محمود الخطيب المُلقب بـ بيبو هو أحد أشهر اللاعبين في تاريخ كرة القدم العربية، وبالنسبة للجمهور المصري فهو أسطورة كروية، في نظرهم لم تتكرر منذ اعتزاله في 1987م وحتى الآن، وفي نظر الكثير منهم أيضاً إن لن تتكرر أبداً، وأسطورة محمود الخطيب لم تؤسس على إحصائيات، تتضمن عدد مباريات تتجاوز الـ 350 مباراة، أو عدد أهداف تقارب الـ200 هدفاً، أغلبها كان سبباً رئيسياً في حصد فريقه للبطولات، إنما أسطورته الحقيقية تتمثل في أخلاقه الرياضية، التي شهد بها جماهير الفرق المنافسة قبل جماهير النادي الأهلي.
محمود الخطيب .. من هذا ؟
من يتابع الكرة المصرية يدرك حجم المنافسة والتناحر بين فريقي الأهلي والزمالك، وكون محمود الخطيب من القلة التي أجمع على عشقها المتنافسين، فكان لابد من الوقوف عنده والتعرف على مسيرته وإنجازاته منذ نشأته وحتى ما بعد اعتزاله كرة القدم.
الميلاد :
الأسطورة القروية محمود الخطيب وُلِد في الثلاثين من شهر أكتوبر لعام 1954م، وكان ذلك بمدينة أجا التابعة لمحافظة الدقلية المصرية، وبتلك المدينة نشأ الخطيب وترعرع وبدأت موهبته في الظهور، فقد كان يشارك في مباريات الهواة وكان الجميع يشيدون بموهبته، أما هو فبقدر ما كانت تلك الإشادة تسعده إلا إنها لم تكن تكفيه، فقد كان طموح الطفل يتجاوز حدود المشاركة في هذه المباريات الصبيانية، وعشقه لكرة القدم دفعه للحلم باحترافها يوماً، وكان من أهدافه الرئيسية أن يرتدي قميص النادي الأهلي بصفة خاصة، وقرر ألا يتنازل عن هذا الحلم حتى يحققه.
الرحلة نحو الاحتراف :
انتقل محمود الخطيب إلى العاصمة المصرية القاهرة ليبدأ مشواره الاحترافي بعالم كرة القدم، وكان ذلك من خلال أحد الأندية ذات الشعبية المحدودة وهو نادي النصر، وعلى الرغم من إن النادي صغيراً وليس جماهيرياً، إلا إن موهبة الخطيب ظهرت من خلاله، فلم يكن هناك مشجع أو متخصص إلا وأدرك إن اللاعب الناشئ يمتلك موهبة عظيمة ونادرة، تتضح من قدرته على التحكم في الكرة، والمراوغة بها وإحراز الأهداف، ومن بين من جذبت موهبة محمود الخطيب أنظرهم مسئولي النادي الأهلي، وفوقع معهم في عام 1971م ومنذ ذلك الحين لعب بصفوف النادي لمدة 16 عاماً.
أسطورة اعتزال الأسطورة :
هل شاهدت قبلاً كيف تبدو مدرجات الملاعب في المباريات النهائية أو لقاءات القمة؟.. الأمر لم يكن مختلفاً بالنسبة لمبارة اعتزال محمود الخطيب ،هذا اللاعب الأسطوري الذي طالما ملك قلوب مشجعي كرة القدم بمهارته وأخلاقه، فقد شكّل خبر اعتزال الخطيب لكرة القدمة صدمة قاسية لعاشقيه، ممن كانوا يتمنوا أن يستمر في إمتاعهم بالملاعب لفترة أكبر، ولكنهم في النهاية استسلموا أمام سنة الحياة، وحضروا إلى الملعب لتوديع معشوقهم في حشد مهيب، فقد كانت المدرجات مكدسة بأكثر من 120 ألفاً من المتفرجين، وضعف هذا العدد كان محتشداً خارج أسوار الاستاد، في مشهد استثنائي وأسطوري قلما يتكرر في مباريات الاعتزال، واللحظة الأشهر في مسيرة محمود الخطيب الرياضية ليست لحظة مراوغة المدافعين أو تسجيل الأهداف، بل هي تلك اللحظة التي لم يستطع تمالك دموعه فيها أمام هتاف هذا الحشد، وكان ذلك في عام 1987م.
الحياة الشخصية :
حرص محمود الخطيب دوماً على أن ينأى بحياته الشخصية عن عالم الأضواء، وهو من القلة في عالم محترفي كرة القدم الذين لم تنل منهم الشائعات، ولم تتطرق أقلام الصحفيين أو كاميراتهم إلى حياته الخاصة، فقد كانت حياته كلاعب محترف لكرة القدم مليئة بإثارة تكفي عشرات الصفحات، والمتوفر من معلومات عن حياته الخاصة هو إنه متزوج، وله ثلاث بنات هن نور ورنا وندى.
أثره في تاريخ كرة القدم :
حقق محمود الخطيب خلال مشواره الكروي العديد من الجوائز والألقاب، ولكن في النهاية فإن إنجازه الأكبر لا يتمثل في بطولة أو عدد أهداف، إنما يتمثل في مدى عشق الجماهير لهذا اللاعب العظيم، فهو من القلة القليلة التي تمكنت من امتلاك قلوب محبي كرة القدم على بغض النظر عن انتمائهم، فحتى مشجعي النادي الزمالك وهو المنافس الأشهر والأشرس للنادي الأهلي يعشقون الخطيب كلاعب وكإنسان.
الجوائز :
نال محمود الخطيب خلال مشواره الكروي العديد من الجوائز وأحرز العديد من البطولات، وقد تنوعت جوائزه ما بين بطولات محلية أو دولية، أو جوائز فردية بخلاف البطولات التي يحققها فريقه، ومن أمثلة ذلك:
- فاز الخطيب مع ناديه الأهلي ببطولة الدوري العام المصري عشر مرات.
- فاز الخطيب مع الأهلي أيضاً ببطولة كأس مصر خمس مرات.
- فاز مع الأهلي ببطولة دوري أبطال إفريقية مرتين.
- فاز الخطيب مع الأهلي ببطولة الأندية الأفريقية “أبطال الكؤوس” ثلاث مرات.
ومن الألقاب الخاصة التي نالها محمود الخطيب منفرداً كلاعب، خلال البطولات العديدة التي خاضها مع النادي الأهلي أو المنتخب المصري القومي.
- فاز الخطيب خمس مرات بلقب أحسن لاعب مصري.
- فاز بجائزة الكرة الذهبية كأحسن لاعب في قارة إفريقيا.
- فاز بجائزة الخلق الرياضي أو اللعب النظيف الدولية.
اللاعب الخلوق :
التكريم الأبرز والأهم في تاريخ محمود الخطيب كلاعب محترف لكرة القدم، هو اختياره كعضو في اللجنة الدولية للعب النظيف، إذ يعتبر هذا التكريم انعكاساً واضحاً لسلوكه داخل أرض الملعب، فقد تم اختياره من خلال استفتاء أجرته مجلة فرانس فوتبول الرياضية، وذلك لأنه قد خاض 450 مباراة دولية ولم يحصل على عقوبة واحدة، فرغم المدة الطويلة التي أمضاها الخطيب بالملاعب، لم يصدر منه رد فعل عنيف بدني أو لفظي تجاه أي منافس، فاستحق عن جدارة أن يُضرب به المثل بالخلق الرياضي واللعب النظيف.
الخطيب بعد الاعتزال :
أثبت محمود الخطيب إن عشقه للنادي الأهلي عشقاً صادقاً، وإن التصريحات التي كان يدلي بها طيلة مشواره الكروي ليست مجرد كلمات معسولة، فبعد اعتزاله كرة القدم قرر الخطيب أن يخدم ناديه الذي يعشقه بأشكال مختلفة، فقد كان يحرص دوماً على حضور مران الفريق الأول قبل كل مباراة هامة، فيبث باللاعبين الحماسة والروح القتالية ويحفزهم لإخراج أفضل ما لديهم بأرض الملعب، وكذلك كان يتوجه إلى ملاعب الناشئيين، وفي أحيان كثيرة كان يشاركهم مباريات المران لرفع روحهم المعنوية، أما على الجانب الرسمي فقد صار محمود الخطيب أحد أعضاء مجلس الإدارة، وتولى منصب نائب رئيس مجلس إدارة النادي الأهلي، وبذل قصارى جهده من خلال منصبه والصلاحيات المتاحة له للارتقاء بالنادي والحفاظ على مكانته التاريخية، مثبتاً بذلك إنه ابن بار لهذا النادي، لا يتردد في خدمته بأي شكل وبأي موقع.
الخطيب رئيساً للأهلي :
شعبية محمود الخطيب الجارفة لم تتأثر باعتزاله لعب كرة القدم، ولم يقتصر حب الجماهير له على من عاثروه من جماهير الأهلي أو “الأهلاوية” كما يشار إليهم باللهجة المصرية، بل إن أجيال مشجعي النادي الأهلي المتعاقبة توارثت حب الخطيب، وقد ظهر ذلك جلياً مؤخراً، بعد ما مرت به القلعة الحمراء -النادي الأهلي- من حالة تخبطت، فظهرت العديد من الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي، تطالب بتولي الخطيب منصب رئاسة النادي الأهلي، وأعربت الجماهير من خلال الوسم المخصص لذلك على موقعي فيس بوك وتويتر، عن عظيم حبها للخطيب ومدى ثقتهم في حكمته ورجاحة عقله، وإن الأهلي تحت إدارته سيعود لسابق عهده ويحقق المزيد من الإنجازات، وقام البعض أيضاً بوصفه بإن عهده إذا تولى رئاسة النادي سيكون امتداداً لعهد الراحل صالح سليم، والذي يعتبره جماهير الأهلي أفضل من تولى رئاسة مجلس إدارته حتى اليوم.
أضف تعليق