لا يمكن لأي شيء أن يمنحنا الحكمة في حياتنا بشكل تلقائي ولكن اكتساب الحكمة يأتي عن طريق عدة أشياء تتراكم حتى تكسبنا الحكمة اللازمة لذلك سيكون من الغش والكذب أن نقنعك أن هذا المقال سوف يدلك على مكان الحكمة ولكن على الأقل سيعطيك إشارات لما يجب أن تكون عليه إذا أردت أن تصبح حكيما، أما كيف تصبح حكيما هكذا فلن يأتي هذا بمقال أو اثنين أو حتى كتاب، لذا سنعتبر المقال نقاش حول اكتساب الحكمة ودورها في حياتنا وطرق اكتسابها ونتائجها:
استكشف هذه المقالة
أهمية الحكمة في حياتنا
الحكمة لها أهمية كبيرة جدا في حياتنا ولولا الحكمة لأصبحنا حيوانات رعناء تجري خلف انفعالاتها وتطلق العنان لغضبها لذلك هناك أهمية كبيرة لاكتساب الحكمة وهي الخروج من التفاصيل اليومية لحياتنا والنظر من الخارج لها، أي النظر بنظرة تأملية، النفاذ لعمق الأشياء ولجوهرها والطريقة التي تسير بها الحياة بشكل شمولي، بمعنى أدق الخروج من الحيز الضيق للحياة ومراقبة طرية سيرة الحياة وكيفية تأثير الحياة الكبيرة على حياتنا الصغيرة والعكس وكيفية تأثيرنا في حيوات بعضنا البعض، الأمر يستلزم بعض المجازفة نوعا ما لأن الانخراط اليومي في الأحداث دون ذرة تفكير أو تأمل، عدم التفكير في الحدث بعد حدوثه بشكل شمولي، الانسياق وراء العواطف والانفعالات يمتلك الإغراء بشكل كافي ويبعد عننا الحكمة إلى حد كبير.
طرق اكتساب الحكمة
التفكير في الحدث بعد حدوثه
إن حدث لك موقف عابر حاول تحليل الأشياء جيدا، ردات فعل الأشخاص والأشياء التي حملتهم على ذلك، ضعف نفسك في مكان كل شخص ارتكب فعلا معينا وتساءل عن السبب الذي جعله كذلك، من الأشياء الهامة جدا وغير العابرة على الإطلاق أن تفكر في كل موقف صغير وما تأثيره على حياتك ككل.
اقرأ التاريخ
إنها قراءة التاريخ، هناك فيلسوف قال مؤخرا أن التاريخ يعيد نفسه مرة على شكل مأساة ومرة في صورة مهزلة، التاريخ يعيد نفسه لسبب هو أن البشر تحركهم دوافع واحدة، مشاعر مختلفة من الكبت والقهر والحرمان والاهتزازات والاختلاجات النفسية، مواقف حدثت في الطفولة كوّنت شخصياتهم التي عليها الآن، تشابه ظروف البشر وحيواتهم تنتج نفس السلوكيات وبالتالي تنتج نفس النتائج، قراءة التاريخ هو الذي سيجعلك حكيما فعلا.
راقب الحياة
حين يحدث موقفا أمامك تسلى بمراقبته، حلل دوافع الأشخاص، الأشياء عادة لا تبدو مثل أسطحها، خلف كل تصرف ستار من التناقض والازدواجية، أي شخص يحاول أن يظهر عكس ما يبطن، فخلف كل سلطة خضوع، ووراء كل تجبر ضعف، وتحت كل إيذاء حب كبير، وفي عمق كل كفر إيمان، كل الأشياء لا تبدو مثل سطوحها.
اقرأ الأدب وعلم النفس
لا توجد حكمة بدون اطلاع ومثلما نصحنا بقراءة التاريخ فإن الأدب وعلم النفس طريقتك من أجل اكتساب الحكمة والنفاذ لعمق الأشياء واختراق الضباب، علم النفس يهتم بشكل أكاديمي بتحليل سلوكيات الأشخاص والأدب تطبيق فني على ذلك، علم النفس أكثر موضوعية ولكن الأدب أكثر إمتاعا وفنية خصوصًا أنه يختار نماذج بعينها لرصد سلوكياتها ودوافعها وتناقضاتها، بل هناك الكثير من علماء النفس يستعينون بشخصيات أدبية لتمثيل أعراض بعينها وهناك الكثير من الشخصيات الأدبية مشتقة من علم النفس، كلاهما يُخدّم على الآخر.
فكر في كل شيء قبل فعله
كان هناك قصة فارسية قديمة سنقتبس منها الجزء الذي يهمنا تقول هذه القصة أن هناك جني خرج لشخص مسافر ونصحه بثلاث نصائح والنصيحة الثالثة هو قبل أن يفعل أي شيء عليه بالعد حتى الرقم 40 وبعدها يتصرف كما يحلو له، وعندما عاد من السفر وجد زوجته من وراء الباب تجلس مع شخص في خلوة ويتحدثان ويضحكان ويتبادلان القبل، وكان على وشك أن يدخل على امرأته كي يضبطها متلبسة ويقتلها ويقتله إلا أنه عمل بنصيحة الجني ومن سياق الحديث أثناء العد عرف أنه أخوها، الآن قبل أن تترك نفسك لانفعالاتك تقودك بشكل أعمى فكر في أي حدث واهدأ وخذ وقتك للتأمل.
تعرف على أشخاص من كل الفئات
طالما حصرت نفسك في دائرة معينة وفئة معينة فستظل دائما تتحرك على أساس أنه لا يوجد في الكون سوى هذه الفئة وأن باقي الأشخاص نسخ من هذه الفئة، اترك نفسك للحياة وتعرف على نماذج عدة من كل الفئات والطبقات والمستويات، وقتها ستتعرف أكثر على العالم الكبير، العالم الشاهق وآفاقه المتسعة التي لا يدركها بصرك.
اكتساب الحكمة من تجارب الحياة
كل ما ذكرناه بالأعلى يعد جزءا صغيرا من أجل اكتساب الحكمة بينما الجزء الأهم والأكبر هو اقتحام الحياة مباشرة، كلما وضعتك الحياة في تجارب كلما خرجت منها أكثر ثقلا، مفعما بالخبرة والتجربة وبالطبع الحكمة، كلما مرت عليك تجارب ومواقف كلما صقلت خبرتك الحياتية وكلما أصبحت أكثر إلماما بمفردات الحياة، التقيت بأشخاص وعملت في مهن متعددة، ذهبت لأماكن كثيرة ومررت بتجارب كلها معاناة، هذا هو ما يكسبك الحكمة الحقيقية لأي شيء ويعينك على التعامل مع الناس بشكل أفضل بكثير واستيعاب كافة الفئات والمرونة في التعامل والتصرف، إن تجارب الحياة هي الوقود الأساسي من أجل اكتساب الحكمة وحوزها.
كيف أبدو حكيما أمام الناس؟
بعد أن استعرضنا كيفية اكتساب الحكمة ولكن كيف يمكنني أن أبدو حكيما أمام الناس؟ كيف يظنونني الناس حكيما؟
عدم الضحك بكثرة
رغم أن هذه نقطة صعبة إلا أن اختيار توقيت الضحك صعب جدا خصوصًا أن كثير من الأشياء يجب أن نقولها ملحقة بضحكة حتى نخفف من وطأتها، حسنا الآن قل الأشياء جميعها بجدية واختر الأشياء التي تريدها أن تبدو مضحكة.
لا تتحدث إلا حين يصغى لك
دائما الشخص الصامت مريب جدا، شخص لا تعلم ما بداخله ولا تعرف مشاعره تجاه الحديث، هل يشعر بالملل أم بالمتعة أم مهتم بتحليل الأشخاص وحديثهم؟ حسنا في جلسة كبيرة والكل مهتم أن يتحدث لا تتحدث إلا حين أن تعرف أنه سيصغى لك، أن الجميع الآن متشوقون لما سيقوله هذا الشخص الصامت.
فكر في الأشياء بطريقة مختلفة
حين تتحدث لا تتحدث بشكل سطحي، بل انظر للأمور نظرة مختلفة، حين تتحدث إحداهن مثلا عن مساحيق التجميل لا تقل رأيك في مساحيق التجميل بعينها، بل تحدث عما يريده الناس في مظاهرهم بتغييره أو بتجميله، انفذ إلى جوهر الأشياء مباشرة بحيث تناقش الأفكار على اتساعها لا مجرد الأحداث اليومية والسطحية.
اكتساب الحكمة لا يأتي من خلال ادعاء الحكمة، اكتساب الحكمة يأتي من عدة أشياء أهمها القراءة والاطلاع والتجارب الحياتية والتأمل، أما إن أردت أن تبدو حكيما أمام الناس فالنصيحة الأهم هي ألا تتحدث إلا حين تتأكد أنه سيُصغى إليك.
أضف تعليق