قبل أن تعرف على أعمال يحيى حقي علينا أن نقوم بالحديث عن حياة هذا الكاتب الكبير بشكل موجز وبسيط، فقد ولد يحيى حقي في السابع عشر من يناير عام 1905 بحي السيدة زينب بالقاهرة، ترجع جذور الكاتب إلى أسرة تركية مسلمة سكنت مصر في وقت تواجد الحكم العثماني بها، تدرج يحيى في دراسته حتى دخل كلية الحقوق وتخرج منها وعمل بالمحاماة فترة، ثم اتجه للسياسة والمجال الصحفي، بعدها اقتحم المجال الأدبي حتى أصبح كاتب وأديب ذو شهرة كبيرة جدًا في مصر، وفي نفس الوقت لم يهمل عمله الدبلوماسي الذي تدرج به حتى أصبح أمينًا لمحفوظات القنصلية المصرية بالسعودية، ثم شغل نفس المنصب ولكن في تركيا، ثم انتقل إلى روما حتى بداية نشوب الحرب العالمية الثانية، وعاد إلى مصر وعمل بعدة مناصب دبلوماسية أخرى حتى أقيل منها جميعًا بعد تزوجه من فتاة فرنسية، وبذلك يتفرغ يحيى حقي للعمل الأدبي ويبدأ في إطلاق القصص والروايات الخاصة به، والتي قدر لها النجاح الكبير في الأوساط المصرية نظرًا للطابع الذي اتخذه في رواياته المتعددة.
استكشف هذه المقالة
أهم أعمال يحيى حقي
قدمت لنا الكثير من أعمال يحيى حقي على مدار السنوات التي عاشها لعل من أشهرها رواية قنديل أم هاشم، وقد صدرت هذه الرواية في العام الأربعين من القرن العشرين عن دار المعارف المصري، وكانت عدد صفحاتها مائة وستة وثلاثين صفحة، تتحدث هذه الرواية باختصار عن شاب صغير يدعى إسماعيل كان يعيش في حي السيدة زينب بالقاهرة، تخطى مرحلة معينة في دراسته ثم قرر السفر إلى ألمانيا لاستكمال دراسته في كلية الطلب بإحدى جامعات ألمانيا الكبيرة، وأثناء دراسته في ألمانيا تعرف على فتاة حببته في تلك الحياة، وعرفته كيف يعيشها بطريقة صحيحة، حتى جاء وقت الرحيل والعودة إلى مصر بعد إنهاء دراسته في كلية الطب، فعاد إسماعيل وعمل كطبيب للعيون في إحدى المستشفيات المصرية، ثم فتح عيادة خاصة به في حي السيدة زينب وهو نفس الحي الذي كان يعيش فيه هو وأسرته.
وأثناء ممارسة عمله كان يتردد عليه الكثير من مرضى العيون الذين تطول مدة المرض لديهم، ومع القليل من البحث والتدقيق وجد الطبيب إسماعيل أن السر الكامن وراء انتشار الداء هو زيت قطرات قنديل المسجد، حيث كان الناس يستعملونه ظنًا منه أنه يشفي من المرض سريعًا، ومن ضمن الذين يستعملونه كانت خطيبته وهذا ما أغضبه جدًا حتى قام بتحطيم زجاجات هذا الزيت، وهنا ينفر الناس عنه حتى عائلته وذلك لاعتقادهم أنه يتجاوز ما هو أكبر من حجمه، حيث أنه مس أمر يتعلق بالمعتقدات الدينية لديهم وهو أمر مرفوض رفضًا قاطعًا، ولكن سرعان ما يراجع إسماعيل نفسه ويعرف أن الحل الأفضل هو التصالح بين العلم والإيمان، وبذلك يعالج خطيبته بذلك التفكير الصحيح ويعرف حينها أن كسب حب الناس جميعًا من الأمور الهامة جدًا في حياة الإنسان.
رواية صح النوم
من ضمن أعمال يحيى حقي الشهيرة رواية صح النوم التي صدرت من دار نهضة مصر بعدد صفحات مائة ستة وسبعين صفحة، وهي رواية من نوع الأدب الساخر تتحدث عن عدة مواضيع متعلقة بالفلسفة والسياسة، وهي باختصار تحكي حكاية قرية بسيطة قبل وبعد إنشاء خط السكة الحديد بها ومرور القطار من داخل تلك القرية، فما قبل إنشاء الخط وسير القطار يعد كتاب الأمس وما بعد انطلاق القطار بها يعد كتاب اليوم، فالرواية مقسمة إلى جزئيين الأول منهما هو كتاب الأمس والجزء الثاني كتاب اليوم، وكتاب الأمس فيها يحكي حال القرية البسيطة ومدى الجهل المنتشر فيها، وأيضًا يتحدث عن الأقاويل الكاذبة والخاطئة حول خط السكة الحديد، وأهم الشخصيات الموجودة في تلك الرواية هو الأستاذ ابن وجيه القرية.
وعندما نتناول هذه الرواية بشكل مفصل نجد أنها تتحدث عن الرمزية بشكل كبير جدًا، حيث أن شخصية الأستاذ هي ترمز إلى الرئيس جمال عبد الناصر قبل توليه الحكم في مصر، والقرية البسيطة ترمز إلى مصر، أما عن خط السكة الحديد ومرور القطار به للمرة الأولى فهو يرمز إلى ثورة الثالث والعشرين من يوليو عام 1952، فقد كان أهل القرية كسلاء لا يتحركون ولا يتعلمون ولكن عندما ظهر نداء الثورة هبوا جميعًا ملبيين للنداء، أما عن عبد الناصر فقد لقب بالأستاذ لأنه جاب المدارس كلها وتعلم وخاص الصعاب حتى أصبح من الواجب تلقيبه بهذا اللقب، هذا الكلام على حد قول الكاتب المصري الكبير يحيى حقي في رواية صح النوم.
مجموعة سارق الكحل من أهم أعمال يحيى حقي
نأتي هنا للحديث عن عمل أخر من أعمال يحيى حقي وهي المجموعة القصصية المسماة بسارق الكحل، وهي عبارة عن أربعة قصص قصيرة من نوع الأدب الاجتماعي الساخر الأولى منها تسمى كأن، والثانية سارق الكحل، والثالثة امرأة مسكينة، والرابعة الفراش الشاغر، وقد صدرت تلك الرواية في عام 2000 عن دار الهيئة المصرية للكتاب بمجموع صفحات مائة وثلاثة وثلاثين صفحة، أما عن القصة وفكرتها باختصار فقصة كأن هي القصة الأولى في المجموعة وهي تتحدث عن خمسة أفكار رئيسية كل واحدة منهم مختلفة تمامًا عن الأخرى، وهذا ما يسير الدهشة لدى القراء وتمر الأحداث ويزداد الأمر في البعد كل البعد عن بعضه، حتى يظن الجميع أن أحداث القصة غير مترابطة تمامًا ولكن سرعان ما تتغير تلك الفكرة، حيث أن القصة في النهاية توصلنا إلى مشهد كامل متجانس تم صنعه من خمسة أفكار مختلفة، أما عن القصة الثانية في المجموعة فهي قصة سارق الكحل وهي التي حملت المجموعة القصصية اسمها.
وتتحدث تلك القصة من أعمال يحيى حقي عن رجل يعيش في منزل مكون من طابقين، الطابق الثاني تم عرضه للإيجار منذ مدة كبيرة ولكن لم يستأجره أحد حتى اليوم، ولكن يأتي شاب اسمه مصطفى ليستأجر الطابق الثاني أخيرًا ويتزوج فيه من فتاة تدعى وجيهة، بين الزوجين حب كبير جدًا يصوره لنا الراوي الذي يعيش في الطابق الأول، وسرعان ما يتغير كل شيء بموت وجيهة حيث يختفي الحب، ويبكي مصطفى بكاءً على حد قول الكاتب ما رأى مثله من قبل، ويطلق لحيته ويعتزل الجميع، وفي لحظة تظهر أمام مصطفى فتاة أخرى يتزوجها في نفس المنزل ويحبها بدرجة لا تقل عن الحب الأول، وما أراد الراوي إيصاله لنا هو أن النسيان أمر حتمي لابد من أن يحدث مهما كان، أما عن القصة الثالثة فهي قصة امرأة مسكينة والتي تروي حياة فتاة اسمها فتحية، كانت ترعى زوجها في أزمته ومرضه هذا بجانب ممارسة عملها وتربية أولادها، فهي تفنى من أجل أسرتها وهذا هو حال الكثير من النساء في العالم، وأخيرًا القصة الرابعة وهي قصة الفراش الشاغر.
أضف تعليق