إسعاد النفس هو الخيار الأمثل المتبقي لنا لأن السعادة لن تأتي وحدها، ولأنها غاية لا تُدرك في أغلب الأوقات، أو بالتحديد تلك الأوقات التي نحتاج فيها إلى شيءٍ من السعادة لتجعلنا نتغلب على كل ما هو سيء، أعتقد أننا في هذه الحياة هدفنا جميعًا هو البحث على السعادة، وغايتنا هي الحصول عليها، تلك التي قد تأتينا من الحب أو العمل، أو النجاح.. ولكن ربما قد لا نحصل عليها فعلًا، لقصورٍ ما في تلك الأشياء، أو لأننا لا نملك تلك الأشياء أصلًا، وكثيرًا ما نحاول إسعاد الآخرين على أمل أن نلقى السعادة منهم في المقابل.. كأن ننتظر أن يأتِ أحدهم ليدخل السرور على قلوبنا، ولكن ذلك لا يحدث. لنفكر بأننا نعطي كل شيءٍ من غير مقابل، وهذا أمر محزن!، كما أن مقدار السعادة قد يتفاوت من شخصٍ إلى شخص، فمثلًا قد تسعد لإطراء أحدهم ويكون هذا بمثابة منزلةٍ كبيرة لديك، بينما قد لا يهتم آخر إلى ذلك، بل أنك قد تسعد بإطراء أحدهم ولا تهتم لآخر.. ما أعنيه أن السعادة نسبية فما يسعدك لا يسعد غيرك، كما أن ما يسعدك من أحدهم، قد لا يسعدك من آخر.. ولكن اعتماد الشخص الدائم على أخذ جرعته من السعادة من الغير ليس شيئًا جيدًا، أو أن يقوم بتعليق سعادته على أسبابٍ معينة فما إن رحلت تلك الأسباب ترحل سعادته، لذا فمن الأفضل أن نحتفظ ببعض الزاد من السعادة في داخلنا حتى نحتاج إليها.. وأن نتعلم سياسة إسعاد النفس كي نتغلب على الاحتياج الدائم إلى السعادة من الغير.
دليلكِ إلى إسعاد النفس
إسعاد النفس غاية، ووسيلة!
في الغالب إنك تظلين باحثةً عن السعادة حتى تستطيعين أن تستمري في حياتك، وتمارسينها بشكلٍ طبيعي، فعندما تحزنين ربما تنقطعين عن العمل، أو فعل الكثير من الهوايات، أو إهمال من يقع تحت مسئوليتكِ مثل أطفالك، أو إدخال الحزن على قلب من يهمه أمرك، فهذا ليس ظلمًا لكِ وحدكِ بل إلى غيركِ أيضًا ممن لا ذنب له، فإنكِ تشعرين أنه عندما لا تكونين سعيدةً فأنت تفتقرين إلى طاقتكِ التي تجعلكِ غير قادرةً على فعل أي شيء، فلا يكفيكِ فقط ما تشعرين به من هم وحزن، بل أنتِ أيضًا تضيعين حياتكِ إن استمرّ الوضع هكذا.. كما أن البعض يسبب لهن الحزن الكثير من الأمراض العضوية والنفسية، لذا فأنتِ تبحثين عن السعادة، حتى تتمكنين من ممارسة حياتك بشكلٍ طبيعي لا أكثر، فهي ليست فقط غاية، بل هي أيضًا وسيلة للحياة، والكثير من الفتيات يحصرن سعادتهن بشكل عاطفي في شريك الحياة، أو الغير عمومًا.. ويُهملن باقي الأسباب التي قد تسبب لهن السعادة، وهذا فكرٌ قاصر، ويسبب لهن الكثير من المشكلات الصحية، والنفسية.
كيف تتمكنين من إسعاد نفسك؟
إسعاد النفس هو السلاح الأمثل لمحاربة الكثير من الحروب النفسية التي تواجهنا في الحياة، لذا فإنك في البداية عليكِ أن تعلمي أن السعادة تنبع من داخلك، فإن لم تتمكني من صنعها لنفسك، لن تحصلي عليها من أحدٍ أيضًا، لذا فتعلم إسعاد النفس أمرٌ لا بد منه، خاصةً عند الفتيات، لأن الفتاة غالبًا ما تعلق سعادتها على عامل خارجي.
سنقوم معًا ببعض الخطوات، أولًا عليكِ أن تضعي قائمة بكل الأشياء الجميلة التي تتمتعين بها في حياتك، فقد تكون تلك الأشياء أشخاصًا رائعين مثلًا تحظين بهم ممن يقدمون لكِ دائمًا الدعم، أو ممن يهتم لأمرك، أو تقومين بتدوين نجاح ما قمتِ به، أو شيئًا لديكِ يفرحك بمجرد النظر إليه، مثل ساعة، أو شخص، أو غيره.. كما عليكِ أن تكتبي في هذه القائمة الأشياء التي ما إن أمكنكِ الحصول عليها ستكونين سعيدة، مثل وجبة عشاء، حلوى معينة، وما إلى ذلك، فيكون لديكِ بهذا وسيلة جاهزة لإسعادك، ربما عليكِ أن تدوني دائمًا الأشياء البسيطة التي تحدث في حياتك من موقف، أو نجاح، أو هدية قام أحدهم بإعطائك إياها، حتى تتذكري تلك الأشياء فيما بعد، فتصبح زادًا لكِ عند المرور بموجة اكتئاب، ثانيًا من الطرق التي تساعدك على إسعاد نفسك أن تحرصي على النجاح في أمرٍ ما، فإن النجاح من أقصر الطرق التي تعطيكِ ثقة عالية في نفسك، وتجعلك تحاربين أسباب الحزن قبل أن تقع أصلًا، خاصةً إن كان هذا النجاح في شيءٍ كالعمل أو الدراسة، فهذه الأشياء لا تعطيك وقت فراغ كافٍ لتحزني، فإن الفراغ هو زاد الحزن، فكلما زاد وقت فراغك، كلما سيطر عليك الحزن أكثر، فأن تعملي فهذا أمرٌ مهم جدًا.. وأيضًا قد تحصلين على السعادة ما إن تقدميها لغيرك، فإن تغلب عليكِ الحزن يومًا فسارعي إلى إسعاد غيرك بطريقةٍ بسيطة، فإن هذا سيعطي قلبكِ طاقة سعادة حقيقة، أو ربما عليكِ أن تتحدثي إلى صديقٍ قديم لم تتواصلي معه منذ فترة، أو تزوري أفرادًا من عائلتكِ، أو أحدًا تشعري معه بالسعادة، أو ربما تقضين وقتك بصحبة أحدهم، فلا تدعي لنفسك أن تكون وحيدة. من الأشياء التي تساعدك على إسعاد نفسك أن تضعي يقينك في نفسك لا في أحدٍ غيرك، لأنه ومع أول مشكلة في علاقتك مع أحدهم فإنك تحزنين كثيرًا، وربما تتوقف حياتك لوقتِ من الزمن.. لذا فعليكِ أن تؤمني بنفسك، وأنكِ جميلة، وتستحقين دائمًا كل شيءٍ جميل، وأن هناك بليارات الخلايا في جسدكِ التي تحزن أيضًا لحزنك، كما أنكِ تحظين بعائلة وأصدقاءٍ رائعين يستحقون منكِ أن تكوني سعيدة.
ومن الأشياء أيضًا أن تحافظي على جمالكِ، فإن هذا الأمر يُكسبكِ الثقة على الدوام، كما أنكِ عندما تعلمين أن الحزن قد يضر بكِ وبجمالك فإن هذا الأمر سيجعلك تفكرين جيدًا قبل أن تعطي الأمور أكثر من حجمها الطبيعي، ومن الممكن أيضًا أن تذهبي إلى أماكن جميلة، فالجمال عمومًا سيساعدك على تصفية ذهنك، والإحساس بشعورٍ أفضل مما كنتِ عليه، وإن كان لديكِ صديق سلبي، أو كئيب ربما عليكِ الابتعاد عنه في تلك الفترة التي تشعرين فيها بالحزن هذا إن كان لا بد من صداقته من الأساس، لذا عليكِ أن تختاري جيدًا أصدقائكِ وأن تحيطي نفسكِ بالأشخاص الذين سيساعدون على إمدادكِ بالطاقة الإيجابية كلما احتاجتِ إليها، إن واجهتكِ أفكار سلبية، أو مزعجة قومي بكتابتها على ورقةٍ ما، ثم قومي بحرقها مع التركيز في ذلك، أو قصها بتركيزٍ أيضًا إلى قطعٍ صغيرة، فهذا سيساعدكِ على منع تلك الفكرة من التعمق أكثر في عقلك، ويبقى لدنيا أهم شيءٍ وهو القرب من الله، فلا يوجد سعادة في البعد عنه، كما لا يوجد حزنٌ في القرب منه، فاستحضار معية الله في كل وقتٍ يعطيكِ القوة التي تواجهين بها أي مشكلة تعرض لكِ، كما أن شعوركِ الدائم بأن كل مشكلاتكِ مهما كبرت فإن الله أكبر منها جميعًا يساعدكِ على تخطيها، فأنا أتعجب كثيرًا حقيقةً ممن بإمكانه أن يتخطى الكثير من المشكلات لديه بقربه من الله، إلا أنه لا يفعل، مع أن القرب من الله وحده سكينة، وطمأنينة.
إسعاد النفس أمرٌ بسيط إن أدركتِ أن لا شيء يستحق أن يحزنك، وأن السعادة تنبع من داخلكِ، أنتِ فقط القادرة على صنعها، كما أنكِ الوحيدة القادرة على تقدميها كذلك..
أضف تعليق