محمد علي كلاي هو اسم يعني الكثير لجماهير الرياضة بشتى بقاع العالم، وجماهير رياضة الملاكمة على وجه الخصوص، وما من ملاكم معاصر إلا ويتخذ من محمد علي كلاي مثلاً أعلى له.. لا عجب في ذلك فإن كلاي بكل المقاييس أسطورة صعبة التكرار، فقد خاض الملاكم العالمي كلاي خلال مشواره الرياضي 61 مبارة احترافية، وتمكن من الفوز بـ 56 مبارة مهم ولم يُهزم إلا خمس مرات فقط، و37 من انتصاراته حققها بواسطة الضربة القاضية التي اشتهر بها، والتي صُنفت كأقوى ضربة قاضية في تاريخ هذه الرياضة، وهذا كله يدل على إن كلاي قد استحق لقب أسطورة الملاكمة، ولهذا كان لابد من أن نتوقف أمامه ونسأل : من هذا ؟
محمد علي كلاي .. من هذا ؟
محمد علي كلاي ليس أسطورة رياضية فقط، بل هو أسطورة في التحدي والصبر والتمسك بالمبادئ، هو شخص يستحق أن ننظر بسيرته الذاتية بتمعن، والتعرف كيفية شقه لطريقه نحو المجد والإنجازات التي حققها؟ وكيف كانت طبيعة حياته خارج مربع حلبة الملاكمة.
الميلاد والخطوات الأولى :
محمد علي كلاي عند ميلاده سُمي كاسيوس مارسيلوس كلاي جونيور، وقد كان ذلك في السابع عشر من يناير لعام 1942م بولاية كنتاكي الأمريكية، ونشأ كلاي في كنف أبوين أمريكيين مسيحيين ذات أصول أفريقية، هما كاسيوس مارسيلوس كلاي الأب وأوديسا جاردي كلاي، وقد كان منذ طفولته محباً لممارسة الرياضة بشكل عام، ولكن في صباه زاد شغفه برياضة الملاكمة على وجه الخصوص، فبدأ يتردد على صالات تمرين الملاكمة بولاية كنتاكي، ورغم حداثة عهده بهذه الرياضة إلا إنه أظهر مهارة فائقة، أهلته إلى الالتحاق بعالم المحترفين خلال فترة زمنية وجيزة.
اعتناق الإسلام :
في عام 1965م كان محمد علي كلاي في ذروة مجده وشهرته، بعدما حقق العديد من الانتصارات على كبار الملاكمين رغم صغر سنه، وفجأة ودون سابق إنذار فوجئ الجميع بالملاكم الشاب يعلن خبر اعتناقه دين الإسلام، وتغيير اسمه من كاسيوس مارسيلوس إلى محمد علي، وقد ظن الكثير من الناس إن هذا سيقضي على مستقبله الرياضي، خاصة وإنه محترف في مجتمع الأغلبية به غير معتنقة للإسلام، ولكن خابت كل هذه التوقعات ولم تتأثر شعبية محمد علي كلاي باعتناقه للدين الإسلامي، بل على العكس احترمت الجماهير اختياره وحريته، وازدادت جماهيريته داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها.
الملاكمات الشهيرة في تاريخه :
ما يُميز محمد علي كلاي عن غيره من الرياضيين بصفة عامة والمُلاكمين على وجه الخصوص، هو إنه تاريخه لا ينحصر فقط في كم الجوائز التي نالها، أو البطولات التي حققها على مدار سنوات احترافه لرياضة الملاكمة، بل إن المباريات التي خاضها في حد ذاتها هي من العلامات الفارقة في تاريخ هذه الرياضة، ولا تزال حتى اليوم تحقق نسب مرتفعة من مرات المشاهدة على الإنترنت، ومن أبرز المباريات التي خاضها كلاي، وساهمت في صناعة شهرته الواسعة وشعبيته الطاغية التالي:
أ) مواجهة الغابة :
في عام 1974م أقيمت مبارة هي الأشهر في تاريخ الملاكمة، وعُرفت إعلامياً باسم The Rumble in the Jungle أو مواجهة الغابة، وواجه محمد علي كلاي خلالها الملاكم الأسطوري فورمان، وكانت التوقعات جميعها تؤكد إن الفوز سيكون من نصيب فورمان، إلا إن كلاي تمكن من قلب الموازين، واحتلت المبارة المرتبة السابعة ضمن قائمة أفضل اللحظات الرياضية في التاريخ.
ب) مواجهة القرن :
في عام 1971م واجه محمد علي كلاي أقوى مُلاكم معروف في ذلك الوقت، وهو جو فريزر والذي كان يُلقب بـ(الملاكم الذي لا يُهزم)، وقد سُميت هذه المباراة باسم مواجهة القرن أو ملاكمة القرن، لأن الخصمين لم يُهزما قبلاً، ورغم إن كلاي قدم أداء جيد إلا إن المبارة انتهت بفوز فريزر، ولكن تكررت المواجهة في عام 1973م وتمكن كلاي من الثأر، وألحق بفريزر هزيمة ساحقة.
الزواج والابناء :
تعددت النساء في حياة الملاكم العالمي محمد علي كلاي ،فقد خاض خلال حياته أربع تجارب زواج، وتلك الزيجات كانت على النحو التالي:
- صونجي روي : أعلن كلاي زواجه لأول مرة في الرابع عشر من شهر أغسطس لعام 1964م، ولكن سرعان ما نشأت الخلافات بين الزوجين نتيجة اختلاف عقائدهم الدينية، فقد كان لكلاي العديد من المآخذ على نمط حياة صونجي وملابسها المتحررة، والتي تخالف تعاليم الدين الإسلامي الذي اعتنقه، وبعد عامين فقط وتحديداً في العاشر من يناير 1966م أعلنا انفصالهما.
- بيلندا بويد : بعد عام واحد من انفصال محمد علي كلاي عن زوجته الأولى، وتحديداً في السابع عشر من أغسطس لعام 1967م أعلن زواجه للمرة الثانية من بيلندا بويد، وهذه المرة تمكن من إقناع زوجته باعتناق الدين الإسلامي، وصارت تدعى خليلة علي، وأنجب الزوجين أربعة ابناء هم : مريم وليبان وجميلة ومحمد علي جونيور، واستمر زواج كلاي من بيلندا قرابة عشر سنوات، ثم قرر الزوجين الانفصال في صيف 1977م.
- فيرونيكا بورش : علاقة محمد علي كلاي بفيرونيكا بدأت في عام 1975م، واكتشاف بيلندا بويد لهذه العلاقة كان سبباً رئيسياً في إنهاء زواجهما، ومن ثم أعلن كلاي زواجه من فيرونيكا التي أنجب منها ابنتيه ليلي وهناء، ولأسباب غير معلنة قرر الزوجين الانفصال في هدوء، ونقلت وسائل الإعلام هذا الخبر في منتصف عام 1986م.
- يولندا : كانت تربط محمد علي كلاي علاقة صداقة بفتاة تدعى ليندا منذ عام 1964م، وبعد إنهاء زيجته الثالثة قرر أن يتزوج منها، وقد قبلت هي ذلك، ولم يُنجبا لكنهما قاما بتبني طفل اسموه أسعد محمد.
- علاقات أخرى : بعض المصادر تشير إلى أن محمد علي كلاي كان له علاقات نسائية بخلاف زيجاته الأربعة المعلنة، ومن خلال تلك الزيجات انجب ابنتين هن خليلة ومايا.
البطولات والألقاب :
محمد علي كلاي خلال تاريخه كملاكم حاز العديد من الألقاب، وحصد عدد كبير من البطولات سواء كهاو أو كمحترف، ولكن في النهاية تبقى البطولات الأبرز في مشواره الرياضي هي :
- بطولة العالم للملاكمة للوزن الثقيل، وقد فاز بها كلاي ثلاث مرات في 1964م و1974م و1978م.
- تم منح كلاي لقب رياضي القرن في عام 1999م.
- سُجل رقم قياسي باسمه في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، بصفته صاحب اللكمة الأسرع والأقوى في التاريخ، إذ قُدرت قوة لكمة كلاي القاضية بحوالي 1000 باوند.
- اختير كلاي في عام 2012م ليكون ضيف شرف دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في لندن.
المرض :
ضرب محمد على كلاي أكبر وأروع الأمثلة في الصبر على البلاء، فذلك الرجل صاحب اللكمات الساحقة، الذي طالما ألقى الرعب في قلوب خصومه، وكانت حركاته تزلزل حلبات الملاكمة، أصيب بين ليلة وضحاها بمرض الشلل الرعاش، ولكنه كان صابراً على هذا البلاء لأقصى درجة، ولم يبد ذرة تضجر أو غضب جراء تلك الإصابة، وكان يؤمن إن ما ألم به من مرض هناك حكمة وراءه لا يعلمها إلا الله، وكان دوماً ما يؤكد على ذلك بأحاديثه بوسائل الإعلام، كما إن مرضه لم يمنعه من الظهور في المناسبات العامة، فقد كان كلاي شديد التصالح مع نفسه.
أضف تعليق