يظن الإنسان أثناء حماسه واشتعال طموحه أنه بإمكانه تغير حياته كلها في يوم وليلة، ثم يذهب ويضع خطة يقرر فيها أنه سيبدأ في المذاكرة، ويهتم بعمله، ويقلع عن التدخين، ثم يفاجئ بعد مرور يومين أن كل شيء رجع إلى مجراه المعتاد، بل ربما تزداد الأمور سوء ويفقد الأمل في تغير شيء، ولكن يعتبر بيت القصيد في هذه المسألة هو طريقة الحل التي يتبعها الإنسان فما بني في سنوات لا يمكن أن يهد في ثوان أو في لحظة حماس عارضة، ويعتبر الحل الأمثل هنا هو الرجوع إلى المراجع والأبحاث والكتب التي تناولت مهارة اكتساب العادات بتفاصيلها، عندما يمشي الواحد منا على هذه الطرق العلمية سيلاحظ الفرق، حتى وإن ذل عدة مرات فلن يفقد الأمل كما كان سيفعل لو اتخذ القرار نتيجة حدث عارض، وعند الرجوع إلى سير العظماء سنجد أن يومهم مليء بتحصيل العلم أو العمل الجاد أو البحث عن كل جديد، ويرجع الفضل في كل هذا إلى اكتساب العادات الجيدة.
استكشف هذه المقالة
كيف يصبح السلوك عادة؟
تعتبر النقطة الأهم هنا هي معرفة الآلية التي يعمل بها مخ الإنسان في تكوين العادات، وتعتبر هذه الآلية هي التعامل مع الأفعال المتكررة التي يقوم بها الإنسان وجعلها أفعال يومية لا يشعر الإنسان حتى بفعلها، ويهدف المخ إلى هذه النقطة حتى يخفف على نفسه مشقة اتخاذ قرار جديدة أو التعامل مع نفس الفعل كل يوم وكأنها المرة الأولى التي يقوم به، فمثلا تعلم المهارات في الطفولة مثل المشي تحولت من فعل جديد إلى عادة، أو الكتابة بشكل سريع على الكمبيوتر أثناء البرمجة أو القيام على أحد المشاريع، وتعتبر قيادة السيارة هي التطبيق العملي لهذه الفكرة ففي البداية تكون القيادة شقة وتحتاج لمجهود ذهني وعقلي كبير ثم مع مرور الوقت لا يلاحظ الإنسان حتى خطواته ولا يبحث عن البنزين وغيره كأول مرة، ويعتبر هناك ثلاث خطوات رئيسية تساعد في تكون العادة، وهم المحفز والروتين والمكافأة، فالمحفز هو ما يثير العقل للقيام بالفعل كالجوع الذي يدفع الإنسان للأكل، أو وجود الكتاب الذي يحفز الإنسان كي يقرأ، أما الروتين فهو التكرر الدائم للفعل والذي يساعد على اكتساب العادات بسرعة، وذلك كتنظيم وقت النوم أو القيام بعمل معين كاستخدام الهاتف عند الاستيقاظ، أما المكافأة فهي العائد الذي يعود على الإنسان نتيجة قيامه بفعل معين سواء فعل جيد أو سيء.
تعتبر المشكلة في نقطة المكافأة أنها تنقسم إلى شقين، الشق الأول هو العائد الفوري وعادة ما يكون في الأفعال السيئة أو التي لا يستفيد منها الإنسان، والشق الثاني هو العائد بعيد المدى مثل انتظار بطولة رياضية معينة أو العمل على مشروع دراسي يستغرق عاما كاملا، ويعتبر المبتدأ في فعل ما هو الذي يواجه صعوبة في العائد بعيد المدى، وهنا يجب أن يحاول تقسيم هدفه الكبير إلى أهداف صغيرة يسهل قياسها وأن يضع لنفسه مكافأة بسيطة، إلى أن يحين وقت المكافأة الكبرى، وعند بناء عادة معينة يجب مراعاة عدة نقاط مثل: الوقت الذي تحتاجه هذه العادة لكي يتم بنائها به، وألا نبني عدة عادات في نفس الوقت خصوصا في بداية اكتساب مهارة بناء العادات، الاستمرارية مهما كانت قليلة، محاولة متابعة العادات، وتعتبر هذه النقاط الأساسية التي يجب مراعاتها وبالرغم من السهولة التي تظهر في هذه النقاط، إلا أن كل نقطة يقوم عليها العديد من الكتب والأبحاث التي تشرحها بشكل مفصل، وعند اتباع الإنسان خطوات بناء العادة دون تعقيد أو مبالغة سيكون من السهل الوصول إلى العادات التي يريدها في وقت قليل، وسيصبح النجاح والتفوق في المجال الذي يعمل به عبارة عن عادة اعتاد أن يفعلها.
قاعدة 21 يوم من أجل اكتساب العادات
الناجح تصنعه عاداته، واكتساب العادات ليس بالأمر السهل، وإلا أصبح جميع البشر ناجحين وهذا عكس ما نرى في حياتنا اليومية، فالناجحون هم القلة النادرة، وعلى مر التاريخ الحديث للبشر حاول العلماء وضع وقت محدد المدة للفترة التي يحتاجها الإنسان ليرسخ في ذهنه عادة جديدة، وتعتبر قاعدة 21 يوم من أشهر القواعد التي عرفها الطب النفسي في هذا الموضوع، وتنص القاعدة على أن أي إنسان يستطيع اكتساب العادات الجيدة في 21 يوما، كما يستطيع أن يتخلص من العادات السيئة في نفس المدة تقريبا، وترجع نشأة هذه القاعدة إلى عالم نفس مجهول الهوية حاول حساب الوقت الذي كان يعالج فيها المريض بشكل كامل أو يتخلص من شيء معين في ذهن المريض، وكانت النتيجة التي وجدها أن متوسط المدة التي يحتاجها المريض في اكتساب أو فقد شيء جديد هي 21 يوم، وتعتبر هذه النظرية من أفضل النظريات حتى وإن لم تكن دقيقة، وذلك لأن العقل يقتنع بأنه يحتاج هذه المدة فقط بالتالي إذا نجح في تكرر العمل خلالها سيقنع أن العمل أصبح عادة لديه، ويفضل القيام بهذه الخطوة بدقة قدر المستطاع ولذلك ننصح بالاستعانة بكراسة ملاحظات وعمل جدول بالمدة المذكورة، وكتابة التقدم الملحوظ يوما بيوم، ويمكن وضع مكافأة أو عقاب صغير خلال اليوم الواحد.
عادات يجب اكتسابها
عند ذكر اكتساب العادات الجيدة يتم ذكر بعض العادات التي يراها البعض من العادات الأساسية التي يجب أن توجد في أي إنسان، كما تعد هذه العادات حجر الأساس لتكوين الشخصية الناجحة، وتعتبر القراءة أشهر هذه العادات، وذلك حيث تساعدك القراءة في المجال الذي تعمل به، كما تساعدك على اكتساب المهارات المختلفة، وتهذب خلقك وتكسبك ثقة عند التعامل مع الناس بمختلف الثقافات والفكر، ويعتبر التعلم من المهارات التي لا تقل أهمية عن القراءة بل من الممكن أن نعتبر القراءة جزء من التعلم، ولا يقتصر التعلم هنا على مصدر واحد أو حتى شيء واحد، بل يجب على الفرد أن ينهل من كل منابع المعرفة، ويجب أن يتبع الحكمة التي تنصحنا بتعلم كل شيء بشكل سطحي، ونتعلم شيئا بعينه بعمق، وتعتبر المهارة التي تلي التعلم مباشرة هي مساعدة الآخرين سواء بما نتعلمه أو بأي ما يحتاجونه إذا كان بإمكاننا فعله، وتعتبر المساعدة من أهم المهارات الاجتماعية عموما، وتوجد العديد من العادات الأخرى التي يجب المحافظة على القيام بها مثل: النوم والاستيقاظ مبكرا، تنظيم السرير والغرفة، إظهار الامتنان والحب للناس، إحاطة النفس بأشخاص ناجحين أو بشكل أكثر دقة أشخاص لهم نفس الاهتمامات لأن هذا يساعد بشكل كبير في تحقيق النجاح.
اكتساب العادات الصحية
عند النظر على مثلث الذي يجعل الإنسان سعيدا سنجده يقوم على ثلاثة أضلاع المال، والروح، والجسد، ويعتبر الجسد أهم ضلع في هذا المثلث فمن خلاله يسهل تحقيق الأهداف الأخرى، ولكي يضمن الإنسان صحة الجسد يجب أن يكتسب عدة عادات ويحافظ عليها بشكل دائما، وتعتبر الرياضة أول هذه العادات حيث تعتبر ممارسة الرياضة بشكل منتظم من الأشياء التي يحتاجها جسم الإنسان ليس للشكل فقط بل لتحسين وظائفه الفسيولوجية أيضا مثل: تحسين الدورة الدموية، والتخلص من السموم بشكل أسرع، كما تعمل على خفض نسبة مسببات المرض، وإذا ذكرنا الرياضة يجب أن نذكر الطعام والنوم لأن الثلاثة مرتبطين بصحة الإنسان بشكل كبير، ولذلك يجب على الإنسان أن ينال كفايته من النوم والتي تصل في المتوسط إلى ثمان ساعات وتختلف حسب العمر عادة والنوم هو المكمل الأساسي للطعام والرياضة حيث تتجدد الأنسجة فيه ويستفيد الجسم بما تم فعله خلال اليوم، أما الطعام والشراب فيجب الاهتمام بما يدخل الجسم، وينصح بتناول الخضروات والبروتينات ومختلفة الأطعمة المعروفة لنا التي يستفيد منها الجسم، ويمنع تناول الوجبات السريعة والمشروبات الغازية، كما ينصح بالتحرك الدائم، والمحاولة المستمرة في التخلص من الوزن الزائد، وكثرة شرب الماء.
وهكذا نكون قد عرضنا الجوانب المختلفة التي تساعدنا في اكتساب العادات الجديدة، وذكرنا أهم العادات التي يجب أن يكتسبها الإنسان بشكل عام ولصحته بشكل خاص، وقد تظهر بعض هذه العادات بسيطة وبلا فائدة من الظاهر لكن عند الحفاظ على أكثر من عادة سواء كبيرة أو صغيرة سيلاحظ الإنسان التطور الملحوظ في شخصيته وأسلوب حياته، وتعتبر معظم النصائح التي نسمعها يوميا ولا نلقي لها بالا من أهم العادات التي يجب أن تتواجد في حياتنا مثل: الحركة، والاهتمام بالطعام والشراب، وغير ذلك من الأشياء، ويعتبر المرجع في هذا المقال هو كتابي بناء العادات، وقوة العادات للإنسان الخارق، كما اعتمدت على بعض الأبحاث والمقالات في بعض النقاط.