محمد منير هو مطرب وممثل مصري بدأ مسيرته الفنية في آواخر الثمانينيات، ويعد حالياً واحد من أكثر المطربين شعبية في مصر والوطن العربي، كما أن ألبوماته الغنائية تحقق نسب مبيعات مرتفعة في الدول الأوروبية، اشتهر محمد منير بأسلوبه الفني المميز واللون الغنائي الذي انفرد به الذي يمزج بين موسيقى الجاز الغربية وآلات الموسيقى الشرقية، كما عُرف بميله إلى تقديم الأغنيات الجادة التي تحمل الرسائل وتطرح العديد من القضايا ويُدرج عدد -غير قليل- منها تحت تصنيف الأغنية السياسية.
محمد منير .. من هذا :
محمد منير هو المطرب العربي صاحب الشعبية الطاغية، والذي تربع على عرش الغناء لقرابة أربعون عاماً فاستحق عن جدارة لقب الملك.. فترى كيف كانت مسيرته؟ وما سر بلوغه تلك المكانة؟
الميلاد والنشأة :
اسمه بالكامل محمد منير أبا يزيد جبريل متولي وُلِد في العاشر من أكتوبر عام 1954م، وكان ذلك في محافظة أسوان في جنوب مصر، وتحديداً بقرية منشية أسوان. نشأ محمد منير في كنف أسرة مصرية نوبية بسيطة وقضى طفولته وبعض سنوات صباه في مسقط رأسه بالجنوب، ثم اضطر إلى الرحيل مع أسرته إلى العاصمة القاهرة، بعدما تعرضت قريته للغرق متأثرة بفيضان المياه الناتج عن إقامة السد العلي، حيث كانت قريته تقع في نفس المنطقة التي تكونت بها البُحيرة المشتقة من النيل المُسماه بُحيرة ناصر.
بين التعليم والغناء :
عشق محمد منير الغناء والموسيقى منذ طفولته، واعتاد على أداء أغنيات التراث النوبي الشهيرة كما تعلم الضرب على الدف في وقت مبكر جداً، وقد اشتهر خلال مختلف سنوات دراسته بصوته العذب وإتقانه العزف على الدفوف، حيث كان يستغل أوقات الفراغ في الغناء لزملاء دراسته كما اعتاد الغناء لزملائه أثناء فترة تجنيده في الجيش المصري.
تلقى محمد منير تعليمه الأساسي في مدارس أسوان، ثم استكمل دراسته في القاهرة بعدما انتقل إليها برفقة عائلته بعد غرق قريته في النوبة، وبعد إتمام مرحلة الدراسة الثانوية التحق بقسم الفوتوغرافيا والسينما في كلية الفنون التطبيقية جامعة حلوان المصرية.
البداية :
أول من وضع محمد منير على طريق الاحتراف كان زكي مراد الذي استمع إليه أثناء دراسته في كلية الفنون التطبيقية، أُعجب بصوت الشاب النوبي الهاوي فقدمه إلى أصدقائه وكان من بينهم المطرب النوبي الشهير أحمد منيب الذي تبنى منير فنياً، فعمل على تدريبه على الأداء الغنائي ولعب دور بارز في تفجير طاقات منير الفنية وتطوير مهاراته الصوتية، كما عاونه في ذلك شقيقه الأكبر فاروق الذي كان يمتلك هو الآخر صوتاً عذباً وكان يرى في شقيقه الأصغر حلمه الذي لم يكتمل، فكان يحثه على الاجتهاد والسعي إلى النجاح في المجال الموسيقي.
الألبوم الأول :
البداية الحقيقية لـ محمد منير في عالم الغناء كانت من خلال الموسيقي الشهير هاني شنودة، الذي آمن بموهبة منير فعرّفه بالمنتجين وساعده على إنتاج ألبومه الأول الذي حمل عنوان بنتولد وكان ذلك في عام 1978م، وقد حقق الألبوم نجاحاً كبيراً عن طرحه بالأسواق مما شجع الشركة المنتجة على تكرار التعاون معه، فقدم في العام التالي مباشرة ألبوم غنائي بعنوان علموني عنيكي.
الملك وعرش الغناء :
نجاح محمد منير الحقيقي في عالم الغناء تحقق في عام 1981م حين أطلق ألبومه الثالث والذي حمل عنوان شبابيك، والذي حقق نسبة مبيعات هائلة فور إصداره، ولا يزال حتى اليوم محتفظاً بالصدارة حيث لم يستطع أي ألبوم آخر تحطيم الرقم القياسي المُسجل باسمه، ليكون بذلك الألبوم الغنائي الأكثر مبيعاً في تاريخ الموسيقى العربية.
تضاعفت شعبية محمد منير بعد نجاح ألبوم شبابيك مما مهد الطريق أمامه لمواصلة مسيرته الفنية، وامتدت شعبيته من مصر إلى كافة الدول العربية، وقدم منير عشرات الألبومات الغنائية خلال سنوات نشاطه الفني حققت جميعها نسب مبيعات مرتفعة، ومن أبرزها:
- افتح قلبك
- ممكن
- الطول واللون والحرية
- في عشق البنات
- طعم البيوت
- الليلة يا سمرا
العالمية الحقيقية :
أصبح لقب (عالمي) مستهلكاً نوعاً ما، حيث أن كل فنان عربي يحصل على جائزة دولية أو يشارك في حفل غنائي في إحدى الدول الغربية يطلق على نفسه لقب عالمي، لكن الحال ليس كذلك بالنسبة لـ محمد منير الذي استطاع أن يبلغ العالمية بالفعل، وكانت البداية في عام 1986م حيث سافر إلى ألمانيا وقام بإحياء العديد من الحفلات، كما شارك خلال نفس الفترة في الغناء باللغة العربية مع العديد من الفرق الغنائية الألمانية.
في وقت لاحق حصل محمد منير الجائزة البلاتينية من شركة يونيفرسال والتي تُمنح للأغاني الأكثر مبيعاً، وقد نال منير تلك الجائزة عن أغنية تحت الياسمينة والتي حققت نسبة مبيعات مرتفعة في الدول الأوروبية تقدر بأكثر من 750 ألف نسخة.
ألقاب محمد منير :
أطلق النقاد والجمهور على محمد منير العديد من الألقاب أغلبها جاء مستوحى من اسماء أعماله الفنية أو طبيعة اللون الغنائي الذي اشتهر بتقديمه، أكثر تلك الألقاب شيوعاً هو لقب ملك الغناء أو الكينج والذي أُطلِق عليه في أعقاب مشاركته في مسرحية الملك هو الملك، كذلك يُعرف بألقاب صوت مصر أو ابن النيل وأيضاً جوهرة مصر السمراء.
منير .. صوت يوسف شاهين :
كان محمد منير واحد من الفنانيين المُقربين من المخرج المصري العالمي يوسف شاهين وشارك معه في عدد من أفلامه، حيث كان يصفه شاهين بأنه حنجرته، في إشارة إلى أن منير هو الصوت القادر على إيصال أفكاره إلى المشاهد، وقد كان اللقاء الأول بين منير وشاهين في عام 1982م حين استعان به لأداء أغنيات فيلم حدوتة مصرية، ثم كان اللقاء الثاني في 1986م من خلال فيلم اليوم السادس، أما اللقاء الثالث فكان من خلال فيلم المصير الذي شارك فيه محمد منير في بطولته أمام نور الشريف ومحمود حميدة إلى جانب تقديم أكثر من أغنية ضمن الأحداث أشهرها أغنية “علي صوتك”.
منير ممثلاً :
يرى البعض أن مشاركة محمد منير في العديد من الأعمال الفنية بصفته ممثلاً شكل من أشكال استغلال نجوميته في مجال الغناء، إلا أن ما يجهله الكثيرون هو أن منير ممثلاً قبل أن يكون مطرباً، حيث أنه درس علوم السينما والتلفزيون في كلية الفنون التطبيقية، إلا أن عشقه للموسيقى هو ما دفعه للاتجاه لها.
مشاركات محمد منير في الأعمال الفنية بصفته ممثلاً تنوعت ما بين أعمال سينمائية وتلفزيونية ومسرحية، وعلى عكس المعتاد لم يشترط منير -رغم نجوميته- أن يكون بطلاً لتلك الأعمال، بل كثيراً ما كان يشارك في أدوار ثانية أو ثالثة، فكل ما يُعنيه هو أن يكون دوره مؤثراً وأن يكون العمل قيماً ويحمل رسالة جادة، ومن أبرز تلك الأعمال ما يلي:
أ) الأفلام السينمائية:
- المصير
- حكايات الغريب
- اليوم السادس
- دنيا
ب) الدراما التلفزيونية:
- جمهورية زفتى
- علي عليوة
- المغني
ج) المسرح:
- الملك هو الملك
- مساء الخير يا مصر
الأغنية السياسية :
قدم محمد منير العديد من الأغاني التي من الممكن إدراجها تحت تصنيف الأغنية السياسية، أغلب تلك الأغنيات تم تقديمها من خلال الأفلام التي شارك بها وخاصة أفلام يوسف شاهين وأبرزها فيلم حدوتة مصرية، إلى جانب بعض الأغنيات المنفردة التي تضمنتها ألبوماته وكان أغلبها من أشعار عبد الرحمن الأبنودي
أشهر أغنيات محمد منير السياسية هي أغنية إزاي والتي قدمها إلى التلفزيون المصري في عام 2009م وتم منعها من العرض، إذ رأوا أنها تحمل كلمات تحريضية ضد نظام حسني مبارك، وبعد عام ونصف فقط قام منير بإهداء الأغنية إلى القنوات الفضائية بالتزامن مع اندلاع أحداث ثورة 25 يناير، وقد أصبحت تلك الأغنية أيقونة الثورة المصرية وأكثر الأعمال الفنية ارتباطاً بذلك الحدث التاريخي الهام.
السمات الفنية المُميزة :
يتميز محمد منير بلون فني الذي يقدمه، والتميز هنا لا يقتصر فقط على اللون الغنائي الذي ينفرد به فحسب، بل أنه يمتد ليشتمل شكل الأداء الذي يقدمه على المسرح، حيث يشتهر منير بمجموعة حركات إيقاعية منها تحريك يده بشكل دائري وإمساك المايكروفون بشكل معين.
كذلك ينفرد محمد منير بمظهر عام مميز، فهو لا يعترف بالحداثة في الملبس ولا يتابع صيحات الموضة مثل باقي المطربين وعلى رأسهم صديقه ومنافسه الأول عمرو دياب، فـ محمد منير اشتهر منذ ظهوره بارتداء القمصان ذات الألوان القوية والعقد المصنوع من الخرز المستوحى من إكسسوارات البيئة النوبية وشعره النامي، ولا يزال حتى اليوم متمسكاً بنفس الإطلالة التي اشتهر بها.
أثره الموسيقي :
محمد منير ليس مجرد مطرب يحظى بشعبية طاغية في الوطن العربي وبعض الدول الغربية، بل أنه استحدث نمط موسيقي جديد وانفرد بتقديمه، حيث أنه أول مطرب يدمج بين الموسيقى الإلكتريك وموسيقى المقسوم ومزج بين موسيقى الآلات الموسيقية الغربية بالعزف النوبي المُعتمد على الدفوف، كما أنه أول مطرب يعمل على إحياء التراث الشعبي الغنائي ويُعيد تقديمه بشكل معاصر..
حياته الشخصية :
يعد محمد منير أشهر عازب في الوسط الفني المصري والعربي، حيث أنه مُضرب عن الزواج وبرر ذلك بانشغاله بأعماله الفنية مما أدى إلى مرور السنوات دون أن يقدم على خوض تجربة الزواج وتأسيس أسرة.. في عام 2014م أعلن محمد منير خبر زواجه من فتاة مصرية من أصول نوبية تُقيم في لندن تدعى داليا يوسف، إلا أن بعد شهرين فقط تناقلت وسائل الإعلام خبر انفصال منير عن زوجته دون إبداء أي أسباب واضحة.
صرحت الممثلة نجلاء بدرأنها ارتبطت بمُنير لفترة وأن عدد من الأغنيات العاطفية التي قدمها كانت موجهة لها، إلا أن علاقتهما انتهت بالانفصال قبل الإقدام على خطوة الزواج، ولكنها لم تُعلن عن أسباب تراجعهما عن الزواج.
الجوائز والتكريمات :
يمتلك محمد منير مسيرة فنية وغنائية حافلة حقق من خلالها العديد من النجاحات، كما أنه واحد من المطربين العرب ممن تمكنوا من غزو دول الاتحاد الأوروبي بأغنياتهم وتحقق ألبوماتهم نسب مبيعات جيدة في السوق الغربي، وكان من الطبيعي أن ينال قدر من الجوائز والتكريمات الفنية نظراً لما حققه من نجاحات بعضها غير مسبوق، ومن أبرز الجوائز التي حصل عليها محمد منير على مدار سنوات نشاطه الفني ما يلي:
- حصل على جائزة أفضل مطرب في مسابقة MEMA عام 2008م
- حصل على جائزة السلام المهداة من قناة CNN عن ألبوم الأرض السلام وهو المطرب العربي الوحيد الذي نال تلك الجائزة
- حصل على الجائزة البلاتينية من شركة يونيفرسال عن أغنية تحت الياسمينة
- حصل على الجائزة الماسية المقدمة من باما أووردز
- حصل على جائزة Honorable Awaard عن مشاركته في فيلم دنيا عام 2005م
أضف تعليق