الإرهاق الصباحي من أولى المشكلات التي نعاني منها يوميا عند الاستيقاظ من النوم وترك الفراش، لذا فالتخلص منه يعد أمرا حيويا وضروريا لاستقبال يوما جديدا بشكل جيد خال من الكدر وسوء المزاج. فالمزاج المكدر عند الاستيقاظ كفيل بضياع أجمل ما في اليوم من لحظات، وكذلك كفيل بمضاعفة حجم الإجهاد الناتج عن العمل، ومن ثم مضاعفة الإحساس بالمشكلات اليومية. وكل هذا من شأنه أن يصيب الإنسان بكثير من العلل النفسية وأحيانا الجسمانية، والتي إن التفت الإنسان إلى أسبابها البسيطة وحاول علاجها بهدوء وبساطة، لجنبته الكثير مما يهدره من حياته في المزاجات السيئة السوداوية، والتي يكون الإرهاق الصباحي أحد أهم أسبابها. وللإرهاق الصباحي والكسل الذي يصاحبه مجموعة من الأسباب المؤدية إليها، منها البدني ومنها النفسي، وكذا الحال مجموعة من الإجراءات التي يجب اتباعها لتجنب هذه المشكلة، وسوف نعرض في مقالنا لبعض الأسباب الجسمانية والنفسية والتي من شأنها أن تؤدي إلى الإرهاق الصباحي، وكذا الحال كيفية علاجها والتخلص منها.
حلول عملية لمشكلة الإرهاق الصباحي
الأسباب البدنية للإرهاق الصباحي
يمكن تلخيص المشكلات البدنية التي تؤدي إلى الإرهاق الصباحي في مشكلات تتعلق بالنوم. فالنوم المضطرب أو الغير مستقر هو المسؤول بحق عن جانب كبير من الإرهاق الصباحي، وهو الجانب البدني. وهناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى نوم غير مستقر والذي بدوره يؤدي إلى الإرهاق الصباحي. وسوف نلخص هذه الأسباب في الآتي:
- الشخير، أو التنفس من الفم: فعلى الرغم من أن الشخير يعد من علامات عمق النوم، لكن التنفس من الفم قد يتسبب في تقطع النوم؛ وذلك لعدم الحصول على الأوكسجين الكافي للاسترخاء الكامل. وهذا التقطع في النوم من شأنه الشعور بالكسل والضعف والإرهاق أثناء الاستيقاظ.
- التبول المتكرر ليلا: وهذا من شأنه جعلك تستيقظ عدة مرات لتلبي نداء الطبيعة، الأمر الذي من شأنه تقطيع وصلة النوم العميق الذي من الممكن أن تتمتع به إن لم تعترضك هذه المشكلة. حيث من المفترض أن تحتفظ المثانة بالبول لمدة 6- 8 ساعات، وهي فترة النوم الطبيعية، لكن ومع التقدم في السن تنخفض نسبة الهرمونات التي من شأنها منع إدرار البول, فتمتلئ المثانة سريعا, الأمر الذي من شأنه كثرة التبول ليلا ، ومن ثم الاستيقاظ كثيرا.
- النوم الإيقاعي: وهو خلل في دورة النوم واليقظة الطبيعية، ويحدث عندما لا تتبع الأساليب الصحية في النوم، كأن تتأخر عن ميعاد النوم لفترات طويلة، والجلوس تحت الأضواء الساطعة لفترة طويلة قبل النوم، وكذا الحال النوم دون إغلاق الأضواء. حيث أن الظلام وحده من شأنه إفراز هرمون الميلاتونين، والذي بدوره ينبه المخ إلى أن ميعاد النوم قد آن.
- ارتجاع المريء أو الجزر المعدي: وهو بسبب ارتفاع حموضة المعدة، حيث أكدت بعض الأبحاث أن حوالي 25% من أولئك الذين يعانون من اضطرابات في النوم بدون سبب ظاهر، هم بالأساس يعانون من الجزر المَعِدي أو ارتجاع المريء، الأمر الذي من شأنه أن يتسبب في مشكلات في النوم ومن ثم الإرهاق الصباحي.
- متلازمة الساق القلقة: وهو عبارة عن التقلب والحركة الكثيرة على الفراش أثناء النوم، ورغم أنها غير معروفة الأسباب إلى الآن، إلا أنها تعتبر إشارة لانعدام الراحة أثناء النوم، الأمر الذي قد يتسبب في الاستيقاظ الجزئي.
طحن الأسنان اللاإرادي: وهو نشاط عصبي عضلي يحدث للأسنان لا شعوريا، حيث يتسبب هذا الطحن في توتر للفك، كما يتسبب في اضطراب النوم لعدم حصول الجسم على الاسترخاء التام بسبب انشغاله بالحركة. وهذا من شأنه يؤدي للإرهاق الصباحي.
كيفية التغلب على مشكلات النوم المؤدية إلى الإرهاق الصباحي
- علاج الشخير.
- عدم النوم على الظهر.
- التوجه إلى إحدى الصيدليات وشراء أحد أنواع موانع الشخير من مثل البخاخ أو الرذاذ لإزالة احتقان الأنف الذي من شأنه التسبب في عسر التنفس الطبيعي.
- إنقاص الوزن، إذ أن الوزن المعتدل من شأنه إنقاص الشخير أثناء النوم.
- التدرب على التنفس الأنفي، بحيث يكون التنفس من خلال الأنف لا الفم.
- اجتناب المنومات أو المسكنات التي من شأنها إضعاف عضلات الأنف مما تسبب الشخير.
- علاج التبول المتكرر ليلا.
- الامتناع التام عن شرب السوائل بكافة أنواعها لمدة لا تقل عن ساعتين، وخصوصا ما كان منه حاملا لمادة الكافايين كالقهوة والشاي؛ لأنها مدرة للبول فضلا، عن أن الأحماض التي بها من شأنها تهييج جدار المثانة.
- استخدام دورة المياه قبل النوم مباشرة والتأكد من الفراغ التام للمثانة.
- التأكد من اعتدال نسبة السكر في الدم عن طريق تحليل الدم.
- استشارة الطبيب بالنسبة لمن يتناولون الأدوية المدرة للبول من مثل أدوية الضغط والقلب.
- علاج النوم الإيقاعي.
- يفضل الالتزام بتوقيتات محددة للنوم والاستيقاظ بشرط أن تستوفي هذه الفترة عدد ساعات النوم الطبيعية، أي 7- 8 ساعات. وكلما كان النوم مبكرا أكثر كان استفادة الجسم منه أفضل.
- علاج ارتجاع المريء أو الجزر المَعِدي.
- يفضل الابتعاد عن الأطعمة التي ترفع مستوى الحموضة في وجبة العشاء، مثل اللحوم والصلصة الثقيلة والأطعمة الغنية بالتوابل والطماطم والحمضيات وكذا الحال الشوكولا.
- الابتعاد التام عن تناول أي وجبة قبل النوم لمدة لا تقل عن ساعتين.
- ينصح بعض الأطباء بمضغ العلكة (اللبان) قبل النوم وذلك لرفع إفرازات اللعاب الذي من شأنه تقليل حامض المعدة.
- الامتناع عن تناول المسكنات قبل النوم.
- علاج متلازمة الساق القلقة.
- ينصح لمعالجة التقلب الكثير أثناء النوم باستشارة الطبيب، إذ ربما تكون هذه الحالة مرتبطة بأمراض أو اضطرابات أخرى.
- علاج طحن الأسنان اللاإرادي.
- يفضل الرجوع إلى طبيب الأسنان لمعالجة تلك المشكلة، كما يفضل عدم مضغ العلكة لفترة طويلة.
الأسباب النفسية للإرهاق الصباحي
علاوة على ما قدمنا من مشكلات بدنية تؤدي إلى اضطرابات في النوم، والذي بدوره يؤدي إلى الإرهاق الصباحي والكسل بعد الاستيقاظ من النوم، علاوة على هذه الأسباب البدنية فإن أسبابا أخرى نفسية يصعب وضع اليد عليها ومعرفتها معرفة مادية؛ لأنها أسباب تتعلق بكيان غير مادي، وهو النفس. وكثير ما تتعرض النفس البشرية لمشكلات حياتية تقعد همتها عن النهوض وخوض غمار الحياة، الأمر الذي يجعل من النوم ملجأ آمنا لها يعفيها معاناة يوم طويل من العمل والاحتكاك بالبشر والالتزام بقواعد ولوائح للعمل والاحتكاك بالمدير، وفي بعض الأحيان يكون النوم ملجأ يحمي من الاحتكاك بشريك الحياة! كل هذه الأسباب تجعل من عملية الاستيقاظ من النوم عملية جد شاقة يصحبها إرهاق شديد، والذي اصطلحنا على تسميته بالإرهاق الصباحي. كما أن من الملاحظ أن الإرهاق الصباحي يكثر انتشاره بين المجتمعات التي تعاني مشكلات كبيرة كالفقر والفساد وضعف الأجور وتفاقم النظم البيروقراطية.. إلخ. وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على ارتباط الحالات النفسية والإحباطات من الواقع بمشكلة الإرهاق الصباحي والمزاج المتعكر صباحا.
رؤية علاجية للأسباب النفسية للإرهاق الصباحي
للتخلص من مشكلة الإرهاق الصباحي الناتج عن المشكلات النفسية والحياتية يفضل اتباع الآتي:
- محاولة تغيير التصور والرؤية عن الواقع ومشكلاته، كذا الحال محالة تغيير نمط العلاقات المتأزمة بينك وبين من حولك سواء شريك الحياة أو المدير في العمل.. بالطبع للأفضل، وهذا لن يكون إلا بمحاولة تقبل الآخر على ما هو عليه، وكذلك رؤية محاسنه قبل مساوئه. وكل هذا أدعى للعلاج الداخلي الشامل.
- قهر رغبات النفس في الركون إلى الفراش والإصرار على النهوض فور سماع جرس المنبه، وفتح الأبواب والنوافذ للسماح للضوء والهواء بالمرور خلال الغرفة, وكذا الحال ترتيب وهندمة الفراش لمقاومة إغراءاته.
- يفضل الاستحمام بماء بارد، وإن كان في الشتاء يكون الاستحمام بماء فاتر وليس دافئ.
- النزول إلى أقرب نادي أو حتى في الشارع لممارسة رياضة الجري، وإن كان بالإمكان ممارسة رياضات أخرى إلى جوار الجري فهذا أفضل.
- شرب فنجان من القهوة أو الشاي مع سماع الموسيقى التي تستعذبها بصوت هادئ؛ فإن ذلك من شأنه أن يفتح شهيتك على الحياة ويجنبك التفكير في مساوئها.
- ممارسة التأمل، فالتأمل أو الميديتيشن نشاط منتشر في الثقافة الهندية ذات الطابع الروحاني، وهو نشاط جيد وفعال لتنقية النفس مما يعكرها من شوائب ومكاره الحياة.
بهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا، ونرجو أن نكون قد وفقنا إلى ما يفيد القارئ الكريم.
أضف تعليق