البيت الضيق من أكثر الأمور التي قد تؤرقك كثيرًا في حياتك، والتي تكون في الغالب رغمًا عنك، فمثلًا إن كنت شابًا، وتتطلع لبناء حياة جديدة، وأسرة، فربما قد لا يشكل الأمر ضررًا كبيرًا في البداية، ولكن ما إن تكبر أسرتك تدريجيًا، ويزيد عدد أفرادها؛ فإن أمر البيت الضيق غالبًا ما قد ينعكس بالسلب على حياتك بأكملها، فبكل بساطة إن أزمة البيوت الضيقة تنحصر في أنها قد تشعرك بالضيق في أغلب الأوقات، وإن كنت كذلك بالفعل؛ فلن تكون قادرًا على التعامل مع الحياة، ومشكلاتها بطريقةٍ صحيحة!
استكشف هذه المقالة
ما هو تأثير البيت الضيق نفسياً؟ وكيف تجعله واسعًا؟
البيت الضيق ، هل لنا دخلٌ في هذا؟
الحمد لله الذي رزقنا نعمه، من غير حولٍ منا ولا قوة! فإن الله –تعالى- قد قسَّم الأرزاق، فجعل لكل منا نصيبه، وكان الأمر دائمًا أن لكل إنسان طريقته في التعامل مع رزقه، فمنهم من يرضى، ولكنه لا يقتصر على الرضا فقط، بل يأخذ بالأسباب ويسعى، فهو شخص طموح، يتطلع دائمًا نحو الأفضل، ولا يضيع الله أجر من يحسن عمله، ومنهم من يرضى ويركن لما هو عليه، فيظل كما هو، ومنهم من يسخط، وهكذا! والمسكن من أنواع الرزق ضيقًا كان أو واسعًا، ولكن بالطبع فإن البيت الواسع من أكثر النعم التي يتمناها المرء في حياته، فكما يقال دائمًا فإن البيت الضيق هي علامة على شقاء الفرد في حياته، وبالنظر إلى كون المسكن الواسع أو الضيق من رزق الله –تعالى- يهبه لمن يريد، فهل لنا نحن علاقة بكون منزلنا ضيقًا كان أو واسعًا؟ أرى الإجابة أنه بالتأكيد نعم! فبغض النظر عن فكرة الرزق، وفكرة السعي بعد الرزق للحصول على حالٍ أفضل، فإن المرء في وقتنا الحالي صار كأنه لا يستطيع وزن الأمور بطريقةٍ صحيحة، فمن وجهة نظري أن من أكثر الأمور التي تساهم في جعل بيتك ضيقًا العادات والتقاليد!
كيف يمكن للعادات والتقاليد أن تجعل بيتك ضيقًا
العادات والتقاليد من أكثر اللعنات التي من الممكن للمرء أن يحصل عليها في حياته، والتي من دون مبالغة تجعل الحياة أكثر ضيقًا، وأكثر بؤسًا. بالطبع ليس جميع العادات والتقاليد، ولكن تلك التي تتعلق ببناء أسرة، وحياة جديدة، فعند الزواج يتكلف المرء الكثير مما لا يطيق حتى يتزوج، خاصةً عندما يتعلق الأمر بتجهيز بيته، فهناك الكثير من الأشياء التي –كما يدعون- لا غنى عنها في أي منزل، فمثلًا في بعض المناطق يحتم على الرجل أن يأتي بالأجهزة كاملة، ولكن هذا ليس الأمر تمامًا فبغض النظر عن هذا، فإنه يحتم عليه أن يأتي مثلًا بجهازين تلفاز بدلًا من واحد!! حقًا؟! وليس تلفازًا صغيرًا، بل في مثل حجم هذا الذي يوضع في المقاهي، أو لا يمكن أن يتزوج بحالٍ من الأحوال من دون السفرة التي لا بد أن يكون عدد الكراسي فيها ليس أقل من 12 كرسي، أو بغرفة صالون، وأخرى انتريه، أو بغرفةٍ للأطفال بها سريرين، ومكاتب للأطفال، إن الأمر أقرب للدعابة، كل هذا بالطبع مجرد مثال لا يذكر في بحر ما يفعلونه، فلم نأت على ذكر ما يقوم به أهل الزوجة من أجل تجهيز ابنتهم الغالية، فإن الأمر يكون محسومًا تمامًا بالأعداد، فإنه لن يكفي أن تتزوج بطقم طبخ واحد، بل يجب أن يكون هناك على الأقل ثلاثة أنواع منهم، وعددًا لا بأس به من الفوط، والكاسات، وعدد لا بأس به من مخزون الطعام في الشتاء والصيف، والملابس، والكثير الكثير من الهراء، وبعد كل هذا فإننا نرجع أمر البيوت الواسعة، و البيت الضيق كليةً إلى أنه رزق من الله لا دخل لعباده به، بعد كل هذا الهراء الذي نأتي به، نزاحم به بيوتنا، والتي لا نجد فيها لمحة سريعة عن البساطة، بل هي مصنعًا للتكلف والمبالغة والإسراف. أعرف أمثلة عديدة أتت بما أتت، ولكنها لم تتمتع يومًا واحدًا بما حصلت عليه، فالسعادة رزق من الله –تعالى- أيضًا، ولا نحصل عليها بقائمة مشتريات بالية!
كيف تجعل البيت الضيق يبدو واسعًا أكثر
من الجميل أن يحاول المرء جاهدًا أن يغير من وضعه الحالي ليكون أفضل، ولكن من الأهمية أيضًا أن ينعم ببعض من السلام الداخلي الذي يجعله يرضى بما قسمه الله له، فالرضا دائمًا يكسب المرء القدرة على الحياة، فعندما يشعر المرء بالرضا سيكون قادرًا على تقبل الوضع، ومن ثم تغييره، بعكس السخط الذي يُنتج اليأس، والذي يُفضي إلى حالة من الاكتئاب والضيق الدائمين، لذا فإن كنت تمتلك بيتًا ضيقًا، فعليك أن ترضى في مقدمات الأمور، ومن ثم سنفكر في حلولٍ كي تجعل بيتك أكثر رحابة، وسيكون بإذن الله!
تخلَّص من العادات والتقاليد
لقد ذكرنا الكمية الرهيبة من الهراء والتي يتحملها المرء جرَّاء اتباعه للعادات والتقاليد التي لا تغني من جوع، فكما نعلم أن لكل بيتٍ مساحته الخاصة، والتي يجب أن تمتلئ بقدرٍ معين من الأمور المهمة، والتي -بالفعل- لا غنى عنها في أي منزل، فيجب أن يكون المرء جادًا فيما يختار أن يضيفه إلى منزله، فعليك في البداية أن تقيم وضع البيت الضيق الذي تمتلكه، فمثلًا عندما تختار الأثاث ليس عليك أن تختاره تبعًا لما يجاري ما في السوق مثلًا، ولكن الذي يجب عليه أن يكون وضع بيتك، فبالطبع اختيار الأثاث الصغير سيكون مثاليًا، ربما استشارة شخصٍ يفهم في هذه الأمور لن يضر، لا أقول أنك بالضرورة أن تتكلف أمر مهندسٍ للديكور، ولكن ما أعنيه أن الأمر بحاجة إلى التدقيق أكثر فيما يجب أن تختاره كي تضعه في منزلك، فمن الممكن أن تقوم بطلب أثاث مخصوص أو ما يُعرف بـ”العمولة” والذي سيكون مناسبًا لمقاسات بيتك أكثر، كما أن الأمر بالنسبة للأجهزة سيان، فاختيار حجم الأجهزة، أو اختيار الأجهزة الضرورية بالأساس أمر في غاية الأهمية، كما أنه يجب على الفتاة أيضًا أن تقدر حجم بيتها، فلا تملأ المنزل بكمية من الأمور التي لا تفيد، يجب أن يكون المرء عمليًا أكثر فيما يختاره، ولدينا الكثير من الأمثلة عن كمية الأشياء التي نحضرها بسبب شهوة المرء للشراء فقط، ولا نقوم باستعمالها فيما بعد! لذا فإن اختيارك الأمور الهامة في منزلك سيوفر عليك الكثير من العناء، والمساحة.
استغلال المساحات
لقد ذكرت أن من الأمور التي يجب على المرء فعلا في البيت الضيق هو أن يكون دقيقًا في اختياره الأثاث المناسب في حجمه، ومن الجميل ظهور هذا النوع من الأثاث الموفر، والذي يمكن به استغلال المساحات بطريقة رائعة، فمثلًا من الممكن أن تحتوي قطعة أثاثٍ واحدة في الاستخدام على ما يقرب من 3 قطعٍ أخرى، فهو الأثاث المتعدد الاستعمال، فقد يكون لديك سرير واحد، ولكن من قام بتصميمه، قام بوضع رفوف بطريقةٍ مبتكرة، لوضع بعض الكتب، والديكورات، كما أنه قام بوضع أيضًا مكانًا كخزانة، ليمكنك من وضع ملابسك أو أي شيٍ آخر، فأغناك هذا عن إحضار مكتبة، ودولاب خاص، كما أن هناك بعض الأفكار الرائعة التي عبارة عن مكاتب معلقة، أو أسرة معلقة، أو السرير الذي يحتوي على أكثر من دور في غرف الأطفال، وقد يمكن الاستغناء عن “الكومودينة” التي توضع إلى جوار السرير، واستبدالها برفٍ مكون من عدة طبقات، ليتسع للعديد من الأشياء، مثل الكتب، والزينة وغيرها، وبالنسبة للمصابيح الجانبية، يمكن استبدالها بالمصابيح المعلقة، كما أنه يجب استغلال الجدران بشكلٍ أفضل فعوضًا عن وضع اللوحات وغيرها، يمكن وضع الرفوف، لوضع الأشياء عليها، كل تلك الأمور ستجعلك تستغل مساحة منزلك بطريقةٍ رائعة، كما ستجعلك تبدو راضيًا أكثر، أجد كثيرًا من البيوت الواسعة، ولكنها تجمل من الضيق ما يجعلك تتعجب صراحة، وهذا بسبب الاستغلال الخاطئ للمساحات، والحشو الذي لا يفيد من الأمور الغير ضرورية بأي حالٍ من الأحوال.
التخلص من عادة الاحتفاظ بالأشياء
قد قرأت يومًا في كتاب أن من طرق الحصول على السعادة، هي التخلص من الأشياء القديمة، والتي لا تستعمل، أو التي تم استبدالها بأشياء أخرى، أولًا بأول، فإن كثرة الخردة، أو الأشياء القديمة بغض النظر عن أنها تمتلك حيزًا كبيرًا يمكن استغلاله بطريقة أفضل، أو توفير مساحةٍ عمومًا، فإنها تسبب الإحساس بالضيق المستمر مهما كان بيتك واسعًا، فإن تلك الأشياء أيضًا تكون أكثر جلبًا للأتربة، والتي تحتاج إلى النظافة بشكلٍ مستمر، الأمر الذي يزيد من عبء التنظيف على ربة المنزل، لذا فإنه يجب وضع قانون الأشياء الضرورية فقط على قائمة القوانين التي يجب مراعاتها داخل المنزل، على الرغم من أن الكثيرين يعانون من مشكلة التعلق بالأشياء القديمة، أو الاحتفاظ بالأشياء عمومًا، أو مشكلة التردد في كون هذا الشيء القديم نافعًا فيما بعد، ولكن لا ينم عن هذا التعلق إلا الضيق، يجب أن يكون المرء عمليًا أكثر فيما يتعلق بأمر البيت الضيق !
ألوان الجدران، والأثاث
من المعروف أن الألوان في أي مكان تؤثر على نفسية المرء، فبعض الألوان قد تعطي شعورًا بالراحة، وأخرى قد تبدو كئيبة، وبالطبع فإن تأثير الألوان على الفرد يختلف من شخصٍ لآخر، ولكن من المعروف أن الألوان الجدارية لها شأن كبير فيما يتعلق بأمر المساحات، فهو أمر أقرب إلى الخدعة، فقد يبدو البيت الضيق أكثر اتساعًا بسبب ما يحويه من ألوان، لذا فإن كنت تعاني من مشكلة البيت الضيق؛ فما عليك إلا اختيار الألوان بعناية، فمثلًا من المعروف أن الألوان الفاتحة تعطي اتساعًا أكبر للمكان بخلاف الألوان الغامقة، وهذا لا يقتصر على ذلك فقط، بل أنه بإمكانك مثلًا صبغ جدار واحد بلونٍ غامق، خلافًا لباقي الجدران وتسليط الضوء على هذا الجدار، عن طريق تعليق بعض اللوحات أو الصور، فإن هذا الأمر يساعد على إيصال إيحاء بأن المكان واسع، بخلاف صبغ الجدران كلها بلون واحد غامق، فإن هذا الأمر يتسبب في الإحساس بضيق المكان، كما أنه من الأفضل الابتعاد عن ورق الحائط الذي يحتوي على زخارف كثيرة إن كان البيت ضيقًا، فهو أيضًا يسبب الإحساس بالضيق، بخلاف وضع هذا الورق في مكانٍ واسع. ومن الأسرار التي يحكي عنها مصممي الديكور أن اختيار لون مغاير لأثاث الغرفة، يساعد على تشتيت انتباه الزائر عن حجم المكان، فمثلًا إن كان لون الأثاث أبيض، فالجدران تكون بلونٍ آخر مختلف، وهكذا. هذا الأمر ينطبق أيضًا على ألوان الأثاث، فمن الأفضل اختيار الألوان الفاتحة، عوضًا عن اختيار الغامقة.
أماكن التخزين
إن من المشكلات التي تعرض في البيت الضيق هي صعوبة الحصول على أماكن لتخزين الأشياء، ولكن يمكن حل تلك المشكلة عن طريق استخدام صناديق جميلة، ويتم وضعها في الأماكن الضيقة الفارغة، والتي لا تستعمل في شيء آخر، مثل المكان الفارغ فوق الدولاب، أو تحت السرير، ومن الجيد أن تكون الصناديق جميلة، فإن مظهر الصندوق سيكون مهمًا إن كان ظاهرًا، حتى لا تعطي مظهرًا عبثيًا، ويعطي إيحاءً بالتنظيم أكثر.
الإكثار من الأكسسوارات ليس بالأمر الجيد
عندما يتعلق الأمر بالبيت الضيق، فإن المكان لا يتسع أصلًا لمثل تلك الأشياء، يجب أن نتذكر أن البساطة، والعملية هما ما تجعلان الحياة تبدو أكثر راحة، كما تجعل البيت الضيق أكثر اتساعًا، فالتكلف في الكثير من الأمور ليس أمرًا محمودًا، فتخيل كثرة الزخارف والأكسسوارات التي من الممكن أن توجد في مكانٍ ضيق، سيبدو الأمر كأنك تجلس في محلٍ ضيق لبيع الخردة، الأمر لن يبدو جميلًا كما تظن. وإن كنت ترغب في أن تضع زينة في المكان فإن المزروعات هي الحل الأمثل، فهي تستطيع خداع العين لتجعل المكان يبدو أوسع، وهي فعالة في الزوايا.
المرايا
من الأمور التي تجعل البيت الضيق يبدو أكثر اتساعًا وجود المرايا، والتي عند وضعها مثلًا مقابل نافذة فيشعرك الأمر بوجود نافذتين في مكان واحد، ويمكنك لفعل هذا الأمر استخدام مرآة خلف قطعةٍ من الأثاث، بطول الحائط، حتى تظهر انعكاسًا أكبر للمكان، فالمرآة هي صديقة المساحات الضيقة!
المودة والرحمة
لقد ذكرنا العديد من الأسباب التي من شأنها بالفعل أن تساعد البيت الضيق على أن يبدو أكثر اتساعًا مما هو عليه، ولكن هناك أكثر الأسباب فعالية، والتي –للأسف- تنقص الكثير من البيوت، والتي في رأيي لن تجد بيتًا ما يتسع، أو مهما بلغت مساحته قائم أو سعيد دونها، فالبيوت يجب أن تبنى على الحب، والمودة، والرحمة، والإحسان، وغيرها من الفضائل،، فهي بمثابة الدعامات للمنزل وما إن تختل تلك الدعامات حتى ينهدم البناء، أخبرني إذن ما فائدة المساحات الواسعة، والبيت يعجُّ بالكثير من الفوضى، وعدم الرضا، والقليل من المودة والرحمة، والحب؟! ربما مهما فعلت من أشياء حتى تجعله يبدو أوسع قليلًا فإن هذا لن يحدث أبدًا للأسف.
ربما –كما يقال- فإن البيت الضيق قد يكون دليلًا على شقاء المرء في حياته، والبيت الواسع دليلًا على السعادة، على الرغم من كون هذا الأمر رزق من الله، ولكن حمدًا لله على نعمة الابتكار والعقل، وعدم دوام الحال، فبإمكان المرء أن يغير دائمًا من حاله بالسعي للوصول إلى ما يريد، وعلى الرغم من نعمة وجود البيت الواسع، إلا أنه ليس بالضرورة دليلًا أيضًا على سعادة مالكيه، فقد يمتلك الإنسان بيتًا واسعًا، ولكنه يضيق كثيرًا بضيق أفراده، وانعدام المودة، والرحمة بينهم، فإن البيوت تقام على الحب والمودة بين ساكنيها، ولا فائدة من المساحات في هذا الوقت، فسيظل البيت ضيقًا مهما كان، كما أن سوء استغلال المساحات قد يؤدي إلى نفس النتيجة من الضيق، فالمبالغة في التكلف، وجلب الكثير من الأشياء التي لا قيمة لها، بالطبع لن تجعل البيت واسعًا كما يجب من المفترض له أن يكون، لذا فإن عدم استخدام العقل لاستغلال المساحات عمومًا ضيقة كانت أو واسعة لن يفضي إلى الراحة، وسيتسبب دائمًا في الشعور الدائم بالضيق، وسبحان الله، فإن النفس ما إن ضاقت، فلن تجد الأرض مكانًا رحبًا مهما اتسعت المساحات.
أضف تعليق