تشكل الكهرباء نسبة تكاد تتجاوز الـ 99% من الطاقة التي تعمل بها المؤسسات والهيئات حول العالم، حتى أنها باتت ومنذ زمن تستعمل في الأماكن التي ليس بها مولدات ولا موصلات كهربائية، وذلك عبر بطاريات الشحن التي تحمل هذا التيار لأي مكان حول العالم، وبالطبع لا ننكر بأي حال من الأحوال مختلف مصادر الطاقة التي استعملت في العصور الماضية سواء طاقة البخار الناتجة عن الفحم أو غيرها من أمور ساهمت كثيرًا في حدوث طفرات وثورات صناعية تقدم على إثرها العالم، ولكن متى تم اكتشاف الكهرباء وكيف تم ذلك وأين؟ كلها تساؤلات هامة تحتاج لتوضيح، وكذا غيرها العديد من الموضوعات والاستفسارات التي نطرحها ونجيب عليها فيما يلي، كما نسلط الضوء على مراحل اكتشاف الكهرباء وكيف تطورت بتطور الزمن، حتى صارت على هيئتها المعهودة كما نراها الآن، وأخيرًا الحديث عن الكهرباء الساكنة وكيفية اكتشافها.
استكشف هذه المقالة
ماهية الكهرباء ووحدات قياسها ؟
إن الكهرباء هي عبارة عن تلكم الطاقة التي تنشأ في الفراغ نتيجة وجود شحنات مغناطيسية غير مرئية، وهذه الشحنات تتكون من بروتونات وإلكترونات يحمل أحدهما شحنة موجبة وتحمل الأخرى شحنة سالبة، وهذه البروتونات والإلكترونات تتفاعلان معًا بشكل أو بآخر لإنتاج الطاقة الكهربائية التي نستعملها جميعنا في المنازل ومختلف المنشآت، أما عن وحدات القياس التي يمكننا من خلالها معرفة مقدار الكهرباء الموصلة ومن ثَمَّ ضبطها والتحكم فيها بالقدر الذي نريد، فإن الأمبير وهو الوحدة الأشهر لقياس الطاقة الكهربائية، بينما نجد أن الكولوم هو الوحدة المخصصة لقياس هذه الشحنات، وأيضًا يعتبر الفولت أحد أبرز وحدات قياس الكهرباء وتحديدًا القوة الدافعة، وأخيرًا وحدة الأوم وهي الخاصة بقياس المقاومة.
في أي عصر تم اكتشاف الكهرباء ؟
يرجع اكتشاف الكهرباء إلى العصور القديمة التي سبقت التاريخ وما بعده، بينما الكهرباء بمفهومها المعروف لدينا جاي في القرن الثامن عشر حين أجرى بنجامين فرانكلين تجاربه لاكتشاف الطاقة الكهربائية، وكان لإسهامه دور كبير في حدوث الثورة الصناعية والنهضة الأمريكية في ذلك الوقت، وبعدها بدأت مراحل تطوير هذا الاختراع بشتى الطرق على أيدي العديد من العلماء والخبراء، والذين بالفعل حققوا تقدمات بارزة في منتصف القرن التاسع عشر؛ حيث تمكن “مايكل فاراداي” -وهو عالم بريطاني شهير- من التعرف على الضوابط الأساسية لتوليد الكهرباء ووضع مبادئ عامة لذلك، وبناء على العديد من التجارب توصل العالم إلى طرق استعمال الطاقة الكهربائية في تشغيل آلات ومعدات ثقيلة كانت تتطلب بذل جهد كبير واستعمال كميات كبيرة من الفحم للحصول على طاقة بخارية، ولكن بتطور العلم تعرف الفيزيائيون على طريقة استعمال المغناطيس داخل الأسلاك النحاسية لتكوين شحنات من شأنها إنتاج الكهرباء، وقد كان إنتاج الكهرباء يتم فيما مضى من خلال أجهزة يدوية صغيرة وبسيطة، بينما باتت الآن ضخمة ومعقدة أكثر لكنها سهلة الاستعمال ومضمونة الإنتاج بمقادير هائلة من الطاقة، رغم أنها تقوم على نفس المبدأ.
مراحل اكتشاف الكهرباء
يمكن تقسيم مراحل اكتشاف الكهرباء عبر التاريخ إلى ستة مراحل زمنية مختلفة، وكل مرحلة من هذه المراحل تحوي هي الأخرى مراحل داخلية متشابهة في تطوير و اكتشاف الكهرباء ، وفيما يلي توضيح لتلك المراحل بشكل أكثر تفصيلًا:
المرحلة الأولى
وقد حدد العلماء والمؤرخون تلك المرحلة من العام 600 قبل الميلاد وحتى منتصف القرن السادس عشر وتحديدًا في العام 1599، حيث اكتشف البشر قديمًا ما يسمى بحجر المغناطيس وما يمكن أن يفعله من جذب لبعض المواد، وقد تطور الأمر قليلًا حتى تعرفوا على الكهرمان ولاحظوا انجذاب بعض الأشياء منها ونفور أشياء أخرى عنه، ومن خلال هذا الأمر تمت صناعة البوصلة واستخدمها البحارون في رحلاتهم الطويلة بالبحار والمحيطات، وبدايةً من القرن السابع عشر أجرى بعض الخبراء وعلى رأسهم “وليام جيلبرت” تجاربه الشهيرة على الجاذبية والكهرباء والمواد الممغنطة، بينما في منتصف القرن وتحديدًا في العام 1749 راح العلماء يضعون بعض النظريات ويطورون بعض اختراعات الكهرباء الساكنة التي أفادت العلم كثيرًا في وقت لاحق.
المرحلة الثانية
وقد بدأت هذه المرحلة من مراحل اكتشاف الكهرباء منذ منتصف القرن الثامن عشر بالضبط، وانتهت في القرن نفسه وتحديدًا في العام 1774، وكان “بنجامين فرانكلين” -وهو أحد أشهر علماء الطاقة الكهربائية- قد استعمل طائرته الورقية في دراسة البرق واكتشف هذه الشحنات الكهربائية التي تظهر لنا في السماء على هيئة ضوء، وبالفعل وصل لعدة قواعد وضوابط استطاع أن ينقلها لزملاءه وتلامذته الذين طوروها لاحقًا، وبالفعل في أواخر القرن الثامن عشر تمكن العالم من خلال النظريات الكهربية السابقة من التعرف على طبيعة الكهرباء وطرق إنتاجها ونقلها بسهولة، وجاء بعد ذلك العالم اخترع “ألساندرو فولتا” وصنع أول بطارية تم شحنها بالطاقة الكهربية، وفي المرحلة ذاتها تعرف العالم أن الطاقة الكهربائية يمكننا الحصول عليها أيضًا من خلال بعض التفاعلات الكيميائية التي تتوافر في الطبيعة وتوفر مناخًا مناسبًا لانتقال هذه الطاقة، وبعد ذلك بدأت المصابيح الكهربائية في الظهور بأشكال متعددة.
المرحلة الثالثة
هذه المرحلة التي بدأت في العام 1820 واستمرت على مدار ثلاثين عامًا، كانت مرحلة مهمة جدًا في عمليات اكتشاف الكهرباء وتطويرها ونقل الكهرباء وتخزينها؛ حيث استطاع العالم الكبير “هانز كريستيان أورستد” اكتشاف أن ما يتحكم في تحريك مؤشر البوصلة هو في حقيقته كهرباء ساكنة وليست مغناطيسًا فقط، وبالتالي سعى وطور من الفكرة حتى صنع ما يسمى ب المغناطيس الكهربائي وكذلك طور آلية عمل المحرك الكهربائي، وبعد عشرة أعوام فقط استطاع العالم “مايكل فاراداي” أن يصنع التلغراف وسلوك البرق، كما أنه اخترع أول المولدات الكهربائية في العالم، وفي العقد الخامس من القرن التاسع عشر، تمكن “فاراداي” من تطوير هذا التلغراف عندما استطاع أن يتواصل برسالة من خلاله بين واشنطن وبالتمور.
المرحلة الرابعة
استمرت قرابة الأربعين عامًا، منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى العام 1890 ميلادية، حيث حدثت خلالها الثورة الصناعية الشهيرة، وخلالها استطاع العالم الشهير “غرام” أن يخترع جهاز الدينامو، وما ترتب عليه من تطوير للكهرباء، كما تمكن “جيمس كليرك ” من وضع عدد من النظريات والمعادلات التي طورت كثيرًا من علوم الديناميكا الكهربائية واستطاع العلماء من بعده تطوير العديد من الاختراعات في ضوء نظرياته ومعادلاته الشهيرة، أما في العام 70 من القرن التاسع عشر، اجتمعت كل تلك الأمور ليتمكن العلماء من اختراع المصباح الكهربائي بشكله العملي المعروف، كما طوروا الهاتف الأرضي بدلًا من التلغراف، وأصبحت المصطلحات الكهربائية مثل “الإلكترون” معلومة وشائعة ومعترف بها من جانب المعجم العلمية، وأخيرًا في عام 1889 تمكن “نيكولا تيسلا” و “توماس أديسون” من توحيد جهودهما من أجل إيجاد وسيلة مناسبة لنقل الطاقة الكهربائية بمختلف شحناتها، وتم استعمالها في تشغيل العديد من الأجهزة على رأسها الراديو الذي تم تشغيله في تلك الفترة وكان “هاينريش هيرتز” هو أول شخص بالعالم يصل لسر البث الإذاعي وإرسال واستقبال موجات الراديو.
المرحلة الخامسة
المرحلة قبل الأخيرة من مراحل اختراع و اكتشاف الكهرباء وتطورها، بدأت في بداية القرن العشرين، وانتهت بعد ثلاثين عامًا تقريبًا، وخلالها تمكن العلماء من التعرف على مجسات الأشعة السينية، وتبع ذلك توضيح وتفصيل أكثر لما يسمى بالنشاط الإشعاعي الذي يستخدم في كثير من الأجهزة والمعدات في الوقت الراهن، ولا شك أن استعمال هذا النشاط الإشعاعي من قبل دون معرفة ماهيته، كان هو السبب الأبرز لتصنيع الراديو وتطويره، وفي تلك الفترة استطاع “ألبرت آينشتاين” أن يضع نظريته النسبية الحديثة التي أحدثت انقلابًا في عالم الفيزياء القديمة وألغت الكثير من المعتقدات الخاطئة حول أمور تتعلق بالضوء والزمن والسرعة والحركة وما إلى ذلك من أشياء في الطبيعة، أما في نهاية تلك المرحلة، فكان الجو ملائمًا للعلماء حتى يطوروا نظرياتهم حول مكونات الذرة والعناصر والجزيئات المختلفة والجسيمات التي تكون أصغر وأدق المواد في الطبيعة، وساعد ذلك في تطور علوم الكهرباء أكثر وأكثر وتحديد سبل أفضل لانتقالها وتطورها واستعمالها في أجهزة أكثر وأكثر، وكان التلفاز بشكله البدائي أحد أشهر نواتج تلكم المرحلة.
المرحلة السادسة
المرحلة الأخيرة من مراحل اكتشاف الكهرباء بدأت منذ العام 30 من القرن العشرين، واستمرت طويلًا حتى عام 2003 أي في أوائل القرن الحادي والعشرين، واستطاع العلماء خلالها اكتشاف الكهرباء على حقيقتها والتعرف على الكثير من أسرارها وتطويرها بشكل لم يسبق لها مثيل، حتى أنها انتشرت في مختلف أنحاء العالم تقريبًا حتى أحلك البلدان النامية والمناطق الأقل شأنًا وتطورًا، وفي البداية استطاع العلماء اختراع آلات بسيطة جديدة تعتمد على الكهرباء مثل الملفات الكهربائية والمجاهر الخاصة وغيرها، وقد دخلت تلك الاختراعات في حياة المواطنين بشكل تدريجي، وفي منتصف القرن العشرين تمكن العلماء من اختراع جهاز الحاسب الآلي وتطويره مع الوقت حتى بدأ ينتشر في العالم باستعمال الكهرباء، وكذا انتشر من قبله التليفزيون وظهرت عوالم الذرة والمعامل المختلفة التي طورت ذلك، وبمرور الوقت وتحديدًا بعد عام 1960 استطاع العلماء تطوير الدوائر الكهربائية واستعمالها بشكل أصغر وأدق، حتى تم تصنيع أجهزة ومعدات صغيرة وشخصية بدلًا من تلك الضخمة كأجهزة الكمبيوتر العملاقة وغيرها، وأخيرًا وقبل بداية القرن الحادي والعشرين بعقدين من الزمان، توصل العلماء لمصادر جديدة للحصول على الطاقة الكهربائية؛ والتي كانت سببًا في ظهور الكهرباء وانتشارها في أجهزة تقنية حديثة، حتى ظهرت علوم تكنولوجيا النانو الدقيقة التي تمكنت هي الأخرى من استعمال الطاقة الكهربائية في عمليات التشغيل المختلفة.
جدير بالذكر أن اكتشاف الكهرباء مر بمراحل عديدة منذ ما قبل التاريخ وحتى وقتنا الحاضر، ولعل هذا خير دليل على أن العلم لم ولن يتوقف عند ما وصلنا إليه، بل إنه من الممكن اختراع وسائل طاقة جديدة وبديلة والاعتماد الكامل عليها سواء طاقة متجددة أو غير متجددة، أو حتى تطوير الطاقة الكهربائية ودمجها مع طاقات ووسائل بديلة من أجل تحسين حياة العالم بأكبر قدر ممكن، مع العلم أن الكهرباء الساكنة والاختراعات الكهربية البسيطة إبان التوصل لها في القرون الماضية كانت بالنسبة للعلم والعلماء والأجيال التي عاشت وقتها أحد أبرز الاختراعات وأكثرها إبهارًا، ولا يعني اعتيادنا عليها وانتشارها في حياتنا بهذا القدر أنها أمرًا عاديًا، لكنه في حقيقة الأمر معجزة علمية لن يتوقف الحديث عنها مهما أبدع العلم وأنتج مصادر جديدة للطاقة.
اكتشاف الكهرباء الساكنة
تعتبر الكهرباء الساكنة هي تلك النوع البدائي البسيط من الشحنات الكهربائية التي يتم توليدها يدويًا وهي ليست ضارة لمن يلامسها، وقد تم التعرف عليها في القرن السادس قبل الميلاد على أيدي اليونانيين الذي اكتشفوها نتيجة لبعض الظواهر الطبيعية، حتى جاء الفيلسوف الشهير طاليس وأجرى تجربة حك قطعة من القماش مع قطعة أخرى من الكهرمان، ولوحظ أنها أصبحت جاذبة لكل من العوالق البسيطة القطنية والصوفية وغيرها، بينما طور وليم جلبرت -وهو عالم بريطاني- هذه النظرية في القرن السادس عشر وأخذ يطور استعمال الكهرباء الساكنة من الكهرمان والعنبر ووضع اسمه باللغة اليونانية وهو نفسه ما يعني الكهرباء باللغة العربية، وفي السياق ذاته جاء عالم الكيمياء الفرنسي الشهير “شارل” في منتصف القرن الثامن عشر وأجرى عددًا من التجارب عبر حك الأجزاء المكونة من الزجاج مع تلك المكونة من الصوف أو الشعر، وأيضًا حك الأجزاء المكونة من الكهرمان من المواد المكونة من الحرير، وعرف أن المواد التي تتشابه عند حكها ببعضها البعض يحدث لها نوع من التنافر والتباعد وهي طاقة جذب عكسية، بينما تلكم الأجسام التي تختلف نجدها تتجاذب عند حكها ببعضها، وبذلك وضع قوانين ونظريات في اكتشاف الكهرباء الساكنة.
وفي نفس الإطار، تمكن “فرانكلين” من دراسة الشحنات الكهربائية الموجبة والسالبة والبناء عليها ووضع نظريات وعمل تجارب سهلت كثيرًا على العالم من بعده، واستطاع من خلال طائرته الورقية التي أطلقها في الجو وقت حدوث البرق والرعد في السماء قبل وأثناء المطر، أن يتعرف على كيفية انتقال الكهرباء الساكنة في طبقات الجو العليا من خلال البرق الذي نتج عنه انتشار شرارات كهربائية في الطائرة التي عكف “فرانكلين” على تركيب مواد معدنية بها، ونتج عنها وصول الكهرباء بالفعل على سطح الأرض حيث تعرض هو للصعق نتيجة ارتفاع الجهد الكهربي في السحب وقطرات المطر في الجو، وقد كان لهذه التجربة بعض التوابع الخطيرة حين صمم البعض على أن يجريها بنفسه وتعرض للصعق بالفعل، وفي أوائل القرن الثامن عشر كان “ستيفن” -وهو العالم إنجليزي- قد توصل أيضًا إلى أن الكهرباء الساكنة يمكنها أن تنتقل، واستطاع أن يفعل ذلك عبر دلك أنبوب طويل جدًا من الزجاج، وقال بأن هناك بعض المواد التي بإمكانها التأثر بالكهرباء ونقلها، والبعض الآخر لا يتأثر ولا ينقل الكهرباء.
الكهرباء الساكنة وكيفية عملها
فسر علماء الفيزياء مسألة حدوث الكهرباء الساكنة على أنها عملية انجذاب كهربائي، وأن هذه العملية تحدث في بعض المواد عند تراكم الإلكترونات وتكدسها واحتكاكها بين المواد بعضها البعض، أو أن هذه المواد تكون مفتقدة لوجود الإلكترونات من الأساس، وقد عبر “قانون كولوم” عن الكهرباء الستاتيكية أو الكهرباء الساكنة بأن وصفها بالعديد من الشحنات المتفاوتة والمختلفة التي تتجمع في مكان ما وتكون ضعيفة للغاية، وأوضح أن بعض المواد حين تحتك ببعضها البعض؛ ينتج عنها أن تجذب أو تطرد بعض الهامات والعوالق والمواد الدقيقة الصغيرة البسيطة، وأكد القانون بأنها ظاهرة طبيعية منتشرة من حولنا بكثافة ولكن لا نلاحظها بكثرة إلى في أحيان قليلة، وأكد أنها في بعض الأحيان قد تكون من القوة بالقدر الذي يجعلها تتحول لطاقة ضوئية تخرج شرارات يراها ويشعر بها الإنسان، أما عن رأي العلم الحديث، فيرى أن المواد من حولنا تحتوي على قدر ما من الشحنات التي تتبادل وتنجذب وتتنافر مع بعضها البعض بشكل تنظمه الطبيعة، ولكن حين حدوث بعض الأمور الخاطئة أو الاحتكاكات بفعل الإنسان أو غير ذلك من ظواهر؛ ينتج عنها أن تنتقل تلك الشحنات بين المواد وبعضها البعض بطريقة غير ملائمة فتظهر شرارات كهربية لتعبر عن ذلك أو تظهر عمليات الجذب والتنافر المعروفة مسبقًا في تجارب حك الشعر بالزجاج أو الكهرمان بالحرير.
طرق توليد الكهرباء الساكنة
تتعدد طرق الحصول على شحنات كهربية ساكنة من خلال بعض الظواهر التي قد تنشأ في الطبيعة من تلقاء نفسها، أو أن يفتعلها الإنسان، وفيما يلي سنسلط الضوء على تلك الطرق:
الدلك
ويعتبر هو الطريقة الأولى والأبرز والأشهر في اكتشاف الكهرباء الساكنة والحصول عليها، كما أنه من خلال تلك الطريقة بإمكاننا الحصول إما على شحنة كهربائية سالبة أو شحنات موجبة، ولكي نحصل على شحنات كهربائية سالبة فإننا على سبيل المثال نلجأ لدلك كل من ساق الأبونايت مع الفرو، وينتج عن ذلك انفصال الإلكترونات من الفرو ومن ثَمَّ تنطلق لتنضم إلى ساق الأبونايت حتى يصبح سالب الشحنة، أما عن الحصول على الشحنات الكهربية الموجبة، فإننا نلجأ لفرج قطعة من الزجاج مع قطعة أخرى من الحرير، وبهذا نحصل على شحنات موجبة عبر انفصال الإلكترونات من القطعة الزجاجية، وانضمامها قطعة الحرير.
التماس
والتماس هنا بمعنى التلامس، ويعني أن أي جسم يتم شحنه بالطاقة الكهربائية الساكنة، يمكنه نقل تلك الطاقة لجسم آخر غير مشحون، وبهذا نحصل على جسمين متشابهين من حيث نوع الشحنة الكهربية في كل منهما، وهي طريقة وإن كانت بسيطة إلا أنها أفادت العلم كثيرًا في الحصول على العديد من المزايا والاختراعات المتتالية.
الحث
وطريقة الحث هي ما تشير إلى شحن الأجسام بالكهرباء نتيجة انتقال الشحنات السالبة أو الموجبة من جسم إلى الآخر، وللتعرف أكثر على معنى هذا الكلام نوضح من خلال التجربة التالية، التي يجب خلالها توفير بعض المواد مثل كرة موصلة للكهرباء لكنها غير مشحونة، وكذا سلك كهربائي، بالإضافة إلى أحد الأجسام التي تحوي شحنة كهربائية، ومن ثَمَّ نبدأ التجربة عبر تقريب الكرة الموصلة من الجسم المشحون بالكهرباء ولتكن شحناته موجبة، وبالتالي نجد أن الشحنات الساكنة في الكرة تبدأ في التفاعل مع الجسم هذا حيث تتحرك الشحنات السالبة فيها تجاه الجسم، بينما تتنافر الشحنات الموجبة إلى أسفل الكرة لأنها مشابهة لتلك التي موجودة في الجسم، وبعد ذلك يمكننا توصيل الكرة بسلك إلى الأرض أثناء وجود الجسم المشحون دون تحريكه، وبهذا نجد أن الشحنات السالبة الموجودة بالأرض تتفاعل مع الكرة وتنتقل إليها بسبب تفاعلها مع الجسم المشحون بطاقة موجبة، وفي الخطوة التالية نفصل الاتصال بين الأرض والكرة وكذلك نزيل الجسم المشحون بشحنة موجبة، لتبقى الكرة بشحناتها السالبة الموجودة بها في الأساس مع تلك التي اكتسبتها من الأرض، وبهذا نكون قد حصلنا على كرة مشحونة بشحنات سالبة، وبطريقة الحث تلك يمكننا شحن أي جسم قابل للتوصيل الكهربي بشرط أن تكون شحناته مختلفة مع الجسم الذي نحاول توصيله به.
مميزات اكتشاف الكهرباء واستعمالها
توجد العديد من المزايا التي حصل عليها البشر نتيجة اكتشاف الكهرباء واستخدامها في تشغيل البيئة من حولنا، ولعل أبرز وأهم تلك الميزات التي تفرق الكهرباء عن غيرها من طاقات قديمة أو حديثة متجددة أو غير متجددة، هو ما نذكره فيما يلي:
سهولة التحكم
ويرجع هذا إلى أن الكهرباء بها ما بها من وسائل تمكننا من زيادة الإنتاج أو تقليله؛ اعتمادًا على مولدات ومحركات وموصلات نشغلها بالقدر المطلوب وكما نريد، ونوقفها وقتما نريد، على عكس طاقة البخار المستعملة قديمًا على سبيل المثال والتي لطالما كان من الصعب إطفاء الفحم وتخزين الطاقة الحرارية الناتجة عنه أو ما إلى ذلك من أمور، كما أن الطاقات الحديثة المتجددة كالشمس والرياح وغيرها لا يمكننا التحكم فيها وإنما هي من فعل الطبيعة التي تمنحنا إياها وقتما وكيفما شاءت.
الانتقال الجيد
ولا مجال للشرح والتوضيح أكثر، فكلنا يعرف كيف أن الطاقة الكهربائية يمكنها الانتقال من مكان لآخر على بعد ملايين الكيلو مترات دون أزمات، وهو ما أعطى العالم فرصة التطوير وصنع حضارة حديثة في مختلف مناطق العالم ونقل الكهرباء حتى إلى أحلك المناطق وأقلها تطورًا، وأسوأها مناخًا لذلك.
التحويل لطاقات جديدة
ولتوضيح ذلك يكفينا النظر إلى المروحة أو جهاز التكييف أو الغسالة والسخان والمكواة وغيرها من أجهزة تعمل بالكهرباء، بات من الضروري استعمال الكهرباء في إنتاج طاقات أخرى إما حركية أو حرارية.. إلخ.
صديقة للبيئة
تتميز الكهرباء عن الفحم مثلًا وعن الكثير من الطاقات الأخرى بكونها لا تحدث ضررًا بالهواء الجوي ولا تغير من خصائص مكوناته، وبالتالي يمكننا التعايش إلى جوارها بأمان حتى ولو لم يتم تغطية الأسلاك بأغلفة عازلة، تبقى غير مضرة للبيئة ولا للهواء الجوي أو أيٍ من عناصر الطبيعة -ما دامت لم تلامسها- بأي حال من الأحوال.
الأمان
ويبدو ذلك من قدرتنا على التحكم والسيطرة على تلك الطاقة وإنتاجها ونقلها وتوزيعها وتوجيهها من وإلى أي مكان دونما قلق، خاصةً وأن هنالك العديد من المؤسسات العلمية التي أفرخت لنا آلاف المتخصصين في هذا المجال حول العالم، بات بإمكانهم التعامل معها وإصلاح وصيانة أية تلفيات تحدث بها، حتى أن الأناس العاديين باتوا هم الآخرون قادرون على التعامل مع الكهرباء والتعامل معها بدون خوف، ولا شك هناك العديد من حوادث الصعق التي تعرض لها الكثيرون في هذا الصدد ولكنها قليلة جدًا بالنسبة لمن لم يتضرروا من الكهرباء، وكذا بالنسبة لمن أصيبوا أو ماتوا جراء تعرضهم لأذى نتج عن مصادر وطاقات أخرى.
تعتبر الكهرباء هي الطاقة الأهم حول العالم حاليًا نظرًا للعديد من المزايا التي تتمتع بها على عكس غيرها من مولدات للطاقة، حيث تتميز بسهولة انتقالها والسيطرة عليها وتأمين مساراتها بشكل ملائم للحياة إلى جوارها وباستعمالها من الجميع سواء متخصصين أم غير متخصصين في دراستها، كما أن استعمالها لا يتطلب مجهودًا فائقًا ولكن مجرد توصيل الأسلاك التي تحمل الشحنات إلى الأجهزة والمعدات التي نود تشغيلها؛ ولذا فإن اكتشاف الكهرباء أحدث طفرة صناعية وعلمية رهيبة باتت تتحكم في معظم أمور حياتنا ونعتمد عليها الاعتماد الكامل في الحصول على مختلف ما نريد، وقد مر اكتشاف الكهرباء بعدد من المراحل بدأت قبل الميلاد بحوالي 600 عام، وظل يتطور الأمر حتى العام 2003، ولا زال العلم يعرف أكثر ويتعلم أكثر عن طرق تطوير الكهرباء والاستفادة منها بالشكل الأمثل، ولعل الكهرباء الساكنة كانت هي البداية الحقيقية لاكتشاف الطاقة الكهربائية الحالية وتحقيق أقصى استفادة ممكنة في شتى مجالات الحياة.
أضف تعليق