تأتي أمراض الألفية الجديدة بشكل لم نكن نعرفه من قبل، وهذه الأمراض تتركز في أغلبها على العدوى الفيروسية التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر مثل أوبئة الإنفلونزا الجديدة، فتفاجئنا بأوبئة جديدة دون علاج أو تطعيم يستطيع الوقوف أمامها، ما يجعل أمراض الألفية الجديدة تحديا كبير للعلماء في هذا العصر. سنعرض هنا لثلاثة من أحدث أمراض الألفية الجديدة ، ربما لم يسمع البعض عن أيّ منها باستثناء فيروس زيكا الذي يجري الحديث عنه حاليا. تشترك هذه الأمراض الثلاثة في عدم توفر علاج، وربما لا يتوفر تطعيم أيضا، وكل ما هنالك محاولات مضنية يجريها العلماء في معاملهم لمقاومتها.
أمراض أمراض الألفية الجديدة المعدية
فيروس النيباه
من أخطر أمراض الألفية الجديدة ، تم عزله والتعرف عليه عام 1999 في اجتياح للالتهاب الدماغي ومرض تنفسي بين مربي الخنازير والمتصلين بالخنازير في ماليزيا وسنغافورة. اشتق اسمه من قريبة سونجاي نيباه في ماليزيا حيث أصيب مربو الخنازير بالالتهاب الدماغي. بسبب القرابة والتشابه بين فيروس النيباه وفيروس آخر يدعى فيروس الهيندرا، تم البحث بين سلالات الوطاويط، وتم تحديد حامل المرض من بينهم.
في وباء عام 1999، لم يتسبب فيروس النيباه إلا في حالات مرض بسيط بين الخنازير، لكن تم الإعلان عن 300 إصابة بين البشر مع موت أكثر من 100 حالة من بينها. ومن أجل إيقاف الوباء، تم قتل ما يزيد عن مليون خنزير قتلا رحيما، ما سبب خسارة تجارية ضخمة لماليزيا. منذ هذا الاندلاع للوباء، لم يحدث أيّ إبلاغ عن حالات إصابة بين البشر أو الخنازير في ماليزيا أو سنغافورة.
في عام 2001، تم التعرف على فيروس النيباه من جديد كالعامل المسبب لوباء حادث في بنجلاديش. أكدت الدراسات الجينية أن هذا هو فيروس النيباه، لكن سلالة مختلفة عن التي تم التعرف عليها في 1999. في العام نفسه، حدث وباء آخر في سيليجوري بالهند مع بلاغات عن حدوث حالات انتقال للعدوى بين البشر بداخل المستشفيات. وعلى العكس من وباء ماليزيا، يحدث الوباء في بنجلاديش كل عام تقريبا وقد تم الإبلاغ عنه في الهند عدة مرات، ما يجعل انتشاره العالمي كواحد من أمراض الألفية الجديدة قابلا للحدوث في أيّ عام.
كيفية انتقاله
قد يحدث انتقال فيروس النيباه بعد الاتصال المباشر بالخفافيش المصابة أو الخنازير المصابة، أو من البشر المصابين. في ماليزيا وسنغافورة، كان يبدو أن العدوى تنتقل للبشر عبر الاتصال بالخنازير المصابة فقط. وهذا النوع من فيروس نيباه ظهر أنه انتقل من الخفافيش إلى الخنازير ثم انتشر بين الخنازير. وحوادث الإصابة البشرية حدثت بسبب التعرض للخنازير المصابة. لم يحدث أيّ إبلاغ عن حالات انتقال للعدوى بين البشر.
لكن حدثت حالات انتقال العدوى بين البشر في بنغلاديش والهند، ويتم الإبلاغ عنها بشكل مستمر. وتحدث الإصابة أيضا من التعرض المباشر للخفافيش. الأوبئة التي تمكنت العدوى فيها من الانتقال بين البشر تعد من أخطر الاحتمالات القادمة لأمراض الألفية الجديدة .
الأعراض
تحدث الإصابة بفيروس نيباه التهابات بالمخ. فبعد التعرض يمر الفيروس بفترة حضانة لمدة 5 إلى 14 يوما، ويبدأ المرض بصداع وحمى لمدة 3-14 يوما، يتبعه دوخة وتوهان وارتباك. قد تتطور هذه الأعراض إلى غيبوبة خلال 24-48 ساعة. يعاني بعض المرضى من أعراض تنفسية خلال الفترة الأولى من العدوى، ويظهر نصف المرضى أعراضا عصبية شديدة قد تصل حدّ التشنجات.
العلاج
لا يوجد دواء يشفي من المرض، ويقتصر الأمر على الرعاية الداعمة للمريض. ولهذا ينبغي الاهتمام باحتياطات منع انتقال العدوى بين المرضى وخصوصا في المستشفيات لحماية الأطباء والممرضين. يحاول العلماء التوصل لعلاج لهذا الفيروس، يبدو أن دواء الريبافيرين فعّال ضد الفيروس في المختبر، لكن التجارب على البشر حتى الآن ليست حاسمة ولم يتم تأكيد الفائدة الإكلينكية لهذا الدواء بعد. وتجري حاليا محاولات لإنتاج تطعيم يساعد على الوقاية من فيروس النيباه، مع أن التطعيم ضد فيروس الهيندرا قد يستخدم لهذا الغرض لكن مع الحيوانات فقط، يجري تطويره من أجل البشر. وتتركز المحاولات الآن على القضاء على الخفافيش الحاملة للمرض، ومنع الاحتكاك المباشر معها، وتجنب السفر للأماكن الموبوءة. نرجو ألا يتحول النيباه إلى واحد من أمراض الألفية الجديدة مثل إنفلونزا الخنازير والطيور.
فيروس الهيندرا
تحدث الإصابة بفيروس الهيندرا بعد التعرض لسوائل أو أنسجة أو فضلات الأحصنة المصابة بالفيروس. تصاب الأحصنة بهذا الفيروس بعد التعرض لبول الخفافيش المصابة. حتى اليوم، لم يحدث انتقال للعدوى بين البشر.
الأعراض
بعد فترة حضانة تبلغ 9-16 يوما، تحدث أعراض تنفسية وأعراض تشبه الإنفلونزا الشديدة. في بعض الحالات، قد يتطور الأمر إلى التهاب مخي. ورغم أن الإصابة بالهيندرا فيروس نادرة، إلا أن معدلات الوفاة بسببه عالية: 4 من كل 7 حالات، ما يجعله من أخطر احتمالات أمراض الألفية الجديدة .
العلاج
كفيروس النيباه، ظهر أن دواء الريبافيرين فعّال ضد الفيروس في المختبر، لكن فائدته الإكلينكية لم تتأكد بعد. ويجري تطوير أجسام مضادة قادرة على حماية البشر بعد التعرض للفيروس. وتم الإعلان عن تطعيم ناجع في استراليا من أجل الأحصنة، ويتم العمل على تطويره من أجل البشر.
فيروس الزيكا
ما الذي نعرفه عن فيروس الزيكا؟ ينتشر فيروس الزيكا عن طريق بعوض من سلالة الأيديس، هذا البعوض يهاجم في النهار في الغالب، لكن أحيانا ما يهاجم في الليل. قد ينتقل فيروس الزيكا من امرأة حامل إلى جنينها. وقد تؤدي العدوى أثناء الحمل لإصابة الجنين بتشوهات خلقية، وهذا هو ما يجعل فيروس الزيكا من أخطر أمراض الألفية الجديدة . لا يوجد تطعيم أو دواء ضد فيروس الزيكا. الفيروس منشر في أمريكا الجنوبية، لكن وزارة الصحة بولاية فلوريدا اكتشفت منطقة في ميامي يحدث فيها انتشار فيروس الزيكا بواسطة البعوض. من وسائل انتقال المرض أيضا: خلال الجنس من شريك مصاب إلى آخر، وعن طريق نقل الدم، وعن طريق التعرض للأدوات الطبية والمعملية الملوثة.
الأعراض
لا يعاني أغلب المصابين بفيروس الزيكا من أية أعراض أو يعانون من أعراض قليلة. وأهم هذه الأعراض:
- حمى.
- طفح جلدي.
- ألم بالمفاصل.
- التهاب في الملتحمة.
- وجع بالعضلات.
- صداع.
التشخيص
تشخيص فيروس الزيكا يتم عن طريق معرفة تاريخه المرضي والأعراض التي ظهرت عليه ونتائج الاختبارات المعملية، حيث يمكن تأكيد الإصابة عن طريق اختبار للدم أو البول.
العلاج
لا يوجد دواء خاص أو تطعيم ضد فيروس الزيكا كأغلب أمراض الألفية الجديدة التي يحاول العلماء مواجهتها. لكن العلاج حاليا يشمل:
- معالجة الأعراض.
- قضاء فترة المرض في الراحة.
- شرب السوائل لتفادي حدوث الجفاف.
- تناول الأدوية المسكنة كي تخفف من الحمى والألم.
- لا تتناول الأسبرين أو أيّ من الأدوية الغير ستيرويدية المضادة للالتهاب حتى يتأكد عدم إصابتك بحمى الضنك كيلا تسوء حالتك.
- استشر طبيبك بشأن الأدوية التي تتناولها لمعالجة حالات أخرى في هذه الفترة.
طرق الوقاية من المرض
- لا يوجد تطعيم حاليا يستطيع الحماية من الإصابة بالفيروس. لذا تجري الوقاية من المرض بتجنب التعرض للناموس خصوصا وقت نشاطه النهاري.
- ولانتقاله بطريق الجنس، فينبغي استخدام وسائل الحماية اللازمة.
- كذلك مراعاة قواعد السلامة أثناء نقل الدم أو التعامل مع الأدوات الطبية أو المعملية.
يعكف الباحثون في معاملهم محاولين البحث عن طرق لمجابهة أمراض الألفية الجديدة بكل الطرق، ونرجو أن يتم توجيه المزيد من الدعم للبحوث المتعلقة بالصحة، خصوصا الأمراض المؤهلة للتحول إلى أوبئة عالمية.
أضف تعليق