الإعلانات التسويقية هي الأنشطة الإعلامية بمختلف أنواعها بهدف تسويق منتج معين للسوق. منذ بداية ظهور الجرائد وبعدها التلفاز ثم أخيراً الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، والشركات تستخدم الإعلانات التسويقية بهدف ترغيب المستهلك لشراء المنتج. وهناك حكمة تقول: انفق قليلاً على صناعة المنتج، وكثيراً على الإعلان عنه. بغض النظر عن المنتج وما يحتويه تهدف الإعلانات التسويقية لإظهار ما تحبه أنت وترغب به أنت في المنتج حتى تشتريه. اليوم سنتحدث عن الأمر بشكل أكبر، وكيف يمكنك أنت كشخص تريد عرض منتجك من عمل إعلانات تسويقية تناسب منتجك.
الإعلانات التسويقية وأهميتها في تسويق المنتجات بشكلٍ فعال
قصة عن أهمية الإعلانات التسويقية
دعني أروي لك قصة بسيطة، وقد تكون طويلة ولكنك ستفهم المغزى في الأخير. سنة 1970 بدأ صراع بين شركة “كوكا كولا” للمشروبات الغازية وشركة “بيبسي” للمشروبات الغازية. وعلى حسب التقارير كانت كوكا كولا متقدمة بفارق كبير، إذ إن 18% من المستهلكين يشربون كوكا كولا فقط، وفقط 4% يشربون بيبسي فقط، والباقين يستهلكون الاثنين أو أنواع أخرى. هذا الأمر لم يعجب بيبسي وبدأت على العمل على نفسها. سنة 1980 تم إعادة الإحصاءات مرة أخرى لنجد أن كوكا كولا تصبح 12% وبيبسي 11%، وعليك أن تدرك عزيزي القارئ أننا نتحدث عن مليارات لكل 1%.
الأمر كان كارثي لأن شركة كوكا كولا كانت تنفق على الإعلانات التسويقية أكثر من شركة بيبسي بفرق مئة مليون دولار في السنة الواحدة. لم تكتفي شركة بيبسي بهذه النسبة، بل بدأت في عمل إعلانات عن اختبار تقيمه بين عامة المجتمع. الاختبار هو وضع كوبين من المشروب الغازي، الأول لكوكا كولا والثاني لبيبسي، ولكن الشخص لا يعرف من فيهم هذا ومن ذاك. والغريب أن 57% من الناس كانت تختار بيبسي. ورغم نكران كوكا كولا لصحة التجارب إلا إنها بالفعل كانت صحيحة. كوكا كولا حاولت بشتى الطرق الرجوع إلى مكانتها السابقة، حتى أنها غيرت طعم المنتج قائلة إنه أفضل. ولكن المنتج فشل وتقدمت شكاوى كثيرة ضده وأصبحت كوكا كولا في وضع لا تحسد عليه.
أخيراً قررت أن ترجع نفس المنتج القديم بنفس الطعم، والعجيب أن المنتج رجع وبقوة إلى الأسواق العالمية وتم إنقاذ شركة كوكا كولا، وحتى اليوم هي المتفوقة على شركة بيبسي في كل الأسواق العالمية برصيد 42% إلى 30% فقط. هنا يأتي دور العلماء ليفسروا الأمر بطريقة علمية. التجارب القديمة كانت تقام بدون معرفة المتذوق لمن هي كوكا كولا ومن هي بيبسي، لأنهم موضوعين في أكواب زجاجية. أما العلماء فاجأوا نفس الأشخاص ووضعوا أمامهم المشروبات ولكن كلاً في علبته الشهيرة المميزة لكل شركة. النتيجة كان فوزاً ساحقاً لشركة كوكا كولا بفرق 75%.
المغزى من القصة
القصة الماضية أثبتت أن الإعلانات التسويقية هي السبب وراء فوز كوكا كولا على بيبسي. الحقيقة بيبسي تنفق مبالغ أعلى في زيادة نسبة السكر في المنتج الغازي، مما ينشط خلايا المخ لفرز هرمون السعادة وبعض التفاعلات الكيميائية، فتشعر أنت بالفرح والسعادة وتشعر بالراحة. أما كوكا كولا فهي تنفق أكثر على الإعلانات التسويقية لسنين طويلة، وتطلق الشعارات بأنك مع كوكا كولا أسعد وأنها تجمع الأصدقاء وما إلى ذلك. إذاً هي ترسخ في عقل المستمع ودون أن يدري أنها الأجمل وبدونها لن يشعر بالسعادة. ليلتصق بعقل المستمع ذكريات حميمية لمشهد يمسك فيه منتج الكوكا كولا وهو يضحك وسعيد، وكأنها تبني علاقة عاطفية بين المنتج والشخص.
هذا هو تفسير التجارب السابقة، إذ بدون رؤية الشخص أياً من العلامات المميزة لكلا المشروبين، فهو يختار ما يسعد عقله بالتفاعل الكيميائي للسكر “بيبسي”. أما عندما يرى شكل المنتج، فعقله اللاواعي يرغمه على حب وتفضيل ما ترسخ في عقله بأنه سيقدم له السعادة “كوكا كولا”. العقل يلعب برغبات الإنسان دون أن يدري، وفي نفس الوقت من السهل أن تخدعه. وهذا هدف الإعلانات التسويقية، ترغيب العقل في شراء المنتج عندما ترى شكله دون أن يدري الإنسان لماذا بالتحديد، حتى لو كان هناك منتج أخر يقدم محتوى أفضل. طبق تلك الفكرة على كل المنتجات في العالم.
رحلة في عالم الإعلانات التسويقية
في هذا الجزء سأتكلم تفصيلاً عن التسويق وما تحتاجه حتى تنتج إعلاناً مفيداً يؤهلك إلى الوصول إلى العملاء بشكل صحيح. ما سنذكره الآن هو في الحقيقة جزء من دراسة علم التسويق والإعلان، والتي أشجع أي شخص يخوض تجارب في التعامل التجاري أن يدرسه. سواء في كورس جامعي أو من خلال الإنترنت. لأن التسويق اليوم يشغل عقل الشركات الكبرى بنسبة تزيد عن 50%، لأنك لو لم تمتلك تسويقاً شيقاً عن منتجك فلن يباع هذا المنتج أو الخدمة المعينة التي تقدمها. ومن هنا فمن يمتلك مهارات التسويق يمتلك السوق.
هناك خمس عوامل تحدد جودة الإعلان وكفاءته ومدى تأثيره، وهم الهدف، المال، الرسالة، الميديا أو وسيلة الإعلان، وأخيراً قياس تأثير الإعلان في الواقع العملي. يجب عليك أولاً أن تحدد هدف الإعلانات التسويقية التي تريد عملها من وجهة نظرك أنت، ثم تحدد المبلغ المتوفر عندك، وبعدها الرسالة التي تريد إيصالها إلى العميل. ولكن بعد ذلك نأتي لنقطة مهمة جداً وهي كيفية تحديد وسيلة الميديا التي تريد الإعلان من خلالها. فهناك الكثير من الأنواع مثل الراديو والتلفزيون والجرائد والمجالات ومواقع الإنترنت المختلفة. هناك ثلاث معلومات من الواجب عليك معرفتها لتحديد الميديا المناسبة لك.
أولاً: Reach
وهي النسبة من العملاء التي سيصل لها الإعلان. عليك أن تسأل الجهة التي تفكر الإعلان من خلالها، عن كم شخص سيصل لهم الإعلان في اليوم الواحد. ولابد أن تمتلك تلك الجهة معلومات كافية أو على الأقل تقريبية من الواقع. فمثلاً لو كنت تنوي الإعلان في مجلة أسبوعية فعليك أن تسأل كم من الأشخاص يشترون تلك المجلة في الأسبوع الواحد، لأن عدد عملائك المحتملين هم هذا العدد تقريباً. وبعد ذلك تقرر ما إذا كان العدد مناسب وكافي بالنسبة لك أم لا، حتى تبحث عن وسيلة أخرى.
ثانياً: التكرارية
بمعنى، كم مرة سيتم عرض الإعلانات التسويقية الخاصة بك في هذه الوسيلة. هل يتم عرضها مرة واحدة أو أكثر من مرة في خلال اليوم الواحد؟ هل تعرض صباحاً أم مساءً؟ هل الفئة التي ترغب أن يصل لها الإعلان موجودة في نطاق هذه التكرارية للإعلان أم لا؟ هل هناك تغير في نوعية الفئة البشرية التي ستسمع الإعلان، أم أنت تقصد أن تكرر الإعلان لنفس الفئة حتى تزيد من فرص اقتناع العميل؟ كلها أسئلة تحدد صلاحية وفعالية هذه الوسيلة بالنسبة إلى إعلانك. على سبيل المثال، أغلب ربات البيوت يجلسون في ساعات متأخرة من اليوم على التلفاز، فلو كنت تعرض إعلانك في هذا التوقيت بشكل مكثف لمنتج الموجه لربات البيوت، فنسبة شراء المنتج وتأثير الإعلان سيكون أفضل، وهكذا.
ثالثاً: التأثير
وهو يربط جداً بالفئة التي ترغب في الوصول إليها. بمعنى، لو كنت ترغب في عرض منتج للطبخ فهل ستضعه في مجلة سياسية؟ بالطبع لا، لأن فرصته في مجلة لربات البيوت على سبيل المثال سيكون تأثيرها أعلى. أما إذا كنت تريد الإعلان عن منتج من منتجات التجميل، فهل سترغب في وضعه في وسيلة تصل إلى الفتيان والفتيات أم الفتيات فقط؟ بالطبع كلما وصل للفتيات بالتحديد سيكون أفضل ونسبة نجاحه مضمونة أكثر. إذاً عليك بدراسة تلك النقاط في أي وسيلة تفكر فيها، بالإضافة إلى فكرة المال المتاح أيضا، ومن ثم تحدد ما إذا كانت فعالة أم لا.
أخطاء تجنبها عند عمل الإعلانات التسويقية
أولاً: الافتراض
وأنت تضع أفكار إعلان، إياك أن تفترض شيئاً. لا تفكر فيما إذا كان العميل سيشتري أم لا، لا تفكر فيما كان المنتج مناسب له أم لا، لا تفكر إلا في منتجك وكيفية توصيله إلى العملاء. ومن أخطر الافتراضات التي قد تضعها هي أنك تظن أن العميل يفهم منتجك ويقدره. بمعنى، أنت تقضي وقتاً طويلاً في التفكير في روعة وجودة منتجك حد أنك تظن أن الآخرين يرونه بنفس الشكل الذي تراه أنت. في حين أن العميل لا يفهم منتجك ولا يرى جودته. قدم منتجك وكأن الواقف أمامك لا يفقه شيئاً عن ذلك المنتج أبداً، حتى وإن كان المنتج عبارة عن بوتاجاز ومن تقف أمامك ربة منزل تستخدم البوتاجاز ليل نهار، اشرح لها كل مميزات منتجك من نقطة الصفر.
ثانياً: عدم الاستماع الجيد
أنت تريد أن توصل للعملاء أفكارك عن المنتج، وفي نفس الوقت تنسى أنهم هم الأساس ومركز ومحور منتجك. يجب أن تستمع جيداً لما قد يقولونه أو أسئلتهم بعناية، حتى لا تجد نفسك تجاوب سؤال هم لا يسألوه من الأساس وينفروا منك. ادرس السوق ورغباته جيداً، وما قد يزعجهم وما قد يجعلهم سعداء، حتى تحدد الكلام المناسب على الإعلانات التسويقية الخاصة بك.
ثالثاً: الإعلان المتكامل
قد تظن أن أول خمس ثواني أو خمس كلمات هم الأقل تأثيراً على العميل، في حين أن العكس صحيح. عليك وأنت تجهز إعلانك أن تتأكد أن المحتوى بالكامل يتوفر فيه الجودة المطلوبة. من أول ثانية إلى أخر ثانية، تأثير الإعلان يمتد طوال فترة الإعلان فلا تنسى ذلك.
رابعاً: دراسة العميل
احتياجات العملاء يجب أن تشغل مساحة كبيرة من تفكيرك عند تسويق منتجك. ويتم هذا الأمر عن طريق قراءتك للسوق. سواء كنت شركة كبيرة ولديك الموارد الكافية لتجهز تقارير، أم كنت شخص مبتدأ تقرأ السوق من وجهة نظرك ومن الخبرة والسؤال. لا يوجد فينا من لا يقضي ساعات طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي ومنها ترى ما ينجذب نحوه الناس، بالإضافة إلى مقدرتك على سؤال الناس من حولك إلى ما يحتاجون إليه.
اعرف أولاً لماذا قد يشتري العميل منتجك، ومن ركز على هذا الاحتياج في إعلانك. العميل لديه احتياج أساسية ومن ثم لديه احتياجات أقل في الأهمية، ومن ثم هناك الرغبات أو الأشياء الغير الأساسية ولكنها تجعله سعيداً. في أي فئة يقع منتجك؟ هل يجب على الإعلان أن يقدم للعميل فكرة أنه يحتاج إلى المنتج في حياته بشكل أساسي، أم إنه سيريحه فقط، أو إنه سيجعله سعيد؟ أغلب الناس لا تشتري الملابس الجديدة لأنها تحتاج لها، بل لأنها تظن أنها ستكون أسعد في ذلك المظهر. الناس تفضل بعض المطاعم العالمية لأنها تظن أن الأطعمة هناك تجعلهم في حالة مزاجية سعيدة مهما كان السعر أو جودة الطعام. هذه هي الرغبات وليست الاحتياجات وتقع في نطاق العلاقة العاطفية بين العميل والمنتج. إذاً العميل هو كتلة من الرغبات والعواطف فقط، وقد تكون تلك العواطف مصنوعة من كلامك أنت في الأساس وأنت من أقنعته أنه يحتاجها. ومن هنا على الإعلانات التسويقية خاصتك أن تستهدف فكرة معينة لتكون أكثر تأثيراً وقرباً من العميل.
خامساً: الود أكثر من اللازم والحزم أكثر من اللازم
عند مقابلة العميل أو عمل إعلان، لا يجب أن تكون ودوداً في طريقتك أكثر مما يجب. لأن الود والعلاقات الاجتماعية لا تناسب جو الشراء والبيع، وتجعل العميل في خجل من التحدث بما يرغب فيه حقاً. أما الحزم أكثر من اللازم أو كونك شخص غير مرن وملتزم بالبروتوكول الرسمي في الحديث، يجعل الآخرين أيضاً ينفرون منك. الاعتدال هو الطريقة المناسبة، العميل سيظل عميل ولن يكون أخاً لك، ولكن يجب أيضاً أن تتعامل بابتسامة طيبة واستقبال مشرف. وهذا كله مبني على لغة الجسد.
سادساً: شرح المنتج بطريقة تقليدية
سواء في الإعلانات التسويقية المدفوعة أو في إعلانك أنت وشرحك للعميل عن منتجك مباشرة، يجب أن تكون مبتكر في طريقتك. طرق الإعلان المباشر قد ولت من فترة طويلة جداً، واليوم نشهد إعلانات تسويقية تعتمد في الأساس على فكرة التجديد وإضحاك العميل وفي طيات الإعلان يتم تقديم المنتج. تفاعلك مع العميل حتى يشعر بمشاعرك كإنسان عن طريقة لغة الجسد وكلامك، أحد أهم العوامل التي تحدد انجذاب العميل للمنتج، ويظل متذكر لتلك اللحظة معك حتى بعد أن يتركك.
من الأفكار الجديدة التي تتبعها الإعلانات التسويقية اليوم للشركات الكبرى، هي في التفاصيل الصغيرة جداً، التي لا تدركها أنت ولا تلتفت لها ولكنها تلتصق بعقلك وتحدد اتجاهك في الشراء بدون وعي. على سبيل المثال نجد أن شركة آبل هي الشركة التي تنتشر منتجاتها في كل أفلام هوليود الأمريكية. أتظن الأمر اعتباطياً أو غير مدفوع! حين ترى أنت ممثلك المفضل يستخدم هاتف من شركة آبل، فبتأكيد ستحاول شراء واحد منهم. كذلك قنوات MBC العربية، فهي اليوم تستخدم تلك الأفكار في عرض أغلب المنتجات التي تدعمها في طيات كل برامجها الكبرى، أو على لسان أحد المذيعين في خفية عنك. حين تقدم شركة كوكا كولا أو غيرها أغنية جميلة تنتشر في كل أرجاء البلاد وتحفظها، أيعني ذلك أنها تريد أن تنتج أغنية، أم تريد أن تضع منتجها في مقدمة اختياراتك لأنك أحببت الأغنية! الفكرة المبتكرة والجديدة لا تعني أبداً المال الإضافي ولكنها تعني مجهود إضافي في التفكير والتخطيط من خلال احتياجات السوق.
كذلك تذكر أن العميل يهتم بمنافع المنتج بالنسبة له، أكثر مما يهتم بمواصفات المنتج. بمعنى أنه لا يهتم كثيراً بأن المنتج له طول وعرض معين، هو يهتم بما يقدمه له هذا الطول والعرض الجديد ليجعله يرتاح أكثر للمنتج. تلك المعلومات الدقيقة عن منتجك وطريقة تقديمها للعميل هي من تحدد جودة الإعلان.
سابعاً: عدم النظر إلى المنافسين
في الإعلانات التسويقية يجب أن تضع للعميل سبباً وجيهاً يجعله يشتري منتجك أنت ويفضله عن أمثاله في السوق. سواء بسبب السعر أو الجودة أو أي شيء أخر. لن تستطيع الاستفادة من تلك النقطة إلا لو كنت عامل ودارس للمنافسين في السوق في نفس مجالك، حتى تتفوق عليهم ولو في نقطة معينة.
ثامناً: ارتباط الإعلان بأفكار دينية أو سياسية
لا تفكر أبداً بربط منتجك بدين معين أو أفكار سياسية معينة، حتى تستطيع الوصول إلى عدد فئات أكبر من المجتمع. الإعلانات التسويقية الموجهة للعامة هي الأنجح في التأثير. إلا في حالة واحدة أن يكون المنتج في حد ذاته موجه لاستخدام الديني أو السياسي بشكل كبير.
تاسعاً: الجدال والكذب
من أهم الأخطاء التي يجب أن تتجنبها عند عمل الإعلانات التسويقية. هناك مقولة تقول بأن العميل دائماً على حق، هذه المقولة صحيحة جداً لأن العميل هو الهدف الأساسي الذي تريد إرضاءها، فإن كان يملك مشكلة مع المنتج فهذا يعني أن هناك مشكلة ويجب أن تحلها. ولكن طريقة حلك أنت للمشكلة هي التي ستميزك عن غيرك. أحد أهم المشاكل ستجدها في سعر المنتج. لا يجب أبداً أن تجادل العميل في أن سعر المنتج مناسب، لأنه لا يرى ذلك. بل يجب أن تسأله، السعر غير مناسب من أي جهة؟ هل لأن المنتج لا يقدم الخدمات اللازمة؟ قدم حلول لمشاكل العميل مبتكرة من خلال إعلانك، شجعه على دفع المال الذي تضعه أنت بدون أن يكون حزين، تلك هي مهارة التسويق الحقيقية.
كذلك تجنب الكذب، لا تتخيل أنك لو قلت للعميل بأن سعر المنتج أقل مما هو عليه فعلاً، بأن ذلك سيجعله يشتري في كل الأحوال. أو أنك ستعطي له خصمًا وأنت لن تفعل ذلك. فلتكن كلمتك ثابتة ومحسوبة قبل أن تقولها، لأن هذا الثبات يعطي ثقة بينك وبين العميل ليتعامل معك مرة أخرى. ركز في إعلانك عن أهمية السعادة التي سيجلبها المنتج رغم هذا السعر الذي تفرضه، ولا تكذب أبدًا عن الحقيقة. يمكنك أن تقول بأن المنتج غالي، ولكن عليه خصم وسيصل إلى ما كنت توده من الأساس. يمكنك أن تقول بأن المنتج عليه هدية إضافية مفيدة للعميل، مع إن الهدية لا تزيد من سعر المنتج الكثير في الحقيقة، وهكذا.
الإعلانات التسويقية الإلكترونية
من أسهل طرق الإعلانات التسويقية في وقتنا الحالي هي التي تقام على الإنترنت. بسبب سهولة التعامل معها وقلة ما قد تحتاجه من المال. ومن أهم المنصات الموجودة وبقوة ويمكنك بسهولة الوصول لها، هي منصة الفيس بوك. الفيس بوك يصل يومياً إلى مليار و أكثر من الأشخاص بشكل شخصي ومتكرر. إذاً هو يستطيع توفير منصة جيدة للإعلانات بأسعار تفوق الخيال مقارنة بباقي الوسائل. بالإضافة إلى إن متطلباته قليلة وسهلة التنفيذ، كما إنه يعطي لك بيان شامل بأقل حركة تمت على إعلانك. كم شخص شاهد الإعلان، كم شخص تفاعل مع الإعلان وبأي نتيجة، ويوفر كذلك طرق كثيرة للتسهيل عملية البيع والشراء.
عليك فقط امتلاك وسيلة دفع للفيس بوك بالطريقة التي تناسبك. إما حساب من باي بال أو الكاش يو أو بطاقة ائتمانية من أي بنك من النوع الذي تستطيع التعامل بها على الإنترنت. بعد ذلك يمكنك تقديم طلب بالإعلان إلى الفيس بوك، سواء لمقطع فيديو أو منشور على صفحتك الخاصة. والفيس بوك سيطلب منك تحديد بعض الأشياء مثل الأعمار التي تريد الوصول لها أم ستجعل الأمر مفتوحاً، المنطقة التي تريد وصول الإعلان لها هل هي بلدك أم بلدتك أم العالم كله، وبعد ذلك الفئة هل هم النساء أم الرجال. ثم عدد الأيام التي ترغب باستمرار الإعلان فيها، ويقدم لك باقات كثيرة بسعر الدولار وما يكافئه من عملتك المحلية، ومع كل باقة سيقول لك عن العدد الذي سيصل له الإعلان. وغيرها من الأمور التي تمكنك من الوصول إلى شريحة معينة كما ذكرنا سابقاً.
في الحقيقة، الفيس بوك لديه بعض العيوب، لأن اختيار الأفراد عشوائي وقد يكون متكرر، ولكنه في المقابل مبني على أساس اهتمامات هذا الشخص. فحين تضغط أنت كشخص تمتلك حساباً على الفيس بوك على أشياء معينة دوناً عن غيرها، سيعرف الفيس بوك اهتمامك ومن هنا لو كان الإعلان يهمك سيقدمه لك. كما أنك لن نستطيع معرفة التأثير الفعلي للإعلان، لأن تفاعل الأشخاص على الإعلان ووصول الإعلان لهم، لا يعني بالتأكيد أنهم سيشترون المنتج أو الخدمة. في كل الأحوال سيظل وسيلة متاحة وبسيطة لمشروعك الصغير في البداية.
تجارب على نقيض ما قلنا
هناك تجارب تسويقية لبعض الشركات الكبرى تنفي بعضاً من الكلام السابق عن الإعلانات التسويقية. لأن التسويق هو مهارة كبيرة جداً ولا تعني بالضرورة مهارة الإعلانات عن المنتج. سيكون من المفيد أن تعرف تلك التجارب لعلك تجد فيها أفكار جديدة مبتكرة للتسويق عن منتجك.
تجربة كيت كات في اليابان
البسكوت بالشكولاتة وغيرها من النكهات الشهير “كيت كات” قرر يوماً خوض عملية التسويق في أسواق اليابان. بعد دراسة عميقة للسوق وتقاليد وعادات شعب اليابان، استخلصوا ثلاث نقاط قد تبدو في غاية التفاهة ولكنها مهمة جداً. أولاً: كثرة الإعلانات التسويقية مع شعب اليابان تأتي بنتيجة عكسية، لأنهم شعب متشكك ويعتقدون أن مع كثرة الإعلانات سيكون المنتج أقل جودة. ثانياً: كلمة “أتمنى لك النجاح” باليابانية تنطق “كيت كاتسو”. ثالثاً: شعب اليابان يعشق النكهات المختلفة الغريبة.
استغلت الشركة هذه النقاط في أنها أولاً، لم يقدموا إعلانات تلفزيونية أو بأي وسيلة أخرى مطلقاً، وبدؤوا في توزيع المنتج في صمت. ثانياً، تعاقدوا مع أكبر الفنادق التي يسكن فيها الطلبة المغتربين في البلاد، بأن يوزع الفندق على كل طالب بسكوتة قبل كل امتحان مع تمني النجاح له بالتوفيق. وفي نفس الوقت أذاعوا إشاعات وهمية عن نجاح الطلبة بعد تناولهم للكيت كات قبل الامتحان، فتوجه الأهالي لشراء هذه الحلوى لأطفالهم قبل الامتحانات. ثالثاً: قدموا نكهات جديدة غريبة جداً في المنتج، ليصل العدد إلى 81 نكهة، بمقدار نكهة جديدة بشكل يومي لكل ثلاثة أشهر. وبذلك امتلكوا السوق.
تجربة جاردن بيرجر مع الإعلانات التسويقية
جاردن بيرجر هو منتج منذ سنة 1998، وينتج بيرجر من مكونات نباتية فقط، وخالي من اللحوم. أي مكونات أكثر صحة وأقل دهون، وبنفس الطعم. مبيعات السنة كانت 39 مليون دولار، ولم تكن ميزانية الإعلانات التسويقية سوى ثلاثة ملايين فقط. فقرروا عرض إعلانات أكثر لزيادة المبيعات، وعرض تلك الفكرة الجديدة المرتبطة بالصحة في ذات الوقت. الفكرة كانت إعلان مدته 30 ثانية، سيتكلف نفس مبلغ ميزانيتهم التسويقية بأكملها، وسيتم عرضه مرة واحدة فقط في أخر حلقة من أشهر مسلسل الذي يتابعه الملايين في ذلك الوقت.
بالطبع كانت مغامرة كبيرة وخطيرة، لأن نفس الميزانية السنة كلها ستضيع على إعلان واحد صغير. ورغم خوف مجلس الشركة إلا إنه بالفعل تم الإعلان بتلك الطريقة. قبل الإعلان بأسبوع، سرب مدير التسويق خبر إلى الصحافة يقول فيه: إن الشركة دفعت نفس ما تملكه من ميزانية في هذا الإعلان ذو الثلاثين ثانية فقط. مع ترويج الصحافة وأكثر من 400 قناة تحدثت عن هذا الإعلان المنتظر، وانتظار الملايين لهذا الحدث العجيب، ومع أخر حلقة من المسلسل الشهير، استطاعت الشركة الوصول إلى 71 مليون دولار من المبيعات في السنة التالية. كانت حركة مخاطرة، ولكنها كانت ضربة قاضية للاستغلال ميزانية التسويق في مكانها الصحيح.
تجربة أليكسي فرني والإبداع
أليكسي فرني هي امرأة أعطت مثالاً للإبداع التسويقي المبتكر. تمت دعوة أليكسي لشغل منصب مدير التسويق في شركة لبيع السيارات، وتلك الشركة لم تكن تمتلك قسماً للتسويق من قبل، والتسويق الخاص بها متأخر جداً. استغلت أليكسي وجود معرض كبير ومهم للسيارات في ذلك الوقت، ولكن المشكلة كان وجود شركات أخرى كثيرة للسيارات ستذهب إلى المعرض فيصعب الظهور من بينهم.
طلبت أليكسي صناعة 10 ألاف كرة من كرات الأطفال الصغيرة، تلك الكرة تطلق أنواع جميلة عندما تصطدم بأي شيء. وبدأت هي وفريق العمل برمي الكرات على الحاضرين بشكل عشوائي، أو لفوق أو في اتجاه الأطفال. بالطبع أصبح المعرض مثل ملاهي الأطفال، والكل منجذب إلى ذلك المصدر من الكرات من أجل إمساك واحدة لطفله. وبذلك التفت الأنظار لشركة أليكسي وسوقت منتجها لألاف من الحاضرين. وبسبب المعرض فقط حققت الشركة 400 ألف دولار.
الخلاصة
التسويق كما قلنا يا عزيزي القارئ هو مهارة، تحتاج إلى دراسة ومجهود وتعلم وإبداع. الإعلانات التسويقية جزء من هذه المهارة، وهناك أيضاً مهارات مثل التسعير وخدمة العملاء وجودة المنتج وغيرها. فعليك بالابتكار والتركيز، وحاول تفادي أخطاء التسويق الشهيرة. تعلم من خبرات غيرك، وتذكر أن بعض الأمور تحتاج منك مخاطرة مدروسة، وأن تلعب بكل أوراقك بطريقة ذكية في نقطة واحدة صغيرة.
أضف تعليق