إيتيكيت المسرح ينعكس إلى حد كبير على جمهور المسرح والذي في عصر وسائل التواصل الاجتماعي وفي عصر اليوتيوب والنتفليكس ومواقع مشاهدة الأفلام والمسلسلات ذات الميزانيات الضخمة لا زال هناك جمهور مخلص لهذا الفن الذي لا يمكن لأي وسيلة أخرى من وسائل الترفيه زعزعته عن مكانته أو إحلال محله، صحيح أن هذا الجمهور يتضاءل بمرور الوقت بسبب انصراف الفئة الأكبر من الأجيال الجديدة عنه لعدم درايتها به إلا أنه لا زال هناك احترام خاص لهذا الفن العريق، فما هو إيتيكيت المسرح وآدابه؟ هذا ما سيكون محور الحديث عنه في السطور التالية.
استكشف هذه المقالة
من إيتيكيت المسرح إغلاق هاتفك
عزيزي المشاهد الشغوف بالمسرحيات أو المشاهد المبتدئ لهذا الفن العظيم الرائع، لا يمكنك على الإطلاق استخدام هاتفك أثناء عرض المسرحية، ولو على سبيل احترام المشاهدين ممن يجاورونك والذين من الممكن أن ينزعجوا بسبب صوت الرسائل الواردة التي تتبادلها مع أصدقاءك أثناء مشاهدة العرض أو لأنك تتحدث في الهاتف وتفسد عليهم متعة المشاهدة، ناهيك أيضًا عن أنه لا يصح على الإطلاق أن تقوم بتصوير مقاطع من العرض أو بدء بث حي على فيسبوك للمسرحية، هذا لا يمكن أن يكون لائقا أبدا في هذا المكان على الإطلاق، بالتالي من الأفضل لك ومن قواعد إيتيكيت المسرح هو إغلاق الهاتف نهائيا حتى تستمتع بالعرض لأنك لم تأتِ إلى هذا العرض مجبرا أو مرغما وذروة الاستمتاع به هو التماهي الكامل مع العرض وأداء أبطاله والموسيقى والقصة والمضمون والحوار.
من إيتيكيت المسرح ألاّ تحضر الأطفال
لا ريب أن وجود الأطفال في المسرح وتنمية عقولهم بهذا الفن الرائع شيء مستحب وطيب، ولكن في المكان الذي يناسبهم، هناك عروض تقام للأطفال فقط وهناك مسرح خاص للطفل يناسب قدراته العقلية ويلبي اهتماماته كطفل وهناك الكثير من هذه العروض المستمرة على الدوام يحضرها الأطفال فقط أو بصحبة ذويهم وعن المسرحيات الكوميدية أيضًا فليس هناك مشكلة على الإطلاق، لأن هناك عروض كوميدية تناسب الكبار والصغار ولكن بالنسبة للمسرحيات الجادة فمن الأفضل أن يظل الأطفال في المنزل ولا تجعلهم يخوضون تجربة مشاهدة عرض مسرحي لا يفقهون فيه شيء ولا يناسبهم ولا يناسب اهتماماتهم لأن هذا سوف يشعرهم بالضجر وفي نفس الوقت سيزعجون الممثلين وباقي المشاهدين، فتخيل مثلا أنك تشاهد مسرحية عطيل لشكسبير وفي ذروة مشهد عقاب عطيل لديدمونة على خيانتها يصرخ طفلا أو يتهكم على أداء الممثلين، لا أعتقد أن الوضع سيكون طيبا أبدا لذلك أتوقع أن عدم اصطحاب الأطفال في عروض مثل هذه سيكون أفضل بكثير، وهو ما يناسب إيتيكيت المسرح أيضًا.
ادخل قبل العرض بوقت مناسب
من إيتيكيت المسرح ألا تدخل بعد بداية العرض حيث يجب أن تكون منتظرا في المسرح حتى بداية دخول الممثلين وفي هذا أهمية كبيرة أهم حتى من مسألة حضور العرض من أوله لسهولة فهمه والاستمتاع بالوجبة المسرحية الكاملة ولكن حتى يدخل الممثلون المسرح فيجدون الصالة ممتلئة عن آخرها فيعطيهم هذا الدعم المعنوي اللازم للاستمرار، وأتذكر مشهد فيلم لالا لاند حين دخلت البطلة ميا لتمثل مسرحيتها التي كتبتها بنفسها وظلت تحلم بتقديمها لأيام طويلة وحين انفتحت الأضواء لم تجد غير صديقاتها واثنين أو ثلاث من الحضور للمسرحية مما أدى إلى إحباطها الكبير، كذلك الأمر لدى فرقة مسرحية تحاول أن تثبت نفسها وتشق طريقها في هذا الفن العظيم وتحضر لهذا العرض ربما قبلها بشهور، حين تدخل المسرح وتجد أنك مستعدا من قبل بدء العرض حتى سيسبب هذا لديها الدعم المعنوي لذلك نقول يجب أن تدخل المسرح قبل بدء العرض بوقت مناسب.
لا تصدر أي صوت بخلاف التصفيق
من إيتيكيت المسرح أيضًا ألا تصدر أي صوت خلال العرض إلا صوت التصفيق لدخول الممثلين أو عند انتهاء الفصول، خصوصًا في العروض الجادة لأن الممثلين يكونون مستغرقين في الدور ومتوحدين معه بالكامل ونجد أن هناك من يصدر تعليقا ما أو يصدر أي صوت بأي شكل فيخرج الممثل من هذه الحالة ويشتته خصوصًا وأن الممثل عادة يكون ملتزما بنص ويأخذ وقتا كبيرا حتى يستطيع حفظ جمله والحوار في العرض بالتالي أي تشتيت له من قبل الجمهور سوف ينسى هذه الجمل وربما يرتجل جملا حوارية أو تحدث حالة من الفوضى فضلا عن أن هذه التعليقات ستفسد على الجمهور أيضًا متعة مشاهدة العرض بالشكل المطلوب والاستمتاع بكافة تفاصيله لذلك من الأفضل الصمت خلال العرض تماما لحين انتهائه.
لا تتزاحم على التصوير بعد العرض
الكثير من الناس يريدون بالطبع التصوير مع الممثلين بعد العرض خصوصًا لو أعجبهم ولا سيما لو كان في هذا العرض نجوما من نجوم الصف الأول فإن الإقبال يزيد أكثر وأكثر، أتذكر في إحدى المرات كنت أمر من أمام أحد المسارح بالقاهرة وكان يعرض فيه رائعة شكسبير الملك لير ورأيت زحاما كبيرا حيث كان وقت خروج بطل العمل النجم الكبير يحيى الفخراني وكان هناك تدافع للتصوير معه وغيرها، ووجدت أن هذا الزحام قد أضر بالهدف الأسمى وهو مشاهدة ملحمة من أهم ملاحم المسرح العالمي وأكثرها ثراء، بالطبع الدعم والإشادة بعد العرض جيدا جدا ويؤثر على نفسية ومعنويات صناع العمل ولكن إن ذهبت للتصوير والدعم ووجدت هناك زحاما فتراجع وأرجئ الأمر لوقت لاحق، من إيتيكيت المسرح أن تترك الممثلين يستريحون بعد العرض.
لا تتردد عن الدعم والإشادة بالعرض
أخيرا من إيتيكيت المسرح ألا تتردد عن الدعم والإشادة بالعرض خصوصًا لو كنت تعرف أحد صناع العمل وأن تشيد بالعرض ككل وتذكر أكثر شيء أعجبك فيه وعلى الجانب الآخر أيضًا لا تتردد في التوجيه نحو الأشياء إلى لم ترق لك، لا نقول أن تهاجم الممثلين أو الإخراج أو العمل ككل ولكن لو كان هناك شيء أثار حفيظتك فليس هناك من مشكلة على الإطلاق من ذكره فربما نبهت إليه صناع العمال كي يتحاشونه في المرات القادمة لعرض هذا العمل على المسرح وليس معنى أننا قلنا أنه لا ينبغي أن تتزاحم على التصوير مع الممثلين بعد العمل ألا تشيد أو تدعم العرض أو تتفاعل معه برأيك أيا كان لأنك لا تصدق أن صناع العمل ينتظرون أي اهتمام بعرضهم المسرحي وأنهم قد اجتهدوا وعانوا شهورا من التمرين والبروفات والتوتر والضغط من أجل إثارة اهتمام الجمهور، لذلك لا تتراجع عن إشعارهم بهذا.
وفي النهاية نريد أن نقول أن إيتيكيت المسرح ليست قواعد أو قوانين صماء فحسب، بل هي مجرد آداب يمكنك حتى ألا يخبرك بها أحد على الإطلاق ولكن سيمليها عليك احترامك للمسرح وللعروض المسرحية وشغفك الخاص بهذا الفن العظيم ومحبتك الجارفة له والتي ستوجهك لما هو صحيح فيما يخص الطريقة اللائقة للتعامل أثناء مشاهدة العروض المسرحية.
أضف تعليق