كما هو معلوم فإن الاستعداد للعملية الجراحية في أحيانٍ كثيرة هو بنفس أهمية العمل الجراحي الذي يقوم به الجراح، حتي وإن كانت عملية جراحية بسيطةً للغاية، إلا ن إغفال أي إجراءٍ من إجراءات السلامة أو بعض التدابير التي يجب اتخاذها قد يؤدي إلى مضاعفاتٍ خطيرة ربما تؤثرُ في حياة المريض تأثيراً شديداً، لذلك إن كنتَ ستخضع لعمليةٍ جراحيةٍ في القريب العاجل، فعلي الأرجح سيفيدكُ هذا المقال، لأنني سأحرص فيه علي توفير الكثير من الأجوبة لما قد يجولٌ بخاطركَ عن كيفية الاستعداد للجراحة من وجهة نظر الجراح وبالنسبة للمريضِ أيضاً.
أهم قواعد وإرشادات الاستعداد للجراحة
خطة الاستعداد للجراحة
عزيزي المريض، يبدأُ الاستعداد للعملية الجراحية في تلك اللحظة التي يقرر فيها الجراح بأنه لابد من إجراء تلك العملية بأسرع وقتٍ ممكن، وأولي خطوات الاستعداد للعمل الجراحي هي أن تقوم بسؤال طبيبك عن: النتائج المتوقعة من العملية؟، وما هي الخطة التي ينتوي الطبيب اتباعها معك حتي تتماثل للشفاء؟، ما هو الدور الذي يقع علي عاتقكِ حتي يُكتب لك الشفاءُ التام دون أي عواقب أو مخاطر؟
عليكَ كذلك أن تعلم بأن قرار إجراء الجراحة لابد وأن يصحبه اطمئنانُ علي حالتك الجسمانية، وذلك يتمثلُ في قيام الطبيب بإجراء فحصٍ شاملٍ لك، حتي يتأكد من استعدادك التام للخضوع للجراحة وأنه لا تتوافرُ لديك أي معوقات تعوق قيامك بهذه الجراحة، وعادةً تُجري بعض الفحوصات مثل: ” أشعة معينة، تحاليل دم، صورة شعاعية للصدر ” تخطيط القلب الكهربائي ” ECG”” كذلك إجراء اختبار الحمل بالنسبة للمتزوجة، قبل الجراحة بأسبوع هذا بالتأكيد غير الفحوصات المطلوبةٍ بالذات للعملية الجراحية نفسها كالأشعة المقطعية علي الصدر إن كنت تعاني من التهاب الزائدةِ الدوية مثلا وغير ذلك، لذا فالفحص الشامل لصحتك هو أولي الخطوات التي يُمكنُ بها الاستعداد للجراحة .
مناقشة الطبيب للمريض
كذلك علي المريض مناقشة الطبيب قبل الجراحة وإخباره بالأدويةٍ التي يتعاطاها، حتي يتعين علي الطبيب إخباره بالأدويةٍ التي يجبُ إيقافها، حيثُ أن كل من: الأسبرين والمورفين وبعض مضادات الالتهاب لابد وأن يتم إيفاقها قبل العملية الجراحية بأسبوع، إذ أنها تسبب سيولة الدم، وتزيد من احتمالية حدوث نزفٍ داخل حجرة العمليات، كذلك بعض الأدوية المُهدئة وأدويةُ أخري مثل: الكورتيزون، وبعض الأدوية المُدرة للبول والمضادات الحيوية تؤثرُ بالسلب علي المريض أثناء وبعد الجراحة، كذلك الأدوية الخافضة للسكر، موانع الحمل، لكن هنالك بعض الأدوية التي يمكن الاستمرار بتناولها حتي يوم العملية مثل: الأدوية الخافضة لضغط الدم الشرياني، وغيرها.
التأكد من عدم الإصابة بالعدوى
أيضاً يجب علي الطبيب الجراح التأكد من أن المريض ليس مصاب بأي عدوى في الجهاز التنفسي ولا يعاني من أية مشاكل فيه، كذلك علي المريض أن يعلم بأنه في حالة توقفه عن التدخين يمكنه بذلك أن يحد من مخاطر العملية الجراحية، أو علي الأقل يمكنه أن يخفف منها، فهو بذلك يُسدي خدمةً جليلةً لنفسه، لذلك لابد وأن يتوقف عن التدخين مدة 6-4 أسابيع قبل الجراحة.
ينبغي علي المريض أن يتحدث مع طبيبه حول بعض الالتهابات مثل: التهابات المسالك البولية وغيرها، لأنه لابد وأن تعالج قبل إجراء العملية الجراحية، فهذه احدي أكثر أهم الأمور التي يجب الانتباه إليها قبل الاستعداد للعملية الجراحية، حيث أن القاعدة الطبية تقول: إنه لا يمكن إجراء جراحة والمريض يعاني من أي نوع من أنواع الالتهابات سواء كانت خارجية أم في أنسجة الجسم الداخلية.
فحص الجهاز الدوري
يجب فحص حالة القلب والأوعية الدموية للمريض بمعني أن يتم فحص ضغط دم المريض ونبضه وكذلك علي الطبيب الجراح أن يتأكد من أن المريض لا يعاني من أية أمراض في القلب قد تعوق إجراء العملية الجراحية،
كذلك يتعين علي المريض مناقشة الطبيب عما إذا كانت هنالك احتمالية لنقل الدم أثناء الجراحة حتي يمكن تجهيز الكمية اللازمة من نفس فصيلة الدم للمريض، لتجنب حدوث بعض المشاكل في الحالات الطارئة أثناء الجراحة.
كذلك يجب تنبيه المريض للاهتمام بغذائه في الفترة التي تسبق وتلي العملية الجراحية حيث لا ينبغي عليه الإكثار من الدهون وتقليلها جدا فناهيك عن أنها تؤثر بالسلب علي صحته عموما، إلا أنها تعوق تماثل المريض للشفاء.
وعليه أن يكثر من تناول البروتينات والفيتامينات لأنها تساعد علي التئام الجروح بعد العملية، وتحسن صحته بشكل عام.
فحص الكبد والكليتين
علي الطبيب الجراح أن يفحص حالة كبد المريض وكليتيه، فمن المعروف جدا أهمية دور الكبد في تخليص الجسم من مواد المخدر الذي يستخدم في الجراحة، وكذلك تساعد الكليتين في عملية التخدير حيث أنها تفرز موادًا مخدرةً أيضاً، لذلك إن كان المريض مصاب بالتهاب الكليتين أو فشلهما أو الفشل الكلوي لابد وأن يتم تأجيل الجراحة أو عدم القيام بها أصلاً.
كذلك في حالة كون المريض مصاباً بمرض البول السكري، لابد من مراقبة نسبة السكر في الدم، حيث لا تجري الجراحة ونسبة الجلوكوز في الدم عالية، لذلك لابد من الانتظار حتي تنخفض نسبته في الدم إن كانت عالية.
ما سبق ذكرهُ هي بعض أهم الأمور التي ينبغي للمريض أن يكون علي علم بها قبل الاستعداد للجراحة .
الأمراض السابقة
أيضاً، من أهم العوامل التي تحدد طريقةَ تحضير المريض للعملية الجراحية، هي: الأمراض السابقة، فلابد وأن يكون الجراح علي علم بجميع أمراضك السابقة التي عانيت منها وكذلك الحالية، حيثُ سيطلبُ طبيبُك الجراح استشارةً مكتوبةً من الطبيب الذي تتلقي عنده العلاج بشأن العملية الجراحية ومدي إمكانية خضوعكَ لها، وما إن كانت تؤثر بالسلب علي صحتك، وتوصياته بشأن الاستعداد للجراحة وإذا ما كانت هنالك أي أدوية يمكنه أن يوصي بتناولها قبل أو بعد الجراحة، كذلك يتعينُ عليك إخباره بجرعاتُ الأدوية الحالية التي تتناولها أو التي توقفت عنها، حتي يتسنى له أن يمنع أي تداخل بين الأدوية المخصصة للحالة وبين الأدوية التي تتناولها أو أوقفتها منذ مدة ليست بالكبيرة، أيضاً أخبره عن جميع العمليات الجراحية التي سبق وخضعت لها، وكذلك لابد وأن يكون علي علمٍ بالأدوية التي تصيبك بالتحسس، وعما إذا حدثت أي مضاعفاتٍ لك أثناء أجراؤك لجراحةٍ سابقة سواءً كنت أنت أو أحد أقاربك من الدرجة الأولى.
الأدوية الخاصة
كذلك لابد للمريض وأن يعلم إن كانت هنالك أي تحضيراتٍ خاصة لابد وأن يقوم بها، أعني بعض الأدوية الخاصة التي يتم تناولها في فترة إجراء الجراحة فقط، أو بعض الإجراءات الخاصة التي عليه اتباعها فترة من الزمن قبل الجراحة، فمثلاً:
إذا كان الجراح ينتوي إجراء أي عملية في القولون لابد وأن يتناول بعض المسهلات، والاقتصار علي تناول بعض السوائل في اليوم السابق للجراحة. الامتناع عن التدخين بشكل إجباري لمدة أسبوعين إن لم يكن أكثر “4-6 أسابيع” عند الحاجة لفتح البطن بشكل واسع.
كيف يُمكنُ تحضير المريض في اليوم السابق للعملية الجراحية؟!
يُطلب من المريض الصيام الكامل عن الطعام والشراب في اليوم السابق للجراحة، وإن كان لابد من تناول بعض الأدوية التي ذكرناها آنفاً يمكن تناولها مع القليل من الماء لا غير. يجب التأكد من جاهزية الملف الخاص بالمريض بجميع الفحوصات والتوصيات التي تم ذكرها سابقاً، بما في ذلك التصريحُ الخطي بالموافقة علي العمل الجراحي من قِبل المريض أو ولي أمره في حالةِ كونهِ قاصراً، هذه الأمور مُهمةُ نسبياً في كيفيةِ الاستعداد للجراحة أيضا.
ما هي الإجراءات التي يتم اتخاذها من قِبل طاقم التمريض قبل الجراحة؟
- قياس النبض والحرارة وضغط الدم.
- الطلب من المريض تفريغ المثانة قبل الذهاب لغرفة العمليات.
- يترك المريض متعلقاته مثل: ساعة يده، وغيرها من متعلقته الشخصية خارج غرفة العمليات.
- التأكد من إعطاء المريض أدويةً لاسترخاء العضلات والأتروبين بجرعاتها الصحيحة.
في النهاية، الاستعدادُ الجيدُ للجراحة تقعُ مسؤوليتهُ علي عاتق الجراح، طاقمُ التمريض والمريض، والالتزام بكل ما جاء في هذا المقال وكذلك الاهتمام بصحة المريض النفسية قبل وبعد الجراحة، تضمنُ لنا عمليةً جراحيةً ناجحة.
أضف تعليق