تسعة
الرئيسية » تعليم وتربية » قراءة وكتابة » كيف تصبح القراءة ضارة أحيانًا وما هي أضرار القراءة ؟

كيف تصبح القراءة ضارة أحيانًا وما هي أضرار القراءة ؟

للقراءة فوائد جمة لا ينكرها إلا جاحد، وهي أول الأوامر الإلهية في كتاب الله، لكن لا يخفى على أحد أضرار القراءة التي تسببها خاصة للعين والتركيز.

أضرار القراءة

هل تبدو لك كلمة أضرار القراءة غريبة بعض الشيء؟ في الحقيقة القراءة ذات فائدة كبيرة للإنسان، لكنها لا تخلو أيضًا من بعض الأضرار، القراءة عملية عقلية مركزة، تهدف لتفكيك الرموز التاريخية المسماة بالحروف واستنتاج معنى مقصودا من التركيب المستخدم بحيث يصل القارئ إلى مرحلة من الفهم والتواصل مع الكاتب، والقراءة تمثل ثلث محتوى التواصل الفعال؛ إذ يتكون من مستقبل، ويمثله القارئ، ومرسل، ويمثله الكاتب أو المؤلف، والرسالة، ويمثلها المحتوى المكتوب الذي يُقرأ.

والكتابة هي أحد أركان اللغة، إذ تتكون اللغة من كتابة وقراءة وقواعد تنظم عمل الركنين الأولين، وهي إحدى الوسائل الفعالة في التواصل مع ثقافات الأمم المختلفة، وهي الوسيلة الوحيدة لحفظ التراث والعلوم وتوضيح ما تحتويه وما تدل عليه. وللقراءة فوائد كثيرة على القارئ سواء على المدى القصير أو على المدى الطويل، إذ إن القراءة تطيل العمر، وأثبتت الدراسات أن القراء تطول أعمرهم عامين عن أقرانهم غير القارئين، كما تحمي القراءة من الإصابة بمرض ألزهايمر، والحفاظ على ورد يومي منها يزيد من نسبة التركيز في الصغر وعند الشيخوخة.

مباديء القراءة

للقراءة مباديء تجليها، وتوضح مقاصدها، وتفسر المقصود منها؛ لأن الكتابة عبارة عن رموز تختلف من لغة لأخرى، قد تصل حد الطلاسم لمن يجهل الكتابة، أو من يجهل اللغة التي يطالعها، ولهذا تواضع اللغويون على وضع قواعد أساسية للقراءة، تقي الأفهام من الخطأ، وتبين المباديء التي يجب اتباعها للوصول للمعنى الصحيح، وهذه بعضها:

  1. القراءة عملية عملية تراكمية بنائية، تقوم في تفسير نصوصها على استرجاع المخزون المعرفي حول موضوع ما من الذاكرة الدائمة، وربطها مع النص المقروء؛ للوصول لتفسير صحيح للنص.
  2. القراءة لا تتم إلا بمعرفة قواعد الهجاء، وإدراك ماهية الحروف والرموز المكونة للغات، ونطقها نطقا صحيحا من مخارجها السليمة التي قد تتشابه، وربط الكلمة بما تعنيه في المعاجم التي تعارف عليها الأقدمون.
  3. طريقة القراءة تعتمد على مدى ثقافة القارئ، ومدى فهمه للموضوع، ومدى سهولته وتعقيده، والهدف الذي يقرأ من أجله، سواء أكان هدفا تعليميا أم هدفا تثقيفيا أم ترفيهيا.
  4. تعلم القراءة يعتمد على مدى استعداد القارئ، ومدى قدرته على التحكم في قراءته حسب النص المطروح أمامه، ومدى استيعابه لمحتواه.
  5. القراءة تتطلب الحفاظ على الانتباه أطول فترة ممكنة، وذلك يكون بمعرفة أهمية المحتوى المقروء، وإدراك فائدته ومتعته التي تعود على القارئ.
  6. القراءة الجيدة تتطلب التدرج والاستمرارية والتطوير المستمر، فإن اكتفيت بمستواك فقد بدأ خط جهلك في الظهور، وإن ثبت على مستوى معين فقد ازدادت شروخ ثقافتك في التفاقم في جدار عقلك.

القراءة في الشرق الأوسط

تعاني القراءة في الشرق الأوسط بشكل عام، وفي الوطن العربي على وجه الخصوص، من حالة مزرية، وتردٍ مريع؛ إذ أثبتت الأبحاث أن كل مليون عربي يقرؤون 30 كتابا سنويا لا تنتمي معظمها للأجناس المتخصصة في التأليف، بل تهتم بالمؤلفات الخفيفة والتي تنتمي للمنوعات كأسرار الطبخ والتنجيم. ويرجع الخبراء أسباب تردي مستوى القراءة في الشرق الأوسط إلى تردي الحالة الاقتصادية للأفراد، ما يمنعهم من دفع المال لشراء الكتب، وارتفاع نسبة الأمية “عدم تعلم القراءة والكتابة” التي تلامس سقف الـ 70 مليون من أصل 290 مليون عربي، ويضطر عدد كبير من الدارسين لترك عملهم بعد إتمام المرحلة الابتدائية لمعاونة ذويهم في تحمل أعباء الحياة، وهذا يكثر في موريتانيا واليمن وجيبوتي، وتجبر الحروب كثير من الأطفال على عدم الاستمرار في طلب الجرعة الأساسية من العلوم، مثلما يحدث في سوريا وليبيا.

أضرار قراءة الكتب

للقراءة في الكتب المطبوعة أضرا كما أن لها فوائد، لكنها أقل بكثير من القراءة الإلكترونية باستخدام الجهاز اللوحي أو أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف، خاصة مع التقدم العلمي الهائل وامتلاك هاتفا خلويا لكل شخص، فأصبح كل منا يطالع هاتفه أكثر من بقائه في منزله أو تركيزه في عمله، ما أحدث نوعا من التشتت وعدم التركيز، وظهور أضرار القراءة وهي كالتالي:

  1. القراءة الإلكترونية تضعف فرص النوم، وتبقيك مستيقظا لفترات طويلة، إذ تعمل الأشعة المنبعثة من شاشات الهواتف والأجهزة اللوحية على إبقاء الجسم مستيقظا فترة أطول بعد فراغه من القراءة، كما تؤثر هذه الأشعة على الساعة البيولوجية، التي تضبط أفعال الجسم، تحدد عدد ساعات نومه، وتجبره على النوم في وقت محدد، وتوقظه في ساعة معروفة اعتاد على الاستيقاظ فيها.
  2. القراءة الليلية تزيد من خطر الإصابة بأمراض السكري والسرطان وتضخم البروستاتا وتجلط الدم السريع، والتهاب الأوعية الدموية، وارتفاع ضغط الدم؛ بسبب تعطل الساعة البيولوجية.
  3. من أضرار القراءة أيضًا زيادة احتمالية حصول الاكتئاب والإجهاد، حيث تؤدي القراءة الليلية باستخدام الأجهزة الإلكترونية إلى ارتفاع احتمال الإصابة بالاكتئاب والإجهاد والشعور بالخمول والتعب، خاصة عند الشباب، إضافة إلى التأثير على مستويات التركيز، التي من المفترض أن تزيد بزيادة عدد ساعات القراءة.
  4. القراءة الإلكترونية تضعف الذاكرة وتقلل من نسبة حفظ المعلومات في الذاكرة طويلة الأجل، بخلاف القراء الورقيين الذين يستطيعون حفظ المعلومات بشكل أسرع؛ بسبب التواصل المادي بين الكتاب والقارئ.
  5. القراءة في ضوء خافت تجهد عضلة العين وتسبب جفافا فيها؛ بسبب تعرضها لضغط وظيفي يفوق قدرة تحملها الطبيعية، وقد يصل الأمر إلى الإصابة بنوبات صداع متفاوتة أو ملازمة للشخص الذي يقرأ على ضوء خافت.

أضرار القراءة الكثيرة

لم تسجل الأبحاث العلمية أضرارا صحية على مدمن القراءة أو الذي يقرأ كثيرا، بل على العكس أوضحت الدراسات أن القراءة الكثيرة تفتح مجالا للتركيز والهروب من أمراض الشيخوخة، التي تصيب البشر عند بلوغ سن الستين وما يفوقه، لكنهم سجلوا بعض الأضرار التي قد تترتب على كثرة القراءة أو الاستغراق فيها لفترات طويلة، ويأتي على رأسها:

  1. القراءة لساعات طويلة يوميا تحرمك من التواصل الاجتماعي اللازم، وتزيد من فرص إصابتك بالانعزالية والانطوائية، التي تأخذ زمنا طويلا في علاجها.
  2. القراءة الكثيرة تصيبنا بالإجهاد المزمن والشعور بالإرهاق، على الرغم من عدم بذل مجهود عضلي، إلا أن التركيز العقلي في تلقي المعلومات وتخزينها يركز تدفق الدماء للعقل ما يسحبه عن باقي أجزاء الجسم، ما يصيب الجسم بالإجهاد والتعب.
  3. القراءة الكثيرة تقلل فرص الاستمتاع والاستفادة بالنوم ليلا، وتقلل من فرص النوم بشكل طبيعي، ما يقلل من فرص التعرض لمادة الكورتيزون الموجودة في الهواء الطلق قبيل الشروق وقبيل الغروب يوميا، إذ يفضل معظم القراء أن يمكثوا في مكاتبهم لفترات طويلة.
  4. القراءة الكثيرة تسبب حالات من الصراع النفسي بين المثالي المقروء والواقعي غير المكتمل، ما يسبب إحدى حالتين إما الانفصام عن الواقع، ومحاولة الهروب بالحياة المنقسمة والرؤى المتباعدة، أو محاولة التشبه بالمثالي ما يجعل الصراع النفسي يتحول إلى تطبيق عملي.

أخيرا، خذ من أضرار القراءة دافعا لك لتتجنبها، لا لتتجنب القراءة بالكلية، استفد من إمكانياتك وميولك للقراءة في اقتناص فوائدها، والاغتراف من نبعها الصافي، والبحث في أعماقها للفوز بالأصداف واللآليء؛ حتى تجعل من نفسك ذا ثقافة عالية، قادرا على التفاعل مع قضايا مجتمعك، دقيقا في تعاملاتك مع نفسك ومع الآخرين، نافعا لغيرك، تقدم له النصح متى شاء من واقع خبراتك المتراكمة المستقاة من مجموع ما قرأت طيلة عمرك، تتبع الوسائل الصحيحة لتدريب عقلك على الاختيار السليم وتنسيق الأفكار داخلك بحيث تستطيع استدعاءها وقت الحاجة إليها.

محمد الجداوي

أضف تعليق

ستة عشر − 14 =