ميزان الحرارة الشائع هو من أهم الأجهزة التي يستخدمها الطبيب لتشخيص العديد من الأمراض ، حيث يعتبر بجانب السماعة الطبية ، من الأدوات التي لا يمكن أن تخلو منها أي عيادة مهما كان حجمها ، كما أن الترمومتر من الممكن أن يستخدم في المنزل للاستدلال على درجة حرارة الجسم ، أيضًا توجد أنواع أخرى من الترمومترات المخصصة لقياس درجة حرارة الجو ، أو السوائل ، وهي لا تختلف في مبدئها عن الترمومتر الطبي لكن هل سألت نفسك يومًا: ما هي طريقة عمل الترمومتر ؟ في هذا المقال نشرح بالتفصيل أسلوب عمل الترمومتر الطبي وكذلك الأنواع الأخرى من الترمومترات .
مقياس درجة الحرارة : ما هي طريقة عمل الترمومتر ؟
تمدد المواد بالحرارة
اكتشف العلماء منذ وقت طويل ظاهرة تمدد المواد وكبر حجمها إذا ما تعرضت للحرارة ، تشترك المواد في حالاتها الثلاثة (الصلبة والسائلة والغازية) في أنها تتمدد إذا ما تعرضت إلى زيادة في درجة حرارتها الداخلية ، فسر العلماء هذا السلوك للمواد بأن الحرارة كنوع من أنواع الطاقة ، تؤدي إلى زيادة الطاقة المخزنة في الروابط بين الجزيئات المكونة للمادة ، وبالتالي زيادة المسافات بين الجزيئات ، ومن ثم بالتالي تمدد المادة .
معامل التمدد الحراري
يطلق على المعامل الذي يقيس مدى تمدد المادة: ‘معامل التمدد الحراري’ ، وهو بشكل مبسط يقيس درجة تمدد المادة إذا ما تعرضت إلى كمية معينة من الحرارة ، معظم المواد الصلبة والسائلة والغازية تتمدد حجميًا وطوليًا ومساحيًا بالحرارة ، ماعدا بعض الشواذ لهذه القاعدة ، وأشهرها الماء ، حيث أن الماء إذا ما كان تحت درجة حرارة 4 درجات مئوية ، يقوم بالانكماش إذا ما تعرض للحرارة ، ويتمدد (تقل كثافته بالمقابل) إذا ما خفضت درجة حرارته ، وهذا ما يسمح للمياه المتجمدة بأن تعلو على الماء السائل ، متيحًا الفرصة للأحياء المائية للعيش في الماء السائل . ولهذا السبب يكون للماء معامل تمدد حراري سالب .
ظواهر تمدد المواد بالحرارة
جميع المواد كما أسلفنا تتمدد بالحرارة ، وهذا الأمر يجب وضعه في الاعتبار عند تنفيذ أي من المشاريع الهندسية الكبيرة ، فمعامل التمدد الحراري يختلف من مادة إلى أخرى ، تخيل مثلاً أن الحديد الداخل في تركيب الخرسانة قد يتمدد في الأجواء الحارة بشكل أكبر عن تمدد الأسمنت ، وما لهذا من تأثيرات كبيرة على ثبات البناء ، أيضًا يجب مراعاة الأمر عند تصميم نواقل الكهرباء المعلقة ، حيث إن تقلص الأسلاك في فترات البرودة قد يهدد بقطعها ، أيضًا عند تصميم القضبان الحديدية ، يجب ترك مسافات فاصلة من أجل السماح للقضبان بالتمدد في الأجواء الحارة ، وإلا فإن القضبان قد تكون مهددة بالالتواء إذا لم تترك هذه المسافات الفاصلة .
الاستفادة من تمدد المواد بالحرارة في تصنيع الترمومترات
مع الحاجة إلى وسيلة لقياس درجات الحرارة ، بدأت تظهر فكرة الاستفادة من ظاهرة الاختلاف في معامل تمدد المواد من أجل قياس درجة الحرارة ، فتم عمل الترمومتر من حاوية زجاجية طولية ذات قطر ضيق جدًا ، وملئ هذه الحاوية من الداخل ، إما بالكحول الملون ، أو الزئبق (الزئبق أكثر انتشارًا حاليًا) ومن ثم بتطبيق قاعدة تمدد المواد بالحرارة ، من المفترض أن أي تغير في درجات الحرارة سيظهر في شكل تمدد أو تقلص لعمود الزئبق داخل الحاوية الزجاجية ، المدرجة إلى عدة أقسام من أجل تمكين الشخص المستخدم للترمومتر من قراءة القيمة الصحيحة لدرجة الحرارة . أيضًا تصنع فوهة دقيقة جدًا في قاع الحاوية الزجاجية من أجل تمكين الشخص من قراءة درجة الحرارة قبل عودة الزئبق إلى المستودع .
لماذا يستخدم الكحول الملون بالذات ؟
مع أنه من الممكن نظريًا استخدام أي سائل داخل الحاوية الزجاجية ، إلا أن اختيار الكحول أو الزئبق أفضل لأن معامل التمدد الحراري لهما أعلى من السوائل الأخرى (كالماء) لذلك يؤدي أي اختلاف ولو بسيط في درجة الحرارة ، إلى تحرك الزئبق بشكل كبير على طول الحاوية الزجاجية ، أيضًا الكحول مشابه للزئبق في هذه الخاصية ، ويتم تلوينه لتسهيل قراءة درجة الحرارة على الحاوية الزجاجية .
أليس من المفترض أن تتمدد الحاوية الزجاجية أيضًا بفعل الحرارة حسب نظرية التمدد الحراري ؟
نعم هذا صحيح ، وهذا ما يحدث فعلاً ، لكن كما أسلفنا ، معامل التمدد الحراري يختلف من مادة إلى أخرى ، وتمدد الحاوية الزجاجية يكون غير ملحوظ تقريبًا ، ويمكن إهمالها ، أما الزئبق أو الكحول فإن معامل التمدد الحراري لهما أكبر بكثير ، ويمكن ملاحظة تغير فوري في حجمهما إذا ما حدث تغير في درجة الحرارة .
خطر الزئبق في الترمومترات
الزئبق سائل شديد الخطورة على البيئة وعلى الإنسان ، لذلك في الآونة الأخيرة تعالت الأصوات من أجل منع استخدامه في الترمومترات ، واستبداله بمواد أخرى ، أو استخدام ترمومترات تعمل بآليات أخرى غير آلية التمدد الحراري للمواد . وبالفعل ، الترمومتر الزئبقي ممنوع في العديد من البلدان الأوروبية في الوقت الحالي .
أول من اخترع الترمومتر
أول من اخترع مقياس الحرارة هو المهندس والعالم الإيطالي جاليليو جيلي ، لكنه كان ترمومتر بدائي جدًا وغير دقيق ، إلا أن مبدأ عمله هو نفس مبدأ عمل الترمومترات الحالية . أما ميزان الحرارة الحالي فهو من اختراع البريطاني توماس ألبوت .
الثرموستات
الثرموستات هي منظمات الحرارة في الأجهزة التي تتعامل مع درجات مختلفة من الحرارة ، مثل الثلاجات ، وأجهزة التكييف ، وسخانات المياه (في الحمامات أو سخانات المشروبات) وأجهزة كوي الملابس ، وفكرة عمل الثرموستات لا تختلف كثيرًا عن فكرة عمل الترمومتر ، إلا أنه في الثرموستات يتم الاستعانة بمعدن وقياس درجة تمدده الدقيقة من أجل الحصول على إشارات كهربية أو ميكانيكية تؤدي إلى فتح دوائر أو إغلاقها من أجل تنظيم درجة الحرارة .
الترمومترات الكيميائية
الترمومترات الكيميائية هي طريقة أخرى من أجل قياس درجة الحرارة ، يعتمد عمل الترمومتر الكيميائي على تغير لون أو صفات بعض المواد الكيميائية من أجل تعيين درجة الحرارة ، مقاييس الحرارة الكيميائية أصبحت أكثر شيوعًا الآن .
الترمومترات الكهربائية والإلكترونية
الترمومترات الكهربائية أو الإلكترونية هي ترمومترات تعتمد على تغير المقاومة الكهربائية لبعض المواد بحس درجة الحرارة التي تتعرض لها ، وقد أمكن استخدام هذا التغير الدقيق في المقاومة من أجل حساب درجات الحرارة بدقة أكبر ، يمكن عرض درجة الحرارة في هذا النوع من المقاييس على شاشة تعمل بتقنية الكريستال السائل ، كما أن هذا النوع من الترمومترات هو الأكثر شيوعًا الآن في أجهزة الحواسيب والمنتجات الصناعية ، وأيضًا الكثير من مقاييس الحرارة الطبية تعمل بشكل إلكتروني .
كما رأينا ، يعتمد عمل الترمومتر على مبدأ تغير حجم المواد تبعًا لدرجة الحرارة ، وسواءً كانت المادة هي الكحول ، أو الزئبق ، أو المعدن ، يمكن استخدامها في تعيين درجة الحرارة بدقة ، تطرقنا أيضًا إلى طريقة عمل الترمومتر المعدني (الثرموستات) ، وطريقة عمل الترمومتر الكيميائي ، كما استعرضنا أيضًا طريقة عمل الترمومتر الكهربائي أو الإلكتروني .