تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » الأوبئة التي خرجت من المختبر إلى العالم : كيف تغلب العالم عليها ؟

الأوبئة التي خرجت من المختبر إلى العالم : كيف تغلب العالم عليها ؟

ليست كل الأوبئة التي في عالمنا هي أوبئة طبيعية جاءت إلينا عن طريق الطبيعة أو الكائنات الأخرى، فهناك أنواع من الأوبئة مصنعة أتت إلينا من المختبرات!

الأوبئة التي خرجت من المختبر إلى العالم

ماذا يحدث عندما تنقلب الآية ويصبح الحامي هو المهدد بالخطر؟ عندما تأتي الأوبئة إلينا من معامل العثور على لقاحات الأمراض المختلفة. ألسنا معرضين لمواجهة موقفٍ كهذا في شتى نواحي حياتنا؟ خاصةً بعض التطور وتوسع الحياة وسهولة التواصل صار الأمر أسهل وأكثر رعبًا في أن ينتشر خطرٌ مهددٌ واحدٌ من بقعةٍ لبقية بقاع الأرض في غمضة عين، ألا يُفترض بالمختبرات أن تخرج منها الدراسات المفيدة التي تساهم في التقدم والأدوية الفعالة التي تساعدنا على تجاوز أزمةٍ طبيةٍ يمر العالم بها؟ لكن ماذا عن أوبئةٍ خرجت من المختبر إلى العالم! أوبئةٍ سببتها فيروسات وبكتيريا لم تكن موجودةً في الطبيعة قط، لم توجد قبل وجودنا ووجود علومنا قط، وإنما صنعناها نحن في مختبرنا من مواد وكائناتٍ أولية طبيعية فكأننا قمنا بتهجين وحشٍ صغيرٍ في مختبراتنا لنتفحصه وندرسه فخرج عن سيطرتنا وانتشر يعيث فسادًا في العالم بأكمله، وصرنا محاصرين أمام إيجاد حلٍ سريعٍ له أمام قدرة تلك الأوبئة المهجنة والمصنعة على الفتك بالبشر بأعدادٍ مهولة، لا يبدو العلم دائمًا جميلًا ومبهجًا أليس كذلك؟ سلاحٌ ذو حدين وصحيحٌ أننا بواسطته نستطيع إيجاد الحل والدواء للمرض الذي تسبب هو فيه في البداية لكن ليس قبل أن يقتل الآلاف في تلك الفترة، معادلةٌ قاسية فما أشهر تلك الأوبئة التي خرجت من المختبر إلى العالم؟

ما هي الأوبئة التي خرجت إلينا من المختبرات ؟

ايشيريشيا كولاي

لا تتوقع منّا حقًا الحديث عن أشهر الأوبئة التي خرجت من المختبر إلى العالم بدون أن نضع على رأس القائمة هذه البكتيريا، التي نستطيع بكل بساطةٍ القول بأنها من أوائل البكتيريا المتمردة التي غادرت المختبرات عنوةً لتهاجمنا، لكن العجيب فيها حقًا أنها خارجةٌ من أجسامنا وتعيش بداخلنا جميعًا بسلام، لكنها خرجت لتأخذ جولةً في المختبرات فعادت لنا تمزق راية السلام، تحمل أجسامنا عددًا كبيرًا من البكتيريا التي تعيش معنا في سلام بنسبٍ محددة وأعدادٍ متوازنة لكن هذه البكتيريا تحمل قاعدةً مهمة وهي أنه لو حدث أي خللٍ بالجسم أعطاها فرصة أن تزيد عن عددها الطبيعي ويزيد نشاطها فهي تصبح ضارةً وتسبب المرض، والإي كولاي ليست استثناءً أبدًا، تعيش الإي كولاي بشكلٍ طبيعي في أمعاء الإنسان والحيوان ولا يمكنها العيش خارج الوسط الحي لكن دراستها جعلت العلماء يهيئون لها بيئة حياةٍ في المختبرات خارج الكائن الحي ظنًا منهم أنهم بأمان، فجاء الاكتشاف المفاجئ أن تلك البكتيريا بدأت تطور من نفسها لتظهر منها أجيال قادرة على الحياة خارج الأجساد الحية يعني أنها قادرة على الصمود في ظروف البيئة المختلفة وقادرة في نفس الوقت على الانتقال من كائن حي لآخر عبر الوسيط، وهنا بدأ الكابوس!

من البداية

خرج وباء الإي كولاي من المختبر إلى العالم منتقلًا إلى داخل أجساد الكائنات الحية وخارجًا منها بشكلٍ طبيعيٍ مع الفضلات ثم ينتقل ليدخل جسد كائنٍ حيٍ آخر مع الغذاء أو الشراب الملوث، تستقر الإي كولاي في القناة الهضمية مسببةً عدة أمراض منها الإسهال الدموي الحاد وآلام البطن الشديدة والتهاب القولون وقد تتطور الأمور لتكسير كريات الدم والأنيميا وربما تسمم الدم أيضًا، وقد تنتقل بعضها للجهاز البولي فتسبب التهاب قنواته حتى تصل للكليتين وإذا لم يتم علاجها قد يواجه المريض فشلًا كلويًا محققًا! أكثر تلك الأعراض تظهر على الأطفال وكبار السن بطبيعة ضعف أجسادهم وانعدام مناعتهم وقت تؤدي التطورات إلى الموت في إحدى المراحل، لكن الطبيعي لشخصٍ قوي المناعة أن تستمر الأعراض لعدة أيامٍ أو أسبوع ثم تختفي وتتوارى بعد ذلك، تنتج الإي كولاي سمومًا تتسبب بكل تلك الأعراض رغم أن الإي كولاي الطبيعية لا تنتج تلك السموم ولا تصنعها، ومما يجعل الإي كولاي الجديدة فريدةً أنها مقاومةٌ لأغلب أنواع المضادات الحيوية ما يجعل علاجها عسيرًا وربما لا يوجد لها علاجٌ ثابت، يُنصح المريض بالراحة وتناول السوائل مع مراقبة وظائف الكلى وصحة الدم في جسده حتى تتركه الإي كولاي بسلام.

زيكا

وباءٌ من أحدث الأوبئة التي خرجت من المختبر إلى العالم وجعلت العالم بأكمله يقبع في ذلك الكابوس حتى اليوم، ما زلنا حتى يومنا هذا نقرأ ونسمع عن زيكا وأسبابه وجهود العلماء في علاجه، لكن الأكثر ألمًا وفداحةً هي صور المرضى به ورؤية جيلٍ جديدٍ من الأطفال المعاقين بالهيئة الشهيرة التي يبدو فيها الرأس وكأن جزءًا كبيرًا من مقدمته مفقود بينما تجحظ العيون والشفاه والأسنان للخارج، أن نرى ذلك الجيل الجديد منهم في البلاد التي يتفشى فيها المرض بينما يكافح العلماء عجزهم بكل قوتهم للقضاء عليه، على غير الشائع فلم يكن فيروس زيكا هو المصنع في المختبرات فزيكا موجودٌ في الطبيعة منذ قديم الزمن وتم رصده في سنين مبكرة في مناطق مختلفة من العالم مثل أوغندا على سبيل المثال، مثله مثل أي فيروسٍ محليٍ آخر، لكن الذي خرج فعلًا من المختبرات كانت وسيلة النقل

بين المطرقة والسندان

كان العلماء مشغولين في مختبراتهم بأمرٍ آخر تمامًا وهي الأمراض التي يتم نقلها عن طريق البعوض بين الناس مثل حمى الضنك على سبيل المثال، فيكون البعوض حاملًا للمرض ويلدغ أحد البشر مسببًا له العدوى، ووصلوا فعلًا إلى نتيجةٍ مذهلةٍ في ذلك بإيجاد جيلٍ من البعوض المعدل جينيًا القادر على القضاء على المرض عندما يُصاب به دون أن يقوم بنقله للبشر، وتم إطلاق أجيال البعوض المعدلة جينيًا في الطبيعة وحققت أفضل النتائج التي حلم بها العلماء، لكن ما لم يكن متوقعًا أنهم تخلصوا من مرضٍ لتظهر لهم زيكا بشراستها وقوتها وإعجازه لهم، تنتقل زيكا بنفس الطريقة عن طريق نفس النوع من ذلك البعوض المعدل وراثيًا، وفي حين كان ذلك التعديل قاضيًا على الأوبئة الأخرى وجدناه يساعد زيكا على الانتشار بجنون كأنها قنبلةٌ من الفيروسات انفجرت في قلب العالم على حين غرة، يعد زيكا واحدًا من أشهر وأشرس الأوبئة التي خرجت من المختبر إلى العالم.

العالم منزعج

تظهر أعراض زيكا على الكبار والبالغين كأعراضٍ ضحلة أو باهتة ليس فيها ما يميز ذلك المرض مثل الصداع والحمى وإرهاق الجسد وألم المفاصل بل إن الدراسات تشير إلا أن شخصًا واحدًا من كل أربعة أشخاصٍ تظهر عليه أعراض مرض زيكا ولا يمكن التأكد منه إلا بتحليل عينةٍ من دم المريض، لكن الخطورة الحقيقة والكابوس الفعلي تمثلوا في إصابة الأمهات الحوامل بفيروس زيكا والذي يصل إلى الطفل مؤديًا لكارثةٍ من التشوهات، يؤثر هذا الفيروس الذي خرج من المختبر للعالم على قدرة الطفل على النمو وشكله وعقله ووظائفه فيولد الأطفال مشوهين برأسٍ أصغر بكثير من رأس الطفل العادي مع إصابتهم بمتلازمة التقزم والتخلف العقلي ونوبات من النشاط المفاجئ، لم تثبت الدراسات كون الفيروس قادرًا على الانتقال من الأم المرضعة لطفلها عبر الرضاعة، لكن العالم دخل في حالة هلع والمنظمات العالمية تصب جام غضبها على العلماء الذين أبدوا رغبةً في القيام بعملية تعديلٍ جينيٍ جديدٍ للبعوض للقضاء على هذا النوع من الأوبئة الذي خرج من المختبر للعالم بأكمله، مواجهين بذلك عجزهم عن إيجاد علاجٍ أو حتى مصلٍ واقي من زيكا.

الإيبولا

إن كان السابق غلطةً تُغفر فنحن هنا في صدد الحديث عن واحدٍ من الأوبئة التي خرجت من المختبر للعالم بأصابع اتهامٍ تُشير لكونها عمليةً مقصودةً لأغراضٍ سياسية ومالية بحتة! فهل يُمكن أن تصدق الإشاعات فعلًا وأن يكون الإنسان بهذه الوحشية والقسوة في حضرة المال والثروة؟ ظهر فيروس أيبولا فجأةً من العدم قيل أنه غلطةٌ مخبرية وقيل أنه مقصودٌ ومتعمد وتم دسه في بعض اللقاحات كالكوليرا والحصبة وغيرها من اللقاحات التي قامت المنظمات العالمية للصحة بمساعدة الجمعيات الخيرية العالمية بتوفيرها في عدة أماكن خاصةً القارة السوداء بين الزنوج لتظهر فجأة الإيبولا بأعراضها ورعبها في تلك الدول بل وما يجاورها في بعض الأحيان.

فيروس قاتل

ينتقل فيروس الإيبولا عن طريق التعامل مع شخصٍ مصابٍ به أو حيوان يحمل الفيروسات وتظهر الأعراض على المصاب في فترةٍ ما بين أسبوعٍ وثلاثة أسابيع، يقوم هذا الفيروس بمهاجمة مناعة الشخص المصاب به مع نزيفٍ عنيفٍ ويؤدي في النهاية لموت المصاب، 90% من الحالات بهذا الفيروس ينتهي بها المطاف في القبر للأسف، تظهر أعراض هذا المرض في صورة حمى وصداع وألم في العضلات والمفاصل وتراجع الشهية وآلام الحلق ثم يتطور الأمر فيحدث نزيفٌ داخليٌ في الجسم بينما يجد المصاب نفسه ينزف من العينين والأذنين والأنف ويتقيأ الدم في بعض الأحيان ويعاني من إسهالٍ حادٍ دامٍ، للأسف لا يود علاجٌ متوفرٍ لهذا الفيروس ولا حتى مصلٌ مضادٌ له وإنما يتم معالجة الأشخاص عن طريق تعويض ما يفقدونه من دمٍ وسوائل ومهاجمة الخلايا المصابة بالفيروس والقضاء عليها وأحيانًا يعالج الفيروس بالإصابة بالعدوى من مرضٍ آخر!

الإيدز

وهل يحتاج الإيدز إلى التعريف؟ المرض الذي يشكل رعبًا كبيرًا في عالم الطب والعامة وبين العارف والجاهل حتى صار اسمه وحده كافيًا لإثارة الذعر في نفوس البعض دون أن يعرفوا كيف يأتي ولا أين يذهب ولا حقيقته ومعناه وأعراضه وأسبابه، فبدا كأنه يطير في الجو ويصيب الناس بلا رمة، هل كان فيروس الإيدز نائمًا ثم قرر الاستيقاظ ذات يومٍ ليغزو العالم وحسب؟ ما شاع عن فيروس الإيدز هو أنه كان فيروسًا في نوعٍ من أنواع القرود أو الشمبانزي ثم ذات مرة انتقل إلى الإنسان عبر عضةٍ أو جرحٍ أحدثه الشمبانزي في الإنسان ومن هنا بدأت الدائرة المرعبة من المأساة والمعاناة وانتقل الفيروس للعالم الخارجي وباعتباره فيروسًا ينتقل جنسيًا فكان يشيع ويتفشى في البلاد التي يكثر فيها الانحراف وخاصةً الشذوذ، وشخصٌ واحدٌ في تلك البلاد كان كافيًا ليصيب أفراد المجتمع جميعًا، لكن تلك البداية لم تكن دقيقةً بالمرة حيث صرح العلماء والباحثون أنه من المستحيل على فيروس الإيدز أن ينتقل بتلك الطريقة من إنسانٍ لحيوان ويتفشى فجأة بالشكل المرعب الذي هدد التعداد السكاني لمجتمعاتٍ بأكملها في ذلك الوقت فأين الحقيقة؟

الحقيقة المرة

كان الواقع و ما كشفت عنه الأبحاث الأخيرة هو أن الإيدز لم يصنع نفسه بنفسه ولم يأت من الهواء وإنما هو نتاج غلطةٍ طبية وما أكثر العلماء والأطباء الذين يبرئون أنفسهم من أخطائهم الفادحة مستغلين جهل الناس وضعف معرفتهم ومستترين خلف جدارٍ من المصطلحات الطبية والنظريات المعقدة غير المثبتة في بعض الأحيان أو المتلاعب فيها، فتبين أن أصل المرض كان عبارًا عن لقاح بحيث يتم حقن القرود أو الشمبانزي بالفيروسات لتكون ضدها لقاحًا أي أجسادًا مضادة ثم يتم استخلاص اللقاح من القرود وتنقيته وحقنه للإنسان للوقاية من المرض الذي يسببه ذلك الفيروس، لكن الخطأ الذي حدث هو انتهاء المطاف بلقاحٍ ملوث على غفلةٍ منهم وتم حقنه للبشر بمنتهى البساطة ليتحول الأمر من مرضٍ معروفٍ لهم لمرضٍ آخر لا يمت له بصلة وبدلًا من وقاية العالم أصابوه بوباءٍ جديد، مؤخرًا بدأ ظهور علاجٍ للإيدز وتوسعت التوعيات التي تجعل الناس يحافظون على أنفسهم من الوقاية منه وصار الأطباء قادرين على اكتشاف الحالات المبكرة وعلاجها والحفاظ على الحالات المتأخرة ومنعها من الموت إلا بعضها، فما من داءٍ إلا وله دواء حتى لو لم نكتشفه بعد.

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة

أضف تعليق

3 × 1 =