وينتروث ميلر هو أحد ألمع نجوم التلفزيون الأمريكيين، والغالبية تعرفه باسم ميكل سكوفيلد وهو اسم الشخصية التي جسدها ضمن أحداث مسلسله الأشهر بريزون بريك، تأخرت نجومية وينتروث ميلر كثيراً، فعلى الرغم من إنه بدأ رحلته مع الفن في عام 1995م، إلا إنه لم ينال نصيباً من الشهرة إلا في عام 2005م بتقديمه لشخصية سكوفيلد، والغريب إن تلك الشهرة التي غابت طويلاً حين تحققت كانت شهرة طاغية، وبين ليلة وضحاها بات العالم بأسره يعلم من هو صاحب شخصية المهندس العبقري سكوفيلد.
وينتروث ميلر .. من هذا :
ما ذكرناه عن شهرة وينتروث ميلر وكيف تحققت وانقلبت حياته من النقيض للنقيض، يجعل منه ظاهرة فريدة قلما تتكرر، الأمر الذي يفرض علينا التوقف أمامه ونطرح سؤال.. من هذا ؟
الميلاد :
يتمتع وينتروث ميلر بالجنسيتين الأمريكية والإنجليزية، وذلك لإنه على الرغم من أن أبوية أمريكيين، إلا إنه قد ولد على أراضي بريطانية وتحديداً في مقاطعة أوكسفوردشاير الجنوبية، وكان ذلك في الثاني من يونيو لعام 1972م، والده هو إيرل ميلر وهو رجل قانون، أما والدته ماري ميلر فقد كانت مُعلمة خاصة، ووينتروث هو الطفل الأول لوالديه، أما عن اسمه الذي يبدو مُعقداً وثقيل النطق بعض الشئ، فقد كان من اختيار جدته لأمه، وله شقيقتان أصغر منه سناً هما لاي وجيليان، وبالنظر إلى التاريخ العائلي لميلر سنجد إنه يندرج من جنسيات مختلفة وديانات متعددة، فوالده من أصول إفريقية إنجليزية وكان يهودي الديانة، أما بالنسبة للأم فهي مسيحية وأصولها تعود إلى فرنسا وروسيا.
النشأة والتعليم :
حين أتم وينتروث ميلر عامه الأول كان قد انهى والده دراسته للقانون بإنجلترا، فقررت الأسرة العودة إلى الولايات المتحدة والاستقرار بها، وبالفعل قامت الأسرة باستئجار منزل في مقاطعة بارك سلوب بمدينة بروكلين التابعة لولاية نيويورك الأمريكية، وبها نشأ وينتروث وألحقه والده بمدرسة “مديوود” في بروكلين، وخلال سنواته الأولى بالمدرسة لاحظ المعلمون إن الطفل يملك حساً فنياً مرهفاً، وقد أحب في البداية الموسيقى فانضم إلى فريق عازفي المدرسة، ورغم ما حققه من نجاحات في المسابقات المدرسية إلا إنه اضطر في وقت لاحق إلى مغادرة الفريق، وذلك لأن عائلته قد انتقلت إلى ولاية بنسلفانيا، وهناك التحق بالمدرسة الثانوية، وأول ما فعله حينها هو بحثه عن الفرق الفنية بالمدرسة والانضمام إليها، وفي هذه المرة اختار الفرق المسرحية، إذ كان بدء يميل أكثر لفكرة كونه ممثلاً عنه موسيقياً.. على عكس غالبية الموهوبين لم تؤثر هواية وينتروث على تفوقه العلمي، والفضل في ذلك يعود لأبويه، وهو ما مكنه من الالتحاق بجامعة برينستون، ولكن دراسته بها لم تكن بمنأى عن الفنون، إذ تخصص في دراسة الأدب الإنجليزي وحصل على درجة البكالوريوس.
الطريق الوعِر إلى النجومية :
في عام 1995م انتقل وينتروث ميلر إلى ولاية لوس أنجلوس الأمريكية، وهو واضع نصب عينيه هدف واحد متخذاً قراره بألا يحيد عنه، وهو أن يحول التمثيل من هواية إلى مهنة، ولكن الطريق نحو هدفه لم يكن ممهداً بالمرة، بل عانى في بداية الأمر من الرفض المتكرر، وبصعوبة بالغة وبعد عامين من المحاولة حصل على دوره الأول بأحد المسلسلات التلفزيونية، وكان دوراً بسيطاً لم تتعد مدته على الشاشة بضعة دقائق، ثم توالت أدواره التلفزيونية الصغيرة، ومع بداية الألفية الجديدة بدأ وينتروث ميلر أخيراً من خلال أدوار أبرز، مثل مشاركته في مسلسلات ER وRoom 302 وTime of your life.
بريزون بريك ونقطة التحول :
نجومية وينتروث ميلر الحقيقية والإنجاز الأبرز في مشواره الفني، بدأ في عام 2005م بانطلاق مسلسل بريزون بريك Prison Break، والذي لعب دور إحدى الشخصيتين الرئيسيتين ضمن أحداثه، وحقق المسلسل نسب مشاهدة مرتفعة جداً لم يستطع منافسته آنذاك سوى مسلسل Lost، وتم تصنيف المسلسل كأحد أفضل 10 أعمال درامية في تاريخ التلفزيون، ومن ذلك الحين تحول وينتروث من ممثل يؤدي الأدوار الثانية والثالثة، إلا نجم ذو شعبية طاغية في مختلف بقاع العالم.
وينتروث بعيداً عن الكاميرات :
حين تم سؤال وينتروث ميلر بأحد اللقاءات الصحفية عن الصفات التي تجمع بينه وبين شخصية ميكل سكوفيلد التي جسدها، قال بأنه ليس هناك ثمة عامل مشترك واحد بينهما، بل إن نمط حياتهما نفسه مغاير تماماً للآخر، فسكوفيلد كان على الأقل لديه حياة صاخبة مليئة بالإثارة، أما عن حياته هو الشخصية بعيداً عن الكاميرات والأضواء فقد وصفها بالمملة، معللاً ذلك بأنه من الأشخاص الذين لا يفضلون الخروج كثيراً من منازلهم، وإن حدث هذا فإنه يكون فقط لتناول العشاء برفقة الأصدقاء أو مشاهدة فيلم بالسينما، أما بخلاف ذلك فهو يعتبر نفسه شخص هادئ، لن يكون هناك مبالغة كبيرة إذا ما تم وصفه بالشخص المُنعزل.
شائعة مثليته :
انعزال وينتروث ميلر وهروبه من حياة الأضواء أغلب الوقت، جعل منه فريسة سهلة للشائعات، خاصة وإنه يحيط حياته الخاصة بسور منيع، فلا يمكن للمتطفلين من المصوريين اختراقه، ولا يتحدث هو عنها بإسهاب في أي لقاء صحفي أو تلفزيوني، فعلى عكس مشاهير التلفزيون والسينما في العالم، فإن علاقات ميلر النسائية وقصص الحب في حياته مجهولة بنسبة كبيرة، ولم يظهر بصحبة صديقة له في احتفالية فنية أو ما شابه، وما ازدياد شهرته وفي خضم النجاح الساحق الذي حققه مسلسل بريزون بريك، وتحديداً في عام 2007م، فوجئ وينتروث ميلر بأن الناس يتناقلون إشاعة مفادها إنه مثلي الجنس، وهو الأمر الذي نفاه تماماً في أول لقاء أجري معه بعد ذلك، مؤكداً على إنه لم يهتم بمثل هذه الشائعات طالما إن الناس مازالوا يشاهدون مسلسله، وأضاف بأن عدم اهتمامه بالرد على الشائعة في حينها راجع لعدم رغبته في إبداء الاهتمام بها وتضخيهما، مؤكداً للمرة الألف إن حياته الخاصة هي ملك له وحده.
في عام 2013م تكرر الاتهام بشكل أقوى، وذلك حين رفض وينتروث ميلر حضور إحدى الاحتفالات الروسية، اعتراضاً منه على مناهضة الدولة هناك لحرية المثيلين جنسياً، وهو ما نفاه ميلر أيضاً قائلاً بأن دفاعه عنهم لا يُعني إنه أحدهم، إنما هو فقط يرى إن الحرية مكفولة للجميع على كافة الأصعدة.
عقدة ميكل سكوفيلد :
خلال أحداث مسلسل بريزون بريك والذي تم تقديم منه أربعة مواسعة باهرة النجاح، جسد وينتروث ميلر شخصية المهندس المعماري ميكل سكوفيلد، الذي يقوم بوشم خريطة للسجن على جسده، ثم يرتكب جريمة عمداً ليتم القبض عليه والزج به في السجن، ليقوم بتهريب شقيقه لينكون بوروز الصادر بحقه حكماً بالإعدام، وقد حققت هذه الشخصية شهرة طاغية ربما لم تحققها أي شخصية أخرى في تاريخ الدراما التلفزيونية، وعلى الرغم إنها بذلك قد حققت طموح وينتروث ميلر الفني إلا إنها لم تحقق طموحه الشخصي، إذ إنه في كل مكان يذهب إليه حول العالم، يتجمهر الناس حوله لالتقاط الصور التذكارية والحصول على اوتوجراف منه، ولكن جميعهم يدعونه باسم مايكل سكوفيلد لا باسمها الحقيقي، وعلى الرغم من إنه كان دائم الابتسام في وجوه المعجبين، إلا إنه أعرب في وقت لاحق إن ذلك الأمر كان يصيبه بالضيق.
الجوائز :
الجوائز شأنها شأن الشهرة قد غابت عن وينتروث ميلر طيلة حياته الفنية، وحصل عليها من انطلاق أول مواسم أسطورة الدراما بريزون بريك، والذي نال عنه جائزة جولدن جلوب كأفضل ممثل في دور رئيسي، وهي واحدة من أرقى وأرفع الجوائز في عالم الفن، هذا بجانب العديد من الترشيحات لجوائز أخرى، وتصدره للعديد من أغلفة المجلات وقوائم استطلاعات الرأي.
وينتروث 2016 :
يعود وينتروث ميلر في عام 2016م مجدداً بقوة، فبعد أن ظهر كضيف شرف في مسلسل البطل الخارق The flash، والذي أدى خلاله شخصية الشرير كابتن جولد، قررت الشركة المنتجة تحويل شخصيته إلى شخصية رئيسية من خلال سلسلة حلقات منفصلة، ستصدر في يناير 2016م بعنوان أساطير الغد أو DC’s Legends of tomorrow، كذلك تسعى شركة فوكس لإعادة إحياء مسلسلها الأشهر بريزون بريك، من خلال تقديم موسم خامس قصير، سيُعيد وينتروث مجدداً لأداء شخصية ميكل سكوفيلد على الشاشة، وهو المسلسل الذي ينتظره الملايين حول العالم بفارغ الصبر.
أضف تعليق