توم هاردي هو أحد الاسماء الإنجليزية التي تألقت خلال السنوات الماضية من خلال السينما الأمريكية، وهو يعد اليوم أحد أكثر الممثلين شهرة وشعبية حول العالم، أهم ما يميز توم هاردي ويجعل منه حالة فنية وسينمائية فريدة هو أنه لم يقدم دور البطولة إلا في عدد قليل جداً من الأفلام، بينما نجوميته الفعلية فقد تحققت من خلال تقديمه لمجموعة من الأدوار الثانية والثالثة، إلا أنه دائماً ما تميز بحضوره الطاغي وأدائه الرائع وتمكنه من كافة أدواته التمثيلية، وكثيراً ما تفوق -من حيث الأداء- على البطل الرئيسي للعمل على الرغم من وقوفه أمام مجموعة كبيرة من قامات هوليوود المعاصرة مثل ليوناردو دي كابريو وكريستيان بيل وغيرهما.
توم هاردي .. من هذا؟
توم هاردي هو الممثل الذي نشأ على مسارح الهواة في لندن ثم تمكن من غزو هوليوود بموهبته فتفوق على أبرز نجومها.. فترى كيف استطاع تحقيق الشهرة العالمية التي يحظى بها؟ وما الذي أنجزه خلال مسيرته الفنية؟
الميلاد والأسرة :
إدوارد توماس هاردي الابن ويُعرف باسمه المُختصر والمُخفف توم هاردي المولود في الخامس عشر من سبتمبر عام 1977م، وقد كان ذلك في منطقة هامرسميث في العاصمة الإنجليزية لندن، وقد نشأ هاردي في كنف أسرة إنجليزية متعلمة ومثقفة تولي اهتماماً كبيراً بالفنون، فـ توم هاردي هو الابن الأوحد لاثنين من الفنانيين هما إدوارد شيبس هاردي وهو واحد من كُتاب الكوميديا في بريطانيا، أما والدته فهي آن باريت الرسامة المُندرجة من أصول أيرلندنية، وقد تأثر هاردي بوالديه وهو لا يزال في سن صغيرة، حيث أن البيئة التي نشأ فيها ساهمت في تنمية الحس الفني لديه كما جعلته شديد الشغف بالفنون بصفة عامة ولكنه كان أكثر انجذاباً إلى السينما.
الدراسة :
تنقل توم هاردي بين المراحل التعليمية المختلفة داخل مجموعة من المدارس البريطانية الواقعة بمحيط مسقط رأسه منطقة هامرسميث، ففي البداية تم إلحاقه بمدرسة هاوس تاور ثم انتقل إلى مدرسة ريد، وفي النهاية اختتم مسيرته الدراسية الأكاديمية في كلية داف ميلر السادس النموذجية.
خلال فترة الدراسة الثانية بدأ حلم احتراف التمثيل يراود توم هاردي الذي كان قد بدأ في المشاركة ببعض العروض المسرحية لفرق الهواة، ورأى أن عليه إصقال موهبته بالدراسة، وبناء على ذلك انضم إلى مدرسة ريتشموند للدراما ثم في وقت لاحق حصل على عدد من دورات تأهيل الممثل من خلال مركز الدراما في لندن.
احتراف التمثيل :
بدأ توم هاردي مسيرته الفنية الاحترافية من قلب لندن، حيث تمكن في منتصف التسعينيات من المشاركة في عدد من الأعمال التلفزيونية الإنجليزية، وقد كانت بداية هاردي قوية واستطاع أن يجذب أنظار الجماهير إليه وهو لا يزال يتخذ خطواته الأولى في هذا المجال، وتمكن في عام 1998م بالفوز بأول جائزة فنية في حياته وعمره 21 عاماً، وبتلك الفترة شارك في المسلسل القصير فرقة الأخوة Band of Brothers، وقد مَثل هذا المسلسل نقطة تحول في مسيرة هاردي التمثيلية، حيث أن المسلسل لاقى صدى كبير عند عرضه كما أن توم هاردي قدم من خلاله أداءً مميزاً جذب إليه أنظار صُناع السينما في إنجلترا وخارجها.
توم هاردي في هوليوود :
في عام 2001م وهو نفس عام عرض مسلسل Band of Brothers، تمكن توم هاردي من اتخاذ أولى خطواته على طريق العالمية، حيث رشحه المخرج الهوليودي العملاق ريدلي سكوت لأداء شخصية لانس توومبلي في فيلم سقوط الصقر الأسود Black Hawk Down ، وقد تمسك هاردي بالفرصة وأحسن استغلالها على الوجه الأكمل، حيث برع في تجسيد شخصيته وشكّل إضافة قوية للفيلم، الأمر الذي مهد الطريق أمامه للمشاركة في عدد من آخر من أفلام السينما العالمية.
توم هاردي الألفية الحالية :
زابتداءً من عام 2001م وحتى عام 2009م شارك توم هاردي في عدد ليس قليل من الأفلام العالمية، إلا أن الشخصيات التي جسدها على الشاشة لم تكن على مستوى موهبته وقدراته التمثيلية، وهو ما تأكد من خلال الأفلام التي قدمها ابتداءً من عام 2010م، حيث جسد العديد من الشخصيات التي تتسم بدرجة من التعقيد برزت من خلالها موهبته وقدرته على التحكم في أدواته كممثل، ومن أبرز الأعمال التي قدمها هاردي خلال المرحلة الثانية والأبرز من مسيرته السينمائية، فيلم العائد The Revenant الذي شارك في بطولته أمام ليوناردو دي كابريو ومن إخراج أليخاندرو جونزالس إناريتو، وفيلم الطفل 44 Child 44 وفيلم فوضى Lawless، كما خاض تجارب البطولة المطلقة خلال نفس الفترة ومن أبرزها فيلم ماد ماكس: طريق الغضب Mad Max: Fury Road عام 2015م.
علاقته بكريستوفر نولان :
موهبة توم هاردي الطاغية أهلته لأن يكون واحد من الممثلين المفضلين لدى كريستوفر نولان المخرج المتألق، والذي تعاون مع توم هاردي في عدد كبير من الأفلام، وقد تمكن نولان من إبراز مواهب هاردي بصورة أكبر من خلال ترشيحه للعديد من الشخصيات ذات التركيبة المعقدة، وقد بدأت علاقة العمل بين كريستوفر نولان و توم هاردي في عام 2010م من خلال فيلم استهلال Inception، ثم تعاون معه للمرة الثانية من خلال الجزء الأخير من ثلاثية فارس الظلام والتي صدرت بعنوان صحوة فارس الظلام The dark knight rises، وقد جسد هاردي بهذا الفيلم شخصية باين أحد أشهر أعداء باتمان، ومن المقرر أن يظهر هاردي في الفيلم القادم لنولان والذي يحمل عنوان Dunkirk والذي يرصد إحدى معارك الحرب العالمية.
شخصية باين :
تعد شخصية باين التي جسدها توم هاردي من خلال فيلم صحوة فارس الظلام واحدة من أبرز الشخصيات التي جسدها، وواحدة من أبرز الشخصيات السينمائية الشريرة على الإطلاق، والسر في ذلك يعود إلى التجسيد المتقن الذي قدمه هاردي على الرغم من الصعوبات التي واجهها، والتي كان أبرزها اختفاء وجهه، حيث أن الشخصية كانت ترتدي قناعاً طوال أحداث الفيلم مما دفع توم هاردي إلى الاعتماد على صوته ونظراته فقط في تجسيد الشخصية والتعبير عن مشاعرها وانفعالاتها.
وقد تمكن توم هاردي من تحقيق ذلك بحرفية شديدة، واستطاع من خلال نظراته فقط أن يُعبر عن مشاعر شخصية باين وانفعالاتها في مختلف المواقف، فجعل الجمهور يكرهه في بعض أجزاء الفيلم ويرهبه في أجزاء أخرى، والأكثر من ذلك أن الجماهير قد تعاطفت مع باين في بعض المشهد من وراء القناع، مما دفع النقاد للقول بأن تلك الشخصية كانت بمثابة إعادة اكتشاف لقدرات توم هاردي التمثيلية.
الجوائز والتكريمات :
على مدار عشرين عاماً تقريباً استطاع توم هاردي أن يصنع تاريخاً فنياً حافلاً، حيث قدم عشرات الأعمال الفنية المميزة على شاشات السينما والتلفزيون، وكان من الطبيعي والمنطقي والعادل أيضاً أن يُرشح للعديد من الجوائز الفنية نظراً لما قدمه من أداء متميز ومُتقن في أغلب الأعمال التي شارك بها، وقد استطاع هاردي من أن يحصد عدد من تلك الجوائز التي رُشِح لها، ومن أبرز الجوائز التي نالها خلال مشواره ما يلي:
- رشح إلى جائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد عن فيلم العائد The Revenant
- جائزة بافتا BAFTA لأفضل ممثل صاعد عن فيلم Inception
- فاز بجائزة لندن المسرحية عن دوره في مسرحية في المملكة العربية سنصير لنا ملوك In Arabia We’d All Be Kings
توم هاردي في التلفزيون :
شارك توم هاردي على مدار سنوات نشاطه الفني بعدد من الأعمال التلفزيونية في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وقد تنوعت أدواره بتلك المسلسلات ما بين دور رئيسي ودور شرفي، وقد كان مسلسل Band of Brothers أول أعمال توم هاردي التلفزيونية وقدمه في عام 2001م، أما آخرها فقد كان مسلسل Peaky Blinders أو الأقنعة الهزلية الذي شارك في سبع حلقات نه وتم عرضه في عام 2014م، ومن المفترض أن يشهد العام الحالي 2017م عودة هاردي إلى الشاشة الصغيرة من خلال مسلسل جديد بعنوان Taboo.
توم هاردي في المسرح :
توم هاردي عاشق للمسرح وهو من نجوم الصف الأول القلائل الحريصون على تقديم العروض المسرحية من آن لآخر، وقد قدم توم هاردي خلال سنوات نشاطه عشرة عروض مسرحية خلال الفترة ما بين 2003م : 2010م، ثم تعذر عليه المشاركة في أي عروض مسرحية أخرى بسبب عدم قدرته على التوفيق ما بين توقيت العرض المسرحي ومواعيد تصوير الأعمال السينمائية المشارك به، ولكنه أعرب أكثر من مرة خلال اللقاءات الصحفية التي أُجريت معه عن رغبته في العودة من جديد إلى خشبة المسرح ولكنه ينتظر الوقت المناسب، وكانت مسرحية الطريق الأحمر الطويل The Long Red Road آخر أعمال هاردي المسرحية والتي قدمها في 2010م على مسرح غودمان.
حياته الخاصة :
عُرِف عن توم هاردي تعدد العلاقات النسائية في حياته، كانت أولها علاقته بالمنتجة سارة وارد التي تزوج منها في عام 1999م، إلا أنهما أعلنا الانفصال عن بعضهما في 2004م بسبب كثرة الخلافات بينهما، وقد قيل أن الممثلة الأمريكية ذات الأصول الكورية ليندا بارك كانت إحدى تلك الخلافات، وتأكدت صحة تلك الأخبار حين أعلن هاردي عن ارتباطه بها في نفس العام الذي أعلن به نبأ انفصاله عن زوجته الأولى، في عام 2008م التقى توم هاردي بالمرأة الثالثة في حياته وهي راشيل سبيد، والتي كانت تعمل كمساعدة مخرج بمسلسل الملكة العذراء The Virgin Queen والذي كان يشارك توم في بطولته، ونشأت بينهما علاقة عاطفية لم تدم إلا لعام واحد فقط.
بعد فترة طويلة من التخبط والتوتر عرف الاستقرار طريقه إلى حياة توم هاردي الشخصية في عام 2009م، حيث التقى بالممثلة شارلوت رايلي ونشأت بينهما قصة حب، وفي عام 2014م أعلن الثنائي الهوليوودي زواجهما الذي لا يزال قائماً حتى اليوم، وقد عرف هاردي طريق العمل الخيري والتطوعي من خلال زوجته، حيث شاركا معاً في العديد من حملات جمع التبرعات وفاعليات العمل الخيري.
أثره وإنجازه :
يُعد توم هاردي أحد النجوم اللذين برعوا في تقديم الأدوار الثانية وأعادوا إليها تألقها ومجدها من جديد، فـ توم هاردي دليل حي على أن النجومية لا تتحقق بترتيب الاسماء أو بالصورة الأكبر على الملصق الدعائي للأفلام، فقد حقق هاردي نجوميته وشعبيته العالمية الطاغية من خلال مشاركته بالأفلام من خلال أدوار ثانية، حيث اشتهر بتقديمه لشخصية الخصم أو مساعد البطل، ولكنه كثيراً ما كان يتفوق على الممثل الرئيسي بالعمل، وقد أصبح هاردي خلال السنوات الماضية يشكل إضافة قوية لأي فيلم يشارك به ويعتبره المنتجون من مقومات نجاح أي عمل سينمائي.
أضف تعليق