تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » الشخصية » كيف تجيد مهارة التحكم في الرغبات دون جعلها تسيطر عليك؟

كيف تجيد مهارة التحكم في الرغبات دون جعلها تسيطر عليك؟

التحكم في الرغبات ليس أمرًا سهلًا، كما يعلم الجميع ففي بعض الأحيان تعترينا رغبات لا نستطيع مقاومتها مهما حاولنا. لكن باتباع خطوات بسيطة؛ يمكن السيطرة على الأمر كما سنرى هنا.

التحكم في الرغبات

يمكن اعتبار التحكم في الرغبات بمثابة صراع بين الرغبات المباشرة مثل؛ الرغبة في تناول الكثير من الأطعمة أوالمشروبات الكحولية، وبين أهداف وقيم ضبط النفس مثل؛ حفاظ الشخص على وزنه، أو عدم الانجراف إلى شرب الكحوليات المحرمة، أو البقاء مخلصًا لشريكه. ويمكن أن تشكل هذه الصراعات حالات من الاضطراب النفسي في الحياة اليومية. وتظهر إحصاءات الصحة العامة أن 40 في المائة من حالات الوفيات كل عام، في مختلف بلدان العالم؛ ناتجة عن سلوكيات غير صحية، مثل الطعام غير الصحي، والتدخين، والكحول، وتعاطي المخدرات غير المشروعة.

تعريف الرغبة

قبل الحديث عن كيفية التحكم في الرغبات؛ ينبغي تحديد معنى واضح للرغبة. الرغبة يمكن تعريفها على أنها مشاعر إيجابية (الدافع) نحو شيء معين، أو شخص، أو نشاط ما. وهي أمر طبيعي، سواء تعلقت بالعقل أو الجسم. وبعض الرغبات تكون بسيطة نوعًا ما ومباشرة – مثل الحلم بمنزل أو وظيفة، والبعض الآخر يكون معقد نسبيًا مثل الرغبة في الأكل أو التدخين؛ وذلك لأنها تتأثر بالمعرفة الصحية، والتصورات الثقافية، والمعايير الاجتماعية والتوقعات الشخصية. وتختلف الرغبات في القوة وبالتالي في قدرتها على تحفيز السلوك. وتحديد ما إذا كان الناس سوف يستسلمون للرغبة في أي وقت من الأوقات يعتمد على أمرين: قوة الرغبات وقدرة (قوة) النفس على التحكم في الرغبات. وعندما تصبح الرغبة أقوى، فربما تحتاج النفس إلى حشد المزيد من سلطات ضبط النفس للتغلب على الرغبة في الفعل. لذلك؛ عند غياب الرغبة لا تكون هناك حاجة ماسة للسيطرة على النفس. وللعلم، فإن قوة الرغبات تختلف من شخص لآخر، والأشخاص الذين يعانون من انخفاض ضبط النفس هم الأكثر عرضة للفشل.

كيف تتولد الرغبة؟

فهم طبيعة منشأ الرغبة؛ سيساعدنا على التحكم في الرغبات قبل أن تسيطر علينا. بشكل عام، نجد أن الرغبة تنشأ بطريقة تلقائية نسبيًا؛ حيث تقوم أجزاء من الدماغ بتقييم الحوافز الخارجية (المحفزات) على خلفية حالات الحاجة الداخلية (مثل الجوع، أو الشغف، أو الشعور بالوحدة) وتاريخ تعلم الفرد. وكلما نجحت الرغبة في الوصول إلى منطقة الذاكرة العاملة، فإن الشخص يصبح واعيًا ومستجيبًا أكثر لرغباته. على سبيل المثال؛ كلما زاد الاهتمام الذي يخصصه الشخص لمحفز ما (غذاء عالي السعرات الحرارية مثلاً)، كلما زاد احتمال أن يكون لديه شعور شخصي قوي بالرغبة في الأكل. علاوة على ذلك، فإن الرغبات القوية تؤدي إلى مزيد من التفكير الخاطئ، على سبيل المثال، يقول الشخص لنفسه: “أنا لم أتناول هذا الطعام منذ فترة طويلة، سأتناوله لمرة أخرى أخيرة، وبعد ذلك سوف أبدأ نظامي الغذائي!”. وفي الحالات القصوى، قد تطغي الرغبة في الذاكرة العاملة وتتزاحم مع جميع الأهداف البديلة الأخرى.

كيف يمكن التحكم في الرغبات ؟

فيما يلي عرض لبعض الاستراتيجيات التي يمكن اتباعها للتحكم في الرغبات:

تقييم الموقف

حتى يتمكن الشخص من التحكم في الرغبات؛ ينبغي عليه تقييم الموقف، وهو ما يعني تجنب أماكن أو أنشطة معينة؛ لتجنب تعرض الشخص للإغراءات. فالقرب يمكن أن يزيد من قوة الرغبة في الأشياء (قطعة من كعكة الشوكولاتة)، وغالبًا ما تنشأ الانتكاسات عن طريق الإشارات البيئية (مثل مشاهدة الآخرين يشربون السجائر).

الانتباه للرغبات

الانتباه والاحتراس هو وسيلة فعالة للتحكم في الرغبات. وفي هذه الاستراتيجية، يسعى الناس لتوجيه انتباههم بعيدًا عن المحفزات التي تؤدي إلى الرغبة غير المرغوب فيها. وذلك عن طريق تحويل الانتباه إلى أماكن أخرى، فمثلًا قد يمنع المرء نفسه من مشاهدة الأفلام الرومانسية، حتى يبتعد عن تحفيزها المغري ويحد من تأثيرها العاطفي عليه.

قمع الأفكار غير المرغوب فيها

قمع الأفكار هو فعل متعمد للتحكم في الرغبات، ومحاولة إخراج الأشياء غير المرغوب فيها من مجال وعيك. قمع الفكر هو أيضًا شكل من أشكال الإنكار، وهو عملية محاولة واعية لتجنب بعض الأفكار، ومع ذلك، فهذه ليست مهمة سهلة، بل تشبه محاولة تغريق قطعة من الفليين في الماء، ولا تساعدنا على تخلص نهائي من الرغبة المسيطرة. ففي تجربة كلاسيكية تم إجرائها على مجموعة من الناس، طلبوا منهم ألا يفكروا في الدب الأبيض لبضع دقائق، وكانت النتيجة أن جميع الأشخاص فشلوا في منع أنفسهم من التفكير في الدب الأبيض، وكأنه يفرض نفسه بالقوة على الدخول في حيز تفكيرهم. وهي ظاهرة شبهها الباحثون بتأثير الانتعاش؛ فما نقاومه يستمر، على سبيل المثال، محاولة عدم التفكير في كب كيك تجعلك ترغب في ذلك أكثر من الأول.

تقبل الرغبات

تقبل الرغبات والشغف كحالات مؤقتة بدلاً من محاولة قمعها قد تجعل من السهل على الناس التحكم في الرغبات غير المرغوب فيها. والمفتاح لذلك هو عدم بذل الجهد لقمع الفكر الخاص بك؛ ما عليك سوى الانتقال، وسوف تجد فكرك يتحرك بشكل طبيعي إلى أمور أخرى. فإذا كنت تريد حقًا أن تتوقف عن التفكير في الدب الأبيض، فمن الأفضل السماح لنفسك بالتفكير فيه، ثم بعد فترة من الوقت ستجد أن هذا الفكر يذهب بعيدًا من تلقاء نفسه.

النظر إلى الرغبات بصورة مختلفة

عند النظر إلى الجوانب السيئة من الأشياء؛ فإن ذلك يساعدنا على التحكم في الرغبات وكبح سيطرتها علينا. فمن الممكن للناس استخدام استراتيجيات مختلفة لتقييم الإغراءات. على سبيل المثال، التركيز على الجانب السلبي من كعكة الشوكولاتة؛ وهو السعرات الحرارية، أو التفكير في الآثار المدمرة للتدخين على الرئة. فيمكن للصفات السلبية والعواقب الوخيمة للرغبات من الانتصار على ميزاتها التحريضية، وقلب موازين التفكير.

إعادة توجيه الرغبات

التحكم في الرغبات يمكن أن يتم عن طريق إعادة توجيها. فأولئك الذين لديهم رغبات عالية؛ لديهم أيضًا طاقات داخلية عالية تحتاج إلى إخراجها. ويتم موازنة الطاقات من خلال تعلم شيء جديد أو الانخراط في أنشطة إبداعية، مثل تعلم مهارة جديدة، أو لغة، أو الرقص، أو الموسيقى، الرسم، أو أي شيء يهمك. يمكنك حتى صناعة شيء جديد، أو طبق طبخ جديد، أوكتابة قصة أو عمل تصميم. كذلك يمكنك قضاء بعض الوقت في الطبيعة، والتأمل، والقيام بممارسة اليوغا؛ من أجل تهدئة العقل.

تحدث مع عقلك

من أجل التحكم في الرغبات بطريقة فعالة؛ قل لعقلك: “أعطني دقيقة واحدة لإنهاء هذه المهمة وبعد ذلك سأعود”، وانتقل إلى مشاهدة الفيديو، أو تنظيف المنزل، أو إلى أي شيء كنت تفعله. وحتى لو لم تكن تفعل شيئًا؛ قم بمزاولة أي نشاط، مثل مشروع غير مكتمل أو شيء كنت قد أجلته لفترة طويلة، مثل: إجراء مكالمة، أو مسح الزجاج، أو طي الملابس الخاصة بك، أو التخطيط لليوم، أو تلميع حذائك. فهذه الأشياء سوف تصرف عقلك عن الرغبة الملحة، وستجعلك تنخرط في نشاط صحي بديل.

التخلص من الرغبات

الشعور بالوحدة هو إحدى العوامل التي تجعل من الصعب على الشخص التحكم في الرغبات. لذلك يجب عليك البقاء على اتصال مع الأصدقاء المقربين، والمشاركة في محادثات ذات مغزى، وبناء علاقات على الصدق والثقة مع الأشقاء والأسرة. وتبادل سعادتك وأحزانك معهم معهم؛ والحصول على دعمهم. فالإنسان هو كائن اجتماعي، يحتاج إلى التفاعل مع الناس، والإفراج عن الهرمونات السعيدة. وبدلاً من الجلوس بمفردك ومشاهدة التلفزيون، وطلب كل شيء على الإنترنت، اذهب إلى السوق، وتعرف على جيرانك، واقض بعض الوقت معهم، واحتفلوا بالمهرجانات معًا.

هاميس البلشي

مدونة مصرية، وطالبة بكلية الصيدلة جامعة القاهرة، مهتمة بالعلوم الإنسانية خاصة الأدب والفلسفة.

أضف تعليق

1 + 9 =