ما تستحسنه من وجهة نظرك الشخصية. ولو احتفظت به وقرأته بعد فترة ستفاجئ بطريقة تفكيرك وأسباب التشويش الذهني التي كانت تصيبك في هذا الوقت. وربما تكون خبرة إيجابية لك في المستقبل القريب.
بالنهاية، حالة التشويش الذهني هي حالة مؤقتة. ولكن عليك مراعاة نفسك للخروج منها. فلنفسك حق عليك.
أضف تعليق