الألعاب البارالمبية هي واحدة من الأحداث الكبيرة التي يتم تنظيمها حول العالم، حيث تجتمع أغلب الدول للمشاركة معًا في حدث يأتي في المقام الثاني بعد الألعاب الأولمبية. يقوم هذا النوع من الألعاب على مشاركة لاعبين لديهم إعاقات مختلفة، في الأغلب تكون هذه الإعاقات مرتبطة بالجسد، بعيدًا عن الإعاقات الذهنية وكذلك من يعانون من الصم، حيث أن لكل منهما بطولة خاصة به. لكن كيف نشأت فكرة الألعاب البارالمبية؟ وكيف وصلت إلى ما هي عليه في الوقت الحالي؟ وما هي شروط المشاركة في هذه الألعاب؟ هذه الأسئلة التي سوف نجيب عليها في هذا المقال، والذي سوف نذكر فيه كل ما يخص الألعاب البارالمبية ونشأتها.
تعرف على نشأة الألعاب البارالمبية أو أولمبياد ذوي الاحتياجات الخاصة
نشأة الألعاب البارالمبية
ظهرت فكرة الألعاب البارالمبية للمرة الأولى عام 1948 بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. وكان ذلك عبارة عن تجمع في بريطانيا في مدينة لندن، ضم مجموعة من المحاربين القدامى الذين تعرضوا للإصابة أو الإعاقة في الحرب. كان الغرض الأساسي من الموضوع هو صناعة ألعاب خاصة بأصحاب الإعاقة تكون بنفس قوة الألعاب الأولمبية، حيث كانت هذه رؤية صاحب الفكرة الدكتور لودويج جوتمان. في البطولة التالية عام 1952 انضم المحاربون الهولنديون إلى البريطانيين في هذه الألعاب، وبدأ الاهتمام بهذه الألعاب البارالمبية يظهر بعد ذلك، وتم تسليط الضوء على الفكرة بشكل أكبر من قبل، حتى عام 1960 والذي تم فيه تنظيم أول بطولة رسمية في مدينة روما.
الغرض الأساسي من الألعاب البارالمبية هو التركيز على قدرة الجميع في تحدي الإعاقة، وممارسة الرياضات التي يستمتعون بها، وأيضًا قدرتهم على تحقيق إنجازات في هذه الألعاب. بدأت الألعاب البارالمبية بشعار “أنا أتحرك”، وحاليًا الشعار هو “الروح في الحركة” والغرض من هذه الشعارات هو تأكيد الطموح والتحدي لمواجهة الإعاقة.
الألعاب البارالمبية في الوقت الحالي
مرت الألعاب البارالمبية بالعديد من التغييرات للوصول إلى الشكل الموجود حاليًا. في البداية مثلًا اقتصرت المشاركة على أولئك الذين يستخدمون مقاعد متحركة، وبعد ذلك بدأ الموضوع يشمل أعداد وفئات أكبر من المشاركين. في الوقت الحالي فإن من يُسمح لهم بالمشاركة في الألعاب البارالمبية هم الأشخاص الذين لديهم إعاقات عضلية كالشلل، أو من لديهم مشاكل في الحركة بسبب حدوث بتر لأحد الأضلاع، أو قد يكون السبب يرجع لضمور العضلات.
توجد العديد من الصعوبات التي تواجه الألعاب البارالمبية من ناحية التمويل، وقد سبق لبعض الرياضيين الاعتراض على ذلك الأمر. ولعل هذا من الأسباب التي جعلت اللجنة المنظمة للبطولة تقرر تنظيم الألعاب البارالمبية في نفس العام الذي تُنظم فيه الألعاب الأولمبية وفي نفس الدولة. فالمنشآت الرياضية سوف تكون مجهزة للألعاب الأولمبية، وبالتالي فإن الألعاب البارالمبية لن تكون مكلفة كثيرًا، وفي نفس الوقت ستحظى بالاهتمام المطلوب من ناحية التجهيزات. يوجد في الوقت الحالي نوعان من الألعاب البارالمبية، الصيفية وهي التي بدأت عام 1960، والشتوية وبدأت في عام 1976.
تاريخ الألعاب البارالمبية الصيفية
- الدورة الأولى من البطولة الرسمية تم تنظيمها في مدينة روما عام 1960، بمشاركة من 23 دولة و400 رياضي، شهدت البطولة وجود 8 رياضات.
- أقيمت البطولة الثانية من الألعاب البارالمبية في مدينة طوكيو في اليابان عام 1964، ونقص عدد الدول المشاركة إلى 21 دولة و375 رياضي، لكن عدد الرياضات زاد وأصبح 9 بدلًا من 8.
- البطولة الثالثة عام 1968 شهدت مشاركة 28 دولة و750 رياضي، وأصبح عدد الرياضات في البطولة 10.
- شهدت البطولة الرابعة في مدينة هايدلبرج الألمانية عام 1972 مشاركة عدد تخطى الـ1000 رياضي من 41 دولة، وظل عدد الرياضات كما هو دون تغيير.
- في البطولة الخامسة في مدينة تورنتو الكندية عام 1976 قل عدد الدول المشاركة إلى 32، لكن بالرغم من ذلك أصبح عدد المشاركين 1657 مشارك، وزادت الرياضات لتصبح 13 رياضة.
- وأقيمت البطولة السادسة من الألعاب البارالمبية عام 1980 في مدينة آرنم في هولندا، بمشاركة 42 دولة و1973 مشارك، وقل عدد الرياضات بمعدل واحد، لتشمل البطولة 12 رياضة فقط.
- أقيمت البطولة السابعة عام 1984 في مدينتين: الأولى ستوك مانديفيل في بريطانيا، والثانية نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية. شارك في النسخة البريطانية 41 دولة، بـ1100 مشارك في 10 رياضات. وفي النسخة الأمريكية 45 دولة، بـ1800 مشارك في 15 رياضة.
- أقيمت البطولة الثامنة عام 1988 في آسيا في مدينة سيول في كوريا الجنوبية، بمشاركة عدد كبير من الدول هذه المرة وهو 61 دولة، و3057 مشارك، وزاد عدد الرياضات في هذه البطولة ليصبح 15 رياضة.
- النسخة التاسعة من الألعاب البارالمبية الصيفية أقيمت في مدينتي برشلونة ومدريد في أسبانيا عام 1992، وبدأت الأعداد تزيد في هذه النسخة. في مدينة برشلونة تواجدت 82 دولة بـ3020 مشارك في 15 رياضة، ومدينة مدريد 75 دولة بـ1600 مشارك في 5 رياضات.
- أقيمت النسخة العاشرة في مدينة أتلاتنا في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1996، بمشاركة عدد تخطى الـ100 دولة ووصل إلى الـ104، وعدد 3259 مشاركين في البطولة في 20 رياضة.
- وفي النسخة الحادية عشرة تم إقامة المسابقة في مدينة سيدني في أستراليا عام 2000، شارك في هذه النسخة 121 دولة بـ3881 مشارك في 18 رياضة، وشارك في هذه النسخة من الألعاب البارالمبية لاعبان بشكل حر بعيدًا عن كونهما تابعين لدولة معينة.
- أقيمت النسخة الثانية عشرة في مدينة أثينا في اليونان عام 2004، وشارك في هذه البطولة 136 دولة بـ3806 مشارك في 19 رياضة.
- أقيمت النسخة الثالثة عشرة في مدينة بكين في الصين عام 2008، وصل عدد الدول المشاركة في هذه البطولة إلى 146 دولة بـ3951 مشارك، وبلغ عدد الرياضات في البطولة 20 رياضة.
- أقيمت النسخة الرابعة عشرة في مدينة لندن في إنجلترا عام 2012، وشهدت هذه النسخة من الألعاب الصيفية مشاركة أكبر عدد من الدول، حيث وصل العدد إلى 164 دولة، بعدد وصل 4302 مشارك في 20 رياضة.
- أقيمت الألعاب البارالمبية الصيفية في نسختها الخامسة عشرة في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية في هذا العام الحالي 2016، وشهدت مشاركة 159 دولة. تميزت هذه البطولة بأنها اشتملت على العدد الأكبر من المشاركين بـ4342 مشارك، وكذلك وصل عدد الرياضات في هذه النسخة إلى 22 رياضة.
تاريخ الألعاب البارالمبية الشتوية
- أقيمت النسخة الأولى من الألعاب البارالمبية الشتوية في عام 1976 في مدينة أورنشولدسفيك السويدية، وشارك في هذه النسخة عدد محدود من الدول، 16 دولة فقط بـ53 مشارك في رياضتين فقط.
- وتم تنفيذ النسخة الثانية في مدينة جاليو في النرويج عام 1980، وزادت الدول المشاركة إلى 18 دولة بـ299 مشارك في رياضتين فقط.
- أقيمت النسخة الثالثة عام 1984 في مدينة إنسبروك في النمسا، بمشاركة من 21 دولة بـ419 مشارك، وزاد عدد الرياضات هذه المرة إلى 3 رياضات.
- أقيمت النسخة الرابعة في مدينة إنسبروك أيضًا في عام 1988، شارك في هذه البطولة 22 دولة بـ377 مشارك، وزادت رياضة جديدة في هذه النسخة من الألعاب البارالمبية الشتوية، حتى وصل عدد الرياضات إلى 4 هذه المرة.
- في البطولة التالية عام 1992 شاركت مدينتي تاينيي وألبيرفيل في استضافة البطولة في فرنسا، بمشاركة من 24 دولة و365 مشارك في 3 رياضات فقط.
- عادت النرويج مرة أخرى لتستضيف البطولة في عام 1994 في مدينة ليلهامر بفاصل عامين فقط عن النسخة الماضية، شارك في هذه البطولة 31 دولة بـ471 مشارك، وأصبح عدد الرياضات في هذه النسخة 5 رياضات.
- استضافت مدينة ناغانو اليابانية النسخة السابعة في عام 1998، وشارك في هذه البطولة 32 دولة بـ571 مشارك في 4 رياضات.
- في الألفية الجديدة استضافت مدينة سانت ليك النسخة الثامنة من الألعاب البارالمبية الشتوية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2002، شهدت البطولة مشاركة 36 دولة بـ416 مشارك في 4 رياضات.
- في عام 2006 استضافت مدينة تورينو الإيطالية النسخة التاسعة، بمشاركة من 39 دولة بـ486 مشارك في 4 رياضات.
- أقيمت النسخة العاشرة من البطولة في مدينة فانكوفر في كندا في عام 2010، زاد عدد الدول المشاركة إلى 44 دولة بـ506 مشارك في 4 رياضات.
- شهدت النسخة الحادية عشرة من البطولة عام 2014 في مدينة سوتشي الروسية مشاركة أكبر عدد من الدول وهو 45 دولة، وكذلك بلغ عدد المشاركين في البطولة 550 مشارك في 5 رياضات، وهو أكبر عدد من المشاركين حتى الآن.
نظرة عامة إلى الألعاب البارالمبية
بالنسبة لي تعد الألعاب البارالمبية دليل على قوة الإرادة البشرية، فالناظر إلى المسابقة قد يتعجب مما سوف يراه. البعض يرى أن الإعاقة تعني نهاية الطريق في أي شيء نريد فعله، ولكن في الواقع فإنني أؤمن أن الإعاقة الحقيقية هي إعاقة القلب.
النماذج التي تقدمها لنا الألعاب البارالمبية تثبت دائمًا أن الإنسان يمكنه أن يفعل أي شيء يريده، طالما يؤمن بقدرته على تحقيق ذلك بالفعل. كل ما علينا فعله أن نؤمن بأننا قادرين على صناعة الفارق حقًا، قادرين على أن نحقق أحلامنا مهما حدث، وأننا سوف نحاول حتى الرمق الأخير من أجل الوصول إلى ما نسعى إليه.
تمكنت من متابعة الألعاب البارالمبية بشكل سريع في هذا العام، وكان من ضمن النماذج التي رأيتها أحد اللاعبين يمارس رياضة تنس الطاولة بدون يدين، يعتمد فقط على أن يمسك المضرب بفمه، ويمارس الرياضة كواحد من المحترفين. بالطبع هذا المشهد غريب جدًا، فمن المعروف أن ممارسة تنس الطاولة تعتمد على اليدين، فكيف يمكن ممارستها بالفم؟ وعندما تعود لتقرأ حول ما فعله هذا البطل، سوف تعرف أهمية القناعة والإيمان بأنك قادر على تحقيق أي شيء، وهذا ما قاله اللاعب بنفسه، وأن من الأسباب التي دفعته إلى ممارسة تنس الطاولة دونًا عن أي شيء آخر هو رغبته في أن يقهر ما نعرفه نحن بالمستحيل، ليقدم لنا في الألعاب البارالمبية أكبر دليل على قوة الإرادة الإنسانية في الحياة، وكيف يمكن للإنسان أن يصنع المعجزات إن آمن بقدرته على فعل ذلك.
الألعاب البارالمبية رسالة إلى كل الأشخاص الموجودين من حولنا، وتجعلنا نشعر بالخجل من أنفسنا إذا قررنا أنه لا فرصة لتحقيق ما نريد دون أن نحاول، فما فعله هؤلاء الأبطال خلال مسيرة الألعاب البارالمبية شيء يستحق كل التقدير والاحترام، ويستحق أن نسير عليه في حياتنا نحن أيضًا.
الألعاب البارالمبية من الأشياء التي تستحق المتابعة دائمًا، وتستحق أن نبحث في تاريخها أكثر وأكثر. في النهاية سوف نحصل على قدر كبير جدًا من الطاقة الإيجابية، وسوف نعرف أن الإرادة الحقيقية، والإيمان والمحاولات والسعي، هي أمور يمكن أن تحدث لنا جميعًا، فقط علينا أن نستمر في البحث عنها طوال الوقت.
أضف تعليق