تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » التدخين والمخدرات » الإدمان البسيط : كيف تتخلص من إدمانك لأشياء بسيطة كثيرة ؟

الإدمان البسيط : كيف تتخلص من إدمانك لأشياء بسيطة كثيرة ؟

هناك أنواع من الإدمان من الممكن إطلاق مصطلح الإدمان البسيط عليها، قد تكون أشياء صغيرة تقوم بها على الدوام بدون أن تدري، لكنها للأسف تعتبر نوعًا من الإدمان.

الإدمان البسيط

الإدمان البسيط هو إدمان لأشياء بسيطة قد لا تقدر أنها تسيطر على حياتك وتجعل حياتك أكثر تعقيداً، والإدمان بشكل عام يؤثر على العقل والمزاج ويجعل من الإنسان شخص مختلف عن هويته الحقيقة مما يؤدي به إلى مشاكل وتعقيدات تصل به حد السجن في أوقات كثيرة ولكني هنا لن أتكلم عن إدمان المخدرات أو السجائر والكحول وإنما إدمان لأشياء قد تبدوا صغيرة وعادية ولكنها في الحقيقة تحوي لغزاً يجعل التخلص منها أمراً في غاية الصعوبة فتسيطر على الإنسان وتجعل يومه كئيباً إن لم يفعلها أولاً وهذه الأشياء قائمة كبيرة أعددتها المنظمات الصحية العالمية ولكني سأتكلم عن أهمها فقط والمرتبط بعالمنا العربي.

تعرف على أنواع مختلفة من الإدمان البسيط وطرق التخلص منها بكفاءة

إدمان وسائل التواصل الاجتماعي

هل تدرك عزيزي القارئ كم ساعة تقضيها يومياً متصفحاً كل حساباتك على الإنترنت؟! هل تدرك كم شخصاً بالعالم لديه أكثر من مجرد حساب؟! هل تدرك كم يربح صناع هذه المواقع من وراء تفاعلك اليومي؟! الإجابة واحدة “ملايين” نعم فأنت تقضي ساعات كثيرة يومياً على صفحات الفيس بوك والتويتر، وملايين الأشخاص بالعالم يفعلون مثلك، ويربحون الصناع ملايين الدولارات لكل ضغطة زر إعجاب من هؤلاء الملايين.

إن مواقع التواصل الاجتماعي تعتبر من الإدمان البسيط ولكنه يؤذي جداً لأنه يأخذ من وقت يومك الكثير من الساعات وبالتالي أيام وأشهر من عمرك ويسرق متعة المقابلات بين الأحبة بحجة التواصل بينهم كل يوم على هذه المواقع مما يخلق عزلة بين البشر وفجوة كبيرة خاصة عند المراهقين، فبدل اكتشاف الحياة والعالم والتقرب والتفاعل ينغلقون أمام شاشة وصور وكلمات دون لمس حقيقي لمعاني التواصل والوجدان، هذه المواقع ذات فائدة كبيرة في تقريب البعيد خاصة الأحبة من البلاد الأخرى ولكن لا تجعل منها نقمة وإدمان في حياتك.

مثال بسيط نرى الأم الموجودة في الغرفة المحاورة للبنت تطلب منها في رسالة أن تقوم لفعل عمل في البيت فترد البنت بلا وأنها مشغولة ويدور شجار صامت باستخدام الكيبورد يا له من انغلاق فعلي لمعاني الوجدانية.

الحل يا عزيزي لتخلص من هذا الإدمان البسيط هو في الانسحاب تدريجياً بتقليل عدد الساعات إلى ساعة على الأكثر ومتابعة الوقت وأنت على هذه المواقع باستخدام حتى منبه إذا استدعى الأمر، وبناء جسر جديد من أصدقاء حقيقين خارج العالم الافتراضي لتمتع بالتواصل الحقيقي.

إدمان السلفي

تصوير الشخص لنفسه باستخدام الكاميرا الأمامية أو ما يسمى “السلفي” هو من أكثر الأمور انتشاراً خاصة لدى البنات فالآن كل الأشياء البسيطة يجب أن تصور بطريقة السلفي وتنشر على الإنترنت، لم يعد للخصوصية أهمية ولم يعد الاستمتاع يمكن أن يشعر به الشخص من دون مشاركة تلك اللحظات التي قد تكون خاصة جداً للجميع، ولكل شيء صغير في اليوم أو كبير “هاشتاج” أنا فعلت، أنا ذهبت، أنا طبخت، أنا أكلت، لم يعد الأمر محدوداً بين اثنين بل أصبح إدمان يسمى إدمان فضح الخصوصية وهو إدمان بسيط وليس بسيط في نفس الوقت.

عليك أن تدرك عزيزي أنه كلما كان الأمر منحصر على من حضروا الحدث أو الأمر خاص بالعائلة فسيصبح أجمل من مشاركة من له ومن ليس له علاقة بالأمر، تعلم أن تفرق بين خصوصية التجارب والأحداث والصور وبين ما يمكن نشره لمجرد إخبار الأخريين بحالك.

شرب القهوة أو الشاي

هذا إدمان بسيط لكنه يؤثر على الأعصاب والمزاج بشكل مرعب لأننا نجد الشخص يشرب كميات قهوة أو نسكافيه أو شاي باليوم كبيرة جداً وهو لا يدري ولا يعد، وكلاً منها يحتوي على معلقة أو اثنتين أو أكثر من السكر وذلك يزيد الأمر سوءاً، زيادة معدلات استخدام السكر تتأتي بشكل أساسي من شرب المشروبات الساخنة، وهل تعلم عزيزي أن تلك المشروبات التي تشربها حتى تزيد من انتباهك هي في الحقيقية تقلله على المدى البعيد، لأن معدل إنتاج المنبهات في جسمك يقل كلما زاد دخوله بشكل غير طبيعي من شرب المنبهات مما يزيد تعب خلاياك العصبية ويجعلك تسهر في الليل أكثر ويفقد جسمك طرقه الطبيعية للنوم والاستيقاظ، بالإضافة أن الكافيين ومشتقاته هو مخدر طبيعي ولن يكون له تأثير إذا وصفه لك الطبيب بعد عملية جراحية أو حادث كمسكن للألم، كما أن هذه المواد مدره للبول، والتي يمكن أن تكون مصنعة محلياً بطريقة خاطئة من الأساس.

عليك الحذر عزيزي فانظر لهذه المنبهات على أنها سم بعيد المفعول في كل مرة لا ترضى الاستغناء عن كوبك الصباحي من القهوة أو الشاي ومحاولة التقليل منها.

الشيكولاته والمياه الغازية

هذان الاثنين يعدان على رأس قائمة الإدمان البسيط من أكثر السلع الاستهلاكية وهم لا يختلفون شيء عن القهوة إلا في زيادة معدل السكريات بهم وهو ما يضعف الجسم وأجهزته، لا أقول إنه لا فائدة مطلقاً من أخذ الكميات المعقولة منهم لأن الشيكولاته تحتوي على مواد تساعد الجسم وتساعد على إفراز هرمون السعادة، والمياه الغازية مفيدة للهضم وإنعاش النفس في أوقات الحر كذلك ولكن حين تكون بالكمية المعقولة حتى لا تدمر الجسم والعظام والأسنان وتزيد معدلات السكر في الدم.

حاول تقليل الكميات المستهلكة منهم لمرة أو اثنين في الأسبوع للاستفادة دون الأضرار من الإدمان البسيط.

المواد الحافظة خاصة للأطفال

يمتلئ بيتنا بالمواد الحافظة في كل ركن بأيدي الأطفال من منتجات الشبسي والأيس كريم وكل أنواع الحلوى، وتستعملينهم أنتِ سيدتي في المطبخ يومياً حيت تعدين الطعام في استخدام المرقة الصناعية والتوابل الصناعية وفي كل شيء مغلف ومعبأ، لأنه بمنطق العقل كيف لها أن تصمد لمدة أشهر من تاريخ الصلاحية دون إضافة المواد الحافظة لها، وهي تعتبر ضارة ونوع من الإدمان البسيط لأنها تحتوي في أغلبها على مواد كيميائية ضارة وبعضها مسرطنة وتحتوي على كميات أملاح غير طبيعية تخل بالنظام الطبيعي للأملاح بجسم الإنسان واعتدال نمو الأطفال.

سيدتي يجب أن تعي أن لا شيء أمن مثل ما تحضرينه أنتِ في مطبخك من المواد الطبيعية حتى الحلويات ومنتجات الشبسي والأيس كريم إذا حضرت بالبيت تصير أمنة لأطفال أكثر من تلك الخارجية التي لم تتعرض لعوامل التعرية والشمس والتخزين السيئ وكل تلك الأمور التي لا تعلمين كيف وصلت إليك بعدها، فابذلي مجهوداً أكبر لتستمتع عائلتك بأكل صحي ولذيذ.

أطعمة المطاعم من الإدمان البسيط

من أكثر التجارات ربحاً في عالمنا العربي تجارة صناعة الأكل فنحن نعشق كل ما يعمل خارج البيت وننجذب إليه كالأعمى، ونعشق بالأخص ما يطبخ في الشارع من المأكولات الشعبية التي تكون مكدسة بالنشويات والدهون حتى تعطيك ذلك الطعم والرائحة الذي تعشقه، مثل البيتزا والمعكرونة والأرز بأنواعه والكشري المصري والكبسة الخليجي وغيرهم، أثبتت دراسة أجريت من فترة قريبة أن نسبة السمنة عند الأطفال تزيد عند العائلات التي تعتمد في وجباتها على الكثير من الطعام الخارجي، ويصبح الأمر إدماناً عند الأطفال للذة الطعم وعند الأهل خاصة الأمهات لسهولة الوضع.

هذا الإدمان البسيط مدمر للصحة وأنت لا تعلم فتخرج من البيت من أصدقائك لتناول الغذاء بالخارج أكثر من مرتين في الأسبوع وكل مرة أنت تقتل قطعة شريان وتعرض نفسك للخطر، عودوا أبنائكم على أكل البيت وحتى إن استعملتم بعض الدهون الضارة فلن تكون أبداً موازية لتلك الخارجية لأنكم سوف تحاولون التحكم في الكميات، وتعلمي أيتها الأم أن صحة عائلتك فوق كل اعتبار فبذل مجهود في تقديم الأكل بشكل أروع وأجمل يساعد عائلتك على الاحتفاظ بصحة جيدة.

إدمان المسكنات الدوائية

يشتهر في عالمنا العربي خاصة في أماكن البعيدة عن أعين وزارات الصحية بيع المسكنات وأخذها سواء بداعي أو بدون، ولمجرد الألم الطفيف تجري على أقرب صيدلية تأخذ منها أدوية الريفو ومشتقاته بكمياتها ومقاديرها الكبيرة، بالإضافة إلى استعمال المضادات الحيوية دون الاستشارة الطبية اللازمة لتحديد الحاجة الفعلية والكمية والمواعيد، كلما زادت حرارة الطفل نصف درجة تجري الأم تشتري مضاد حيوي خافض للحرارة في حين أن الطفل قد يكون عنده إصابة فيروسية ولن يقضي المضاد الحيوي على أي شيء سوى على مناعة الطفل وقدرته على محاربة العدوى البسيطة وقد يكون لك الأمر انه مجرد إدمان بسيط لمسكن عادي لكن الحقيقة ليست كذلك.

تلك المسكنات يا عزيزي القارئ لها مفعول خطير جداً خاصة إذا تم أخذها مع أدوية أخرى وتعمل تفاعل دوائي بالجسم قد يؤدي للوفاة في بعض الحالات الخطرة، وعلى المدى البعيد فإنها تقلل من خصوبة النساء والرجال وتقلل فرصة تمتعهم بأبناء بطرق طبيعية، كما أن تلك المضادات الحيوية التي لا يحسب لها حساب تعمل تقليل قدرة الجهاز المناعي على محاربة المرض بنفسه لأن الجسم تضعف قدرة تمييزه للعدوى وإنتاج الأجسام المضادة الصحيحة.

بالتالي يجب عليك استشارة الطبيب دائماً عن كل دواء لأنها ليست لعبة إنها كيماويات معقدة جداً، ومحاولة علاج الأعراض البسيطة للصداع وألم المعدة الخفيف وما إلى ذلك بطرق طبيعية وأعشاب قبل اللجوء المباشر للأدوية حتى يتمتع جهازك المناعي بقدرة طبيعية لمكافحة المرض. وتحذير شديد اللهجة إلى كل النساء اللاتي يريدن استعمال حبوب منع الحمل، يجب سؤال طبيب النساء لأن تلك الأدوية هي أدوية هرمونية وتتفاعل بشكل خطير مع الكثير من الأدوية والأطعمة وترفع ضغط الدم لذلك يجب التأكد بأنها تناسبك قبل محاولة تجربة نوع جديد.

تجاهل الوقت من الإدمان البسيط في عالمنا العربي

الوقت مهم جداً في حياة الإنسان وتوجد بجانبنا أنواع كثيرة من الأجهزة التي تشير إلى الساعة الآن ولكن يظل دائماً تأخير في المواعيد والاجتماعات ومواعيد القطارات لدى العرب وهو إدمان يدمر الحياة الاجتماعية والاقتصادية في بلادنا العربية، وكم من الوقت يضيع لعدم تنظيم المشاوير والأحداث اليومية!

تعلم صديقي اليوم أهمية تنظيم الوقت ولا تقل إن الدنيا كلها تمشي بالخطأ ولا يوجد من يتبع الوقت السليم، لا، ابدأ بنفسك فقط من اليوم وستجد من يتبعك أو على الأقل ستجد أنك أنت وبتنظيمك للوقت، وقت إضافي للاستمتاع أكثر بالحياة وراحة البال، تعلم أن تخرج من البيت قبل موعدك حتى تصل في الميعاد المضبوط.

إدمان العناد

نحن كمواطنين في هذا العالم العربي الفسيح نشتهر بقدرتنا العجيبة على صنع الأعذار لأنفسنا ومن أشهر هذه الأعذار “ليست أنا من يفعل هذا فقط، الكل أيضاً” ويتمثل ذلك في الإدمان البسيط لفكرة العناد حيث ليست أنا الكامل ولا المختلف حتى أعمل أكثر عكس فلان وفلان الأخر والكل يعاند الكل ويجادل الكل، ونادراً ما يوجد من يبادر بفعل الشيء الأصح وفعل الخير ويا له من أمر بغيض وإدمان يهدد شعوب الوطن العربي، تخلص اليوم من فكرة هذا والنظر إلى ذاك الأخر وابدأ في صنع مبادئك بمفردك بما تراه أنت صحيحاً واتباع صنع الخير في كل مكان تخطوه.

التسوق

قد يكون هذا الأمر منتشر لدى السيدات أكثر فحب التسوق لديهن ليس له حدود ويعتبرن الأمر نزهة وهو فعلاً يستحق أن يدعى إدمان بسيط، ودليل على كلامي هو مهرجان دبي للتسوق حيث سمى المهرجان تيمناً بفكرة إدمان التسوق لدى العرب، ونجد النساء يشترون ما يريدون وما لا يريدون، وتكون خزانة الملابس ممتلئة وبها أشياء لم تلمس بعد ورغم ذلك تظل المرأة تشتري ما ليست في حاجة له حقاً، فكرة الموضة وكل ما جديد يجذب انتباههن ولكن الحقيقة هي أن الإنسان لو كان معه عدد قليل من كل هذه الأشياء سيعيش سعيد أيضاً، فهن يرين في امتلاك الكثير حاجة لشبع الرغبات، أنا أقول أنه على المرء التخلي عن ما يمتعه أو الترفيه عن نفسه بما يراه ولكن هناك مئات الأمور الأفضل من مجرد حب الامتلاك وحب الصرف ببذخ، ونجد ذلك جلياً إذا قارنت شنطة سفر لشخص عربي وأخر من أي دولة أخرى غير عربية ذاهبين لنفس المكان، وستجد أن شنطة المواطن العربي ممتلئة بما هو مفيد بما هو لا يهم أم تلك للأجنبي فهي خفيفة جداً ولا يحتاج لأي شيء إضافي في الواقع، التسوق وهوس الامتلاك هو إدمان بسيط لا تراه ولكنه يهدد حتى أحياناً سعادتك إن لم تستطيع امتلاك ما تريد في يوم ما أما الاكتفاء وتحديد الأولوية هما من مؤشرات الصحة النفسية، والبساطة عزيزي هي السعادة.

أما بالنسبة للرجال فليس لديهم هذا الإدمان البسيط بل هو موجود ولكن بطريقة أخرى يتمثل في شراء السيارات الفخمة ولا يكتفون بواحدة بل يرغبون دائماً بأخرى وبالتجديد حتى أن البعض منهم يشتري بجانب بيته مكان لركن السيارات إنه لأمر غريب، هل سيارة واحدة لن توصلك إلى المكان المطلوب؟! وأيضاً في حب امتلاك الساعات الفخمة عند بعض الرجال الآخرين، من النهاية عزيزي القارئ الإدمان شيء داخلي وسيجد الإنسان طرق دائماً لفض هذا الإدمان البسيط.

المظاهر

الإدمان البسيط هو إدمان الأشياء التي لا تدرك أنك تدمناه ومن هذه القائمة وتتصدر بقوة في مجتمعاتنا العربية هي المظاهر، هي تدمر حرفياً قدرتنا على التفكير السليم وتفضيل مبادئ العقل والمنطق، مثال على ذلك في الأفراح نجد الأب يطالب المتقدم بأشياء لا تعقل وليس لها أهمية فقط حتى يقول إن ابنتي رائعة وكأن مظاهر الاحتفال الضخم هو من يحدد قيمتك وقيمة ابنتك، بالإضافة أننا نجد في بعض الأسر أن الآباء يفضلون أن يلبسون ويلبس أبنائهم أغلي ملابس وهم لا يملكون ما يكفي للطعام والشراب الجيد، العالم العربي يصرف الملايين سنوياً على المظاهر الخادعة حتى يوهمون الناس ويوهمون أنفسهم بأنهم في أفضل حال، ويعتقدون أن قيمتهم هي في ملابسهم وعطورهم وكيف يمكنهم تقديم الموائد الكبيرة والأعراس والبيوت التي تعمل على أحدث طراز وأن ذلك هو قيمة الإنسان الحقيقة وليست في الأخلاق والأفعال والعمل المؤثر في حياة البشر.

علينا مراجعة أنفسنا وتحديد المبادئ من المظاهر لمعرفة القيمة الحقيقة لنفسك ولمن أمامك، وسؤال نفسك في كل مرة تشترط وجود شيء ما في الحدث أو المائدة، هل لأنك تحتاج إليها حقاً أم لأنها مجرد مظاهر واهية.

جمع المال

هذا الإدمان البسيط الغير مؤذي هو عكس تماماً الأمور السابقة، حيث نلاحظ بعض البشر يحبون الاحتفاظ بالمال والبخل لديهم إدمان، ويصرفون المال ببطيء وهو كاره للأمر أياً كان، ويحرمون أبنائهم وأنفسهم من الاستمتاع بالحياة، ويفسرون تصرفاتهم بأنهم يحفظون المستقبل لأبنائهم، “ولا أحد يعلم يا ولدي ماذا يخبئ المستقبل”، أنا لا أحبذ البذخ وإن كان السبب هو الاطمئنان على أمور المستقبل المفاجأة فلا بأس بالاحتفاظ ببعض المال في البنوك أو ما شابه ولكن المشكلة أن يتحول الموضوع لإدمان وجنون جمع المال، عليك أن تدرك عزيزي القارئ أن المال صنع لغرض صرفه في ما تحتاجه وما تريده ليس لجمعه، إنه موجود لسعادة البشر وما يعطيك الله من رزق لا تبخل على أبنائك به حتى لا يحرمك الله منه، إن كان البزغ هو عدم تقدير للمال فالبخل عدم تقدير للإنسانية، فرق جيداً عزيزي بين احتياجات المستقبل وفرحة الحاضر لأن المستقبل قد لا يكون بيدك في كل الأحوال إنما متعة الحاضر فهي موجودة ويمكنك انتهازها.

المسلسلات والأفلام والبرامج من الإدمان البسيط

هل تقدر أن تعد لي كم فيلماً ومسلسلاً رمضانياً وبرنامجاً تلفزيونياً تابعت هذه السنة فقط؟! أعتقد أنك لن تستطيع الإجابة وحتى وإن استطعت سيكون العدد كبير وحين تضرب ذلك العدد في ساعتين على الأقل لكل واحد ستلاحظ أن النتيجة تعد بالشهور من عمرك عزيزي القارئ. الميديا وصناعها يتفننون في كيف يشدون انتباهك حتى تتأثر وتصدق وتعيش القصة مع البطل، وبرامج التلفزيون خاصة تلك البرامج للمواهب يبتكرون طرق لجعلك تتصل وتصوت للموهبة التي قد تكون تستحق فعلاً ولكن هذا المال لا يذهب إلى الموهبة بل إلى البرنامج، متابعة الجديد ومشاهدة الأحداث والدراما كلها متعة جميلة تجعل عقل الإنسان مستمتع ولكن عند تحول الأمر لإدمان لأنك لن تستطيع التخلي عن تلك الحلقة أو أن يومك لن يكمل حتى عند إكمال جميع المشاهدات اللازمة، وحين تجعل منك هذه الدراما أسير لها وتمنعك من الاستمتاع والاستفادة بأمور أخرى مثل القراءة والتواصل الاجتماعي تصبح وقتها في حيز الإدمان حتى لو إدمان بسيط لكن يجب أن تحرر نفسك من قيوده حتى لا يستنفذ وقتك وعقلك ومزاجك.

ابدأ من الآن بتحديد البرامج والأفلام والمسلسلات المهمة لك أكثر والتي قد تكون مفيدة وذو إبداع فني سينمائي عالي وليست ساقطة أو مليئة بالرسائل السلبية من العنف والغضب وإدمان المخدرات والسجائر، ثم يمكنك متابعتهم وإهمال الأخريين حتى يتثنى لك الوقت لتستغله في أموراً أفضل.

التجاهل

لدينا قدرة غريبة نحن العرب في فكرة التجاهل، يمكننا ببساطة تجاهل كل ما هو صحيح ولا يهم ذلك أو ذاك، لا تهم المبادئ لا يهم حتى هذا المقال إنه مقال عابر، لا يهم ما أنا عليه، لا يهم الخطأ أو لا يهم مساعدتي للغير، إنه إدمان التجاهل الذي يبعدك عن الأمور الهامة وعن إنقاذ أشخاص قد يكونوا في حاجة لك حقاً قد يكون إدمان بسيط لكنه مؤثر. لا تقل لا يهم، بل تقدم لنداء المساعدة سواء مساعدة نفسك من مساوئ تلاحظها في نفسك، أو لاستغاثت غيرك، لا يهم كم تنجح وكم تفشل بل المهم أنك تحاول ولا تصمت.

الكسل

أخيراً وليس أخراً في قائمتي للإدمان البسيط موضوع الكسل والخمول، ويتضح ذلك أكثر في الجيل الجديد من الأبناء، حين تقول للولد أو البنت قم افعل شيء ما للبيت أو للأهل يقولون لا لأننا مرضى أو يمكن لأخي القيام بذلك، ويتضح أيضاً في ساعات النوم والسهر الكثيرة، لم يعد الأطفال ولا حتى الكبار يريدون الاستمتاع بالحياة خارج المنزل مثل الماضي، بل الجلوس والخمول والأكل حد السمنة من ثم يفكرون في نقص الوزن وحتى عند ذلك يشترون المنتجات الدوائية، حتى الصحة والعمل وكل تلك الأمور لم يعد لها أهمية وكأن التكنولوجيا الحديثة جاءت على الإنسان بمرض وإدمان الكسل والخمول، وهذا هو السبب الأساسي، بعد فكرة إدمان الطعام، للسمنة المفرطة ونسبتها العالية في عالمنا العربي، حتى كبار السن بمجرد أن يتجاوزوا الستين من العمر تصبح الحياة نوم وأكل وجلوس ولا عمل ولا إنتاج ولا استفادة من الحياة أبداً حتى لمجرد المتعة، إنها كارثة تهدد الصحة والعقل والحياة الإنسانية بكل معانيها.

ابدأ اليوم بنفسك عزيزي وكن مثالاً لأبنائك في استغلال الحياة والنشاط والحركة اليومية والاستمتاع بالحياة خارج المنزل، وعمل الأشياء المفيدة للنفس وللأخريين بدلاً من الجلوس صامتين.

أخيراً عزيزي القارئ الإدمان البسيط هو أشياء صغيرة لا تراها قد تكون سبب غفلك عن الحياة وعن روعتها وغياب وعيك التام مثل المدمنين العاديين للمخدرات والكحول، والأمر يبدأ بقرار ثم بفعل في اتجاه التصحيح، الأمر كله بالتدريج وتدريب النفس وطلب المساعدة إذا استدعى الأمر.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

16 − 15 =