مارلين مونرو هي ليست مجرد ممثلة شهيرة بل إنها من أعلام السينما العالمية، ويرى عدد غير قليل من متابعي السينما في الغرب إنها أجمل الممثلات في التاريخ، ويصفونها بإنها أيقونة الجمال الأشقر.. اشتهرت مارلين مونرو بابتسامتها الواسعة المُبهجة، والتي كانت تتألق بها على ملصقات أفلامها، وتصعد بها إلى المسارح لتحية الجماهير ونيل الجوائز، لكن تلك الابتسامة لم تكن سوى قناع، فرحلة حياة مارلين مونرو كانت سلسلة مديدة من المآسي، لم تنته بتحقيق النجاح وتكوين الثروات.
مارلين مونرو .. من تكون ؟
لم تبلغ أي ممثلة ما بلغته مارلين مونرو من شهرة وما حققته من مجد، ولكن طريقها نحو ذلك كان شديد الوعورة، حتى إن المجد لم ينسيها معاناتها في الحياة الأولى، ولنتبين ذلك فما علينا سوى استعراض أهم المحطات في مسيرة نجمة هوليود الأشهر.
الميلاد والاسم :
وُلِدت النجمة السينمائية الأشهر مارلين مونرو في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، وكان ذلك في الأول من شهر يونيو لعام 1926م، وذلك الاسم الذي اشتهرت به في سماء الفن ليس اسمها الحقيقي، فوفقاً للسجلات الرسمية فقد تم قيدها عند ميلادها باسم “نورما جين موتينصن” نسبة لأبيها، ولكن في وقت لاحق اعترفت أمها بأنها كانت على علاقات متعددة، ولهذا فإنها قد تشككت في بنوة ابنتها للمدعو موتينصن، وبناء عليه قررت تغير نسب الطفلة لمنحها اسم عائلة الأم، فصارت منذ ذلك الحين تُعرف بـ”نورما جين بيكر”، وهو الاسم الرسمي والقانوني الذي عُرفِت به حتى وفاتها.
الحياة في الملجأ :
خلت طفولة مارلين مونرو من كافة مظاهر السعادة والبهجة، بل إنها على العكس كانت مليئة بالشقاء والبؤس، فأول ما أدركته الطفلة حين تشكل وعيها هو إنها بلا أب، أو بمعنى أدق إنها ولدت سفاحاً وإن أمها متشككة في أمر الرجل الذي أنجبتها منه، ولكن لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن حتى أمها والتي كانت تمثل كامل عائلتها، قررت بين لحظة والأخرى أن تتخلى عنها، فذهبت بها إلى إحدى دور الأيتام وأودعتها به، وكان تعليلها لذلك هو إنها فقط رافضة لرعايتها، وكان عمر مارلين مونرو في ذلك الحين تسع سنوات، فنشأت يتيمة على الرغم من علمها التام بإن والديها على قيد الحياة.
التشتت :
لم ينتهى المطاف بـ مارلين مونرو الصغيرة داخل الملجأ فحسب، بل إن ذلك كان مجرد بداية لرحلة طويلة من الشقاء، فقد كانت موارد الملجأ شحيحة، ولهذا كانت إدارته لا تتردد في قبول طلبات التبني، دون التأكد من مدى استعداد الأسر المتقدمة له لتبني الطفل ورعايته، وكانت نتيجة ذلك تنقل مارلين الصغيرة بين عِدة أسر عرضوا رعايتها، وهناك دلائل على إنها قد تعرضت للتأذي على أيدي بعضهم، كما تعرضت في صباها للعديد من التحرشات اللا أخلاقية والاعتداء الجنسي، الأمر الذي أدى إلى إصابتها المتكررة بحالة من الاكتئاب، ويُقال إنها كانت تعاني من خلل نفسي طيلة حياتها، ناتج عما عايشته من مآسي في تلك المرحلة من عمرها.
التعليم :
تعددت المدارس التي التحقت بها مارلين مونرو ،فقد كانت تختلف المدرسة باختلاف محل إقامتها، وكان محل إقامتها يختلف باختلاف العائلة المحتضنة لها، فقد تنقلت في هذه الفترة ما بين كاليفورنيا ولوس أنجلوس عدة مرات، ومن المدارس التي استمرت دراستها بها لفترة طويلة نسبية، كانت مدرسة إيمرسون والتي حصلت منها على شهادتها الإعدادية، وبعد إتمامها لهذه المرحلة التحقت بمدرسة فان نويس والتي أنهت بها تعليمها الثانوي.
أزواج مارلين مونرو :
الزوج الأول لـ مارلين مونرو كان جارها المصور الفوتوغرافي جيمس دورتي، ورغم إنه كان صاحب الفضل في اتجاهها نحو عالم الأضواء، إلا إن زواجهما لم يُقدر له الاستمرار لأكثر من أربعة سنوات، وبعد انفصالهما بفترة وجيزة التقت منرو بلاعب البيسبول الشهير آنذاك جودي ماجيو، واستمر زواجها منه لفترة أقصر من زواجها السالف، إذ أن طلاقهما قد وقع في غضون تسعة أشهر فقط من إعلانها للزواج، وقالت في إحدى المقابلات الصحفية إنه قد تعدى عليها بالضرب أكثر من مرة، وإن ذلك كان سبب الإنهاء المبكر لهذه التجربة، أما زواجها الثالث والأطول من حيث المدة الزمنية، فقد كان من الكاتب المسريح أرثر ميلر، إذ استمر زواجهما في الفترة ما بين عامي 1956م وحتى عام 1961م، ويُقال إنه قد أقنعها باتباع ديانته فتخلت عن المسيحية واعتنقت الديانة اليهودية، إلا إن ذلك القول تناقلته بعض التقارير الصحفية، ولم يؤكده أو ينفيه أي من الثنائي.
الاتجاه نحو السينما :
بداية مارلين مونرو في عالم الأضواء لم يكن تمثيلياً، بل إن أول ظهور عام لها كان كموديل على أغلفة المجلات، وكان ذلك حين استعان بها زوجها المصور جيمس دورتي، لتكون بطلة مجموعة من الصور التي يقوم بتصويرها للمجلات، وقد جذبت ملامحها بعض شركات الدعاية والإعلان لتعمل لحسابهم، ثم في وقت لاحق استعان بها مخرجي السينما في أدوار صغيرة، وسرعان ما بدأت مواهبها في التمثيل والغناء تتكشف، وبالتالي بدأت في الحصول على مساحات أكبر على الشاشة، ولاقت قبولاً كبيراً من قبل الجماهير، وهو ما شجع المنتجين إلى إسناد أدوار أكبر إليها، إلى أن صارت بطلة مطلقة لعدد هائل من الأفلام، وكذا أصبحت واحدة من أشهر وأفضل الممثلات في تاريخ السينما.
دراسة التمثيل :
نجاح مارلين مونرو كممثلة لم يكن من قبيل المصادفة، فملامحها ومظهرها لم يكونا كامل رأس مالها في عالم الفن، هما فقط كانوا بمثابة البوابة التي عبرت من خلالها إليه، ولكنها حين انجذبت إلى التمثيل وقررت أن تحترفه، سافرت إلى نيويورك وانضمت هناك إلى استوديو إعداد الممثل، ومن خلاله أصقلت موهبتها بالدراسة فتمكنت من تحقيق ما حققته من نجاحات.
الجوائز والتكريمات :
قدمت مارلين مونرو للسينما العديد من الأفلام التي حققت نجاحاً جماهيرياً منقطع النظير، وهذه الشعبية الجارفة لم تتحقق إلا من خلال إتقانها لما قدمته من أدوار، جذبت إليها أنظار النقاد قبل الجمهور، وعليه رُشحت إلى الكثير من الجوائز الفنية، وتمكنت من حصد بعضها بالفعل، ومن أبرز الجوائز والتكريمات التي نالتها مارلين مونرو خلال مشوارها السينمائي:
- اختيرت مرتين كأفضل ممثلة من قبل مجلة فوتو-بلاي السينمائية.
- حصلت على جائزة جولدن جلوب لأفضل ممثلة أربع مرات.
- جائزة ديفيد دي دوناتيللو الإيطالية لأفضل ممثلة.
- جائزة النجمة الكريستالية الفرنسية لأفضل ممثلة.
- في عام 1960م أضيفت نجمة باسمها في ممشى المشاهير بهوليود.
- في عام 1995م أضيفت نجمة باسمها في ممشى النجوم الشهير بولاية كاليفورنيا.
- جاءت بالمركز السادس ضمن قائمة أفضل الممثلات في تاريخ السينما، والتي تم إعدادها من قبل معهد الفيلم الأمريكي.
مارلين مونرو .. مصدر الإلهام :
ألهمت مارلين مونرو العديد من الممثلات ممن عاصروها، أو من ظهورا بالأجيال التي أعقبتها، فساروا على نهجهها واتبعوا أسلوبها التمثيلي، ومن أشهر هؤلاء مادونا وسكارليت جوهانسون وميجان فوكس وريانا وليدي جاجا وبيونسيه، ومن الممثلات العرب هند رستم والتي لُقبت بـ”منرو الشرق”..
لغز الوفاة :
في الخامس من أغسطس لعام 1962م عُثِر على جثة مارلين مونرو في بيتها بلوس أنجلوس، ووفقاً لتقرير الطب الشرعي فإن الوفاة نتجت عن تناول جرعة زائدة من الأقراص المنومة، وهذه الرواية تتوافق مع ما أشيع حول عدم استقرار الحالة النفسية لنجمة هوليود، إذ إن المقربين منها أكدوا على إنها كانت محبطة في أيامها الأخيرة، وكان يسيطر عليها شعوراً بالنقص رغم كل ما حققته من نجاح، وربما هذا عائد لما عانته في طفولتها وما مرت به من مواقف قاسية.. هناك رواية أخرى تدعي بأن مونرو قد تم اغتيالها، وأشهر المؤيدين لذلك القول الكاتب الأمريكي جاي مارجوليز، والذي دوّن شهادته في كتاب كامل بعنوان (مقتل مارلين مونرو .. القضية المغلقة)، والذي رجح أن يكون مقتلها حلقة ضمن سلسلة جرائم سياسية، إذ ربط بين اغتيالها واغتيال آل كيندي ومارتن لوثر كينج، لكن في النهاية يبقى الأمر المُثبت هو إن مونرو قد رحلت عن عالمنا مُنتحرة.
أضف تعليق