المهندس هاني عازر هو مهندس مصري. وُلِد في سنة 1948 (بعض المصادر تدعي الحادي عشر من نوفمبر 1949م)، بمدينة طنطا التابعة لمحافظة الغربية بمصر. نشأ هاني عازر في كنف أسرة مصرية مسيحية بسيطة، ودرس بالمدارس العامة التابعة لقريته، قبل أن ينتقل إلى القاهرة ليلتحق بجامعة عين شمس، ويتخصص في دراسة علوم الهندسة المدنية.. ويُعد عازر اليوم في نظر الشعب الألماني بطل قومي، وهو المهندس المدني الأكبر شعبية في أرجاء القارة الأوروبية بأكمالها، والسؤال هنا هو : لماذا؟ وما الإنجاز الذي حققه فأكسبه هذه المكانة الرفيعة؟
هاني عازر .. من هذا ؟
المهندس هاني عازر هو واجهة مشرفة للعرب في أوروبا، يلقبه الشعب الألماني بالفرعون العبقري أو أبو الهول المصري. فكيف كانت مسيرته المهنية؟ وما سر الشعبية الطاغية التي يحظى بها في ألمانيا؟
انتقاله إلى ألمانيا :
في أوائل السبعينات وتحديداً في عام 1975م انتقل المهندس هاني عازر إلى ألمانيا، وذلك بفضل تفوقه الدراسي ولشغفه الشديد بالهندسة، وعليه قرر أن يستكمل دراسته في جامعاتها، وهنا التحق بصفوف جامعة بوخوم الألمانية، ومنذ العام الأول أيقن عازر بإنه قد اتخذ القرار الصحيح، وإنه كان ينقصه الكثير من العلوم الهندسية، زودته بها جامعة بوخوم واستمر تفوقه طيلة سنوات دراسته بها.
عشق الأنفاق :
درس هاني عازر علوم الهندسة المدنية بصفة عامة، ولكنه عشق علوم هندسة الكباري والأنفاق والصرف الصحي وما يشابههم، والسر في ذلك هو إنه كان يبحث عن الحقل الأصعب، الحقل الذي يمكنه من خلاله الكشف عن قدراته وإبراز عبقريته الهندسية، فرأى عازر إن البناء والتعمير فوق سطح الأرض أمر يسير، نسبة الخطأ فيه محدودة ومخاطره معروفة ويسهل تفاديها، أما التحدي الحقيقي فيكمن في العمل تحت سطح الأرض، فذلك هو العمل الهندسي الذي يحتاج إلى الإبداع والأفكار الخلاقة، وتجاوزت الصعوبات التي تواجهه أثناء العل أحياناً والتي لا تكون موضوعة بالحسبان.
عبقرية المشروع الأول :
فور تخرج هاني عازر من جامعة بوخوم الألمانية، تمكن -بفضل تفوقه- من الحصول على فرصة عمل لدى شركة بولنسكي للمقاولات، وفي عام 1979م أسند إليه من خلالها مشروع حفر نفق مترو دورتموند، وكانت مهمة شاقة وصعبة ومحفوفة بالمخاطر، وذلك لأن النفق كان يمر عبر منطقة مناجم الفحم، أي أن التربة غير مستقرة ومعرضة للانهيار في كل لحظة، فجاءت لعازر فكرة أن يقوم بعمل نفق حديدي مرن، بنفس آلية عمل آلة الأكورديون الموسيقية، فالنفق نفسه يتسم بالمرونة وبالتالي لا يتأثر باهتزازات الأرض عند مرور القطارات من خلاله، وكانت هذه هي المرة الأولى التي تستخدم بها تلك التقنية في ألمانيا، فانجذبت الأنظار إلى المهندس الشاب هاني عازر ،وصار منذ ذلك الحين عضواً رئيسياً بفريق عمل المشروعات الضخمة، ومنها مشاركته في مشروع إعادة بناء وتطوير مطار برلين الجوي.
المعجزة الهندسية :
المعجزة الهندسية الحقيقية التي قام بها هاني عازر ،والتي نتجت عنها شهرته وتحققت بها شعبيته الطاغية في ألمانيا وأوروبا ككل، فهي تتمثل في تنفيذه لمشروع تطوير محطات سكك حديد برلين، والذي تأجل لمدة سبع سنوات تقريباً بسبب عجز المهندسين الألمان عن إيجاد حلول للعوائق التي واجهتهم، والتي تتمثل في طبيعة التربة ومرور القطارات بنهر سبراي، بجانب إن خطوط السكك الحديدية تمر بمناطق حيوية من غير الممكن أن يتم تعطيلها، وفي 2001م تم إسناد المشروع إلى المصري هاني عازر فأحدث معجزات فوق الأرض وتحتها هي حديث ألمانيا حتى يومنا هذا.
يكفي القول إن عازر قام بتحويل مجرى نهر سبراي وإحداث منحنى بمساره بمقدار 70 متراً، وذلك كي يتمكن من بناء نفق أسفله، والمعجزة لا تتمثل في تحويله لمسار النهر بل في إنه أعاده لمساره الطبيعي مرة أخرى بعد إتمام العمل، والأهم إن كل ذلك قد تم دون أن تتوقف حركة الملاحة بالنهر يوم واحد، وفي عام 2006م وقبل بدء بطولة كأس العالم لكرة القدم المقامة بألمانيا تم افتتاح المشروع، والذي كان حديث العالم أجمع آنذاك.
حياته الخاصة :
بعد انتهى المطاف بالمهندس هاني عازر بأرض ألمانيا، التقى هناك بفتاة ألمانية ونشأت بينهما علاقة صداقة، سرعان ما تحولت إلى قصة حب، كللت في النهاية بإتمامهما الزواج، وحين يتحدث المهندس هاني عازر فإنه يظهر لها الكثير من الاحترام والامتنان والتقدير، ويرى إن وصف “زوجة” لا يفيها حقها، فهي كانت بالنسبة له زوجة مثالية واستثنائية، يصفها دوماً بإنها (رفيقة الدرب)، ويقول إنه كان دائم الانشغال بأعماله وطموحاته ولم يمنحها الكثير من الوقت، ولكنها بدلاً من أن تتذمر أو تشكو كانت تسانده وتحثه على المضي قدماً.
يقول هاني عازر إن النساء الألمانيات بصفة عامة يحبون أن يخصص الأزواج لهن بعض الوقت، وإن أكثر السبب الأكثر شيوعاً للانفصال هناك يرجع لكثرة انشغال الزوج، ولهذا فإن زوجته -في نظره- قد تحملت ما لم تتحمله سواها، كما إنها كانت تهيأ له الأجواء المناسبة لعمله، وإنه ما كان يعرف للراحة طعماً إلا حينما يعود للبيت، وباختصار فإن مقولة وراء كل عظيم امرأة عظيمة، تنطبق تماماً على حالة المهندس المصري هاني عازر وزوجته.
مشروع شتوتجارت :
ثقة الإدارة الألمانية بصفة خاصة والحكومات الأوروبية بصفة عامة في المهندس المصري هاني عازر هي ثقة مطلقة، لم تأت من فراغ بل هي نتاج النجاحات العديدة والعظيمة التي حققها على مدار تاريخه المهني، ولهذا حين شرعت الحكومة الألمانية إلى تنفيذ مشروع محطات قطار بمدينة شتوتجارت عاصمة ولاية بادن فورتمبرج، كان اسم هاني عازر هو اسماء المهندسين التي قفزت إلى أذهانهم، وبذلك وجد المهندس هاني عازر نفسه أمام تحدي أكبر، إذ أن ضخامة ذلك المشروع المزمع ضخامته تماثل ثلاث أضعاف مشروع تطوير محطات قطار برلين تقريباً.
محطات شتوتجارت .. الأضخم عالمياً :
بقبول المهندس هاني عازر تولي مسئولية الإشراف على تنفيذ مشروع شتوتجارت الألمانية، صار المهندس المشرف على المشروع الهندسي الأضخم في العالم، فبداية التنفيذ من المشروعات طويلة الآمد، فوفقاً للخطة الموضوعة والجدول الزمني فإن الانتهاء منه سيكون في عام 2019م، أما من حيث الطول والمساحة فإن أنفاق شتوتجارت سيكون طولها في متوسط 240 كيلو متراً تقريباً، أما عن التكلفة فالحكومة الألمانية قد رصدت لذلك المشروع ميزانية تقدر بقرابة عشرة مليار يورو.
وقد صرح المهندس المصري هاني عازر في عدد من اللقاءات، إنه حين اطلع على فكرة المشروع المراد منه تنفيذه، انتباه شعوراً بالتوجس والقلق، وفكر بالفعل في أن يتراجع عنه ويعتذر عن تنفيذه، ولكنه حين أخبر رؤساءه بذلك أخبره بإنه يحق له الاعتذار عن المشروع، لكنه إن فعل ذلك فلن يكون هاني عازر الذي عرفوه طيلة حياتهم، والذي يبحث دوماً عن المستحيل كي يحطمه والصعب كي يحققه، وقد استفزه قولهم وحمسته شهادتهم في حقه فقبل تنفيذ المشروع، والذي يجري العمل به حالياً على قدم وساق، ومن المنتظر أن يقدم هاني عازر في 2019م للعالم معجزة هندسية جديدة.
إنجازه وأثره :
المهندس هاني عازر هو كما يلقبه الألمان أبو الهول المصري أو الفرعون، هو المهندس المدني الأشهر حول العالم ويعتبر رائد في مجال حفر الأنفاق، تمكن على مدار سنوات نشاطه المهني من ابتكار أساليب هندسية جديدة، لم يسبق لأحد غيره استخدامها، ومشروعاته اليوم تدرس بكبرى كليات الهندسة حول العالم.
تكريم ميركل :
في شهر مايو 2006م وبعد افتتاح مشروع سكك حديد برلين، تم تكريم المهندس المصري هاني عازر من قبل أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية، وذلك بمنحه وسام الجمهورية الألمانية من الطبقة الأولى، تعبيراً عن امتنانها له هي والشعب الألماني بالكامل، كونه من استطاع أن يحول حلمهم إلى حقيقة على أرض الواقع، بعد أن ظل مشروعهم القومي الأكبر حبيس الأدراج طيلة سبع سنوات، لعجز مهندسي أوروبا عن إيجاد وسيلة مناسبة لتنفيذه.
أضف تعليق