الاحترام في مكان العمل من الأمور التي تزيد بدرجة كبيرة من عوامل السلامة والإنتاجية في أي منطقة عمل، فالقادة في جميع الصناعات يبحثون باستمرار عن طرق لتحفيز الموظفين وزيادة الإنتاجية، مع الحفاظ في الوقت نفسه أو تحسين معدلات السلامة في مكان العمل، ولحسن الحظ، فإن الهدفين لا يتعارضان مع بعضهما البعض، وفي الواقع يمكن أن يتحقق ذلك من خلال احترام العمل وبالتالي فإنه عندما يتعلق الأمر بتحقيق أفضل استفادة من الموظفين وتعزيز الالتزام العميق بمكان عمل متبادل، فإنه يركز على عنصر واحد هو الاحترام، وكما هو معلوم فإن ثقافات العمل المحترمة تبدأ في الجزء العلوي، فتبادل الثقة والاحترام يؤدي إلى الشعور بالأمان بما يساعد على ظهور إمكانات تنظيمية حرة، وعلى الرغم من أننا لا نستطيع السيطرة على عوامل خارجية مثل الاقتصاد أو تغيير التكنولوجيا أو المنافسة، فإن الاحترام الذي يتم التصرف من خلاله بين قادتنا فإنه يحقق مصلحة أصحاب العمل والعمال على نطاق واسع بما يعزز الاستقرار في العمل لفترة طويلة، وواحدة من المجالات الأكثر إلحاحًا من البحوث التي تدعم قوة الاحترام والثقة هي علم الأعصاب، فالدراسات التي أُجريت في جميع أنحاء العالم تخبرنا أن أسلوب القادة الذين يأتون عبر الاستبداد أو التهديد أو التخويف فإنهم يقللون فعلا من إنتاجية الموظفين من خلال إطلاق الإفراج عن الأدرينالين في أدمغة الموظفين، وهذا النوع من الهرمونات والناقلات العصبية يغلق منطقة القشرة وهي الفص الجبهي من الدماغ وهو الجزء الذي يقوم فعلا بالعمل، ويثبط حرفيا قدرتها على القيام بعملهم بأفضل صورة ممكنة، كما أنه يخلق الحالة النفسية السلبية التي تزيد من الأخطاء العملية والحوادث، وبالتالي فإن الاحترام خلال العمل يزيد من إنتاجية الموظفين بصورة إيجابية.
استكشف هذه المقالة
احترام العمل اليدوي
من الأعمال التي يطالب الكثير من المواطنين بضرورة إعطائها قدر كبير من الاحترام والتقدير هي الأعمال اليدوية لما لها من مكانة خاصة لدى كافة الشعوب، وخاصة أجدادنا القدماء باعتبار أن الأعمال اليدوية كانت تستحوذ على غالبية مهاهم وكانت تحظى باحترام كبير، الأمر الذي جعل المنتجات المصنعة من الأعمال اليدوية تحظى قبولًا كبيرًا وصل إلى درجة ذهاب الكثيرون لشرائها واقتنائها، لكن ومع تطور الزمان والتكنولوجيات المحيطة بنا اندثرت بدرجة كبيرة تلك الصناعة في عدد كبير من بلدان العالم، وبالرغم من ذلك فإن مناداة البعض بضرورة احترام وتوقير العمل اليدوي قد لاقت ترحيبًا كبيرًا من مختلف الدول، باعتبار هذه الصناعة من الحرف التي كانت ومازالت تحتل مكانة مرموقة بمجتمعاتنا.
احترام العمل وتقدير العاملين
من بين العوامل التي ينادي بها البعض دائمًا هي ضرورة احترام العمل وتقدير العاملين، فالحرص على الاهتمام وتقدير بموظفي أي شركة دائمًا ما يعود بنتائج أكثر إيجابية على نتائج أعمالها نهاية كل عام، إضافة إلى دور ذلك في تحفيز العمال على أداء أفضل ما لديهم واستخراج كامل طاقاتهم الإيجابية، فلجوء بعض رؤساء العمل إلى النقد البناء يكون له دور في عدم الوقوع في أخطاء الماضي، وتجنبها، بعكس النقد الهدام وعدم الاحترام للعمال والذي يزيد من نسب تحقيق نتائج سلبية تقود الشركة إلى الهبوط إلى منحدر مُظلم، لذا فالتفاعل مع العمال واحترام موظفي الشركة يخلق بيئة عمل مهيئة للتنافس الشريق ليس فقط على مستوى قطاع العمل ولكن للتنافس أيضًا بين أفراد الوظيفة الواحدة، في هذا الاتجاه يشير البعض إلى أن اتجاه بعض رؤساء العمل لجعل أنفسهم في مكانة أعلى من باقي عمال الشركة أو المؤسسة بسبب أنانيتهم أو تكبُر بعضهم يخلق حالة من عدم الرضا الوظيفي لدى باقي العمال؛ وبالتالي فإن ذلك يزيد من فرص ظهور تحديات وعقبات بين العمال والإدارة نتيجة وجود فجوة وعدم تواصل بينهما وهو ما ينعكس سلبيًا على مستوى أداء الشركة في الوسط الوظيفي والمهني بالمجتمع، ومن المعلوم للجميع فإن حصولك على قدر كبير من الاحترام بين زملائك ومديرك في العمل يتوقف على مدى تعاملك بنفس مبدأ الاحترام المتبادل معهم سواء على المستوى المهني أو حتى الشخصي في حالة وجود علاقات شخصية تجمع بينهما خارج نطاق العمل وهو ما ينعكس بصورة إيجابية على نشرهم للاحترام بين زملائهم في العمل.
احترام العمل وجودة الإنتاج
دائمًا ما يتم الربط بشكل وثيق بين العمل الجاد وزيادة الإنتاج والنتائج الإيجابية للمؤسسات والشركات، لكن هذا العمل دائمًا ما يكون مرتبط مباشرة بمدى الاحترام المتبادل بين زملاء العمل الواحد، والذي يخلق هذا الاحترام بيئة عمل تكون قادرة على تحفيز العمال على الإنتاج بجودة عالية وبإتقان شديد يزيد من كفاءة المنتج المصنع داخل المنشأة، وخلال العصر الحالي لم يعد هناك تفاوت بين العمال والمسئولين فالاحترام المتبادل بات هو المسيطر على أجواء العمل في مختلف المؤسسات وبالتالي زيادة جودة الإنتاج الخاص بالشركات وزيادة قدرتها على المنافسة على مستوى سوق العمل.
حب العمل وإتقانه
كثير من المتخصصين يربطون دائمًا بين حب العمل وإتقانه، وهو الأمر الذي يعد أحد المتطلبات الرئيسية لتطوير وتنمية أي شركة أو مؤسسة، فمدى قدرة العمال على تحسين منتجهم وتصنيع سلع ومنتجات ذات كفاءة وجودة عالية يتوقف على مدى إتقان العامل للوظيفة أو الدور الذي يقوم به، وهو ما يرتبط بمدى نجاح الشخص في اختيار الوظيفة التي يجيدها ويرغب في العمل بها، باعتبار أن إتقان أي عمل يعود في الأساس إلى رغبات الشخص منذ الصغر على العمل بوظيفة محددة وفي حالة الالتحاق بها في المستقبل يكون قادراً على استخراج كل ما بداخله من طاقات إيجابية تسهم في زيادة القدرة الإنتاجية ليس فقط من خلال الكم فقط، ولكن من خلال جودة المنتج وإنتاجه بكفاءة وبإتقان كبير للغاية، فالشغف الذي يوجد لدى عد كبير من الأشخاص للالتحاق بأعمال معينة خاصة في السنوات الأولى من حياتهم قد يكون دافعًا لهم لزيادة رغبتهم في تحقيق نتائج إيجابية وتطوير العمل بالشكل الذي يسهم في رفع معدلات تنمية ونمو الشركة أو المؤسسة التابع لها.
إتقان العمل في الإسلام
من ثوابت وتعاليم الدين الإسلامي هي حثه على العمل وإتقانه، فهناك الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي أشارت إلى أهمية العمل وإتقانه، ومن هذه الأحاديث قول النبي صلى الله عليه وسلم (إن قامت الساعة، وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها، فليغرسها) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، من خلال ذلك فلا أحد يستطيع أن ينكر أن الإسلام هو أحد أهم المنادين بضرورة احترام وإتقان العمل، فالحضارة الإسلامية لم تُبنى من فراغ لكنها بُنيت من خلال جهد وإتقان أجدادنا المسلمون، فقد عظم الله سبحانه وتعالى العمل، وهو ما تأكد من خلال ما شدد عليه الدين الإسلامي من ضرورة العمل وعدم تركه من أجل العبادة، فما يردده البعض من إمكانية ترك العمل من أجل عبادة الله سبحاه وتعالى لا يتماشى مع تعاليم الدين الإسلامي الذي عزز من شأن بذل الجهد والعرق لكسب المال وممارسة الحياة الطبيعية التي لا تخلو من إتقان العمل والتفاني فيه.
حب العمل وإتقانه الذي حثت عليه جميع الديانات وعلى رأسها الدين الإسلامي كان ومازال أحد أهم عوامل تحقيق النمو والتنمية الاقتصادية للدول، ورغم أهمية بذل الجهد في العمل إلا أن ارتباطه بالاحترام المتبادل بين الرؤساء والعمال دائمًا ما يزيد من خلق بيئة عمل تحفز على زيادة الإنتاج ومعدلات النمو.