فريد شوقي أو الملك أو ملك الترسو أو وحش الشاشة، اسم وألقاب عديدة جميعها تشير إلى شخص واحد، هو ذلك النجم السينمائي المصري الذي حافظ على مكانته لنصف قرن من الزمان، والذي عشقه البسطاء من الجمهور أو من يسمون بجماهير الدرجة الثالثة، ونصبوه ملكاً للسينما ووضعوه على عرش إيرادات شباك التذاكر، فما سر هذه الشعبية الطاغية التي حظي بها فريد شوقي ؟ وكيف كان طريقه إلى ذلك المجد الذي حققه؟.. أو بصيغة أخرى (من هذا؟)
فريد شوقي .. من هذا ؟
فريد شوقي هو من أثرى الحقل الإبداعي ممثلاً ومنتجاً ومؤلفاً، وهو من حصدت أفلامه العديد من الجوائز وحققت أضخم الإيرادات، فكيف كانت مسيرته نحو كل هذا؟
الميلاد والأسرة :
وُلِد فريد شوقي واسمه بالكامل فريد شوقي محمد عبده في الثلاثين من يوليو لعام 1920م، وذلك في منطقة البغالة التابعة لحي السيدة زينب بمحافظة القاهرة، ولفريد أصول تركية مصرية، فوالدته مصرية أما والده شوقي عبده فقد كان يندرج من أسرة تركية، وكان لـ فريد شوقي شقيق توأم يدعى أحمد، وقد عمل فيما بعد ضابطاً بالشرطة المصرية، وكان يتعرض دوماً لمواقف طريفة نتيجة تطابق مظهره مع مظهر شقيقه نجم السينما.
التعليم :
حين بلغ فريد شوقي سن الدراسة ألحقه والديه بمدرسة الناصرية الابتدائية، والتي حصل منها على الشهادة الابتدائية في عام 1937م، ثم واصل رحلته التعليمية حتى التحق بمدرسة الفنون التطبيقية، ومنها حصل على شهادة الدبلوم، وخلال تلك الفترة كان شغف فريد شوقي بالتمثيل قد تضاعف، وصار احترافه هو الحلم الأكبر بالنسبة له، وفور تخرجه بدأ يتردد على الفرق المسرحية واستوديوهات السينما، آملاً أن يجد من يمد له يد العون، ويضع قدمه على أول الطريق نحو عالم الشهرة والأضواء.
تأثره بالأحياء الشعبية :
لعب فريد شوقي من خلال الكم الهائل من الأعمال الفنية التي قدمها أدوار متباينة، وقدم شخصيات مختلفة ومتنوعة وأجاد تجسيدهم جميعاً بشهادة النقاد، إلا إنه احترف تقديم شخصية ابن البلد أو شخصية البطل الشعبي واشتهر بها، وفي الحقيقة إن سمات وخصائص الشخصيات الشعبية حُفرت داخل فريد منذ طفولته، وذلك لإنه تربى في أحد أحياء القاهرة العريقة ذات الموقع المتميز، فقد كان الحي الذي نشأ به يتوسط أحياء القلعة والحسين والغورية وباب الخلق، وبموهبته الفطرية راح فريد يتأمل شخصيات من حوله ويختزنها، ومن ثم صار من السهل عليه تجسيدها على الشاشة.
البدايات الفنية :
في عام 1946م تمكن فريد شوقي من الحصول على أول أدواره السينمائية، وقدمه يوسف وهبي للجمهور من خلال فيلم ملاك الرحمة، وتمكن فريد من خلال هذا العمل من جذب انتباه الجماهير وكذلك صُناع السينما، مما مهد له الطريق ليحصل على دوره الثاني في العام التالي مباشرة، وذلك حين اختاره المخرج حسن الإمام ليلعب دوراً بفيلم ملائكة في جنهم، وقد اغتنم فريد هذه الفرصة أيضاً وأجاد تجسيد الدور، ومن ثم توالت عليه العروض وتدرجت مساحة الأدوار التي تستند إليه، حتى صار في النهاية بطلاً للأفلام وأحد أبرز نجوم الشباك في عصره.
مشواره الفني :
كان فريد شوقي من الفنانيين ذوي الإنتاج الغزير، وخلال فترة احترافه للعمل الفني والمُقدرة بنحو نصف قرن، أثرى الساحة الفنية بالعديد والعديد من الأعمال، والتي تنوعت ما بين أفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية، وكذلك كان مولعاً بفن المسرح، وكان يحرص على تقديم عرضاً مسرحياً كل عدة سنوات، وتجاوز عدد الأفلام التي قدمها للسينما الـ300 فيلماً، وقد لعب في أغلبها دور البطولة، ومن أشهرها أفلام : الفتوة ورصيف نمرة 5 والأخ الكبير وشاويش نص الليل وحميدو وجعلوني مجرماً ويا رب ولد، كذلك قدم للتلفزيون قرابة الأثنى عشر مسلسلاً، أشهرهم البخيل وأنا وصابر يا عم صابر، أما عن المسرح فقد شارك في تقديم ثمانية عشر عرضاً مسرحياً، أشهرهم على الإطلاق مسرحية شارع محمد علي والذي شاركه بطولتها شريهان وهشام سليم والمنتصر بالله.
الجوائز والتكريمات :
نال فريد شوقي عدد هائل من الجوائز والتكريمات المحلية والدولية، واختلفت طبيعة الجوائز كما اختلفت المهام التي قام بها بالأعمال الفنية، فقد نال جوائز بصفته ممثلاً وتلك وهذه الجوائز تشكل النسبة الأكبر من مجموع جوائزه، كما نال جوائز أخرى بصفته منتجاً وكاتباً للسيناريو والحوار، وإجمالاً فإن الجوائز التي نالها فريد شوقي على مدار مشواره الفني المديد، تجاوز مجموعها الـ 90 جائزة، ولكن يبقى وسام الفنون هو الأبرز بين هذه التكريمات، وكان له معزة خاصة في قلب وحش الشاشة نفسه، إذ تسلمه من يد الرئيس المصري جمال عبد الناصر شخصياً.
الأكثر شعبية بالدرجة الثالثة :
الإنجاز الفني الحقيقي في مسيرة فريد شوقي لا يتمثل في عدد أعماله أو جوائزه، بل يتمثل في عدد محبيه والشعبية الجارفة التي حظي بها، فقد كان البطل السينمائي المفضل لقطاع كبير من الشعب المصري والعربي، خاصة طبقة ابناء البلد من البسطاء والكادحين، فقد كانوا يرون فيه سفيرهم على الشاشة، الذي يتكلم بلسان حالهم ويجسد واقعهم، ويترجم معاناتهم وآمالهم في صورة فنية بديعة، وكان ذلك سبباً في منحه لقب ملك الترسو
الزواج والابناء :
عاش فريد شوقي خمسة تجارب زواج، وقد كان زواجه في سن مبكرة إذ تزوج بعد إتمامه العام الثامن عشر من عمره، ولكن غيرة زوجته المبالغ بها كانت سبباً في فشل هذا الزواج، ثم خاض تجربة الزواج الثانية مع محامية تعرف عليها من خلال صديق مشترك، والزيجتين لم ينتج عنهما أية ابناء.. ثم كانت زيجته الثالثة من ممثلة تدعى زينب عبد الهادي ورُزِق منها بابنته منى، وبعد انفصالهما تزوج من -حب عمره- الفنانة هدى سلطان، ورُزق منها بابنتيه ناهد ومها، ورغم إن فريد وهدى يمثلان واحدة من أشهر قصص الحب في تاريخ الوسط الفني، إلا إن الخلافات عرفت طريقها إليهم فقررا الانفصال، وبعدها خاض فريد تجربة زواجه الخامسة والأخيرة من السيدة سهير الترك، والتي استمر زواجه منها حتى وفاته، وانجب منها ابنتيه عبير ورانيا، وقد كان بنات ملك الترسو جميعهن يمتلكن حساً فنياً حرص والدهم على غرسه فيهن، ولكن اثنتين منهن فقط احترفا العمل بالحقل الفني، وهما المنتجة ناهد فريد شوقي والممثلة رانيا فريد شوقي.
الوفاة :
لو أراد الأطباء عبرة لما قد ينتج عن التدخين من آثار سلبية ومخاطر صحية، فسيجدون ضالتهم في النهاية المأساوية لحياة ملك الترسو فريد شوقي ،فذلك الوحش -كما كان يلقبه جمهوره- انهار أمام آفة التدخين، والتي اعتاد عليه لفترة طويلة جداً من حياته، وفي أعوامه الأخيرة ونتيجة تراكم النيكوتين داخل رئتيه، أصيب فريد شوقي بحالة من حالات الالتهاب الرئوي الحاد، واستمرت معاناته مع ذلك المرض المؤلم لمدة عامين تقريباً، وتوفي على إثر هذه الإصابة في السابع والعشرين من شهر يوليو لعام 1998م، وقد أصاب نبأ وفاة شوقي الوطن العربي بأكمله بحالة من الغم والحزن، وتم تشييع جثمانه إلى مثواه الأخير في جنازة شعبية حاشدة، قوامها محبيه ممن أسعدهم بفنه طيلة مشواره، ويتقدمها عدد كبير من مشاهير الفن والشخصيات العامة.
أضف تعليق