روان أتكينسون هو أحد أشهر ممثلي الكوميديا في العالم، وربما بعد النجاح الذي حققه من خلال تأديته لشخصية مستر باين، صار واحد من أشهر ممثلي الكوميديا في التاريخ الفني على الإطلاق، روان أتكينسون الذي بدأ مشواره الفني في عام 1979م، من خلال تقديم عرض ساخر بإذاعة BBC3، ثم توالت أعماله ونجاحاته حتى قدم شخصيته الأشهر مستر بين، والتي تم تصنيف عروضها كالعرض الكوميدي الأوسع انتشاراً في التاريخ.. فمن هو مستر بين الحقيقي وكيف هي حياته خلف الكاميرا؟
روان أتكينسون .. من يكون ؟
كثيرون حول العالم يجهلون اسم روان أتكينسون لأنهم يعرفونه باسم مستر بين، والجهل باسمه هنا هو الدليل الأكبر على مدى إبداعه، ومدي إتقانه في أداء هذه الشخصية الهزلية التي تعلق بها الجمهور، حتى إنهم رفضوا الاعتراف بإنها مجرد شخصية خيالية يقدمها ممثل، ولهذا سنحاول اليوم أن نعيد بين إلى الصفوف الخلفية، ونمنح بطولة العرض لمستحقها الحقيقي وهو روان أتكينسون
الميلاد :
نشأ روان أتكينسون في ظل أسرة متوسطة مادياً، إذ أن والداه إريك وإيلا أتكينسون كانا مزارعان بسيطان، تزوجا في 1945م وأنجبا أربعة ابناء، كان روان هو أصغرهم سناً، وكانت الأسرة مترابطة وهو ما أدى إلى تنشئة الابناء جميعاً بشكل سوي، وكان ميلاد روان في السادس من يناير لعام 1955م بمدينة دورهام بإنجلترا.. كذلك أولى الوالدين اهتمام بالغ بتعليم الابناء، وليس هذا فقط بل عملوا على ترغيبهم في تلقي العلم، حتى يكون تفوقهم نابع من داخلهم ومن حرصهم على خلق مستقبل أفضل لأنفسهم، وحب روان أتكينسون للفن منذ صغره لم يشغله عن دراسته، ولم يخيب أمل والديه فيه فتمكن من الحفاظ على تفوقه طوال فترة دراسته.
التعليم :
حين بلغ روان أتكينسون سن التعليم ألحقه والده بمدرسة شرويستر دورهام، وهي مدرسة تشتهر بتفوق طلابها وما تمنحهم إياه من مستوى تعليمي جيد، وقد استفاد روان كثيراً من تلقيه التعليم الأساسي بتلك المدرسة، وقد أظهر تفوقاً خلال سنوات دراسته المختلفة، الأمر الذي أهله في النهاية الالتحاق بصفوف جامعة نيوكاسل، وتخصص خلال دراسته الجامعية في دراسة الهندسة الكهربائية، وفي حصل بالفعل على شهادة البكالوريوس في هذا المجال، ولكنه لم يقنع بهذه الدرجة فسعي إلى الحصول على درجة الماجستير، وبالفعل حصل عليها في ذات التخصص من جامعة أكسفورد الملكية.
مهرج الفصل :
في السينما اعتادنا أن يظهر الطفل المتفوق دراسياً بمظهر جاد، فهو ذلك الطفل الذي يرتدي نظارة طبية غالباً سميكة العدسات، ودوماً ما يكون حديثه منصب حول المعادلات الكيميائية والعمليات الحسابية، ولكن روان أتكينسون رغم تفوقه الدراسي لم يكن من ذلك النمط، بل إن موهبته الكوميدية وطبيعته المرحة ظهرت منذ وقت مبكر جداً، فكان دوماً ما يمزح ويقدم عروضاً ترفيهية لزملاء دراسته، حتى إنهم في سنواته الأولى بالمدرسة كانوا يطلقون عليه اسم “المهرج”، وذلك اللقب كان يقصد به المدح لا السخرية، ويقول روان أتكينسون إن ذلك اقتصر فقط على مرحلة طفولته، لكن في شبابه ازداد هدوءاً وأصبح أكثر وقاراً، ولكن الجزء المرح الكامن في نفسه لم يختف، لكنه فقط عرف كيف يمكنه استغلاله بالطريقة الصحيحة، وهي التخلي عن العمل بالهندسة والاتجاه إلى الإذاعة لتقديم البرامج الترفيهية الكوميدية.
سانتيرا ساستري .. حب أول وأخير :
نادراً ما يعرف عالم الأضواء حياة زوجية مستقرة وهادئة، لكن روان أتكينسون كان أحد هؤلاء القلة الذين حطموا هذه القاعدة، فهو من البداية لم يكن معروف عنه إنه شخصية محبة للهو، لم يكن في ماضيه الكثير من العلاقات النسائية أو العاطفية، فهو كان في قرارة نفسه يسعى إلى إيجاد الحب الحقيقي الذي يدوم عمراً كاملاً، وقد وجد ضالته هذه في السيدة سانتيرا ساستري، والتي كان اللقاء الأول الذي جمعهما في آواخر عام 1980م، حيث كان يقدم روان أتكينسون عرضاً كوميدياً لصالح هيئة الإذاعة البريطانية، أما سانتيرا ساستري فقد كانت تعمل ماكيرة لذات الجهة.. أعجب روان بتلك الفتاة ذات الأصول الهندية الإنجليزية، وتقاربا من بعضهما البعض ونشأت بينهما علاقة صداقة، تحولت فيما بعد إلى قصة حب، وبعد عشر سنوات كاملة من اللقاء الأول أعلن الثنائي زواجهما، وأقاما حفل زفافهما في الولاية الأمريكية نيويورك في الخامس من فبراير عام 1990م، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن يحيا الزوجين حياة هادئة ومستقرة، ويصفها روان روان أتيكنسون في كل لقاء صحفي بـ”السعيدة”، وقد أثمر هذا الزواج عن طفلين هما ابنه بنجامين أتكينسون، وابنته ليلي أتكينسون والتي حذت حذو أبيها واتجهت إلى مجال التمثيل.
الإنجاز الفني :
أثرى روان أتكينسون الفن بالعديد من الأعمال الرائعة، سواء كممثل أو ككاتب أو كمنتج لبعض هذه الأعمال، وحجز لنفسه مكاناً خاصاً في قلوب الجماهير، فهو واحد من القلة الذين استطاعوا تقديم كوميديا راقية دون ابتذال، احترم الجمهور فبداله الجمهور هذا الاحترام، والنتيجة كانت تصنيف عرض أتكينسون كالعرض الكوميدي الأشهر في العالم.
الثروة :
استطاع روان أتكينسون من خلال عمله الفني على مدار ستة وثلاثون عاماً، من جمع ثروة مالية ضخمة تقدر بحوالي 85 مليون جنيه استرليني، يقول أتكينسون إن تلك الثروة مكنته من القيام بإنتاج عروضه التلفزيونية، وبالتالي أصبح لديه مطلق الحرية في اختيار ما يقدمه دون تدخل من أحد، كما إنه بها ضمن تأمينه لمستقبل عائلته المادي، فصار يعمل بالفن بروح الموهوب المنطلق لا المحترف الذي يؤدي مهنة ليحقق دخلاً.
الجوائز :
مبدع مثل روان أتكينسون أبدع شخصية مثل شخصية مستر بين، والتي تماثل في شهرتها أهم الشخصيات الهزلية الكوميدية في تاريخ الفن التمثيلي، مثل شخصية الصعلوك للمبدع تشارلي شابلن، ونجمي الكوميديا الصامتة لوريل وهاردي وغيرهم، ما كان من المفترض أن تتجاهله الجهات المناحة للجوائز الفنية، ولكن ما حدث هو نقيض ذلك، وهذا لا يعني إن روان أتكينسون لم يحظى بتقدير، بل إننا نقول فقط إنه لم يحظ بالتقدير اللائق بفنان في مثل مكانته، ولكنه فاز بما هو أهم من ذلك ألا وهو حب الجمهور واحترامه، وأغلب التكريمات التي نالها كانت تأتي وفقاً لاستطلاعات رأي الجماهير. ولكن على كل يعد التكريم الأبرز في مسيرة أتكينسون المهنية، هو ذلك الذي ناله في احتفالات أعياد الميلاد لعام 2013م، حيث حصل روان أتكينسون على رتبة قائد نظام بالامبراطورية البريطانية، وذلك تكريماً لإسهاماته في الارتقاء بمستوى الدراما التلفزيونية.
التخلي عن مستر بين :
تحقيق النجاح هو بالتأكيد أمر بالغ الصعوبة، ولكن من المؤكد إن الأصعب على النفس هو التخلي عنه، وعلى الرغم من إن ذلك اختيار صعب إلا أن روان أتكينسون كان لديه القدرة على اتخاذه، وفي منتصف عام 2012م تناقلت وسائل الإعلام المعنية بأخبار الفن والمشاهير، خبر مفاده إن الشخصية الأشهر في مشوار أتكينسون وهي شخصية ” مستر بين ” لن ترى النور مجدداً، وفي ذلك الحين تردد الكثير من الأنباء والتكهنات حول سر الإقدام على هذه الخطوة، فمنهم من قال بأن إبداع روان أتكينسون قد نضب ولم يعد لديه جديداً يقدمه، وهناك من تكهن بإنه قد أصيب بمرض سيعيقه عن الاستمرار في العمل بالكفاءة ذاتها، ثم حسم أتكينسون الجدال من خلال حوار أجراه لصحيفة ديلي تليغراف، صرح خلاله بأن هناك أكثر من سبب دفعه للتوقف عن أداء شخصية مستر بين، أولها وأهمها سبب فني يتمثل في طبيعة شخصية بين، والتي بها جانب كبير صبياني لن يتقبله منه الجمهور خاصة مع معرفتهم بسنه الحقيقي، وثانيهما يتمثل في حالته الصحية، فهو قد تقدم بالسن وقدرته البدنية لن تعينه على القيام بما يطلب منه، كما إن ممثل في الخمسين عليه أن تكون اختياراته أكثر وقاراً، من مجرد شخصية هزلية يمكن اعتبارها أقرب للشخصيات الكرتونية منها للواقعية.
أضف تعليق