مايك تايسون هو -بلا جدال- أحد أيقونات ملاكمة المحترفين ويعد مثل أعلى لكل ملاكم ناشئ حول العالم، وقد تم تصنيفه في عام 2003م ضمن قائمة أفضل 100 ملاكم على مر العصور وجاء في المرتبة السادسة عشر، كذلك يعد مايك تايسون أحد أكثر الرياضيين إثارة للجدل في التاريخ، حيث أن التقلبات والتحولات التي شهدتها حياته خارج الحلبة لم تكن أقل إثارة من تلك التي شهدتها مسيرته الرياضية كملاكم محترف عُرِف عنه الشراسة وميله إلى العنف ورغبته الدائمة في سحق خصومه.
مايك تايسون .. من هذا ؟
مايك تايسون هو الملاكم الأسطوري الذي طالما أثار الجدل داخل الحلبة وخارجها.. فترى كيف كانت مسيرته؟ وما الذي حققه خلالها؟ وما سر الجدل الذي أثير حوله وما أهم التحولات التي مر بها خلال حياته الرياضية والشخصية؟
الميلاد والتسمية :
في الثلاقين من يونيو عام 1966م وُلِد الأسطورة الرياضية مايك تايسون وكان ذلك في بروكلين التابعة لمدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية، نشأ تايسون في كنف أسرة أمريكية مسيحية تعاني من الفقر وتدهور الأوضاع المادية، وقد نتج ذلك عن هجر رب الأسرة سيفور كيركباتريك للمنزل وهو لا يزال في سن صغير، وكان ذلك سبباً في أن يحمل الطفل مايكل لقب عائلة الأم (تايسون) بدلاً من لقب عائلة الأب (كيركباتريك) ليُصبح منذ ذلك الحين مايكل جيرارد تايسون واشتهر باسمه المُخفف مايك تايسون
بطل العالم الأصغر سناً :
بدأ مايك تايسون ممارسة رياضة الملاكمة في وقت مبكر جداً، وقد شارك في دورة الألعاب الأوليمبية وهو في السادسة عشر من عمره تقريباً، ثم اقتحم عالم ملاكمة المحترفين وهو في عمر 18 عاماً، وقد حقق الفوز في أول جولة يخوضها في عالم المحترفين بالضربة القاضية العنيفة، ومنذ ذلك الحين توالت انتصاراته وبالتالي تزايدت شعبيته بين جمهور الملاكمة، وبحلول عام 1986م أصبح مايك تايسون يتمتع بشهرة عالمية بعدما تمكن من الفوز ببطولة العالم للوزن الثقيل وهو لا يزال في العشرين من عمره.
الأداء الشرس :
كان مايك تايسون هو الملاكم المفضل لدى هواة مشاهدة مباريات الملاكمة المتسمة بالعنف والدموية والشراسة، حيث عُرِف عن تايسون أنه لا يرحم خصومه وأنه ينهال عليهم باللكمات بكل ما أوتي به من قوة، وكان يرى أن إرهاب الخصم هو أولى الخطوات نحو تحقيق الفوز، إلا أن شراسة تايسون أوقعته في كثير من المشاكل وحولته إلى رياضي سىء السمعة، ففي عام 1997م خاض تايسون واحدة من أشهر مبارياته في مواجهة الملاكم إيفاندر هوليفيلد، وقد خسر مايك تايسون تلك المباراة بسبب سلوكه غير السوي على الحلبة حيث قام بعض أذن غريمه بأسنانه إلى أن اقتطع جزء منه.
المُحكامة والجدل :
تم إلقاء القبض على مايك تايسون وهو في أوج مجده وقمة شهرته، بعد أن وُجهت له تهمة الاغتصاب والاعتداء الجنسي على فتاة سمراء، وتم إيداع تايسون أحد السجون المشددة الحراسة وقد أثيرت موجة من الجدل في مختلف وسائل الإعلام حول قضية الملاكم الشهير، حيث رأى البعض أن الأمر برمته ملفق من اعداء النجاح والجماعات العنصرية التي لم تقبل بأن يتحول أحد الأمريكيين السود إلى أسطورة رياضية، فتعمدوا إبعاده بتلك الطريقة عن الساحة الرياضية بالإضافة إلى تشويه سُمعته كي يخسر الشعبية الساحقة التي اكتسبها خلال سنوات احترافه رياضة الملاكمة.
حياة مايك تايسون في السجن :
كانت تجربة السجن هي نقطة التحول الأكبر في حياة مايك تايسون إذ يرى أن السجن أحدث تغيراً جذرياً في طبيعته على مختلف المستويات، حيث أن تلك التجربة القاسية قضت على الغرور والتكبر الذي كان يُشتهر به، كما أنه تعرف خلال الفترة التي قضاها وراء القضبان على مجموعة من الأشخاص ممن أقنعوه باعتناق الدين الإسلامي.
مالك عبد العزيز الشهير بتايسون :
يرى مايك تايسون أن اعتناقه الدين الإسلامي هو ما مكنه من تحمل مشقة الحياة في السجن، حيث أن هذا الدين هذب نفسه وتعلم منه أن يرضى بقضاء الله وأن ما يراه شراً قد يكون خيراً لا يدركه، ويقول تايسون أن أول ما جذبه إلى الإسلام هو تعاليمه السمحة وترسيخه لمبادئ الآخاء والمساواة ونبذه التفرقة العنصرية على مختلف أشكالها، بالإضافة إلى أن القرآن يحترم المسيحية واليهودية.
أطلق مايك تايسون على نفسه في البداية اسم عمر عبد العزيز ثم قام بعد فترة وجيزة بتغييره إلى اسم مالك عبد العزيز باعتبار أن مالك هو الاسم المسلم المقابل لاسم مايكل من حيث النطق، ورغم ذلك بقيت وسائل الإعلام المختلفة تدعوه باسم مايك تايسون الذي اشتهر به قبل دخوله السجن واعتناق الدين الإسلامي.
العودة إلى الحلبة :
أشارت بعض وسائل الإعلام أن شعبية الملاكم مايك تايسون قد تراجعت بصورة كبيرة على خلفية إدانته بالاغتصاب وكذلك اعتناقه الدين الإسلامي، إلا أن أول ظهور لتايسون على الحلبة بعد الإفراج المشروط عنه في عام 1995م أثبت العكس، حيث كانت عودة تايسون هي الحدث الرياضي الأكثر ترقباً، واحتشد الجماهير في المدرجات مرحبين بعودته واستقبلوه بالتكبيرات الإسلامية في إشارة إلى احترامهم للحرية الدينية وتأييدهم لتايسون أيا كان الدين الذي يعتنقه، وقد بيعت حقوق البث التلفزيوني للمباراة الأولى لتايسون بعد خروجه من السجن بـ96 مليون دولار أمريكي.
جدير بالذكر أن أسلوب مايك تايسون وطريقة أدائه على الحلبة اختلفت بدرجة كبيرة خلال مرحلة ما بعد السجن، حيث أصبح أقل تهوراً وشراسة، كما أنه لم يعد يسخر من خصومه أو يوجه لهم السباب، وقد قال في إحدى المقابلات الصحفية أن تعاليم الإسلام تحث على التحلي بالأخلاق الحميدة وتنهي عن أذية الغير بدنياً أو نفسياً.
تايسون.. الملاكم الحديدي :
أطلق الجمهور على تايسون العديد من الألقاب أبرزها لقب الملاكم الحديدي أو الديناميت، وتلك الألقاب المبالغة في تصوير القوة لم تأت من فراغ، بل هي نتاج الإحصاءات المؤكدة على تفوق مايك تايسون الرياضي وأنه صخرة صلدة تحطمت عليها آمال الكثيرين من أبطال ملاكمة المحترفين.
خاض مايك تايسون 58 قتالاً بين داخل الحلبة خلال مسيرته الرياضية، وقد حقق الفوز في 50 مباراة بينهم 44 مباراة أحرز الفوز بها عن طريق الضربة القاضية، ومع الأخذ في الاعتبار أن هناك مبارتين قد تم إلغاء نتيجتهم، يكون تايسون بذلك قد خسر في ست مواجهات فقط خلال مسيرته الرياضية.
الإنجاز الرياضي :
إنجاز مايك تايسون الرياضي لا يقتصر على عدد الانتصارات التي حققها فوق الحلبة، بل يتمثل في أسلوب الأداء المميز الذي اعتمد عليه في أغلب مبارياته، والذي يُدرس حتى اليوم لشباب الملاكمين في كافة أنحاء العالم، هذا بالإضافة إلى العديد من الأرقام القياسية التي حققها خلال سنوات نشاطه الرياضي، ومنها لقب أصغر ملاكم يفوز بلقب بطولة العالم للوزن الثقيل، والرقم القياسي الخاص بأسرع ضربة قاضية في تاريخ الأولمبياد.
حياته الخاصة :
خاض مايك تايسون تجربة الزواج ثلاث مرات، زوجته الأولى هي الممثلة روبن جيفنز وقد استمرت علاقته بها لعام واحد، أما الثانية فهي مونيكا تيرنر والتي ارتبط بها خلال الفترة ما بين 1997م : 2003م، أما الثالثة فتدعى كيكي وقد أعلن زواجه منها في عام 2009م ولا تزال علاقتهما قائمة حتى اليوم، وقد أنجب تايسون سبعة أبناء من زوجتيه الثانية والثالثة.
اعتزال الملاكمة :
تراجع مستوى أداء مايك تايسون على الحلبة خلال السنوات الأخيرة في مسيرته الرياضية، وقد انتبه إلى ذلك ولم يُكابر، ومع تلقيه أكثر من هزيمة وتقديمه لأداء متدني حتى بالمباريات التي الفاز بها، وجد أن من الأفضل أن يحافظ على تاريخه الحافل بالإنجازات الرياضية، وأن يحافظ على صورة البطل الذي لا يُقهر التي ارتبط بها في أذهان الجمهور، وفي 2006م أعلن تايسون عن اعتزاله وتم اعتبار ذلك الحدث الرياضي الأهم بذلك العام.
أضف تعليق