جيمي ويلز هو الشخص الذي يدين له بالفضل أكثر من 90% من طلبة المدارس أو الجامعات حول العالم.. بهذه العبارة قدم أحد المذيعين ضيفه جيمي ويلز أثناء مقابلة أجراها معه، وهو بنسبة كبيرة صادق ودقيق في وصفه، ففي السنوات الأخيرة وفي خضم الثورة التكنولوجية التي يشهدها عالمنا، صارت مواقع شبكة الإنترنت واحدة من مصادر المعلومات الرئيسية، وموقع موسوعة ويكيبيديا يعد هو الأشهر من بين تلك المواقع، التي يعتمد عليها عدد هائل من الطلبة حول العالم في إعداد أبحاثهم وإنجاز واجباتهم، و جيمي ويلز هو الجندي المجهول الواقف وراء ذلك الموقع الموسوعي غير الربحي.
جيمي ويلز .. من هذا :
جيمي ويلز هو أحد أشهر رواد الأعمال التجارية والمجتمعية في الولايات المتحدة والعالم، يرجع له الفضل في تأسيس أبكر موقع موسوعي على شبكة الإنترنت وهو ويكيبيديا، فكيف جاءت إليه الفكرة؟ وكيف نفذها؟ وكيف كانت مسيرته من البداية وحتى صار الأشهر في عالم الإنترنت، ومنافس مارك زوكربيرغ -مؤسس فيس بوك- الأول.
الميلاد :
ولد جيمي ويلز واسمه بالكامل جيمي دونال ويلز في مدينة هانستفيل بمقاطعة ماديسون بوسط ولاية ألاباما الأمريكية، ووفقاً للمثبت بالأوراق الرسمية فإن ويلز قد ولد في الثامن من أغسطس عام 1966م، بينما صرح هو بأكثر من لقاء إعلامي إنه ولد بالسابع من أغسطس، ولكن تأخر قيده بالسجلات لليوم التالي وأخطأ الموظف في تحديد اليوم، ولكنه لا يعترف بذلك الخطأ ويحتفل بعيد ميلاده في السابع من أغسطس من كل عام.
الأسرة :
نشأ جيمي ويلز في كنف أسرة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة، وتعتنق الديانة المسيحية الكاثوليكية، والده هو دونالد ويلز والذي كان يدير أحد محلات بيع منتجات البقالة في هانستفيل، أما والدته فهي السيدة آن دادلي، والتي كانت تعمل كمعلمة للأطفال بمدرسة صغيرة تملكها جدته لأمه وكانت تدعى إرما، ورغم إن المدرسة المملوكة للأسرة كانت صغيرة وتتكون فصل دراسي واحد، أشبه ما يكون بروضة للأطفال منها مدرسة، إلا إن والدته كانت تمارس عملها بها بحب، كونها في الأساس شغوفة بالعلم والمعرفة، وقد غرست حب الاطلاع في طفلها جيمي ويلز منذ نعومة أظافره، ويردد ويلز دوماً باللقاءات التي تجرى معه إنه تأثر بوالدته بشكل كبير.
الأم .. المدرسة الأولى :
تلقى جيمي ويلز تعليمه الأول على يد أمه السيدة آن دادلي، فبجانب تلقيه مبادىء القراءة والكتابة والحساب على يدها بالمنزل، فقد كان أيضاً طالباً -بشكل رسمي- بالمدرسة التي كانت تدريها مع جدته، ويقول ويلز إنه في البداية ظن إنه سيكون مدللاً بالصف الدراسي، باعتبار جدته هي من أنشأت المدرسة الصغيرة وأمه هي المعلمة المشرفة على الأطفال بها، لكن أمه لقنته درساً في الانضباط والالتزام، حيث كانت تفصل تماماً بين صفتها الشخصية وصفتها العملية، وهذا لا يعني إنها كانت قاسية معه، بل على العكس كانت حنونة وعطوفة تماماً، ولكنها كانت كذلك مع كافة الطلبة، فلم تشعره بإنه مميز عنهم في شىء، وكان هذا هو الدرس الأول والذي في نظر جيمي ويلز أهم من دروس القراءة والحساب، فقد علمته الالتزام وأرست في نفسه مبادئ العملية، وهو الأمر الذي أعانه على تحقيق ذاته عند دخوله إلى الحياة العملية فيما بعد.
الدراسة الأكاديمية :
مراحل تعليم جيمي ويلز بالكامل كانت بمسقط رأسه بمدينة هانستفيل، حيث حضر بصوف مدرستي راندولف والجامعة الإعدادية، وبعد إتمامه دراسته الثانوية انضم إلى جامعة أوربون بولاية ألاباما وتخصص في دراسة التمويل وحصل منها على درجة البكالوريوس، ثم حصل على درجة الماجستير بذات التخصص من جامعة ألاباما، وبعد أن بدأ في إعداد رسالة الدكتوراه، تراجع عن تلك الخطوة وأهملها كلياً بسبب الملل، ورغبته في خوض التجربة العملية عوضاً عن تلقي العلم.
عمله :
انتقل جيمي ويلز إلى ولاية شيكاغو الأمريكية في آواخر الثمانينات، وبها بدأ مسيرته العملية وعمل كتاجر لأنواع متعددة من البضائع، وخلال سنوات قليلة حقق أرباح خيالية، وبحلول عام 1996م كان قد أصبح أحد رجال الأعمال المعروفين بولاية شيكاغو، وكان ويلز ممن أصابهم هوس الإنترنت، وفكر في كيفية استغلاله في الأعمال التجارية، فقام بمشاركة اثنين من أصدقائه هما تيم شيل وسايلنت بارتنر بتدشين موقع بوميس الإلكتروني، والذي كان يقدم مواد مصورة موجهة للبالغين أي إنه كان موقعاً إباحياً، وهو أمر غير مُجرم في القانون الأمريكي، وحقق ويلز وشركائه أرباح كبيرة نظير بيع تلك المواد المصورة وكذلك من خلال وضعهم للإعلانات على موقعهم، وجدير بالذكر إن ويلز في وقت لاحق قد أغلق ذلك الموقع، وتوقف عن العمل بالمواقع التي تبث محتوى غير أخلاقي.
نيوبيديا :
قد يُصدم البعض عند علمهم بأن الموسوعة العلمية الأشهر والأوسع انتشاراً في العالم، تم تمويلها في بادئ الأمر من أرباح المواقع الإباحية، ولكنها الحقيقة التي لا ينكرها جيمي ويلز ذاته، ويقول إن كان هدفه إقامة مشروع مجتمعي غير ربحي عبر الإنترنت، واستغل ارباح موقع بوميس الإباحي في تدشين موسوعته الأولى، والتي أطلق عليها اسم نيوبيديا، وكان ذلك في مطلع عام 2000م.
تأسيس ويكبيديا:
ولكنه اكتشف إن المواضيع التي تتضمنها موسوعته تحتوي على أخطاء كثيرة، فأيقن بأن عدد المحررين والمدققين العاملين بالمشروع غير كافي لتحقيق طموحاته، وفي العام التالي مباشرة قرر إنشاء موسوعة أخرى، لتسد عجز نيوبيديا وتكون أكثر دقة وتقدم خدمة أفضل، وتمكن من إقناع عدد من رجال الأعمال بمشاركته مشروعه المزمع، وكان أبرزهم لاري سانجر الذي تحمس لفكرة تدشين ويكيبيديا، واختار الشركاء جميعاً جيمي ويلز ليكون المسئول عن ترويج المشروع والتحدث باسمه، وخلال سنوات قليلة تالية نمت ويكيبيديا، وتم توفير المواد المتاحة من خلالها بأكثر من عشرين لغة، ليستفيد منها النسبة الغالبة من سكان العالم، وفي زمن قياسي حققت ويكيبيديا شهرة عالمية، وصارت هي الموسعة الأهم والأشهر على شبكة الإنترنت.
إنجازه :
إنجاز جيمي ويلر لا يتمثل في إنشاء موسوعة ويكيبيديا على الإنترنت، فهو لم يقم بذلك منفرداً وكان له العديد من الشركاء، ولكن يتمثل في إيمانه بتلك الفكرة وترويجه لها، وإسهاماته العديدة في الارتقاء بها، وبمستوى الخدمة المعلوماتية التي تقدمها بشكل مجاني 100%، وخلال سنوات قليلة صارت ويكيبيديا واحدة من أشهر المؤسسات غير الربحية في العالم، وتعد اليوم أحد أهم مصادر معلومات بالنسبة لملايين البشر بمختلف بقاع العالم.
حياته الخاصة :
على الجانب الشخصي فقد خاص جيمي ويلز تجربة الزواج ثلاث مرات، وكان ويلز في العشرين من عمره تقريباً حين تزوج للمرة الأولى من باميلا جرين، ثم في أوائل التسعينات التقى بكريستين روهان ونشأت بينهما علاقة عاطفية، انتهت بالزواج الذي لم يستر لفترة طويلة قبل أن يقررا الانفصال، وقد أنجب جيمي ويلز من هذه الزيجة ابنته الأولى، أما زوجته الثالثة فهي كيت جارفي والتي أعلن زواجه منها في عام 2012م، ورُزق منها بابنتين.
تكريم جيمي ويلز :
تلقى جيمي ويلز العديد من الجوائز والتكريمات، تقديراً لمجهوداته في نشر الثقافة والوعي، ومحاولة خلقه لمصدر معلومات عام وشامل ومفتوح المصدر، أي يقدم خدماته المعلوماتية بشكل مجاني تماماً عبر الإنترنت، ومن أهم التكريمات التي نالها ويلز ما يلي :
- انضم إلى قائمة مجلة التايم لأكثر 100 شخصية تأثيراً في العالم عن عام 2006م
- جائزة الابتكار السنوية من مؤسسة نوكيا في 2009م.
- وسام بور اليونيسكو في 2013م.
- حصل على درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة ماستريخت في 2015م، وحصل على شهادة مماثلة من جامعة لوفان الكاثوليكية في 2016م.
أضف تعليق