التدقيق اللغوي علم هام نحتاج إليه في كثير من المجالات كالصحافة ولكن للأسف الشديد قل من ينتبه إليه ويضعه في المقام الذي يناسبه وسنطوف في تلك المقالة حول تعريف التدقيق اللغوي،وآلياته، ومن هو المدقق اللغوي وبعض القصص على ألسنة المدققين اللغويين نفسهم وغير ذلك من الأمور الشائكة التي تتعلق بالتدقيق اللغوي آملين أن تفيدكم وتنفعكم إن شاء الله.
طريقك نحو أن تكون مدققًا لغويًا
ما هو التدقيق اللغوي؟
التدقيق اللغوي هو القيام بمراجعة الكلمات المكتوبة أو المنطوقة، وتعديل ما قد يتواجد بها من أخطاء لغوية سواء صرفية أو إملائية أو نحوية ثم جعل النص على الوجه الصحيح بعد إبدال تلك الأخطاء بما يعادلها من صحيح اللغة طبقا للقواعد اللغوية الصحيحة.
هل يوجد كلية معينة تؤهلك لأن تكون مدققا لغويا؟
بالطبع؛ لا توجد كلية متخصصة في ذلك المجال بل إن هناك بعض العاملين في مجال التدقيق اللغوي كلياتهم أبعد ما يكون عن التخصص في اللغة العربية، ولكن الفيصل في النجاح في مجال التدقيق اللغوي الإدراك بما يتطلبه سوق العمل والإلمام الشمل باللغة العربية الفصحى وكذلك العامية، وأيضا من أسباب نجاح المدقق اللغوي أن يكون شخصا لديه إطلاع وقراءة في الكثير من المجالات وبالأخص في مجال المراجعة الذي يقوم به سواء كان صحفيا أو شرعيا أو في الإذاعة أو غير ذلك من مجالات التدقيق اللغوي.
نصائح فعالة وهامة حول التدقيق اللغوي والتصحيح؟
الأصل أن يبذل الباحث قصارى جهده حتى يقوم بالتدقيق اللغوي والتصحيح بنفسه، ولكن الباحث الذي ليس له خلفية في التدقيق اللغوي من حيث معرفة الأخطاء اللغوية والنحوية والصرفية لا يمكنه أن يقوم بذلك بنفسه، لذا فالتدقيق اللغوي من أصعب النقاط التي تواجه الباحث أو الكاتب إذا كان من طبيعة عمله أن يكتب بشكل دائم ومستمر. لذا فاللجوء إلى مدقق لغوي ماهر وخبير وذي مهارات نحوية ولغوية أمر يحتاج إليه كل باحث أو كاتب وغير ذلك من المجالات.
يجب على المدقق اللغوي ألا يقرأ البحث أو المقال كله ويراجعه دفعة واحدة بل يقوم بعمل تدقيق لغوي لفقرة فقرة من فقرات البحث قبل تسليمه للجهة المعنية. وهناك فرق بين التدقيق اللغوي والتحرير حيث أن التدقيق اللغوي يعد مراجعة المقال أو البحث للتأكد من خلوه من الأخطاء النحوية أو الإملائية أو اللغوية، أما التحرير فهو عبارة عن فهم المعنى العام للنص وحذف أو إضافة بعض الكلمات ليصل ذلك المعنى إلى القارئ بوضوح.
على كل من يقوم بعملية التدقيق اللغوي أن يكون على دراية كاملة لقواعد النحو العربي أو على الأقل القواعد الأساسية التي تجنبه الوقوع في الخطأ فيكون ليه إلمام بعلامات الإعراب والبناء، والمعرب والمبني، وكذلك المصروف والممنوع من الصرف وغير ذلك من القواعد الأساسية وليس المعرفة فحسب بل إن طريقة توظيف تلك القواعد ووضعها في الموضع المناسب لها لهو أهم من المعرفة النظرية لها بكثير فالعالم بالقواعد فقط دون دراية بتوظيفها كمن يمتلك مفاتيح لا يدري أين الأبواب المناسبة لها!
إن العمل بالتدقيق اللغوي هو عمل متخصص له مراجعه وأصوله وقواعده، لذا فالمدقق اللغوي لا بد أن يكون له مراجعه من كتب اللغة والتي تعينه على البحث وتعيده إلى الصواب إن أخطأ، وكذلك تكون حجة له إذا اختلف هو وصاحب العمل على بعض الأساليب أو الكلمات أو غير ذلك فالعمل بالتدقيق اللغوي ليس بالعمل السطحي أو الذي يستطيع أن يقوم به أي أحد.
إن التدقيق اللغوي ليس نحوا أو صرفا فقط، بل إن المدقق اللغوي لا بد أن يكون له ثقافة واسعة، وإحاطة بما يحدث حوله في المجال الاقتصادي والسياسي وغير ذلك، ويفضل أن يكون المدقق اللغوي مختص في مجال ما فمثلا إذا كان يعمل بإحدى الصحف والمجلات توجب عليه أن يكون واعيا بتطورات العالم السريعة، وأسماء الرؤساء والوزراء والشخصيات العامة وما إلى ذلك لأن ذلك سيجعله له القدرة على التصحيح والتدقيق إذا ما وقع أمامه خطأ يتعلق بالمعلومات وليس خطأ صرفيا أو نحويا، وكذلك إذا كان يعمل في مجال البحث الشرعي الإسلامي فعليه أن يكون على دراية جيدة بآيات القرآن الكريم، والأحاديث النبوية وكذلك أسماء الرواة لأن تلك المعرفة ستجعله فطنا لأي خطأ في المعلومات يقع أمامه.
التركيز ثم التركيز ثم التركيز فلا تجعل عملك في التدقيق اللغوي على الهامش أبدا، حيث أن المدقق اللغوي وإن كان قد عمل سنينا طويلة في هذا المجال فلابد أن يقوم بعملية التدقيق اللغوي وهو يقظا متفطنا حيث أن ملاحظة الأخطاء النحوية والصرفية والإملائية يحتاج إلى ذهن متيقظ للغاية.
إذا كان المدقق اللغوي يراجع اللغة العربية الفصحى فإنه لا يلجأ إلى اللهجات تماما أو إلى تأويل العلماء، بل يلجأ دائما إلى الفصحى المتفق عليها في المعاجم اللغوية. وعدم التسرع في إصدار الأحكام على الكلمات بالصواب أو الخطأ بل يجب قراءة الكلمة أكثر من مرة وفهم السياق العام للجملة حتى يدرك المدقق اللغوي ما إذا كانت تلك الكلمة تحتاج إلى الحذف أو التغيير أم إنها صواب. وعلى المدقق اللغوي أن يتعلم من أخطائه السابقة بمعنى أنه إذا وقع في خطأ ما ثم تنبه إليه بنفسه أو تنبه به صاحب العمل فعليه ألا يعود لتلك الخطأ مرة أخرى.
إن العمل في مجال التدقيق اللغوي أحيانا يصيب المدقق اللغوي بالملل وخاصة إذا كان عمله يستغرق ساعات كثيرة مما يجعل تركيزه يقل وذلك سيعرضه لأن يتجاهل أخطاء دون أن يتعمد ذلك، لذا فعليه أن يأخذ قسطا من الراحة فيذهب ليتجول أو يقوم بأنشطة رياضية أو غير ذلك مما يعيد إلى ذهنه النشاط والتيقظ مرة أخرى.
لا تكن مثل الحاسوب!
على المدقق اللغوي ألا يكن مثل الحاسوب يطبق وفقط القواعد النحوية والصرفية وإنما عليه أن يقرأ النص الذي أمامه لأول مرة قراءة كاملة قبل أن يقوم بالتصحيح حتى يفهم ما المعنى أو الرسالة الذي يريد أن يوصلها الكاتب إلى القراء حيث إنه قد يفسد ذلك المعنى عند قيامه بعملية التدقيق الغوي دون أن يدري فمثلا قد يكتب كاتبا في صحيفة ما “السكة الحضيض أصبحت مسرحا للموت” فيأتي المدقق اللغوي ليغير كلمة الحضيض إلى الحديد وبالطبع فإن كلمة الحديد هي الصحيحة لغويا ولكنه بذلك التصحيح قد أفقد المقال معناه الذي أراد أن يوصله الكاتب من سوء الخدمة في السكة الحديد وقس على ذلك أمثلة كثيرة.
التميز هو سبيك للاستمرار في مجال التدقيق اللغوي.
إن عملك كمدقق لغوي والتميز فيه يتطلب منك أن تكون مميزا في عملك، وذلك بأن تكون ملما بقواعد اللغة الأساسية ومواضع استخداماتها، وكذلك بأن تكون على قدر من الثقافة العامة لا بأس به، وأيضا أن تعطي لعملك كل تركيزك وانتباهك وكذلك لتتخلل ساعات عملك بعض الدقائق من النزهة أو ممارسة الرياضة ليساعدك ذلك على توقظ ذهنك وعدم الوصول للملل وأخيرا نصيحة غالية لمن يعمل في مجال التدقيق اللغوي أن يختار مجالا ليتخصص في المراجعة فيه سواء كان شرعيا أو أدبيا أوصحفيا أو غير ذلك فأن ذلك التخصص يجعله مميزا ومطلوبا في سوق العمل.