للأسف تأتي أفكار انتحارية في مقدمة الأفكار التي يفكر فيها معظم الأشخاص المكتئبين ويأتي الاكتئاب كمرض خطير يأكل الروح والشباب بسبب حالة الإحباط واليأس والافتقار إلى قيمة وجدوى في مرحلة المراهقة والعشرينيات، ولا ريب أن المقصود بالاكتئاب هي تلك الحالة المرضية من عدم الجدوى مع الحزن العميق الذي يحفر في وجدان الإنسان وبالتالي تأتي كراهية الحياة كوسيلة لرفض هذا الوضع وتأتي الأفكار الانتحارية كترجمة عملية على هذه الحالة المتأسية من الحزن والألم، ولذلك سنتحدث عن كل ما يختص بهذه الأمور في المقال التالي
استكشف هذه المقالة
الميول الانتحارية
الميول الانتحارية هي حالة من كراهية الحياة كما أشرنا حيث يعاني الشخص المكتئب من أن تسود أفكاره نظرات تشاؤمية بعض الشيء يفقد فيها الأمل على صنع أي شيء ويفقد فيها القيمة في صنع أي شيء حيث تصبح كل الأشياء لديه بلا قيمة وبلا جدوى وبالتالي أي ممارسة أو أي نشاط معدوم الأهمية ويظن أنه يعيش حياته يومًا بعد يوم لمجرد تضييع الوقت مع طبعًا حالة الحزن والألم المعنوي التي يشعر بها تنمو الميول الانتحارية وتدور برأسه الأفكار الانتحارية باستمرار وهذا ما يجعله عرضة للانتحار أكثر من غيره.
مقياس الميول الانتحارية
مقاييس الميول الانتحارية هي مقاييس يتم وضعها من قبل أطباء الأمراض النفسية وعلماء الطب النفسي لقياس الميول الانتحارية ووجود أفكار انتحارية لدى مريض الاكتئاب أم لا وهي عبارة عن عدة مراحل من الأسئلة يتم طرحها والإجابة بنعم على هذه الأسئلة ينقلنا للمرحلة التي تليها، مثلا على سبيل المثل في إحدى هذه المقاييس يكون هناك سؤالين في المرحلة الأولى يحددان وجود ميول انتحارية أم لا، السؤال الأول: هل تمنيت يومًا أن تنام ولا تستيقظ مرة أخرى؟ فإن كانت الإجابة بنعم ينتقل للسؤال الثاني: هل فكرت جديًا في قتل نفسك؟ إذا كانت الإجابة بنعم يطلب منه وصف ذلك، وهكذا.
السلوك الانتحاري
السلوك الانتحاري هو محاولة تنفيذ الانتحار لدى الأشخاص المصابين بالاكتئاب ونتج عن ذلك جرح قطعي أو آثار لإيذاء النفس أو لم ينتج ولكن كانت بالفعل هناك محاولات حقيقية وهذا يعني أن مرحلة الخطورة قد ازدادت لأن الشخص المكتئب قد خرج من طور أفكار انتحارية إلى طور سلوك انتحاري، ولا ريب أن السلوك الانتحاري يزداد عن المكتئبين بسبب حالة العزلة والوحدة التي يعانون منها ولا يقاومونها بل يستسلمون لها شيئًا فشيئًا ويصبح لديهم خوف ورهبة من العالم الخارجي وعدم الرغبة في الاقتراب منه أو اقتحامه ثانية ويتكون لديهم تصور آخر عنه يجعلهم يحجمون عن أي احتكاك به أو بالأشخاص الذين يمثلونه بالتالي تزداد مسألة علاجهم صعوبة أو مساعدتهم لتخطي هذه الأزمة تعسرًا.
السلوك الانتحاري عند المراهقين
قامت منظمة الصحة العالمية بإجراء كشف شامل على معظم بلدان العالم ووجدت أن السلوك الانتحاري عند المراهقين يزداد حدة في الدول منخفضة الدخول ومتوسطة الدخول ويقل لدى الدول ذات الدخول المرتفعة ولكن لا يعني انعدامها أيضًا ووصفت منظمة الصحة العالمية في بيانها الذي قامت فيه بالمسح على عدة دول في العالم في المرحلة العمرية ما بين 13 و17 عامًا أن معظم البلدان واقعة تحت طائلة السلوك الانتحاري عند المراهقين بينما ذكرت أن العوامل المساعدة على ذلك تأتي في معظمها بسبب العنف البدني والتسلط والشعور بالوحدة وتدني مستوى الدعم الأسري والمتابعة العائلية وبالتالي يزداد المراهقون انعزالا وجاءت النتائج مظهرة ارتفاع السلوك الانتحاري عند الإناث عن الذكور وجاءت الأمريكتين الأكثر في السلوك الانتحاري عن باقي الدول بنسب متفاوتة.
كيف تساعد شخصًا لديه أفكار انتحارية جدية؟
لا ريب أن من حولك من الأصدقاء أو الأٌقارب أو المعارف أشخاص لديهم ميول انتحارية جدية فكيف يمكنك مساعدتهم خصوصًا أن هذا الأمر حساس جدًا ولا يحتمل الخطأ؟ إليك أبرز الإرشادات:
التعرف أكثر عن الاكتئاب
قبل الدخول على مساعدة شخص يعاني من مرض الاكتئاب يجب عليك في البداية القراءة عن مرض الاكتئاب المسبب الحقيقي للانتحار والمكوّن الأساسي في وجود أفكار انتحارية للتعرف عليه أكثر وتفهم إلى أي مستوى يقف صديقك على حافة الانتحار أم في الطور الأول.
الاتصال الوجداني
يحتاج الشخص الذي يعاني من أفكار انتحارية إلى الاتصال الوجدانية أفضل من الاتصال اللفظي، حيث يحتاج إلى أن تشد على يديه وتربّت على كتفه وتشعره أنك بجواره، لا يود أن تضغط عليه بكثرة الأسئلة أو ترهقه باستفسارات مختلفة عن حالته وتجبره أن يحكي حالته أو يبوح لك بما في قلبه، دعه يطمئن لك في البداية ويشعر أن هناك أحد بجواره وعلى أتم استعداد لمساعدته والوقوف إلى جانبه.
إقناعه بإمكانية المساعدة
إقناع هذا الشخص بإمكانية المساعدة وتخليصه من الأفكار الانتحارية التي يعاني منها وذلك عن طريق حل المشكلات التي تسبب له هذه الحالة ومحاولة توعيته قدر الإمكان أن هذه الحالة التي يحس بها حالة مرضية يمكن الشفاء منها، حيث أن مريض الاكتئاب يشعر أن حالة اللاجدوى وانعدام الأمل واليأس وأن المستقبل مظلم والموت يحيط بنا من كل مكان وما من فائدة من أي سعي لأي شيء هو الطور الأخير في مرحلة الوعي ويعيب على الأشخاص الآخرين اعتناق أي رؤية غير هذه، بالتالي إفهامه أن هذه حالة مرضية ستوفر الكثير.
عدم تقديم نصائح والاستماع فحسب
إذا تحدث عن نفسه أو عن الحزن الذي يعتمل بقلبه عليك ألا تقوم بتقديم أي نصائح مهما كان لديك الكثير لتقوله بهذا الصدد، استمع إليه فحسب وأشعره أنك تفهمه وأنك بجواره وأنك تشعر به تمامًا ولا تشعره أنه حالة خاصة ولا تهوّن من حزنه أو ألمه أيضًا.
إبعاد أي آلات حادة أو أدوية مضرة
الشخص ذو الأفكار الانتحارية ربما يفكر في الانتحار وينفذ لمجرد رؤيته شفرة حادة، لذلك عليك بتأمين محل سكنه جيدًا وإبعاد أي آلات حادة أو أدوية قاتلة عنه لأنه قد يستلزم أخذ القرار والتنفيذ لحظة، لحظة واحدة جنونية وينتهي كل شيء لذلك يجب أخذ حذرنا.
لا تستخف بالحديث عن الانتحار
ربما الكثير من الناس لا يأخذ الحديث عن الانتحار أو الحديث حول الرغبة في الانتحار على محمل الجد، وهذه إحدى أهم محفزات الأفكار الانتحارية بالأساس.
لا تقوم بإصدار أي أحكام أخلاقية
إياك والأحكام الأخلاقية، ونكرر إياك والأحكام الأخلاقية، أنت لست واعظًا ولا راهبًا حتى تحكم على صديقك بشكل أخلاقي، أي شيء يقوله يتم احتوائه وامتصاصه لكن لا تقوم بإصدار أي أحكام.
لا تلوم ولا توبخ ولا تعاتب ولا تشعره أنه عبء
لا تقوم بلومه ولا توبيخه ولا معاتبته، لأنه لابد أنه يجلد ذاته ويشعر بالذنب لأسباب كثيرة ولا يريد مصدر خارجي يشعره بهذا أيضًا، ولا يحب أن يشعر أنه عبء والوقوف بجواره سد خانة، ذلك سيحفز الأفكار الانتحارية لديه أكثر.
خاتمة
الأفكار الانتحارية وحش يلتهم أبناءنا وشبابنا ولا ينبغي علينا أن نقف ونحن نشاهد الشباب الذي في عمر الزهور وهو يحصده وحش الاكتئاب القاتل، يجب أن نمد يد العون والمساعدة.
أضف تعليق