أهمية ميشيل أوباما لا تنبع من كونها قرينة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ، لعل هذا الزواج كان سبباً في شهرتها وتسليط الضوء عليها، بينما أهميتها وفاعليتها فقد كانت نتاج ما بذلته من مجهود في مجالات العمل العام والتطوعي، وما زاد من احترام الشعب الأمريكي لها هو أن نشاطها في هذه المجالات لم يكن وليد الصدفة ولم تمارسه بصفتها سيدة أمريكا الأولى، بل أن تاريخ النشاط السياسي والاجتماعي لـ ميشيل أوباما يعود لسنوات بعيدة تسبق حتى أول لقاء جمع بينها وبين زوجها، الذي كان لها دور بارز في وصوله إلى البيت الأبيض.
ميشيل أوباما .. من تكون ؟
ميشيل أوباما هي أول أمريكية ذات أصول إفريقيا تسكن البيت الأبيض وتحمل لقب السيدة الأولى بجانب أنها من أكثر الشخصيات العامة شعبية في الولايات المتحدة.. فترى كيف بلغت الأولى؟ ولماذا حظيت بالثانية؟
الميلاد والأسرة :
في السابع عشر من يناير لعام 1964م وُلِدت ميشيل أوباما وحملت عند ميلادها اسم ميشيل لافاجهن روبنسون، وكان ذلك في مدينة شيكاغو التابعة لولاية إلينوي الأمريكية. نشأت ميشيل في كنف أسرة أمريكية مسيحية بروتستانتية تنتمي إلى الأمريكان الآفارقة ممن سكنوا جنوب الولايات المتحدة قبل الحرب الأهلية الأمريكية، وكان جدها الأكبر واحد ممن عانوا من الاسترقاق حيث كان عبداً في إحدى مزارع كارولينا الجنوبية.
كانت أسرة ميشيل أوباما متوسطة الحال من الناحية المادية، حيث أن والدها فرازير لافاجهن روبنسون يعمل موظفاً في محطة المياه الرئيسية في المدينة، كما كان عضواً عاملاً في الحزب الديمقراطي الأمريكي، أما والدها ماريان شيلدز فقد كانت موظفىة في أحد متاجر شيكاغو، ولميشيل شقيق واحد يعتبرها مثل أعلى له والتحق بجامعة بريستون اقتداءً بها ويعمل حالياً مدرباً لكرة السلة.
الدراسة وتأثرها بوالدها :
كانت ميشيل أوباما شديدة التأثر بوالدها ويمكن القول بأنه أكثر الشخصيات المؤثرة في حياتها، فبداية تأثرت بأفكاره السياسية وساهم في تشكيل وعيها السياسي في وقت مبكر جداً من عمرها، كما أنه كان يحثها على الالتزام الدراسي ويدفعها إلى التفوق، وتقول ميشيل أن إصابة والدها بمرض التصلب المتعدد كان دافعها الأول لاستكمال مسيرتها الدراسية، حيث أنها كانت تسعى للتفوق كي تسعده.
عانت ميشيل أوباما من النظرة العنصرية لها بسبب أصولها الإفريقية خلال فترة دراستها الثانوية في كاليفورنيا، لكن هذا لم يثنها عن متابعة مسيرتها، ثم التحقت بجامعة بريستون وتخصصت في دراسة علم الاجتماع واللغة الفرنسية، ثم انتقلت بعد ذلك إلى جامعة هارفارد وحصلت منها على شهادة في القانون عام 1988م.
العمل بالاستشارات القانونية :
بعدما أنهت ميشيل أوباما دراستها في جامعة هارفارد قررت أن تعمل في مجال القانون، وتمكنت من الحصول على وظيفة في إدارة الاستشارات القانونية التابعة لشركة سيدلي أوستن، وتمكنت ميشيل خلال فترة وجيزة من إثبات جدارتها بالوظيفة، وصارت واحدة من أعضاء طاقم القانونيين الرئيسي في الشركة.
يذكر أن أول لقاء بين ميشيل وباراك أوباما كان داخل تلك الشركة، حيث كان هو الآخر يعمل في إدارة الاستشارات القانونية، وكان هو الأمريكي الوحيد صاحب الأصول الإفريقية في إدارة الاستشارات القانونية، وهذا ساعد على تقاربهم بصورة أكبر وأسرع حيث كانت علاقتهما بزملائهم البيض تتسم بشىء من الفتور.
نشاطها المدني :
منذ أن كانت ميشيل أوباما طالبة في المدرسة الثانوية وهي تعمل في مجال العمل المدني، فقد كانت تشارك دائماً في الأعامل الخيرية والتطوعية، وفي عام 1993م بعد تخرجها من الجامعة شغلت منصب المدير التنفيذي لمكتب منظمة Public Allies في شيكاغو، وهي منظمة غير ربحية تسعى إلى توعية الشباب وتشجيعهم على المشاركة في العمل التطوعي والاهتمام بالقضايا الاجتماعية، وقد أرست ميشيل خلال فترة عملها قواعد نظام جمع التبرعات وهو لا يزال حتى اليوم معتمد من قبل المنظمة رغم مغادرة ميشيل لها.
في عام 1996م شغلت ميشيل أوباما منصب العميد المساعد للخدمات الطلابية في جامعة شيكاغو الأمريكية وأسست مركز خدمة المجتمع الجامعي، وفي ذات الوقت دأبت على المشاركة في مختلف الأنشطة الخيرية وحملات جمع التبرعات المختلفة.
ميشيل أوباما .. السيدة الأولى :
كانت ميشيل أوباما في البداية متحفظة على قرار ترشح زوجها للانتخابات الرئاسية، تخوفاً من أن يكون لذلك تأثير سلبي على أطفالهم، ولكنها اقتنعت بالأمر في النهاية وقررت دعم زوجه خلال حملته الانتخابية الرئاسية في 2008م.
شاركت ميشيل أوباما في مختلف المؤتمرات والفاعليات التي أقيمت خلال فترة ترشح زوجها لمنصب الرئيس، كما أجرت العديد من اللقاءات التلفزيونية التي تحدثت فيها عن زوجها وتاريخه السياسي، ويرى المحللون أن دعم ميشيل كان من الأسباب الرئيسية التي جذبت أصوات الناخبين لزوجها وأوصلته إلى البيت الأبيض، وتكرر الأمر في عام 2012م خلال حملة إعادة انتخاب الرئيس لولاية ثانية.
ميشيل .. أماً وزوجة :
رغم أن ميشيل أوباما كانت الداعم الأول لباراك أوباما طوال مسيرته السياسية، إلا أن كان أكثر ما يؤرقها هو أن كلما تقلد زوجها مناصباً أعلى، كلما تم تسليط الضوء على حياته الأسرية الخاصة، وصرحت بذلك في أحد اللقاءات التلفزيونية، حيث قالت أن حياتهما صارت كتاباً مفتوحاً يمكن لأي مواطن أمريكي الاطلاع عليها.
كانت ميشيل قد تزوجت من باراك في أكتوبر 1992م، ورُزقا بابنتين هما ماليا أوباما المولودة في 1998م وناتاشا أوباما المولودة في عام 2001م، وقد ذكر أوباما زوجته في العديد من الأحاديث الصحفية التي أجريت معه، ووصفها بالمخلصة والداعمة وشريكة الرحلة، كما توجه إليها بالشكر والامتنان لكل ما فعلته من أجله ومن أجل بناته، فرغم انشغالها بالكثير من الأعمال التطوعية لم تخل يوماً بواجباتها تجاه الأسرة كأم وزوجة، وذكر مازحاً أن شرطها الوحيد للموافقة على ترشحه للرئاسة هو أن يقلع عن التدخين.
تأثيرها وإنجازها :
تحظى ميشيل أوباما بشعبية كبيرة في الأوساط الأمريكية، فهي في نظرهم نموذجاً للمرأة المثالية، المرأة التي استطاعات إحداث توازن ما بين التزاماتها تجاه أسرتها وواجبها تجاه وطنها ومجتمعها، واكتسبت أهميتها ومكانتها من أعمالها وتأثيرها وليس من خلال منصب زوجها الرئاسي.
مقارنتها مع ميلانا ترامب :
كلما أجريت انتخابات الرئاسة الأمريكية عُقدت العديد من المقارنات، أبرزها المقارنة بين المرشحين والمقارنة بين الرئيس المنتهية ولايته والرئيس الفائز بالمنصب، لكن الانتخابات الأمريكية في 2016م شهدت مقارنة من نوع آخر، وهي المقارنة بين السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما والسيدة الأولى الحالية ميلانا ترامب.
بدأ الأمر بقيام أصحاب الأفكار العنصرية بالسخرية من ميشيل أوباما بسبب لونها ومقارنتها مع زوجة دونالد ترامب البيضاء، مما تسبب في إثارة جدل عالمي حول المرأتين كانت نتائجه في صالح ميشيل، حيث رأى الأغلبية أن ليس كل زوجة رئيس تستحق لقب السيدة الأولى، بل لابد أن تكون على درجة عالية من العلم والثقافة والرقي كي تستحق حمل هذا اللقب الرفيع، وأن ميشيل أوباما كانت سيدة أولى بمعنى الكلمة فهي حاصلة على شهادة جامعية مرموقة بجانب تاريخها الحافل في النشاط السياسي والمجتمعي، في حين ميلانا ترامب فتاريخها بالكامل يتلخص في عملها كموديل في عروض الأزياء وأغلفة المجلات، مما يجعل الأولى هي الأنسب لحمل اللقب والأحق به.
أضف تعليق