صوفيا لورين هي أهم الممثلات الإيطاليات على الإطلاق وواحدة من أشهر النجمات في تاريخ السينما العالمية بصفة عامة، كما يصفها النقاد بملكة الفن السابع المتوجدة خلال عقدي الستينات والسبعينات.. اشتهرت صوفيا لورين عالمياً باعتبارها رمزاً للأنوثة والجمال، وقد جاءت في المركز الأول بصفتها أجمل امرأة إيطالية وفقاً لاستطلاع الرأي العالمي الذي أجرته وكالة الأنباء القومية المشتركة (أنسا) الإخبارية والذي شارك به أكثر من 170 من خبراء التجميل في العالم.. فهل كان تكوينها الشكلي وحده ما مهد الطريق أمامها إلى عالم الشهرة والأضواء؟ أما إنها كانت تمتلك موهبة حقيقية استحقت عنها المكانة التي تحتلها اليوم؟.. إجابة السؤال لا يمكن اكتشافها إلا باستعراض السيرة الذاتية والفنية لأيقونة الستينيات، لنعرف أهم المحطات التي مرت بها والإنجازات التي حققتها خلالها.
صوفيا لورين .. من تكون ؟
صوفيا لورين هي إحدى أيقونات السينما العالمية الخالدة، وتعد مثل أعلى لأكثر من جيل من نجمات السينما المعاصرات.. فترى ما سر تلك المكانة الرفيعة التي بلغتها لورين؟ وكيف كان طريقها إليها؟
الميلاد والأبوين :
صوفيا لورين ليس الاسم الحقيقي لنجمة السينما الشهيرة وكذلك الاسم الذي سُجلت به في قيد المواليد وهو صوفيا فيلاني سكيتشلوني ليس صحيحاً، فقد وُلِدت النجمة الإيطالية العالمية في العشرين من سبتمبر عام 1934م في العاصمة الإيطالية روما، وعند ميلادها تبناها زوج أمها وقرر منحها اسمه، أما والدها الفسيولوجي فكل ما تعرفه عنه إنه فلسطيني الجنسية من قرية كفر قرع، أما والدتها فتدعى ماري فيلاني وكانت تعمل معلمة بيانو كما كانت تطمح إلى احتراف التمثيل، ومن الواضح أن صوفيا لورين قد ورثت عنها الموهبة وحب الفن، ولصوفيا شقيقة واحدة تدعى ماريا وأخين غير أشقاء هما جوليانو وجوسيبي.
الطفولة والعمل المبكر :
صوفيا لورين وشقيقتها قد عانتا من الفقر والحرمان في مرحلة الطفولة نتيجة لغياب دور الأب وقلة موارد الأسرة المالية، مما اضطرهما إلى الانتقال للعيش مع جدتهما لأمهما في بوتزوولي الإيطالية، إلا أن حياتهما معها أيضاً لم تتسم بالاستقرار، حيث أن اندلعت الحرب العالمية الثانية وكانت المنطقة التي تعيش بها الجدة تضم ميناء حربي وعدد من مخازن الذخيرة والسلاح فتعرضت لأكثر من غارة، وقد أصيبت صوفيا الصغيرة بشظايا في جانب الوجه أثناء القصف الجوي للمدينة.
بعد حادثة صوفيا قررت الجدة أن تصحب حفيدتيها إلى مدينة نابولي للإقامة عند أحد الأقارب، وبعدما انتهت الحرب عادت العائلة مرة أخرى إلى برتزوولي، وسعياً وراء الرزق قرر أفراد الأسرة المكونة من أربع نساء هما الجدة والأم والحفيدتين من إقامة مشروع تجاري خاص بهم، كان عبارة عن مطعماً متواضعاً تشاركن العمل به، فكانت الإدارة من نصيب الجدة بينما الأم فكانت تعزف البيانو وتقوم ماريا بتقديم فقرات غنائية، في حين اقتصر دور صوفيا على خدمة الطاولات وتقديم المشروبات والأطعمة للزبائن.
الدور الأول :
حين بلغت صوفيا لورن الرابعة عشر من عمرها قررت الاشتراك في مسابقة ملكات الجمال، ووصلت إلى التصفيات النهائية في المسابقة إلا أنها فشلت في تحقيق اللقب، إلا أن استفادت من التجربة بشكل آخر، حيث شاهدها أحد مخرجي السينما وهو ميرفن ليروي أثناء منافستها بالمسابقة، فاختارها لتجسد دور صغير في فيلم بعنوان Que Vadis، ولكنه رأى أن اسمها الحقيقي وقعه ثقيل على الأذن وصعب الحفظ فاختار لها اسم صوفيا لازارو ليكون اسمها الفني، وقد أدت صوفيا الدور ببراعة مما مهد أمامها الطريق لتكرار التجربة، فشاركت بتقديم أدوار ثانوية بأكثر من فيلم إيطالي، إلى أن تمكنت من تصدر الأفيشات الإيطالية كبطلة مطلقة للأفلام بعدما حولت اسمها الفني إلى صوفيا لورين ،وقدمت العديد من الأفلام التي حققت نجاح كبير بشباك التذاكر، وأبرزها ليلتين مع كليوباترا Two Nights with Cleopatra عام 1952م وفيلم LA Bella Mucnaia عام 1955م
الانتقال إلى هوليوود :
الاستغراق في المحلية يقود إلى العالمية.. تلك القاعدة الفنية تنطبق تماماً على صوفيا لورين ،فقد تمكنت من خلال أعمالها في السينما الإيطالية من جذب أنظار صناع السينما في هوليوود، وتحديداً شركة بارامونت بيكتشرز، التي قررت استقطابها ووقعت معها لتقديم أكثر من فيلم سينمائي ابتداءً من عام 1958م، كان أولهم فيلم الرغبة تحت أشجار الدردار Desire Under The Elms عام 1958م، وقد حقق الفيلم نجاحاً كبيراً في شباك التذاكر كما أشاد النقاد به وبأداء لورين، فكان من الطبيعي أن تستثمر الجهة المنتجة هذا النجاح وتتعاون مع لورين في تجربتها العالمية الثانية وكانت فيلماً بعنوان هيلر ترتدي جوارب وردية Heller in pink tights وقد تم عرضه تجارياً في عام 1960م.
العالمية :
مع بداية عقد الستينيات صارت صوفيا لورين واحدة من أكثر نجمات السينما شعبية في العالم، حيث قدمت عدد كبير من الأعمال السينمائية الناجحة التي حققت نجاحاً عالمياً، وكانت كبرى شركات الإنتاج في هوليوود تسعى إلى التعاقد معها حتى أنها كانت تقدم في العام الواحد 4 : 5 أفلام، ولكن يُحسب لها أن كم الأعمال لم يؤثر على مضمونها، أي أنها رغم مضاعفة نشاطها الفني وغزارة إنتاجها كانت تنتقي أدوارها بعناية، فاستطاعت بذلك مضاعفة شعبيتها والحفاظ على بريقها إلى أن تربعت على عرش سينما الستينيات والسبعينيات، وبرهنت على ذلك بتقاضيها مبلغ مليون دولار نظير مشاركتها في فيلم سقوط الاميراطورية الرومانية The Fall of the Roman Empire لتكون بذلك الممثلة صاحبة الأجر الأعلى في تلك الفترة.
الجوائز والتكريمات :
نالت صوفيا لورين خلال مسيرتها الفنية العديد من الجوائز والتكريمات الفنية، من أبرزها الآتي:
- جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة في دور رئيسي عام 1962م عن فيلم امرأتان Two women
- جائزة بريميم إمبريال الفنية
- جائزة الدب الذهبي من مهرجان برلين السينمائي الدولي
- جائزة الأوسكار الشرفية عن مُجمل أعمالها عام 1991م
تأثيرها وإنجازها :
استطاعت صوفيا لورين أن تخلد اسمها في تاريخ السينما باعتبارها إحدى أيقوناته، فهي النجمة التي استطاعت التربع على العرش طيلة عقدين من الزمان، كانت خلالهما الأكثر شعبية والأعلى أجراً، كما لعبت دور بارز في الوصول بالفيلم الأوروبي إلى سوق العالمي الذي كانت تحتكره السينما الأمريكية في تلك الفترة وتفرض سيطرتها عليه، وذلك من خلال مشاركتها في العديد من الأفلام البريطانية والإيطالية وهي في قمة مجدها.
حياتها الشخصية :
التقت صوفيا لورين بزوجها كارلو بونتي للمرة الأولى في عام 1950م أثناء مشاركتها في مسابقة ملكة الجمال، وبعد سبعة أعوام من تاريخ ذلك اللقاء أي عام 1957م تقدم بونتي بطلب الزواج منها، ولكن لم يتمكنوا من إتمام إجراءات الزواج بالشكل الطبيعي نظراً لأن بونيتي بتلك الفترة كان متزوجاً والكنيسة ترفض منحه تصريحاً بتطليق زوجته، فتحايلا على الأمر وتزوجا بطريقة الوكالة مما جعل الكنيسة الكاثوليكية في إيطالية تدين زواجهما وترفض الاعتراف بشرعيته.
في عام 1962م تمكن الزوج كارولو بونتي من الحصول على حكماً من المحكمة بتطليق زوجته الأولى، وبعد خمسة أعوام أعاد إجراءات الزواج من صوفيا لورين مرة أخرى في فرنسا ليصبح زواجهما مدنياً، وقد رُزق الزوجان بابنين هما إدوارد بونتي وكارلو بونتي الابن.
صوفيا لورين .. أين هي؟
ابتداءً من فترة الثمانينات شهد معدلات إنتاج صوفيا لورين الفني تراجعاً ملحوظاً، فانخفضت أعداد الأفلام السينمائية التي تقدمها بصورة تدريجية، حتى صارت تقدم عملاً واحداً كل بضعة أعوام، ولكن ذلك ليس لتراجع شعبيتها أو عزوف المنتجين عن التعاقد معها، إنما هي كانت صاحبة القرار كي تتمكن من الوفاء بالتزامتها الأسرية والتي كانت تخل بها نتيجة انشغالها الدائم.
تحرص صوفيا لورين على الظهور بمختلف الفاعليات السينمائية الكبرى، ومتى ظهرت انجذبت إليها الأنظار والكاميرات، فهي رغم قلة مشاركتها بالأعمال الفنية خلال العقدين الماضيين لم تتأثر شعبيتها ولا يزال نجمها محتفظ ببريقه، وآخر أعمالها كان فيلم قصير بعنوان Human Voice والذي تم عرضه في عام 2014م.
أضف تعليق